القلق والأفكار السلبية
السلام عليكم ورحمة الله
أنا أعاني من قلق المستقبل والعيش فيه وتخيل أحداث وأعيشها بداية أنا عمري 28 سنة جامعية ومتخرجة من خمس سنوات سأذكر تفاصيل المشكلة ومتى بدأت
بدأت معي المشكلة من حولي 10 سنوات قبل تخرجي من الثانوي بدأت تظهر عندي أفكار وقلق من المستقبل والمشكلة أني كنت أعيشها بكل تفاصيلها وكأنها حدثت
كنت في نهاية ثالث ثانوي أتاني خوف من عدم إكمالي لدراستي وأني سأتزوج من قريب لي لا أريده تعبت من هذه الفكرة تعب شديد وسيطرت علي حتى تخرجت وقبلت بالجامعة ودرست ولكن خلال دراستي لمدة أربع سنوات لم تتركني هذه الأفكار تطاردني فكنت أشعر أني سأتخرج ولن أتوظف ولن أكمل دراستي العليا حيث أن هذا طموحي وأملي فأنا أريد الوظيفة وإكمال الدراسة، المهم أني أنهيت دراستي وتوظفت لمدة سنة وأخذت دورات تدريبية ومازلت أقدم على الماستر في كل سنة لعلي أترشح ولكن اليأس بدأ يدخل إلى قلبي والخوف فكرة الزواج من شخص سيء لا يناسبني لا تفارقني العيش في المستقبل لا يفارقني مثلا الآن نحن في شهر 8 أنا أعيش في شهر 10 أتخيل أحداث وأتعايش معها وأتعب مثلاً أتخيل أني مخطوبة من شخص لا يناسبني ولكن أهلي لن يتقبلوا رفضي وأشعر أني سأستسلم المصيبة أن هذا كله خيال وأتعبني وأخاف من تأثيره علي
فأنا دائماً أقول في نفسي أنا امرأة ناضجة وأعرف ماذا أريد من الحياة ولا يوجد شخص في هذه الحياة يستطيع إرغامي على شيء وأني مثقفة وجامعية ومعدلي عالي وأني سأبذل كافة الأسباب حتى أحصل على وظيفة وأكمل دراستي وإن تأخر ذلك أما في لحظة ضعف تعاودني هذه الأفكار وتتعبني وأشعر باليأس والضعف ولكن أنا أشعر أن لذلك سببا فهناك حادثتان حدثتا في الماضي لأختي الكبرى ومن بعدها الأصغر أختي الكبرى أثناء ما كنت في الثانوي تقدم لخطبتها شخص يعرفونه أهلي ولكن استعجال أهلي في الموضوع والتعامل معه وموقف أختي الضعيف وكأنها وصلت لعمر ولمرحلة اقتنعت فيها أن توافق على أي شخص حتى لو لم تكن ترغبه وأنه لا يحق لها أن تقول لا حدث زواج أختي في أقل من شهر في أوضاع مقلقة وصمت عجيب من أهلي وكأنهم يريدون أن تتزوج بأي شكل قبل الزواج ذهبت أمي إلى بيت أختي وجدت البيت قذرا والأثاث قديم والتزمت الصمت وقالت لا أحد يتكلم.
هذا شيء أشعرني بالقهر في ذلك الوقت والإهانة لأختي بعد الزواج اكتشفنا أن الشخص لا يريدها وبعد سنة انفصلت أما تعاطي أهلي مع موضوع الطلاق أمر مقلق وتخبطتاهم وأختي معهم بالقرارات تقدم لخطبتها رجل ستيني متزوج بعمر والدي وأرى أمي تقنعها وهي مستسلمة وكأنها آمنت بأن هذه الحياة يجب أن تفعل ذلك تزوجت زواج غير متكافئ أبداً وتطلقت بعدها بشهر وأنا موقنة أن ما حدث لأختي هي تخبط قرارات وتسرع بعد إرادة الله طبعاً
الموضوع الثاني لأختي الأصغر تمت خطبتها لشخص جاء أبي أمامي وقال لها زوجتك هذه الكلمة جرحتني وأشعرتني بالقهر أختي صمتت ولم ترد لكن لو هي رفضت لم يجبرها أما صمتها سبب ألم داخلي زواج أختي الثاني ممكن أنبنى على معايير صحيحة وأختي كانت تريد الزواج لو رفضت لما منعها أحد ولكن المصيبة أن زوجها مستبد ومستعبد وهي معطيته كامل الحق وإن تحدثت مع أمي قالت تصمت ماذا تفعل هذا حظ أشياء تقهرني وتجعل القلق والخوف يزيد عندي وأني لست في أمان وأن مستقبلي ليس بأمان
مع أني أحدث بصوت عالي لنفسي أنا أكثر نضجاً ومعرفه منهم جميعاً ولن يحدث إلا ما أريد ولكن الأفكار لا تتركني (ومما يزيد الطين بله أن وظيفتي تأخرت وأخشى من ذلك كثيراً) أنا أكره ذلك التفكير الذي يحدد حياة البنت بالزواج ويحدد لذلك عمراً أيضاً أكره عندما تصل الوحدة من ل 30 يستغرب أن ترفض من يتقدم لها وكأن الزواج ضرورة وشرط من ضروريات الحياة أريد أن يتفهم الكل أني إذا قلت بصوت عالي إن لم يتقدم لي شخص كفء فلن أتزوج لمجرد الصورة العامة أو لأنكم تريدون ذلك
تنجرح مشاعري عندما أرى ناس كثر تحاول التحكم في قراري وكأني لا أعرف أتضايق من أرى نفسي بمنظر الضعيفة المغلوبة على أمرها ......
لا أريد أن أكون كذلك لا أريد أن أخاف من رأيي عندما أقوله
2/8/2018
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا، ومن الواضح أنك قلقة ومتعبة، أعانك الله، وخفف عنك بعض معاناتك.
الأخت الكريمة :الخوف من المجهول وترقب المصائب هو نوع من (الرهبة)، و(الوساوس)، التي قد تؤدي بكي إلى الكآبة والحزن، والهم الذي ينغص عليك حياتك، فقلق الإنسان طبيعة من طبائع النفس البشرية، والقلق فيه قلق إيجابي، وقلق سلبي، والقلق الإيجابي مطلوب في جميع المواقف لأنه يحفز الإنسان ويدفعه نحو العمل الطيب والجيد، أما القلق السلبي فحين يزداد يُشعر الإنسان بفشله ويضعف ثقته في نفسه.
أختي الكريمة: إن مشاعر الخوف والقلق والتوتر والوساوس التي تسيطر عليك حول الزواج وحول المستقبل وخوف الفشل هي جزء من تفكير الإنسان، ولكن يظهر أنك بطبيعتك لديك مشاعر القلق، أما حالة الخوف التي سيطرت عليك بعد زواج أخواتك فنسميها بالروابط أو المثيرات، فبعض الناس يكون لديهم الخوف أصلاً متأصلاً وموجودًا كجزء من شخصياتهم، ويظهر على السطح وتكون أعراضه واضحة حين يتعرضون لمثل هذه الأحداث الحياتية.
ومع هذا فإن الحال – بحمد الله – يمكن تحسينه كثيراً، والمطلوب منك الآن هو خطوات سهلة ميسورة، وستخرجك بإذن الله تعالى من كل ما تعانينه، فأول خطوة وأعظمها هو: حسن توجهك لله جل وعلا، فلابد أن يكون لك تعلق بحبل الله تعالى، والتجئ إليه، بل واضطرار لرحمته، فمن يغيثك إلا هو.!! ومن يعلم خوفك ويعلم كربك إلا ربك العظيم جل جلاله.
إذن فافزعي إلى الصلاة وارفعي يديك، ونادي ربك: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)، (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[الأنبياء:83]
والخطوة الثانية: أن تعملي على التأمل في هذه المخاوف التي تترقبينها، أليست هي بيد الله تعالى!! أليس الله قد قدَّر كل شيء من الخير والشر!! إذا فلماذا الخوف والقلق وربنا تعالى يقول: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التوبة:51]....
فخاطبي نفسك بهذه المعاني، وكوني مستحضرة أن الأمور كلها بيد الله، وأن الخوف والقلق لن يجديان شيئاً، ولن يدفعا ضراً، فعلامَ الخوف والقلق إذن، والله تعالى يقول: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الأنعام:17]
فكوني متوكلة على ربك، محسنة الظن به، وأحسني في لجوئك إلى ربك، وستجدين أن هذا الهم والقلق قد زال عنك بحسن توكلك واعتمادك على الله، ومن الدعاء الحسن القوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا يأتي بالحسنات -أي النعم- إلا أنت، ولا يدفع السيئات -أي المصائب- إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك).
أختي الكريمة : أرى أنك وبشكل عام غير مرتاحة للزواج، ولديك حالة خوف من فكرة الزواج أصلاً، ورهاب من فكرة الزواج ككل، فأنت تعانين مما يمكن أن تعاني منه بعض الشابات من الخوف أو الرهبة من الزواج، وربما هذا بسبب الأحداث التي رأيتِها في أسرتك، كنوع المعاملة بين الزوجين، وربما بسبب القصص والروايات، والأفلام الكثيرة التي تصور بعض النماذج السيئة، أو السلبية من الزيجات، حيث يمكن أن تتعرض الزوجة لسوء المعاملة من زوجها، أو بسبب ما تسمع عنه الفتاة من بعض الممارسات الجنسية السيئة، أو السلبية من قبل بعض الأزواج، فهناك أسباب متعددة يمكن أن تفسر ما يحدث معك، وعلينا حسن التعامل مع هذا الموقف وتجاوزه، وإن كانت هناك نماذج سيئة أو سلبية، فإن هناك نماذج كثيرة رائعة وناجحة عن الزواج السعيد، والأسرة الهانئة، وبسبب سوء التجارب السابقة فقد تكرّست عندك هذه القضية حتى أصبحت مشكلة تحتاج للعلاج والحلّ.
الأخت الكريمة: إن التفكير في الماضي وما حدث فيه من أحداث، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فهي قد مضت وولت، والآن ينبغي التفكير في الحاضر والعيش والاستمتاع بما فيه، أما الماضي فنستفيد منه فقط في كيفية تجنب التجارب الفاشلة، وكيفية تدارك الأخطاء السابقة.كما أن خوفك من موضوع الزواج ربما لا يكون له مبرر موضوعي، إنما هو توقعات كاذبة، لذلك لا تكترثي لها، بل فكري في الزواج على أنه إكمال لنصف الدين، وأنه مصدر للسعادة والمودة والرحمة، وسبب في الذرية الصالحة -إن شاء الله-، ولكل زوجين تجربة وحياة تختلف عن الآخرين، فلا تنظري للتجارب الفاشلة بل انظري للتجارب الناجحة، ونتمنى أن تكون تجربتك مثلها.
الأخت الكريمة: انظري نظرة إيجابية نحو المستقبل، ولا مانع إطلاقاً من تناول أحد الأدوية الجيدة والممتازة المحسنة للمزاج، وإن شاء الله تعالى تزيل منك هذا القلق وهذه المخاوف. ويوجد دواء يعرف تجاريًا باسم (لسترال) واسمه العلمي هو (سيرترالين) أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة بعد الغذاء، استمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا دواء جيد مفيد غير إدماني وغير تعودي، وإن شاء الله تعالى يقضي على حالة المخاوف لديك. مع ملاحظة أن التحسن يبدأ بعد ثلاثة أسابيع من بداية العلاج، وأنا أريدك أن تستغلي بدايات التحسن لمصلحتك، وذلك من خلال ممارسة الرياضة، والتفكير الإيجابي في المستقبل والتواصل الاجتماعي، وأن تكوني دائمًا متفائلة، والحمد لله تعالى أنت طموحة وجامعية ومتدينة وكل هذه العوامل إن شاء الله تعالى ستكون سببًا في ثباتك وتبعث الطمأنينة في نفسك.
أيضا أنصحك باعتماد العلاج السلوكي من خلال اتباع النصائح الآتية:
- تحقير الأفكار السلبية، ومواجهتها، وعدم الانصياع لها، وعدم تحليلها، أو تشريحها، وألَّا تدعي مجالاً للفراغ الذهني أو الزمني.
- رفع ثقتك بنفسك، وتذكري أن في المستقبل سيكون هناك طلاب للزواج منك، وهذا مؤشر قوي على أنهم يرون في الزوجة المثالية، فلا تنسي هذا الأمر وسط ضوضاء هذه المشكلة.
- تذكري أن التجنب والهروب لا يحلّ المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم، وتصبح مزمنة.
-إذا ما تقدم لك شاب مناسب في المستقبل فانتهزي هذه الفرصة لخوض غمار هذا الأمر ومواجهته، وعدم الهروب والاعتذار والتبرير والتجنب.
- تذكري أنه في المستقبل هناك أسرة سعيدة، أنت عمودها الأساسي، تنتظر أن تخرج للوجود، والله مثيبك عليها خير الثواب.
- تذكري بأنه من الضروري ألا تفعلي هذا لمجرد الثواب، فسعادتك أيضاً متوقفة ربما على المبادرة والتقدم والجرأة في متابعة الأمر.
- النقطة الأهم أن تتخذي قراراً فيما تريدين أنت، وليس أحد غيرك، فهذه حياتك وأنت من سيتزوج.
نسأل الله تعالى أن يوفقك في كل مرافق حياتك، وأن ييسر لك أمر الزواج في المستقبل، وأن يرزقك صواب الرأي والقول والعمل، ويعينك على تكوين الأسرة السعيدة.