وساوس الطهارة والغسيل .....تجاهليها
أنواع مختلفة من الوساوس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
جزاك الله كل خير يا أستاذة رفيف وجعل ما تكتبينه في ميزان حسناتك .. أنا صاحبة الاستشارة بعنوان
"وساوس الطهارة والغسيل .....تجاهليها"
ارتحت كثيرا عند قراءتي لردك وارتاحت نفسيتي .. لذلك قررت أن أكتب كل ما يجول في عقلي من أسئلة تؤرقني عسى أن يزول عني الحزن والضيق ..
أولا: بشأن الإفرازات الطبيعية للمرأة .. قديما قرأت آراء بعض العلماء المعاصرين بأنها لا تنقض الوضوء وعملت بهذا الرأي لفترة طويلة .. والآن بحثت فوجدت رأي جماهير العلماء أنها ناقضة فأصبحت أتوضأ منها ..
لكني أتوضأ من الإفرازات المخاطية التي تكون شفافة ولزجة أو صفراء .. أما ما أجده عند المسح بمنديل من بلل كالعرق فكنت أعتبره عرقا وأصلّي .. ثم قررت أن أبحث عن تعريف الرطوبة فوجدته عبارة عن "ماء أبيض متردد بين العرق والمذي" .. وأنها لا تنقض الوضوء إلا إذا تيقنت أنها خرجت من داخل الفرج لا من ظاهره .. فكنت أعتبره عرقا من ظاهر الفرج بحكم أني لم أتيقن خروجه من الداخل.. بعد ذلك لاحظت عندما أنظف الفرج من الداخل أنني أبقى جافة من هذا البلل الذي يشبه العرق .. فاكتشفت أن هذا البلل كان يخرج من الداخل .. فأصبحت أتوضأ من أي بلل خفيف جدا .. أنا لا أدري هل ما أفعله صحيح؟ وهل إذا كان هذا البلل داخل الشفرين الصغيرين ينقض الوضوء أيضا ؟ .. أنا أشعر بالمشقة خصوصا إذا كنت خارج البيت .. أتمنى التوضيح
وأما عن طهارة الرطوبة فأنا أعمل بالرأي القائل بطهارتها .. لكن قرأت أن الصفرة والكدرة نجسة على خلاف الرطوبة البيضاء ولكن من الطبيعي أحيانا أن تميل الرطوبة قليلا إلى الصفرة فلا تكون ناصعة البياض فهل تكون بذلك نجسة ؟ أم نحكم بنجاستها إذا كانت شديدة الصفار ؟
ثانيا: أريد أن أفهم كيف يكون الطهر بالجفاف .. هل بمجرد أن أرى الجفاف فقد طهرت؟؟ فمن الطبيعي إذا قمت بغسل الفرج وجففته ثم مسحت بعده بوقت قصير أن يكون جافا حتى وإن بقيت صفرة أو كدرة أو دم بالداخل .. ما هو الجفاف المعتبر في الطهر ؟
ثالثا: أعرف أن المذي نجس .. وهذا يجعلني أتهرب من الجماع وأنفر منه أو أكون متوترة وغير طبيعية لأني أخاف من انتقال النجاسة وانتشارها .. فأظل مراقبة للنجاسة أين ذهبت وأين التصقت حتى أعرف أين وماذا أغسل ؟ كيف لي أن أتصرف بشكل طبيعي ..
رابعا: ما حكم غسل البطانيات واللحافات في المغاسل الأتوماتيكية.. علما بأنه يتم فيها غسل بطانيات أناس كثيرين قد يكون بها نجاسات فأكثر الناس لا يتورعون عن النجاسة ..
خامسا: هل يعتبر المولود حديثا قبل غسله نجسا لمخالطته لدم النفاس عند خروجه .. أحيانا يتأخر غسل المولود لأيام فلا استمتع حتى بضمه وتقبيله .. لظني بنجاسته .
سادسا : أغلب المطاعم في المدينة التي أسكن فيها أو كلها تقريبا يبيعون الدجاج المستورد .. وأنا مقتنعة بعدم حله .. هل يجوز لي أن أشتري من هذه المطاعم وجبات أخرى حلال غير الدجاج؟ .. أم لا يجوز مخافة احتمال اختلاط الأطعمة في الداخل عند استعمال نفس الأدوات من ملاعق وسكاكين مثلا وعند اختلاط الأواني لغسلها (فعلى الأغلب أنه لا يتم غسل الأطباق في المطاعم جيدا).. أم أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت العكس؟ فما لم أره أمام عيني فلا أحكم عليه بالتحريم ؟؟؟ كيف أتصرف هل هذا التفكير من الوسوسة والتكلف ؟
سابعا: هل يجب أن أقرأ مكونات أحمر الشفاه قبل شرائه مخافة احتواءه على كحول ... بحكم أنه يوضع على الشفاه فسيتم دخوله إلى الفم وابتلاعه
ثامنا: الحمد لله أشعر أنني تحسنت كثيرا في الوضوء بعد أن كنت مبالغة ومسرفة .. لكن مشكلتي الآن غسل الوجه فأنا في المرة الواحدة أرى أن الماء لا يصل إلى أطرافه إلا مسحا .. أريد أن أوصل الماء إلى جميع الوجه مرة واحدة وهكذا في الثانية والثالثة ولكن لا أستطيع ..
تاسعا: كل ابن آدم خطاء ولا يوجد إنسان بدون ذنوب .. لكن أنا دائما أشعر بالخوف والحزن بسبب الذنوب التي لم أستطع الخلاص منها بسبب تعودي عليها مثلا أو انتشارها في كل مكان بين الناس.. بحيث يصبح من الصعب تجنبها .. فأحاول أن أكثر من الاستغفار .. أريد معرفة الفرق بين الخوف المطلوب والمشروع .. وبين الخوف الذي يسبب الاكتئاب طوال الوقت ..
عاشرا: أنا أحاول جاهدة أن ألتزم بأذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وأذكار ما بعد الصلوات وتحصين أولادي .. وأحاول أن أركز في معنى كل كلمة أقولها .. وإذا وجدت نفسي قد سرحت أعيد ما قلته وهكذا .. حتى أصبحت الأذكار ثقيلة علي ومتعبة .. هل لا يؤجر أبدا من قالها بدون تدبر وتركيز ؟؟
وأخيرا: هل أنا طبيعية أم موسوسة في كل ما سألت عنه ؟؟
أتمنى أن لا تتضايقي من كثرة أسئلتي .. وأن تتقبليها بصدر رحب .. فأنا قد وثقت بك .. فلن يخرجني مما أنا فيه بعد الله إلا أنت ولك كل الشكر والامتنان ..
18/9/2017
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا "رزان" مرة أخرى والحمد لله على هدوء بالك واطمئنان نفسك.
أولًا: ما فعلتهِ سابقًا بشأن المفرزات صحيح. ومدار الأمر على تيقن خروج المفرزات من الداخل أو لا؟ لكن البلل الخفيف لا يمكنك أن تتيقني من أين هو؟ خاصة إذا لم يكن به أي أثر مخاطي، فهذا غالبًا تعرق. والإفرازات من حيث نقض الوضوء: ما خرج من المهبل سواء بقي بين الشفرين بحيث لا ترينه إلا إن مسحت بمنديل، أو تجاوز ذلك المكان ونزل إلى الثياب. وهناك قول للإمام أبي حنيفة وحده دون أصحابه، (وليس هو المفتى به في مذهب الحنفية)، هذا القول أن المفرزات طاهرة ولا تنقض الوضوء في كل أحوالها، ويمكنك تقليده عند الاضطرار.
وأما من حيث النجاسة: كما ذكرتِ فيها قولان: النجاسة والطهارة. ومن قال بالطهارة يعتبر ما خرج في فترة طهر المرأة من حيضها كله طاهرًا أيًا كان لونه، أصفر، أم أبيض...، أما الكدرة والصفرة التي تعقب الحيض ويكون لونها ضاربًا إلى الحمرة (مثل أصفر قمحاوي مثلًا، أو أبيض غير نقي لونه مائل إلى الحمرة) فهذه نجسة ومعدودة من الحيض.
ثانيًا: ترجعين في الجفاف من الحيض إلى عادتك، فإذا كنت في العادة إذا جف الدم، انقطع نهائيًا، ولم يعد بعد ذلك لا هو ولا أي مفرزات فيها أثر الدم، فهنا تطهرين بمجرد الجفاف، وإذا كانت عادتك أن ينقطع الدم، ويجف ثم يعود، أو تخرج مفرزات فيها أثر الحمرة بعده، فهنا تنتظرين حتى تري الطهر...
ثم، إن كنت تعلمين أن الدم وما يلحق به من مفرزات، موجود في الداخل، وتعلمين أنه لا ريب خارج ولو مرة في اليوم، فهنا أيضًا لا يعتبر الجفاف طهرًا، ولا يجب عليك الاغتسال.
ثالثًا: بالنسبة لخوفك من نجاسة المذي، بكل بساطة: (لا تراقبي)! بعد أن ينتهي الأمر اغسلي ما رأيته ملوثًا ظاهرًا بغير كثرة تفتيش وتدقيق.
رابعًا: المغاسل الأوتوماتيكية لديها غسالات كبيرة جدًا، تتسع لماء كثير يطهر النجاسات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: صحيح أن كثيرًا من الناس لا يتورعون عن النجاسة، ولكنا لسنا متأكدين من أنهم أرسلوا ثيابًا متنجسة إلى المغسل، أرسلت ثيابك طاهرة، فتعود إليك طاهرة كما أرسلتها، ومن الأحكام المعروفة: أن لبس ثياب من لا يتورع عن النجاسة بل من لا يعرف حكمها أصلًا -كالنصارى مثلًا- مكروه فقط لا محرم، حتى إن كان الثوب ملاصقًا لعوراتهم. وتصح الصلاة به، ما لم ترَي النجاسة بعينك على الثوب.
خامسًا: المولود ليس نجسًا، ولكنه متنجس بدم النفاس، النجس من الكائنات الحية هو لاخنزير والكلب! وهل عندكم في اليمن لا يغسل المولود ولا يلبس ثيابًا أول ولادته؟! على كل، استمتعي ما شئت بضمه وتقبيله ما دام جسمه ووجهه جافَّين، وأنت جافّة.
سادسا: يمكنك شراء أطعمة من مطعم يبيع الدجاج المستورد، إذ المعتاد غسل الأواني بالماء، وذلك يطهرها، ولا ندري اختلطت بنجس بعد ذلك أو لا؟ فالأصل الطهارة ما لم يثبت العكس.
وهنا أيضًا ناحية هامة: إن تجنبت الأكل من المطاعم، واقتصر الأمر على التورع، وعلى مجانبة المأكولات الجاهزة حرصًا على أكل طعام صحي مضمون تطبخينه بنفسك، فليس هذا بوسوسة. وتفرقين بين الوسوسة وغيرها عندما تحتاجين مرة للأكل من المطعم، فإن لم تشعري أن هذا حرام ولم تقلقي منه فهذا طبيعي، أما إذا بقيت متحرجة وقلقة، وتشعرين بحرمة الأكل رغم حاجتك، فهذا دليل على أن سلوكك وسوسة وليس ورعًا.
سابعًا: الكحول المسكر: الإثيلي (الإيثانول)، أما سائر أنواعه فلا حرج أن تري اسمها مكتوبًا، ثم لو فرضنا تم استعمال هذا النوع، فإنه (حسب ما تعملين به من طهارته) لم يبقَ له أثر بتبخره ولم ينجس غيره، ولكن -للأسف- إن الكحول أهون ما يمكن أن يقلق في مستحضرات التجميل، ، فاستخدام المواد الدهنية فيها كثير، وتفخر الماركات الشهيرة، باستخدام الدهون الحيوانية، وهي إما دهن الخنزير، أو دهون حيوانات أخرى لم تذبح ذبحًا شرعيًا. فالمنتجات الوطنية أبعد عن هذا من غيرها وإن كانت أقل جودة.
ثم أضيفي مشكلة الألوان، ما رأيك باللون القرمزي المرموز له (E120)؟ لون أحمر مستخرج من الخنافس، أي نجس، ورغم منع المنظمات الصحية من استخدامه لضرره على الجسم، إلا أنه ما زال يستخدم في مستحضرات التجميل، والعصائر، والسكاكر ونحوها...، وهذا عندنا وعند الغربيين!!! فلابد من البحث عن أنواع الملونات وأرقامها للأسف قبل شراء أي شيء. ومن المخزي أنهم يكتبون: (ملونات طبيعية: E120) ما كذب القوم، هو طبيعي!!!! لكن إن لم تتأكدي أن اللون الأحمر الموجود هو هذا النوع، فلا حرج من استخدام المنتج، لأن هناك ألوان حمراء غير نجسة، فلسنا متأكدين من وجود (E120) في المنتج. لا أريد أن أوسوسك، ولكن الحق ينبغي أن يقال.
ثامنًا: هل أنت فعلًا متأكدة أن الماء لا يصل إلى أطراف وجهك إلا مسحًا؟ إن كنت كذلك، فسؤالك لا يمكن الإجابة عليه عن طريق الكتابة!! لابد أن تري الأمر عمليًا، حاولي أن تتدربي على ذلك بنفسك.
تاسعًا: بالنسبة للفرق بين الخوف المشروع النافع، والخوف الممنوع الضار، يقال: إن الخوف عبارة عن انفعال، والانفعالات أمور لا إرادية كالضحك والحزن والخوف والفرح وغير ذلك...، والأمور اللاإرادية لا حكم لها، لكن ننظر إلى أسبابها الإرادية، وإلى نتائجها... فالخوف من الله مشروع في سببه، وهذا لا إشكال فيه، لكن ننظر إلى النتيجة: فإن كانت نتيجته اندفاعًا نحو العمل الصالح، وهجرانًا للذنوب، فهو خوف مشروع مطلوب، وإن كانت نتيجته رعبًا يشل الحركة، ويأسًا يقنط من رحمة الله، فهنا نعلم أن الخوف أصبح غير مشروع ولا مطلوب شرعًا، وأصبح بحاجة إلى جرعة من الرجاء الذي يعين على دفع صاحبه إلى العمل. اعترفي بذنبك بينك وبين الله، استغفريه واسأليه التوبة، اعزمي على التوبة وترك المعصية بحسب قدرتك، واستغفري وقلبك مليء بالرجاء أن يقبلك وييسر لك طريق الطاعة، فلا حول ولا قوة إلا به سبحانه وتعالى.
عاشرًا: سؤالك عن الذكر والأجر: أما قولك: (هل لا يؤجر أبدًا من قالها بدون تدبر وتركيز)؟ فجوابه: بلى يؤجر الإنسان على الذكر باللسان فقط دون القلب، لكنه أقل من أجر الذكر بالقلب واللسان معًا. فالقلب واللسان جارحتان مختلفتان، ولكل واحدة منهما واجبها من الطاعة، فإذا غفل القلب وذهب أجر ذكره، بقي أجر انشغال اللسان بالطاعة، وأجر تطبيقه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)). ولكن ما ينبغي الإعادة والتكرار عند الغفلة، لأن هذا يجر إلى الوسوسة، واستثقالِ الطاعة، فيصدك عن سبيل الله بدل أن يقربك إليه. حاولي الخشوع، فما خشعت فيه فاحمدي الله، وما لم تخشعي فيه فلا تعيديه، وحاولي الخشوع أكثر في المرات القادمة.
وأخيرًا: أسئلتك طبيعية مهمة، لكن عندك شيء من الوسوسة، انتبهي لها وخالفيها حتى لا تزيد وتستحكم.
أهلًا بك وبأسئلتك دائمًا واعذريني على التقصير والتأخير.