هل أعاني من مرض نفسي أم ماذا؟ وما هو تشخيص حالتي
السلام عليكم
اسمي تقوى وعمري 20 سنة، عزباء وطالبة في المستوى الرابع بالجامعة، معدلي جيد جدا. طولي 161 ووزني 59.
علاقتي مع أمي وأخواتي البنات جيدة ولكن مع أخواي الاثنين ليست جيدة أبدا....
أبي شهيد بالحرب الأخيرة استشهد في قصف بيتنا وأنا كنت مصابة أيضا ورأيته وهو يلفظ آخر أنفاسه
لا أعرف كيف أبدأ ولكن سأخبركم كل شيء وأرجو أن أجد منكم ردا لأنني لا أستطيع التحمل. ربما هذه المرة الأولى التي سأكتب فيها كل هذه التفاصيل وأخبر أحدا بها لأن الموضوع ليس سهلاً بالنسبة لي........
بعد استشهاد والدي منذ أربع سنوات وحتى هذا الوقت لا أصدق ما حدث. في كثير من الأوقات وأنا أتحدث مع أي كان أكاد أن أقول لهم أبي سيأتي بعد قليل أو سمعت صوت مفاتيحه وهو يفتح الباب ولكن أتذكر أنه مات وأسكت....
خضعت لعلاج لمدة ست أشهر لأنني كنت مصابة بجراح متوسطة وقمت بعمليتين ولكن لا يزال هناك بعض من الشظايا في جسمي وأشعر بها أحيانا كأنها تتحرك
منذ ذلك الحدث لا أستطيع تحمل كلام الصوت العالي ولا الضوء الساطع حتى صوت مضغ الطعام يزعجني وأحيانا أشعر وكأنني أسمع دقات قلبي وأنزعج بشدة من صوته
في كثير من الأوقات لا أستطيع النوم حتى أنه في الأسبوع الماضي لم أنم يومين متواصلين ولكن في بعض الأوقات "مثلا يوم أمس" نمت 12 ساعة متواصلة واستيقظت وأنا متعبة جدا وشعرت أنني أحتاج مزيدا من النوم. أما اليوم فلا أستطيع أن أنام مع أنني مستيقظة من البارحة
منذ الحدث وأنا أرى كوابيس كل يوم تقريبا أرى ما حدث في ذلك اليوم بالتفصيل وأحيانا أكون أهرب من شيء ما أو يسقط السقف على رأسي أو يموت أحد ما وأستيقظ مذعورة ولا أتمكن من النوم بعدها أيضا أخاف من فقد أي أحد في هذه الأيام والشيء الذي جعلني أتواصل معكم هو أن هذا أصبح لا يطاق. كل يوم أتصل على أمي وهي في العمل أكثر من مرة لأطمئن أنها على قيد الحياة فإذا لم تجب على اتصالي أو إذا تأخرت عن البيت أصاب بالذعر وأبدأ بالبكاء والدعاء أنها لا تموت. إن رأيتها متعبة أو إن نامت كثيرا أذهب لإيقاظها لأنني أخاف أن تموت وهي نائمة.
في الأشهر الماضية علاقتي أصبحت سيئة مع جميع من حولي تقريبا، قطعت علاقتي مع كل صديقات المدرسة لأنني شعرت أنهم لا يهتمون لأمري وأنهم أنانيون ولا يشعرون بي. وأيضا لا أملك أصدقاء بالجامعة. لم أستطع إيجاد أي شخص يمكن الوثوق به. على الرغم من أنني انطوائية ولا أحب الناس ولكن عندما أجلس مع أحد أخبره ما حدث مع يوم قصف بيتنا وأخبره تفاصيل كثيرة ثم أندم أنني تكلمت وأغضب من نفسي وأبقى مكتئبة لفترة ثم لا أعود لأكلم الشخص ثانية لأنني أخاف أن يشفق علي. لا أحب مشاعر الشفقة أبدا.
وأيضا أشعر أحيانا أن كل من حولي يحاولون صداقتي لأجل مصلحة ما وأشعر أنهم يستغلونني. مثلا عندما أكون مع ابنة عمي التي في عمري نجلس ونضحك ونتسلى كثيرا ولكن عندما أعود للبيت أشعر وكأنها كانت تضحك عليّ وأنها كانت تريد مني شيئا ما وهكذا.
أكره اجتماعات العائلة كثيرا ولا أحب زيارة الأقارب والأصدقاء ولا أحب أن أجلس مع الضيوف أو أن أستقبلهم ولكن أحب أن أخرج مع أمي وأخواتي إلى أماكن كالبحر أو أماكن عامة ولكن لا يوجد فيها كثير من الناس أشعر أنني أعاني مشكلة في اتخاذ القرارات وحتى أنني أندم أحيانا على قرارات كنت مقتنعة بها أو أندم أنني لم أفعل شيئا ما حتى لو لم أكن أحب فعله. حتى في أبسط الأمور لا أستطيع حسم قراري وألجأ كثيرا لرأي الآخرين مع أنني مقتنعة أن رأيي أفضل ولكنني أعمل برأيهم
لطالما كنت متفوقة في دراستي وكنت الأولى على مدرستي وأشعر أنني أستحق حياة أفضل من باقي صديقاتي ووظيفة لائقة بي ولكن بالوقت نفسه أتساءل عن رأي الآخرين وماذا يفكرون بشأني
أصبحت مترددة كثيرا في هذه الأيام حتى أنني ابتعدت عن قراءة القرآن والصلاة. أحاول أن ألتزم بصلاتي لكن بلا جدوى. أشعر أن الله يعاقبني على ذنوبي مع أنني كنت أعتقد أن إصابتي كانت لغفران الذنوب وأن ما أعانيه من ضغط وتعب هو بلاء من الله.
أشعر كثيرا بالرغبة بالبكاء ولكنني لا أبكي وأحيانا أجد نفسي أبكي بدون سبب. أصبحت انفعالية وحساسة كثيرا. أقيس كل كلمة يقولها الآخرين وأبحث عن نواياهم وماذا كانوا يقصدون بكل كلمة وأصبحت عصبية أيضا فأحيانا لا أضبط مستوى صوتي ولا ردات فعلي فتكون ردات فعلي مبالغ فيها وأحيانا أصرخ في وجه الآخرين ثم أندم وأعتذر ثم أعتقد أنهم استحقوا ذلك
حتى تخصصي الجامعي مع أنني اخترته عن قناعة واقتربت من إنهاء آخر سنة دراسية ولكن أحيانا أشعر أنني اخترته بشكل خاطئ وأندم على ذلك. أحيانا أشعر بزيادة في الرغبة الجنسية وأحيانا أشعر أنني أكره جنس آدم وأن الرجل الوحيد الذي كان طاهرا بينهم هو أبي
أشعر أنني أبالغ أحيانا في نقدي للآخرين، وأحيانا أشعر أنني مضطهدة وأحيانا شكاكة في كل من حولي. تراودني كثيرا مشاعر انعدام الأمان والضعف وعدم الأهلية ومشاعر انعدام القيمة والضعف. يتقلب مزاجي كثيرا في الفترة الأخيرة حتى لو كان هناك شيء يبعث الفرح أشعر بأني أحتاج أن أبكي.
لا أعلم إن كان هذا كافيا أم لا ولكن هذه الأفكار التي تراودني دائما أرجو أن أجد منكم ردا بسرعة وأن تساعدوني بأن أتغير لأني لا أطيق الحال الذي وصلت إليه وأريد أن أعيش حياة هادئة
لا أمانع إن وصفت لي علاجا أو ما شابه ولكن أرجو أن تضع لي حلا وتشخيصا
وشكرا لك
16/6/2018
رد المستشار
الابنة الفاضلة "تقوى" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.... مرحبا بك من فلسطين الصامدة من غزة الأبية شرفت مجانين.
من الواضح الارتباط بين تغيرات ما حصلت فيك بعد التعرض للرضح والإصابة واللتين كانتا فادحتين بما لا يحتمل كلاما لوصفه أبلغ من كلامك (أبي شهيد بالحرب الأخيرة، استشهد في قصف بيتنا وأنا كنت مصابة أيضا ورأيته وهو يلفظ آخر أنفاسه).... دخلت بعدها في مرحلة الكرب الحاد لكن الله أعلم بتفاصيل ما حدث فيها، لأنك لم تذكري من علاماتها إلا الإنكار لموت الوالد ؟!.... والذي يبدو أنه استمر رغم مرور 4 سنوات ... وما يزال مصحوبا بكوابيس ليلية تكاد تكون دائمة إما بالحادث أو بموقف مخيف ! ...
لا نستطيع تأكيد تشخيص بعينه لغياب التفاصيل المطلوبة لتشخيص مؤكد، والتغيرات التي تصفين أنها ألمت بك بعد الحادث هي الآن أميل إلى ما قد يكون علامات اضطراب التغير في الشخصية بعد الرضح والإصابة الجسدية فنرى تغيرات واضحة العلاقة بزيادة حساسية أو فرط تحسس الجهاز العصبي النفسي .... ويكون ذلك في غلاف من أعراض الخوف والقلق والاكتئاب.... ولديك من هذه الأعراض ما يستدعي علاجا بذاته...... فضلا عن إمكانية أن يكون هذا كله من عقابيل فترة اضطراب الكرب التالي للرضح (أ.ك.ت.ر) PTSD والذي لم يعالج.
ولديك أيضًا مستوى ما من التفكير الزوراني، وليس واضحا في إفادتك ماذا كانت صفاتك قبل التعرض للقصف ؟ وهل كانت النزعة للتفكير الزوراني موجودة قبلا أم لا ؟؟ كي نستطيع التفريق بين ما هو أصلي فيك وما جد عليك بعد الحدث الرضحي والإصابة ... إلا أن تغيرات الشخصية التي حدثت لا تعالج بالعقاقير أساسا وإن أمكن استخدام العقاقير كعامل مساعد للعلاج لكن يبقى العلاج الأساسي هو العلاج النفسي الكلامي وهذا ما تحتاجين له يا "تقوى" يا ابنتي.
واقرئي أيضًا :
الاضطرابات النفسية بعد الصدمات
الصدمات النفسية والكرب الرضحي
وأخيرا أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات .