الإفراط في التخيل
أعاني من كثرة التخيل لكثير من المواقف، بالأخص تحت تأثير الأغاني، عندما أبدأ بهذه الحالة أنعزل تقريبًا عن المجتمع حولي، وقد أتكلم وأتحرك كأني في الموقف الذي أتخيله، عندها أميل للانعزال بغرفة مفردي، ممكن أظل أعيش بهذه الحالة لساعة أو أكثر، وتزداد كثيرًا حالة التخيل عند سماع الأغاني أو الأناشيد، أتخيل أني في مواقف بطولية أو فكاهية أو ملفتة، بحيث أكون شخصية بارزة وملفتة،
علمًا أني لا أعاني من أي مشكلة من الظهور في المجتمع أو ضعف شخصيتي -الحمد لله- لي حضوري الجيد بين أصدقائي، هذه الحالة ظهرت عندي في سن 16 تقريبًا، تزداد هذه الحالة عندما أواجه مشاكل أو اضطرابات، بحيث أتخيل أني تغلبت عليها أو حققت ما أتمنى!
تأثيرات هذه الحالة:
- انعزالية عن مجتمعي.
- ضعف ذاكرتي وقلة تركيزي؛ مما أثر على معدلي الجامعي.
- تأخري أو تركي للصلوات بسبب انشغالي في التخيل.
- مواقف محرجة، أتعرض لها عندما أكون أتمتم بشفايفي عندما أدخل في حالة التخيل.
- عدم الرضا عن نفسي، ومحاولات كثيرة لترك هذا الداء.
- تحول هذا الحلم الذي هو أشبه بحلم يقظة أعيشه لأكبر كابوس بحياتي، يحرق لي وقتي ويرغمني أن أعيش فيه كالمسحور والمخدر،
أرجوكم ساعدوني،
علمًا أني أميل للمشي حصرًا عندما أدخل بهذه الحالة!
7/10/2017
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمزي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه الظاهرة التي تحدثت عنها، والتي تحدث لك تحت تأثير الأغاني، وتخيلاتك أنك دائماً في حالة جيدة، أو أنك في مواقف بطولية أو فكاهية أو ملفته، هي نوع من أحلام اليقظة، وهي حالة فكرية خيالية يسترسل فيها الإنسان مع أفكار يراها تلائمه وتوائمه وتثير فضوله، مما يجعله يسرف فيها ويسترسل فيها، ونوعية أحلام اليقظة التي لديك ذات طابع وسواسي، هذه الظواهر موجودة في مثل عمرك، وقد تحدث بعد سن البلوغ وبدايات سن الشباب.
المشكلة الكبيرة أنك تكافئ هذه الأفكار وتساعدها على البدء والاستمرارية، وذلك بالاستماع إلى الأغاني، وأعتقد أن هذا فيه نوع من الهروب من الواقع، فيجب أن تتفهم هذا، والإنسان صاحب الإرادة يستطيع أن يتحكم في أفكاره وفي سلوكه وفي أفعاله .
وللتغلب على هذا الأمر- بإذن الله - عليك أولا أن تتوقف عن سماع الأغاني، وأن تستعمل بعضا من الحيل النفسية مثل أن تقوم مثلا بتحضير البدائل الفكرية كوسيلة لاستبدال أحلام اليقظة والحد منها، فحين تعتريك أي من هذه الأفكار، يمكنك أن تستجلب الأفكار المضادة لها لكي تمنعك من الاسترسال في الفكرة... فيكون العلاج عن طريق الحوار الذاتي بجلب أفكار معاكسة.
أيضا يمكنك أن تفكر بأمر آخر يكون أكثر فائدة، على سبيل المثال: فكر في أن تكتب موضوعاً، أو أن تكتب قصة، أو رواية... وهكذا؛ فيكون الهدف هو أن تحاصر الاسترسال في الخيال وتستبدله بما هو مخالف، وفي نفس الوقت تستبدله بمادة تكون أكثر حيادية، وأكثر نفعاً.
هنالك أيضاً من الحيل النفسية العلاجية التي يمكن ممارستها، هو أنك حين تكون في جلسات الخيال مع نفسك، يمكنك أن تقوم بالضرب بشدة بيدك على جسم صلب حتى تحس بالألم، ومع الضرب قل: قف قف ،عليك كرر ذلك.. والهدف من ذلك هو أن يحدث نوع من فك الارتباط الشرطي، أي أن تقرن الفكر الاسترسالي بالألم، أو أي استشعار مخالف له.. هذه كلها نوع من التمارين النفسية التي تكون مفيدة في حالتك.
كما أنصحك أيضا بأن تمارس الرياضة بكثافة؛ لأن الرياضة تحد من هذه الأفكار التي هي أصلاً قائمة على القلق الداخلي، ويمكنك أن تبدأ بمعدِّلات بسيطة، ثم بعد ذلك ارفع المعدَّل، وأنصحك برياضة المشي فهي من أفضل أنواع الرياضات، حاول أيضا أن تنام نوماً هادئا مبكراً، فالنوم الليلي يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ ،كما يؤدي إلى استقرار النفس والتفكير، وعدم تسارع الأفكار، وهذا مهمٌّ جدًّا في حالتك، فما تشعر به من ضعف للذاكرة وقلة التركيز ناتج من القلق.
كما أنصحك بأن لا تُكثر من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل البيبسي والكولا والشاي والقهوة؛ لأن الكافيين يؤدي إلى نوع من الاستثارة التي تؤدي إلى زيادة القلق الداخلي مما يؤدي إلى الوسوسة وحديث النفس.
عليك ايضا – أخي الكريم – أن تنظم وقتك، وتضع جدولا يوميا يجعلك تخصص وقتا مريحا للدراسة، ووقتا للترفيه عن النفس، ووقتا للرياضة، ووقتا للتواصل الاجتماعي وهكذا. واحرص أيضا على تلاوة القرآن بتدبُّرٍ وتمعُّنٍ، لأن هذا يُحسِّن التركيز، ويقوّي الذاكرة، ويُريح النفس، وفي ذات الوقت يُقلِّلُ عليك كثيرًا من أحلام اليقظة، كما أنصحك بتحسين التواصل الأسري، وتحسين التواصل الاجتماعي، وبناء نسيج اجتماعي مفيد وجيد... هذه كلها من العلاجات الضرورية في حالتك.
أريدك أن تضع خططًا وأهدافا في حياتك، لتُدير من خلالها حياتك، وتُدير من خلالها ووقتك وزمنك، فلابد أن تكون لحياتك معنىً، وأن تكون لك أهداف واقعية حقيقية، وأن تضع الآليات التي توصلك إليها.
فالأمر يحتاج منك لإرادة، وأن تفهم بأن مسارك هذا خطأ، وأن هذه الأمور كلها تحت إرادتك الشخصية، وأنك تخطئ بأن تكافئ أحلام اليقظة وتساعدها على البدء والاسترسال من خلال سماعك للأغاني.
هذا هو الذي أنصحك به، وإذا لم تتحسن أحوالك بعد انتهاج التطبيقات التي ذكرتها لك فيجب أن تذهب للطبيب النفساني؛ ليعطيك أحد الأدوية المضادة للقلق الوسواسي، الذي هو المكون الرئيسي لأحلام اليقظة التي تعاني منها، هذه الأدوية هي أيضًا مُحسِّنةٌ للمزاج، وسوف تحسَّ أن حالتك الوجدانية أصبحت أكثر توازنًا بعد استعمالها، وأعتقد أن ذلك سوف يكون أمرًا جيدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
واقرأ أيضًا:
استشارات عن أحلام اليقظة