الفراشة حصرياً..ومساحة اللاقرار م10
السلام عليكم
أريد أن أبكي، شعورٌ ملح في أمسية لربما ليست كئيبة بقدرِ ضياعها بين مساءات ضاعت بين أسئلة أين أنا؟ من أنا؟ لماذا نحنُ هنا؟ أتأرجحُ بينَ "ترك بصيص النور يذهب هو قرارك ومسؤوليتك بلا منازع يا صديقتي فلا تتخيلي غير ذلك!" تصديق أن البصيص بيدي وبين انعدامه! لماذا قاومت؟ لماذا جاهدت؟ لماذا لم استسلم منذُ زمن؟
كل هذا وحدي أنا من قمتُ به! تعبت... أنى لي بالوقود؟ أنى لي ببصيص آخر؟ لربما هذا جزاء من لا يستطيعُ العيشَ وسط القطيع! هل مت؟ هل انتهيت؟ أتساءل من الطبيعي أنا؟ أم هؤلاء؟ أتساءل هل أنا هي أم هي أنا؟! لم أستسلم في البحث عني، وأتساءل لماذا هذه المقاومة؟؟
تكونت لي خريطة ناقصة المعالم لا يمكنني الاهتداء بها حين عدت إلى الماضي علاقتي بعائلتي وبالعالم الخارجي... إلخ
فلا أدري هل مازال الكنز في الجزيرة بانتظاري؟؟ أم أني تأخرت أم أن الكنز سراب؟؟!
هل هناك سفينة انتظرتني لتحميني من الغرق وعصيت؟!
هل ما زلتُ في غيابةِ الجب؟
لربما سيكون ردكِ أن هذا الصراع نتيجةَ عدم رؤيتي لأشياء مؤلمة أرفضُ رؤيتها من دونِ أن أشعر..
كيف أشعر؟
أجدبتُ يا صديقة لربما يجدر بي أن أصلي الاستسقاء! فصفحاتي القصيرة التي لم تعهديها مني إلا في الآونةِ لأخيرة نتيجة شعوري بالتذبذب، الجفاف ولن أكذب اليأس...!
24/11/2017
وفي اليوم التالي أرسلت تقول:
"المطر الناعم"
لا أدري من قام برفعِ الرايةِ البيضاء في هذا الصباح أنا؟ أم الأطلال؟ ليسَ مهماً في هذهِ اللحظات أشعرُ بهدوءٍ مؤقت كوقت المطر رغم أنه لا مطرَ، يمكنني وأنا بهذا الهدوء البسيط أن أصفَ ما آلت إليه الأمور، في آخر جلسة مع المعالجة ضعت أكثر! وشعرتُ أنني آيلة للسقوط، في الحقيقة أنني هذهِ الفترة لا أجيد الوصف والتعبير فتعابيري ينتابها الخرس، كانت الجلسة كرمالٍ عميقة بين علاقات ومجتمع وماضي ومستقبل وحاضر ومشاعر وخوف.. من أنا؟؟ لم أعرف هكذا شعرت صحوتُ في اليوم التالي وشعرتُ بأنه حلم هل أنا كل هذا؟! الأهم أيني في هذا السيناريو؟
لا أخفيكِ أن تحميلكِ إياي مسؤولية اختفاء البصيص ازددت بها هماً وثقلاً...
لكن هل ستصدقينني إن قلت أنني لا أدري ما الحل؟ لا تتهميني بالهروب، فأنا لازلتُ أحاول حتى لو كنتُ على حافةِ الهاوية، أرتعبُ أحياناً من فكرةِ أن يكون المرء حبيس مواقف وأحداث وماضي وأتذكرُ أشخاصا قد مروا بتجاربَ مريرة وأصبحوا أموات في رداء الأحياء، أخاف أن أُصبِحَ مثلهم، وفي حالات الانهيارأقول انتهى أنتِ أصبحتِ مثلهم!
وهل حساسيتي ساهمت في كل هذا، لماذا لا استطيع؟؟
دكتور وائل هو بيتٌ أليف فعلاً، أما عن قولكِ في محاولة التذكر أو غير محاولة، ففي هذهِ الفترة التعبير يكون بالنسبة إلي كما يقولُ "محمود درويش" مطرٌ ناعم في خريف بعيد
مصير الأوراق الخضراء أن تسقط ومصير العشب أن يصفر ومصير الأرضَ أن تجدب ، ونحنُ مثلهم نمرُ بفصولٍ أربعة!
وأضمُ صوتي إلى صوتِكَ عن إبداع الأستاذة أميرة.
وسلامٌ من اللهِ عليكم.
وهاوية من الهاوية تحييكم.
25/11/2017
رد المستشار
أهلا بك أيتها "الفراشة الرقيقة" الشجاعة، الحقيقة أني دهشت، حين قلت أن رؤيتك لمسؤوليتك تجاه بصيص النور زادك ثقلا، وهما، وهذه قباحة الهم، والغم حين يلتصقان التصاقا بالمسؤولية زيفا، وزورا؛ فنحن في الغالب نكره المسؤولية، ونستثقلها، والسبب الحقيقي لا يتعلق بالمسؤولية إطلاقا، ولكن يتعلق بالهم، والغم الذي صارت تحمله بسببنا نحن!!؛ فالمسؤولية "احتياج"، والاحتياج "فطرة"، والفطرة لا يمكن أن تكون ثقيلة مملؤة بالغم، والهم، ولكنهما صنع يدانا نحن يا صديقتي؛
فانظري مثلا للطعام؛ فالطعام مهم، ومسؤوليتنا تجاهه أن نتناوله حتى نعيش فلا نموت، وإلا نكثر منه حتى لا يؤذينا، فقط تلك مسؤوليتنا تجاهه، ولكننا اخترعنا وجود ثلاث وجبات رئيسية، ووجبة تسمى الغذاء، ولا يجوز فيها البعد عن البروتين الحيواني، وأصبح للطعام شروط، وجرامات يومية، ونظام، وقنوات متخصصة، وحيرة يومية ماذا سنأكل؟، ويدخل الابن من باب المنزل يسأل عن أصناف الغذاء، ويتحرى الزوج تنوعه، ومذاقه...إلخ.. فتحول من مسؤولية سهلة ممكنة مقبولة جدا لهم، وغم، وثقل!!، وقيسي على هذا ما هو أكبر تربية الأولاد هم، وغم، الدراسة، العلاقات...إلخ.
فلتعودي معي لحقيقة المسؤولية وانفضي عنها الهم، والغم ستجدينها "خفيفة"، ويساعدك في ذلك قبول الغموض، وقبول عدم التفسير؛ فلعل قبولك الغموض هو ما يجلي لك ما غاب عنك، وقبولك لعدم الفهم هو نفسه ما سيفسر!!، والقبول ليس معناه التكيف، أو الموافقة، ولا حتى الشجار مع الغموض، وعدم التفسير، ولكن فقط قبول أن هذا ما يحدث الآن؛ فكما اكتشفت أن قبول الموت حياة، وقبول الضعف يجعلنا أكثر شجاعة؛ فقبول الغموض، وعدم التفسير التام سيجعلنا أكثر فهما!.
ويتبع >>>>>: الفراشة حصرياً... ومساحة اللاقرار م12