فقدان الأمل والقلق والتوتر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أنا شاب أدرس في بلد أجنبية في تخصص ما... ، في بداية وصولي إلى هذه البلد كنت بالجامعة ودراستي كانت جيدة والحمد لله، لكن عندما قررت أنقل الجامعة هنا بدأت مشكلتي، سلمت أوراقي لشخص يقوم بالمعاملة للانتقال إلى الجامعة الجديدة وفي كل مرة أقابله يكذب علي ويأخذ فلوس إلى أن اختفى ولم يرد وأوراقي عنده، بعدها تركت الدراسة لفقداني الأمل مدة 7 شهور، ثم وفقني الله وعدت للجامعة من الصفر، بدأت أول ترم ونجحت فيه أما ترم الآخر تركته لأن نفسيتي أصبحت جداً سيئة! ذهبت إلى دكتور نفسي وشرحت له قصتي ثم صرف لي ثلاث أدوية وقال أنت لديك نسبة كبيرة من القلق والتوتر.
السبب في هذا أن رسوم الجامعة تتأخر من عائلتي فلا أستطيع أن أختبر ومن هنا يبدأ الإحباط لدي، تركت الدراسة لمدة سنة ولكن عندما يسألني أبي وأمي عن الدراسة أقول لهم إنها جيدة وأنا بنفس الوقت أشعر بسكين يقطع قلبي على هذه الكذبة, خوفاً عليهم من الصدمة أو الوفاة لا قدر الله لأن أبي حذرني يوماً أن أمله بي وإن فشلت قد يموت من الصدمة.
بدأت الحرب في بلدي فلم أستطع العودة، عندها قدمت اللجوء في هذه البلد، أشرب الخمر وأتوب منه وأشرب وأتوب إلى أن ابتعدت عن جميع أصدقائي الذين كنت أشرب معهم خوفاً علي من العودة.
لم أعد أعش بطمأنينة وراحة مثل ما كنت مع عائلتي، قررت أن أتوقف عن الحرام فتزوجت صديقتي المسيحية وأسلمت الحمد لله.
قررت أن أبدأ بتجارة في هذا البلد لأحمل عن أهلي هم كبير كان على ظهرهم من دعم شاب فاشل 6 سنين واسخر حياتي كلها لأمي وأبي وإخواني. لم أستطع بدأ تجارتي لسبب الظروف المادية، بدأت أجمع من مصروفي وزوجتي تبحث عن وظيفة لنفتح مشروعنا الخاص إن شاء الله.
أصلي دائماً بالبيت والجمعة فقط أصليها بالمسجد لأن المسجد جداً بعيد عني، لم أفقد أملي بالجامعة لأن فيها حلمي، لكن عادت مشكلة النقل من جديد والسبب أنني نقلت مع زوجتي لمدينة أخرى لأن المدينة الأولى التي كنت أسكن فيها بجانب الجامعة يوجد بذلك الحي المراقص والدعارة وأصدقائي الذين قطعت علاقتي معهم لأجل أن أستطيع أن أتوقف عن شرب الخمر " لأنهم ليسو مسلمين فلا يرون أن ما أقوم به جيد" ،
ذهبت للجامعة الجديدة وسألتهم عن ماذا من أوراق أقدمها لألتحق بالجامعة، وجدت الأمر أشبه بالمستحيل مادياً والحمد لله والشكر لله على كل حال، عدت للبيت وأشعر أن قلبي ينزف من البكاء والألم على أبي وأمي ماذا أقول لهم!!!، أصبحت أشرب أدوية العلاج النفسي أكثر مما وصفه الطبيب لي لأن القلق والتوتر أصبح في وجهي يراه أي شخص .
أنا دائماً متفائل بطبيعتي، لكن اليوم ذهب التفاؤل!، بدأت أشعر بالخوف الشديد من دراستي، من عائلتي، من الأمانة التي وصاني بها أبي، من الله أولاً، لا أتمنى أن انتحر ولكن أتمنى إن كان الموت خير لي فليكن " لا أستطيع العودة لأهلي بهذا المنظر " وفوق كل هذا قد كذبت عليهم بأنني سأتخرج من الجامعة بعد سنة أو سنة ونصف، ولم أخبرهم بأنني تزوجت" !!!! . هذا ذنب وأنا راضي بالعقاب من الله .
أنا فاشل ولكن لن أستسلم مادام لي قلب ينبض...
هذه قصتي وأستشيركم ما الحل؟
ما الحل من ناحية أمي وأبي؟ """ مستحيل أن أخبرهم فالموت لي أفضل بكثير من هذا الألم لأمي وأبي"""
ما الحل من ناحية دراستي؟
استشارتكم بكل ما في قصتي أنا أقبلها وأحتاجها جداً.
كتبت هذا السؤال اليوم بتاريخ 2018/5/29 في اليوم الذي عدت فيه من الجامعة محبط.
الحمد لله والشكر لله دائماً وأبداً..
29/5/2018
رد المستشار
الابن السائل:
قلوبنا معك في غربتك وفي الأعباء التي تثقل كاهلك!!
لم تذكر لنا إن كنت تستطيع إعالة نفسك، وتسيير حياتك بالعمل وزوجتك في مشروعك، أو وظائف أخرى، أم أنت معتمد على الأموال التي تصلك من الوالدين؟!
في كل الأحوال سيكون الوضع أسوأ إذا كنت غير قادر على القيام بشؤونك المالية مستقلاً عن دعم أهلك!!
تستطيع أن تكسب بعض الوقت إذا قلت لوالديك أنك اضطررت إلى تأجيل الدراسة مؤقتا لتأخر وصول الأموال، ولأنك تريد بدء مشروع يدر عليك دخلاً يستطيعان معه التوقف عن إرسال أموال!!
إذا كانت زوجتك من أهل البلد الذي تعيش فيه فهذا من العوامل المساعدة لاستقرار أوضاعك.
الخمر وأصدقاء السوء لعبا في حياتك دور الراحة من الضغوط، والدعم الاجتماعي عبر صحبة، وكل إنسان يحتاج إلى نفس هذه المطالب أو تلبية احتياج الراحة والاسترخاء والترويح المنتظم، كما يحتاج إلى صحبة داعمة ومساندة، ونحن محرومون من هذا في بلدنا أو أنه يحصل مع بعضنا بشكل تلقائي وغير واع، حيث يندمج بعضنا في أشكال من الترويح البريء، كما يلتقي الدعم والمساندة من العائلة، أو الأصدقاء المحيطين به في ضيعته، أو الحي الذي يسكنه، أما في الغربة فيلزم ترتيب هذا بشكل مخطط، ومنظم، وهو من الأسس التي ينبغي أن تعطيها قدراً من الجهد أو التركيز، أو ستفاجئ بعودتك لنفس النهج السابق رغم نيتك الصادقة على تركه، ولكنها نية لم يعضدها التطبيق، أو السلوك!!
فلتبدأ بالبحث عن سبل للترويح المنتظم، والصحي من ممارسة رياضة، أو الانضمام لأنشطة فنية أو اجتماعية ممتعة ونافعة، كما تحتاج إلى دائرة مساندة وصداقات ودعم تشعر معها أنك لست وحدك!!
برجاء البحث بتركيز في الأنشطة المتاحة حولك، وهي ليست مقتصرة على جماعات المساجد، وشلل البارات والحانات!!
أحسنت صنعا بالزواج، ولكن لا تتعجل الإنجاب حتى تطمئن أن هذه المرأة هي الشريكة المناسبة، والأم الملائمة لأبنائك في غربة واختلاف ثقافي ومجتمعي، وإذا تحقق لك هذا الاطمئنان يمكنك أن تخبر والديك بزواجك واستقرارك الأسري.
من ناحية أخرى الأولوية حالياً هي ترتيب عالمك المالي من عمل أو مشروع أو دخل تستطيع من خلاله الإنفاق على دراستك، وربما تسأل وتجد أن هناك جامعات أقل من ناحية التكاليف، وتستطيع الانتقال إليها، أو تبحث عن المكان الذي سيوفر فرص كسب أفضل!!
لأن الكسب المادي سيخفف عنك عبء الاحتياج للوالدين وبالتالي الحرج من مصارحتها بأوضاعك الدراسية، أو غيرها.
مع ترتيب الموارد المالية سيمكنك وضع خطة للدراسة الجامعية إما بالاعتماد الكامل على كسبك، إن أمكن، أو ادخار ما يرسله الوالدان مع بعض ما تكسبه، وأخبراهما أن التخرج سيحتاج بعض الوقت.
لا أجد مبرراً للحديث عن "الفشل"، ولا التفكير في " الانتحار"، فأنت تمر بخبرات حياتية عادية من غربة، وتعثر مادي، وتأخر دراسي، وعملية نصب تعرضت لها، وأنت تتعلم من هذه الخبرات، وتتعامل معها بشكل معقول جداً – حتى الآن، فما معنى أو مبرر الشعور بكل هذا الحزن، والخزي، والقلق، والتوتر؟!
أذكرك بأن تمتين صلتك بالله سيدعمك روحياً، وفي كل مسار تحتاجه، وأذكرك بأن أولوية ترتيب أوضاعك المالية والدراسية يحتاج إلى ترتيب حياتك من حيث الترويح والمساندة، وأذكرك بأن الله سبحانه لا يتخلى عمن يواجه تحديات حياته، ويعالج معطياتها بصبر ودأب،وأذكرك بأننا معك حتى تعبر تحديات هذه المرحلة بإذن الله،تابعنا بأخبارك، والسلام.