اضطراباتي النفسية
بسم الله
السلام عليكم
بدايةً أتوجه بالشكر والدعاء لكل القائمين على هذا الموقع وأسأل الله أن يأجرهم على ما يبذلونه وأن يجعلهم عوناً لأخوتهم وبلسما لآلامهم..
بداية أذكر نبذة عن شخصيتي قبل أن تتغير:
أنا فتاة ذكية ولله الحمد مثقفة ومتفوقة في دراستي، انفعالاتي متزنة، مرحة، غير خجولة، كنت واثقة من نفسي وقوية إلى درجة جيدة وقلما أتأثر بكلام الناس أو أؤنب نفسي على شيء أو أعتب على أحدهم لمَ فعل كذا أو لِمَ قال كذا
لكني كسولة جدا وهمتي وعزيمتي ضعيفتان جدا 💔مع ما حباني الله من مقومات النجاح والتفوق في الحياة، إلا أنني ينقصني هذان الأمران كثيرا..
تفوقي في الدراسة محض فضل من ربي، فاستعدادي الذهني هو السبب بعد الله في تفوقي، وإلا فأنا كما قلت كسولة ومسوّفة ولا أستطيع أن أرغم نفسي على شيء، ففي كل مرة أقرر أن أبدأ بالعمل الفلاني في وقته، أجدني لا أقوم به إلا في آخر لحظة وهكذا كل مرة، فأنا لا أجد نفسي محفزة للقيام بأمر ما، إلا حينما يضيق الوقت ولا يعود لي خيار
ندخل في صلب المشكلة:
قبل سبع سنوات ونصف عندما كان عمري 16 سنة كان بداية إصابتي بالوسواس القهري والحمد لله على كل حال..(وسواس في العبادات خاصة الطهارة من النجاسات)
استمر المرض معي وكان شديد الوطأة، كان يضيع مني وقت هائل بسببه وكنت أبكي كثيرا، ولكن شخصيتي بالمجمل لم تتغير، وعلاقاتي لم تتأثر، وبعد أن فشلت في مدافعة المرض وبعد سنتين من المعاناة عندما أصبحت في 18 من عمري ذهبت للعيادة النفسية عند طبيبة معروفة، وتلقيت العلاج الدوائي لمدة أربع سنوات، وتناولت عقاقير عديدة : أذكر منها : فيكسال، فافرين، فلوزاك، سيبراليكس، رياسيرتال، وأدوية أخرى نسيتها، وصلت إلى أني كنت آخذ ما مجموعه يصل إلى سبع حبات يوميا...
ومع ذلك، لم يكن هناك تحسن واضح، فقد تحسنت في البداية تحسنا بسيطا ثم استمر الوضع على ما هو عليه
بعد هذه السنوات الأربع قمت بتخفيض العلاج بنفسي (تدرجت إلى حبتين) ثم قطعته من تلقاء نفسي بعد أن مللت وصرت أجد حرجا في تناوله؛ حيث أنني تزوجت وأخشى أن يرى زوجي الدواء، ولأنني لم أرَ كبير فائدة منه، إذ التحسن كان في البداية فقط، ولأن الدواء أتعبني بكثرة الكوابيس الهائلة إذ لا أكاد والله أنام إلا وأحلم أني تعرضت للنجاسة وووو ! تخيلي عزيزتي المستشارة يووووميا أحلم بهذه الأحلام المزعجة، وكانت تقول لي الطبيبة أن هذا قد يكون من الأعراض الجانبية للدواء...
وفعلا بعد قطع الدواء قلّت هذه الكوابيس بنسبة كبيرة بل قد تكون انقطعت
(هنا تأتي المشكلة التي لم أكتب استشارتي إلا لأجلها):
بعد قطع الدواء بثلاثة أشهر كنت خلالها طبيعية تماما ما عدا الوسواس فهو على حاله، وبعد الشهر الثالث تقريبا، فجأة وبدون سابق إنذار وبدون سبب بدت علي أعراض الاكتئاب (كما شخصته بنفسي)
بدأ بشكل متقطع، أي أني أشعر بالاكتئاب 4 أيام وأعود شبه طبيعية 3 أيام
ثم بدأ يزداد بشكل تدريجي 5 أيام كئيبة ويومان طبيعية
حتى أطبق على أيامي جميعا..
وهنا فعلا اهتزت شخصيتي وأصبحت هشة وحزينة للغاية لا أريد شيئا في الحياة ولا يجذبني أي شيء ولا أشتاق لفعل أي شيء وأصلا لا أستطيع فعل شيء، حتى ملابسي إذا أردت أن أذهب للجامعة لا أقوى على كيها
انطويت تماما عن صديقاتي، كانت تهطل دموعي أحيانا بين الناس بلا سبب، أصبت بأرق وخفقان شديد في القلب خاصة في وقت النوم.... وأذكر أني في عدة مرات قضيت فيها الحاجة على نفسي ليلا وأستيقظ أثناء ذلك
كذلك انخفض تقديري لذاتي وأصبحت ألوم نفسي كثيراً وأندم كثيراً، وأشعر بالقهر والغضب إذا أساء إلي أحدهم أو حاول أن يُحرجني.. سبحان الله! أين تلك الفتاة التي كانت تملأ الثقة جوانحها ؟! وأين التي لم تكن تعبأ بأحد؟! سبحان من يغير ولا يتغير!
ظللت على هذه الحال سبعة أشهر تقريباً.... رفضت خلالها توسلات أختي لزيارة العيادة النفسية؛ حيث أن تجربتي في علاج الوسواس التي باءت بالفشل كانت دافعا لرفض الذهاب للعيادة....
وصرت أدعو الله كثيراً وأقوم الليل وأستعمل الرقية الشرعية (سورة البقرة والفاتحة).... وبعدها ما شاء الله تبارك الله وبفضل من الله وحده، بدأت تخف حدة الأعراض تدريجيا خلال أربعة أشهر تقريبا، حتى زالت معظم الأعراض بلطف من مولاي; أقدر نسبة الشفاء بـ 80 ٪ تقريبا
والآن لي سنة منذ أن توقفت نسبة التحسن على 80% حيث أني لم أستطع أن أسترد باقي عافيتي 100٪، ولم أرجع إلى شخصيتي القوية سابقاً، واستقراري النفسي، فهناك أعراض لم تزل تماما
- فلا زالت نفسيتي الآن رقيقة وتنزل دمعتي بسرعة بخلاف الماضي فقد كانت دموعي لا تنزل بسهولة
-أيضا: إذا ضايقني أي أمر ولو كان سخيفا جدا، فإني أشعر بقلبي يخفق بشدة وأشعر بالضيق الشديد وأحزن وأتوتر
- كذلك أتحسس من الآخرين ومن انتقاداتهم وتعليقاتهم وأشعر بالقهر والغضب عليهم في داخلي، ويبدأ قلبي يخفق وأشعر أنهم حقيرون لأنهم يؤذونني ويسببون لي التوتر والضيق
(طبعا هذا ليس طبعي الأصلي أبدا أبدا، فأنا كما أسلفت كنت لا أتأثر كثيرا بالآخرين، بل كانت بعض المقربات مني يَبُحْن لي بأنهن يغبطنني على قوتي وصبري وتحملي لإساءات أكبر، كانت تمر علي مرورا عابرا ولا تؤلمني بل قد لا أنتبه لها)
- أيضا بين فترات متباعدة أصاب بضيق مفاجئ (خفيف) بلا سبب لا يلبث أن يزول
- في أحيان كثيرة يأتيني خفقان إذا أردت أن أنام
وأحيانا يفاجئني الخفقان لأنني أفكر في أمر ما (يعني أشعر بثقل في صدري)
هذه أوضح الأعراض المتبقية، أنا حاليا لا أعتبر نفسي مصابة بالاكتئاب، ولكن أشعر أن هذه أعراض مثل لو قلنا بقايا الاكتئاب، لكن أنا أريد تشخيصكم ونصحكم لي في مثل هذه الحالة......
أخبروني هل هذا اكتئاب خفيف؟
وما سببه ؟
هل له علاقة بأدوية الوسواس القهري أو قطعي لها من تلقاء نفسي؟
هل ما أنا فيه حاليا هو ما يسمى بعسر المزاج؟ (مع العلم أن ليس لي تاريخ بعسر المزاج قبل ذلك)
وهل يمكن أن أعالج هذه الأعراض الخفيفة المتبقية ويجدي معها العلاج؟
أم أن هذه الأعراض ستذهب من نفسها وأعود كما كنت قوية متسامحة ولا أخاف من ردات فعل الآخرين ؟
أنا أشعر بالحنين الشديد لشخصيتي ونفسيتي السابقة💔
*ختاما:
أنا خجلي منك جدا يا سعادة المستشارة على إطالتي في سرد المشكلة.. لكن اعذريني فأنا بحاجة للتحدث. وتوضيح كافة الجوانب. ولأنني واثقة بكريم أخلاقكم وسعة قلوبكم لإخوتكم
فشكرا جزيلا جزيلا لك، أسأل الله ألا يحرمك الأجر...
للمعلومية:
- لدي أخت أصيبت قبلي بعشر سنوات بوسواس قهري حاد وتعافت منه خلال فترة غير طويلة بفضل الله (عالجت عند نفس الطبيبة التي عالجت عندها)
- لدي عدد من الأقارب أصيبوا بالاكتئاب بأزمان مختلفة ولكنه لم يدم معهم سنينا، إلا أختي الصغرى شفاها الله ما زالت تعاني منه
- أنا أتناول حبوب منع حمل لأني حاليا لا أرغب بالإنجاب، لكن لا أظن أن يكون الاكتئاب الذي أصابني بسببها لأني تناولت الحبوب واستمريت عليها 9 أشهر قبل أن أصاب بالاكتئاب
- صحتي الجسدية ليست على ما يرام منذ الصغر، حيث أشكو من صغري من ضعف عام وخمول وتعب مع أنني تعالجت من فقر الدم ومن نقص فيتامين بـ12
21/5/2018
رد المستشار
الابنة الفاضلة "البتول" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين.
حين قرأت إفادتك هذه قلت والله زمان يا استشارات زمان ... ونويت أن أرد عليك بنفسي .. ثم لما وجدتك تخاطبين مستشارة قلت إذن رفيف الصباغ، ثم تذكرت انشغالها الشديد ببحثها ودرجتها العلمية في الفقه في الآونة الأخيرة... فقلت إذن ليس سواي..... ترى ترضين بي مستشارا؟
تشيرين إلى ما تعرفينه من صفات فيك أنك (كسولة ومسوّفة ......، في كل مرة أقرر أن أبدأ بالعمل الفلاني في وقته، أجدني لا أقوم به إلا في آخر لحظة وهكذا كل مرة، فأنا لا أجد نفسي محفزة للقيام بأمر ما، إلا حينما يضيق الوقت ولا يعود لي خيار)... ما هي مبرراتك لنفسك كي لا تفعلي؟ هل هو الكسل دائما ... هل هناك شروط معينة يجب توفرها لتبدئي ؟ المشكلة أن الصفتين الكسلَ والتسويفَ موجودتان في كثيرين من مرضى الطيف الوسواسي ونراهم في اضطراب الوسواس القهري واضطراب الشخصية القسرية وأسوأ ما يكونان لو تواكب الاضطرابان.
قد يكون الأمر متعلقا بسمات في الشخصية وقد لا تكون مرضية بالضرورة ... لكنها نقطة لابد تسترعي الانتباه،.. المهم عرفت أنك أصابك الوسواس القهري وسنك 16 سنة .... قاومته بنفسك عامين رغم معرفتك بالتاريخ الأسري أي الحمل الجيني الذي تحملين ... فهل نقول شجاعة وثقة بالنفس ؟ أم كسلا وتسويفا ... أم لأن باب الطبيب النفساني لا يطرق إلا لكبيرة !؟! .....
لكن للأسف لم تكن خبرتك الأولى مع العلاج الطبنفسي للوسواس القهري خبرة جيدة لأنك عولجت فقط بالعقاقير دون أي محاولة لتغييرك معرفيا وسلوكيا لتتعاملي مع الوساوس بشكل يقيك منها... هنا لابد من رفع الجرعات وتعداد العقاقير... وكان ما عرفت من تحسن مبدئي لم يكن مرضيا لك مع كل هذا العلاج فقررت تركه ! لكن للأسف دون خطة واضحة لما ستفعلين ؟ كان لابد هنا من البحث عن طرق علاج أخرى ... ليس فقط الصلاة واللجوء إلى الله ...
وصفك للاكتئاب كيف دخلت عليك أعراضه بعد إيقاف العقاقير (بدأ بشكل متقطع، أي أني أشعر بالاكتئاب 4 أيام وأعود شبه طبيعية 3 أيام... ثم بدأ يزداد بشكل تدريجي 5 أيام كئيبة ويومان طبيعية...حتى أطبق على أيامي جميعا..) هذا الوصف وما تلاه أيضًا يبدو جديرا بالتأمل وكأنه علامة على تغير بيولوجي ما يجعلك أضعف فأضعف... فهل لهذا علاقة بعقاقير علاج الوسواس التي لم تجد نفعا إلا قليلا سرعان ما زال في البداية ؟
ليس كل ما سردته علينا في هذه الإفادة يا ابنتي متواتر الحدوث بين المرضى ... لكن من المتواتر بعد فترة من محاولات علاج الوسواس القهري المقتصرة على العقاقير (وبغض النظر عن نجاعتها من عدمه) أن يظهر الاكتئاب... وكثيرا كذلك ما يعود مرضى الوسواس القهري الذين عولجوا بنجاح من الوسواس إلى عقاقيرهم لعلاج اكتئاب ظهر بعد النجاح في التعامل مع الوسواس القهري.
وسؤالك هل الاكتئاب مرض مستقل أم من الوسواس أم من عقاقير الوسواس هو للأسف أصعب سؤال يمكن توجيهه في مثل هذه الحالة فقد يكون الاكتئاب ثانويا للوسواس وقد يكون الوسواس جزءًا من الاكتئاب وربما الثناقطبي وقد ينتج الاكتئاب عن الاستخدام طويل الأمد لمضادات الاكتئاب أو إيقافها بعد فترة معقولة من استخدامها وهناك ظاهرة تسمى سوء المزاج المتأخر Tardive Dysphoria وفي هذه الحالة يؤدي الاستخدام طويل الأمد لمضادات الاكتئاب إلى تغييرات –مفترضة- في نشاط وحساسية مستقبلات النواقل العصبية بحيث تصبح أقل حساسية لزيادة السيروتونين و/أو غيره من الناقلات العصبية التي تزيد عقاقير علاج الاكتئاب من توفرها في المشابك العصبية.
سألتنا : أخبروني هل هذا اكتئاب خفيف؟ وهو لا يبدو خفيفا أو لا يمكن أن يكون خفيفا مع كل ما حكيت عن تغيرات نفسك ومع وجود الكسل والتسويف بل هو اكتئاب متوسط الشدة وربما قريب من الشديد.... ولا مجال لعسر المزاج هنا.. فالإعاقة التي تصفين شديدة ... لكن هناك أعراض قلق مصاحب معرفية وجسدية واضحة، وإحساس مستمر بالخطر وعدم الاطمئنان وصولا إلى التحسس البيشخصي المفرط فضلا عن شعور مستمر بالضعف... وتدني في تقدير الذات مبالغ فيه.... كل هذا وتقولين خفيف ؟
على الحالة أيا كانت شدتها فهي قابلة للعلاج لكن نادرا ما تذهب من تلقاء نفسها، إلا أن المكافحة الشخصية للاكتئاب كثيرا ما تخدع !ومثلها المكافحة الشخصية للوسواس القهري.
حقيقة لا أحد يستطيع أن يعرف لأي الاحتمالات اكتئابك أقرب ... خاصة في وجود تاريخ أسري ... والمهم هو أن العلاج الذي تحتاجين إليه هو طريقة علاج اسمها الع.س.م (العلاج السلوكي المعرفي)، لكل من الوسواس القهري والاكتئاب ولا أنصح بالعودة إلى العقاقير إلا بعد تدبر من جانبك وجانب المعالج.
ولابد أن يجري إلى جانب ذلك العمل على تأكيد الذات حيث إنك تحتاجين إلى التدرب على مهارات تأكيد الذات وهو ما يجعلك أكثر قدرة وحرية في التعبير عن مشاعرك تجاه الأشياء والآخرين...
وبالتدريج إن شاء الله ستستعيدين نفسك الأولى وتزيلين آثار ما أصابك من الاكتئاب والوسواس ... وستجدين كنوزا من المعلومات على مجانين.... سواء في قسم الاستشارات أو الملفات الخاصة، وهو ما يساعدك في الع.س.م. الذي تحتاجين لعلاج الاكتئاب والوسواس ! اللهم أبعد عنا الكسل والتسويف ... آمين.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات .