ما بين الماضي والحاضر
السلام عليكم،
قررت أن اكتب هذه الاستشارة لأنني تعبت نفسيا ولم أعد أتحمل وأرجو المساعدة...
عندما كنت صغيرة في 12 من العمر بدأت باستخدام الفيسبوك لأنني كنت أرى أخواتي الكبار يستخدمونه للتسلية...كنت أتواصل مع أصدقاء أختي لأنني كنت أنبهر بمن يفوقني سنا (أختي أكبر مني ب 5 سنين) وكنت أدَّعي أني في مثل سنهم للتسلية لا غير، وذات يوم تواصلت مع أحد معارف أختي وكان لطيفا جدا، شيئا فشيئا أصبحنا أصدقاء مقربين، وبعد أشهر أصبح يحبني وقد قال لي ذلك، ولكني قلت له أني لا أريد أية علاقة، وقد كان متفهما رغم أني كنت أحبه أيضا وكان أول حب لي.
وبعد مدة اكتشف من أختي أني أصغر سنا منه فانصدم، وعندما سألني قلت له أني كنت أفعل ذلك للتسلية ولم أعتقد أننا سنصبح مقربين لهذه الدرجة، ولكنه اختار أن يبتعد.
جُرحت كثيرا، فقد كنت صغيرة وطائشة وحتى هذا اليوم وبعد تقريبا 8 سنين مازلت أتذكره وأفتقده، لقد أصبح يعمل الآن وأنا أدرس بالجامعة، فقدت السيطرة على نفسي...هل علي أن أواجهه؟ كيف لي ذلك ؟ لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أحب أحدكم عبدا فليخبره فإنه يجد مثل الذي يجد له ).
أتردد كثيرا في مواجهته فأنا لم أتحدث معه منذ سنين وأخشى أن يكون كل ما تحدثت عنه ذكريات قديمة لا معنى لها بالنسبة له...ولكن كيف لي أن أواصل حياتي إذا ؟
أرجوا المساعدة وشكرا.
3/7/2017
رد المستشار
الابنة السائلة:
رسالتك تثير مسألة هي غاية في الأهمية، وتكاد أن تكون مهملة أو غير مطروقة!!
ما علاقة أن يرغب إنسان في غيره، أو يميل قلبه إليه بأن "ينجرح" إذا لم يبادله الشخص الآخر نفس المشاعر؟!
هل تعلقنا بشخص ما، وتوقعاتنا، وأحلامنا تضع عليه مسؤولية ما تجاهنا؟!
وما هي حكاية أن تتحول الحياة إلى مجرد تعلق أو علاقة إذا اتصلت، وتدفقت من طرفيها...نكون، وإذا تعثرت، أو توقفت، أو كانت من طرف واحد "لا نكون" أحياء؟! أو نتحدث عن انهيارات، وانكسارات، ونتساءل: كيف لنا أن نواصل حياتنا؟!!
حياتنا ليست علاقتنا لا الأسرية، ولا العاطفية، ولا علاقات الصداقة، والعمل!!
العلاقات ليست هي نحن، وليست هي "حياتنا" حتى نتساءل كيف سنواصلها بدون هذه العلاقة، أو تلك؟!
نحن موجودون بالعلاقات وبغيرها، والحياة موجودة ومستمرة إذا قررنا نحن ذلك، وهذه العلاقة أو تلك ليست شرطا للحياة، ولا هي شرط للوجود بحيث إذا غابت ندخل في حالة من العدم أو العدمية!!
سؤالك غريب ومدهش ومنتشر جدا، وتصورك مزعج، ومعطل، ومتداول!!
بدون استمرار للمراوغة الشائعة أيضا بالقول أنك تتواصلين من باب التسلية، بينما في الحقيقة أنت متعلقة تقتربين!! والطرف الآخر معلوماته أنك لا تريدين علاقة!!!
هذا البزرميط العربي الأصيل يربكك قبل غيرك وأنت المسؤولة عنه وعن تداعياته، ولا بأس إذا أردت استعادة التواصل معه في سبيل إقامة علاقة جادة دون لف أو دوران أو بزرميط!!
لكن رغبتك وسعيك في استعادة التواصل لا توجب على الطرف الثاني شيئا على الإطلاق فهو قد يرغب في استعادة التواصل، وربما يرغب في بدء مرحلة جديدة من علاقة بينكما على بينة ووضوح بعد أن يعرف سنك وهويتك، وقد لا يرغب، ورغبته أو عدم رغبته لا تتعلق بمواصلة حياتك أو تعثرها، ولكن تعني فقط أنك بصدد الدخول في علاقة قد تستمر، وقد لا تستمر، قد تنتهي بالزواج، وقد تنتهي بعدم اتفاق.
حتى قرار المواجهة يحتاج إلى حسن تقدير وتفكير فمعرفتك بهذا الشخص قديمة ومنقوصة، والناس في الواقع غيرهم في الفضاء الرمزي الأثيري.
وبالتالي ما تعتقدينه "حبا" هو مجرد مشاعر مبنية على خيالات وتصورات وتوقعات وتوهمات تحتاج إلى اختبار بمعرفة واقعية حقيقية تأخذ وقتها قبل أن تصدري قرارا بأنك تحبين هذا الشخص، وبالتالي تقررين مواجهته، أو مصارحته، ووقتها تدرسين هل يناسبك هذا، وهل يناسبه – أي المواجهة والمصارحة، أرجو أن يكون كلامي واضحا،
وتابعينا بأخبارك.