أكره عائلتي...
اسمي منة وعمري 12 سنة، مشكلتي الأساسية هي عائلتي سأضع قائمة بالترتيب حتى لا تتداخل المواضيع بعضها البعض
- أكره عائلتي بشدة وهذه الأسباب :
* البنت تنظف وتخدم والولد لا
* الولد من حقه أن يلعب طوال النهار والبنت إذا شوهدت وهي جالسة تلعب قليلا تنهر بشدة
* علموا إخوتي الأولاد أن الرجولة هي أن تكون قوياً على إخوتك البنات وأنك رجل المنزل و يجب عليك منعهم وضربهم إذا أخطأن
* إخوتي من الأولاد لديهم حرية أكبر في الكلام، من حقهم أن ينتقدوا أي شيء ومن حقهم أن يعبروا عن رأيهم ويتناقشوا مع أهلي فيما يعجبهم وما لا يعجبهم، وأنا ليس من حقي الإبداء بآرائي وإلا فسأكون" لمضة وعنيدة وردادة ولسانها طويل"
* أخي لديه أشياءه الخاصة أما أنا فلا شيء من حقي، هو لديه جهازه، هو لديه تلفازه، أما أنا فمتى شاء يأخذ أغراضي
* البنت تخدم أخوها والأم تخدم الأب غصباً، بغض النظر عن أنني أكبر منه عمراً إلا أنني من أخدمه ويعتبر حراماً وتجاوزا إذا أحضر لي كأس ماء
* جملة سمعتها فارتدت إلى ذهني وأنا غير واعية أنها تترك آثاراً وجروحاً في القلب لا العقل فقط، "أنت بنت مكانك المطبخ، أنت دلوقتي تنظفي وتخدمي، وهو يكبر ويبقى راجل بيته ويشتغل"
* إخوتي الأولاد ما يشاؤونه يأخذونه ويطلبونه، أما أنا فتربيت من صغري أن أصمت وأن لا أقول ما أرغب به أو أريده، فأصبحت عندما أذهب معهم للمحلات أراقب بصمت وأتخيل ما إذا كان لدي هذا أو هذا، أما إخوتي فهم يجوبون المكان بأكمله يشترون هذا وهذا ويختارون الأفضل مع أهلي، وأنا إذا قلت أريد شيئاً ما يكتفون بقول "ماشي" فقط، وما أريده أنا لا يهم
* أخي حر في ما يرتديه، أما أنا فجبرا سأتحجب حتى ولو لم تأتني الدورة مما يلزم الحجاب، فضلاً عن هذا هم أجبروني على ثيابي، أجبروني على التقرب إلى الله، لم يحببوني في هذا ويجعلونه خياري أنا.
* لقد قيدوني بملابسي، أصبحت لا أستطيع الجري أو اللعب أو التسلية عند الخروج إلى الملاهي أو ما شابه، لقد أصبحت مقيدة، وكل ما بإمكانهم قوله "نكدية"
* علموني أن صوتي لا يسمع، أنه ليس لدي حق في الكلام، علموني العيب قبل الحرام
* كنت مضطهدة طوال عمري فيما سبق في المنزل بل ليتطور الأمر ليصبح أيضاً في المدرسة، أنا متميزة بحق ومتفوقة في الدراسة ولكنني مكروهة بين الجميع، لأنني لا صوت لي، لا أستطيع التحدث، ليس لدي خبرة سابقة، المناقشة معي في المنزل تكاد تكون سيئة للغاية وأنا "مكبوتة" لا أستطيع قول ما أريد لا أستطيع الإفصاح عن مشاعري "إذا لم أقل لأهلي ما أحس به، إذا لمن سأقول؟؟ "المهم.... المناقشة في المنزل تكاد تكون سيئة فماذا إذا عن الكلام بالخارج في المدرسة، مع الغرباء، أقوياء الشخصية، من يملكون ثقة عالية بالنفس، أحمد ربي أني لا أتأتأ في الكلام معهم... شخصيتي ضعيفة والسبب أهلي
*تعقدت من شيء اسمه الأعمال المنزلية، التنظيف، الكنس،.... الخ ،،، قد جاءت خادمة عندنا فترة ثم قام أخواي بضربها وسبها والكثير من المشاكل فرحلت، فقال ولا مشكلة ستكون منة مكانها... سأكون أنا مكانها؟؟ مكان الخادمة... هل هذا هو ما ولدت لأجله حقا؟؟؟؟ أن أحل مكان الخادمة.....
* تعلمت الصمت والكبت، أبكي بلا صوت وحدي ويا حبذا لو وجدت وقتا أكون فيه وحدي أصلا، أبكي بقهر، أجل قهر، فالإفصاح عن مشاعري كان محرماً بالنسبة لأهلي، سواء بالكلام أو حتى بالكتابة أو حتى بالرسم... تخيل حياة كبت حياة عذاب، تظل صامتا صامتا حتى تنفجر، وهذا ما حدث عندما في يوم ما عندما كان قد طفح بي الكيل فعلاً، فأنا كنت أنظف البيت ما يتجاوز الثلاث مرات يومياً، صرخت بوجههم باكية "أعملكم إيه، ذنبي إيه إن أنا بنت" حينها تلقيت ضرباً مبرحاً وكان علي الاعتذار في النهاية، وأن ما فعلته كان "قلة أدب"،، بعد ذلك الموقف وأنا صامتة تماما....
ولكن تنتابني ما لا أستطيع تفسيره بعض الأحيان، أجلس وحيدة في الغرفة أحضر ورقة أرسم عليها بهدوء أفكر وعقلي صاخب بالأفكار والذكريات المتداخلة، أبكي بصمت، أبلل الورق، أشهق من البكاء كمن يلتقط أنفاسه الأخيرة، أرسم، أرسم، وأبلل الورق، أفكر في الانتحار ولكني أضعف من فعل هذا، أذهب إلى سريري، أنام عليه بهدوء، أغطي جسدي كاملا بغطاء، وأغني بصمت وأتبلل من الدموع لا إرادياً، وأتخيل حياتي لو كنت ولد، وأتخيل حياتي لو كان أهلي هم أشخاص آخرون، أتخيل وأتخيل حتى أنام....
وهكذا كل ليلة مع هذا الحوار، وإن لم أفعل هذا، سأنام في الزاوية وأبكي بصمت وأتذكر مواجعي.... تعقدت من هذا نفسياً، صحيح أني في المنزل معهم أبدو باردة وجافة وعنيفة في التعامل مع إخوتي أغلب الوقت ولكني أعيش معهم مهشمة من الداخل، أبكي وأضحك وآكل وأشرب كما أي إنسان طبيعي ولكن في الداخل عقلي صاخب، قلبي محطم ونفسي، أوه يا لها من نفس إنها ضعيفة متقوقعة تخشى العالم من حولها،...
أنا لا أبالغ حقاً، فأنا ضعيفة الشخصية والثقة بالنفس جداً، إلا أنني ذكية وماهرة بالفعل ولدي مواهب، وهذا ما جعلني أصمد قليلاً في العالم الخارجي، ذلك ما يجعلني لا أتحطم في المدرسة أمام زميلاتي، لولا مهاراتي وتفوقي لكنت في أعماق الجحيم أنتظر.......
5/8/2018
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعدتني رسالتك، أسعدتني الروح الذكية المتوثبة رغم القيود، لك مني مئة عناق بنيتي العزيزة.
سطورك عزيزتي تمثل حال معظم فتيات الطبقة المتوسطة والفقيرة ثقافياً وليس ماديا في الوطن العربي. تمييز في المعاملة بين الولد والبنت، تمييز في تقدير القيمة فالولد أعلى قيمة من البنت، تمييز في توزيع المهام والمسؤوليات المنزلية، محاولة كبت البنت بما فيه تفكيرها وطموحها، باختصار جميع ما تشكين يا "منة" والله المستعان. وقبل حديثهم في الدين وبالدين ليتهم يرجعون فيهتدون بمعاملة سيد الخلق لبناته.
وحيث أن الانتحار وكراهية الذات ولا حتى الغضب ليست الحلول ولن تكون في أي مرحلة من حياتك عليك التزود بمزيد من القوة كي تستمري وتحققي أهدافك وأحلامك.
لنبدأ بتغيير بعض الأفكار السالبة لديك والضرورية مثل شعورك بالمهانة لاعتبارك بدل الخادمة، الخادمة عزيزتي امرأة عاملة وتعول أسرة من ضمنها غالباً والديها وأطفالها، فهي ليست أقل منا قيمة بل هي استسلمت أو حرمت فرصة التعليم فلم يكن لديها ما تعيش به إلا جهدها، فإن سمعت أحدا يسخر منها تذكري أنها سيدة مكافحة، والتضييق عليها يعني تضييقا في رزقها سيحاسب المسؤول عنه.
العمل المنزلي رغم ملله غير أنه ضروري، وإن كان يجب توزيع المسؤوليات حسب القدرات على أفراد الأسرة. حين تهتمين بنظافة المنزل وتساعدين في شؤونه لا يعني أبداً أنك أقل قيمة بل مفيدة وفعالة. قد كان من الأسهل على أسرتك أن تحدد دورك في الأسرة كمساعدة للأم فهي أيضاً تعمل وتطبخ وهي ليست أقل قيمة من والدك الذي يسعى في عمله ليصرف على عائلته. عزيزتي الحياة مسؤولية تتوزع أدوارها وكلما كان الدور أكبر كانت قيمة من يقوم به أكبر، مساعدتك في المنزل تزيد قيمتك بالنسبة لأسرتك وإن لم يظهروها لك فأنت بالفعل مفيدة وذات تأثير في حياة أسرتك.
لو فكرت بعيداً عن الغضب ستجدين أن إخوتك الذكور عليهم أدوار متوقعة قد لا يرغبون فيها مثل شراء بعض النواقص في المنزل بل وحتى مراقبة سلوك أخواتهم. انظري لعملك في المنزل على أنه شكر لله على أنك لك منزل تعيشين فيه بأمان وإن لم يكن براحة تامة، اعتبري عملك في المنزل جزءً من رد جميل تربية والديك لك، اعتبري مساعدتك لوالدتك وأخوتك بر والدين وصلة أرحام، وهي صدقا كذلك كما فسرتها لك. تبقى الأمور كما هي ولكن ما يمكن تغييره هي طريقة تفكيرنا وتفسيرنا لها، إن فسرتها بسلبية ستشعرين بمزيد من القهر، وإن فسرتيها بإيجابية سيهون عليك صعود الجبال. هل أذكرك بالمثل الشعبي إن جاك الغصب خده جودة؟
هناك جزء بغيض في الثقافة العربية بقايا زمن وأد الفتيات ما زال ينبض بالحياة يروج له بضرورة القسوة على الفتيات من أجل تربيتهن، هل أذكرك بالمثل الشعبي اكسرْ للبنت ضلع يطلع لها 24، ولو أنهم عاملونا بالمساواة ما اضطررنا فعلا كي نظهر مزيدا من الأضلاع لمجاراة الحياة. يعتقدون أن العار في ظهور الجسد بينما العار الحقيقي القيم المعوجة والاهتمام بالمظهر دون جوهر الأمور.
بنيتي أن أرغمك أهلك على الحجاب دون تكليف فهي طريقة قاصرة منهم لحمايتك من الذئاب حولك، ولكن مهما كان عدم اقتناعك لا تجعلي أخطائهم تدفعك بعيداً عن الله والدين والصلاة، دين الإسلام الصحيح هو الوسيلة الوحيدة للحصول على حقوقك. هو الدين المدافع عن المرأة فتفقهي به بدل البكاء والتحسر على نفسك، ستجدين أن الدين قد فرض على أخويك ووالدك الإنفاق عليك طوال حياتك رغما عنهم، وقد كلفهم بتدبير أمورك في الحياة الخارجية ومواجهة المصاعب عنك. أتحدث معك عن الصورة الصحيحة فلا تكرهي الدين وتنفري منه نتيجة أخطاء التابعين الذين يأخذون منه ويحولونه إلى ما يريدون.
هناك أسلوبان لعيش حياتك ووحدك من يأخذ هذا القرار وليس أهلك أو إخوتك. إما أن تكوني سعيدة وتبحثين عن النقاط والجوانب الإيجابية في الحياة وتختاري تفسيرات لطيفة لأبشع الأمور من حولك، وإما أن تكوني تعيسة تقضين وقتك وتستهلكين عيونك في البكاء على أمور لن تستطيعي حتى تنضجي الفكاك منها.
استمري في تقدير نفسك وتعداد ميزاتك من الذكاء والتفوق، وأضيفي إليها فائدتك في أسرتك.
تابعي الاهتمام بهواياتك من الكتابة والرسم بعد الانتهاء من مهامك اليومية في أسرتك. اعتبري المدرسة منبرك للتعبير عن نفسك لا مجالا للمنافسة في الثقة بالنفس فأنت ما شاء لا ينقصك الذكاء ولا القدرة على التعبير عن نفسك، أضيفي لها مزيداً من الخبرة بالمشاركة في أنشطة المدرسة والمزيد من القراءة الجادة والهادفة.
إن لم تجدي من يسمعك في أسرتك لديك العالم بأسره من خلال موقع مجانين.وتابعينا بأخبارك