أخي يعاني من أعراض مرض العائلة
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلى سعادة المستشارين الكرام نحن من عائلة تعاني من المرض النفسي فهي تتوارثه بشكل مخيف ويختلف المرض من شخص لآخر فمنهم من يعاني من انفصام في الشخصية ومنهم من يعاني من جنون العظمة ومنهم من يعاني إكتئاب شديد. ولقد انتحر من عائلتنا ثلاثة أفراد : عمي حيث ألقى بنفسه من جبل في قريتنا وابنة عمي حيث رمت بنفسها في بركة ماء، وأخوها الذي قام بتقطيع شريان يده ورقبته وألقى بنفسه في البحر فنزف حتى الموت ، مع العلم أن فارق زمن الانتحار لكل واحد منهم كبير.
بشكل عام أعراض المرض التي تظهر على المرضى لدينا تبدأ بتساؤلات عن الدين ثم عبادة بشكل غير طبيعي وذكر مكثف وتشدد وتزمت ثم يترك كل ذلك فجأة ويدعي أنه إما المهدي المنتظر أو المخلص من الظلم أو الملك وكل من حوله هم عبيد ، ويتحدثون بشكل متواصل لا يسكتون ولا يتركون فرصة لأحد أن يتكلم وعندما يتكلمون نجد أن أفكارهم غير مترابطة ولا متسلسلة ، جلها مشاريع نهضوية وعمرانية وطرق لكسب المال هذه الأعراض لا تظهر عادة إلا بعد أن يكون الشخص مرة بتجربة فاشلة أو صدمة نفسية لم يكن يتوقعها وعندما تزداد الحالة يتحول إلى شخص عدواني يهدد أقرب الناس لديه بالقتل ويضرب بشكل بشع .
ما يعنيني هو المنتحر الأخير فهذا الحادث كان قبل بضعة أشهر فقد أثر هذا الأمر على أخي رغم أنه لم يعاشره أو يتعرف عليه إلا مرة واحدة في حياته فأهلي في بلد ونحن في المملكة فعلاقتنا سطحية جدا سوى ما نعرفه من الأخبار المتناقلة من الأهل المسافرين . بدأ أخي وهو أكبر مني سنا يخشى المرض وأصبح همه الشاغل ويتحدث عن الجنون ويخشى أن يعلم الأهل بذلك . الأعراض التي حاولت حصرها هي:
-ضيق شديد في الصدر ، يقول أنها تزيد عندما يتناول العلاجات - عدم النوم مطلقًا وتوتر شديد
-يفكر بالانتحار ويرددها كثيرًا فهو يتخيل أن ما حل بابن عمي هو النتيجة الحتمية له.
- بدأ في كره بناته وزوجته ويفكر بطريقة عدوانية تجاههم كقتلهم ليرتاحوا (مجرد تفكير يحاول هو دفعه لكن لا يستطيع)
-باعتبار أنه لا ينام نجده يقلق كثيرًا ويردد أنا مجنون مثل أعمامي فعدم النوم بالنسبة له هاجس ورعب.
-عندما يتكلم عن نفسه ويصف شعوره يحمر وجهه ويتعرق .
- لا يثق بكلام الناس ويخشى من الكل إلا بعض المقربين جدا منه، ويسعى لحصر ثقته في شخص واحد كما أنه لا يثق بالطب النفسي ولا المشايخ، ويتخوف من الأدوية النفسية، لأنه يرى أعمامي عند تناولهم الأدوية لديهم رعشة وثقل في اللسان وعدم التركيز ونوم كثير وغيرها
–بدأ في كره العمل والرغبة في العزلة
سمات شخصية أخي هي:
- شديد الحساسية ومرهف وحنون.
- متفوق وذكي ومستثمر جيد للمال.
- مخطط ممتاز للمستقبل ويرى أبعاده
- ينشد المثالية في كل شيء وهذا ما أرهقه لأنه لا يشعر بالرضى عن نفسه أبدا مهما صنع أو أنتج.
- ناجح في عمله ودراسته وعلاقاته الأسرية والاجتماعية، اجتماعي ومحاور جيد.
-أسباب ظهور المرض في اعتقادي وتحليلي: تزامن دخوله الأسهم وخسارته فيها ،مع دخوله الجامعة لإكمال تعليمه بتفوق ، مع ضغوطات وظلم شديد من أرباب العمل لديه، مع مرض الوالد الذي لا يعيش معه في نفس المدينة، مع انجاب زوجته الابنة الثالثة والتي كان يأمل أن تكون ولداً ودعا الله كثيراً ولم يقدِّر الله له ما أراد وأخذ في لوم نفسه على عدم رضاه وبدأنا في دوامة القدر والرضا به وأن الله لا يحبه ولا يستجيب له وأنه غير متوكل وبدأنا في التساؤلات الدينية المخيفة مع الذكر والعبادة التي حتى الآن ليست بشدة ذكر أعمامي، ويتحدث عن الشيطان وقوته وأنه لا يستطيع التغلب عليه، إضافة إلى ذلك سمع أخبار انتحار ابن عمي التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
ماذا صنعت لأجل أخي حتى الآن: - كنت أستمع إليه بإنصات شديد مع محاولة تبسيط الأفكار المضخمة لديه وعندما رأيت أن المسألة أكبر من أفكار أشرت عليه أن يقرأ الأوراد وآيات الرقية حتى يطمئن بها وقد شعر بتحسن طفيف وعندما رأيت المسألة تتعدى ذلك أشرت عليه بالذهاب لطبيب فقط ليعطيه ما يمكنه من النوم فالطبيب النفسي بالنسبة له غير مرغوب فيه وبعد محاولات ذهب إلى الطبيب وأعطي أدوية شعر أنه ارتاح بعد أخذها ولا أخفي عليكم أنه يأخذ مرة وعندما يشعر بتحسن يتوقف عن أخذها وتجاوزنا الأزمة مدة شهر إلى شهرين ثم انتكس بعدها وعادت الأفكار أشد والنوم المعدوم والضيق الشديد عاودت معه من جديد ليذهب مرة أخرى للطبيب فأعطي عقارين هما: BUSPAR-FAVERIN جمعت له معلومات عن العقارين وأقنعته بأنهما آمنين .
- أشرت عليه بكتابة أفكاره في ورقة لحصرها ومناقشة كل فكرة على حدة ليضع لها الحلول وقد استجاب للفكرة وأخبرني أنه تجاوز الأفكار السلبية بمعدل 80% وبعد يوم من هذا الإنجاز اتصل علي وقال أنه لم يستطع أن يكمل وأنه يشعر بضيق شديد وعاد إليه ما كان يشعر به.
- أقوم بالاتصال على زوجته وإعطاءها المعلومات اللازمة في طريقة التعامل مع مثل هذه الحالة بقدر معرفتي ومعلوماتي . حاولت أن أقنعه بالذهاب لمدرب في البرمجة اللغوية العصبية وعندما حانت ساعة اللقاء تردد ورفض بحجة أنها غير مجدية لأنه يعاني من أمر لا يعاني أحد مثله.
أخيراً أعتذر عن التطويل وهذا ما لدي وإن لم يكن هو المطلوب أرجو من سيادتكم التكرم بإخباري عن المعلومات المطلوبة بالتحديد على شكل أسئلة وسوف أجيب عليها إن شاء الله.
12/11/2018
رد المستشار
الأخت العزيزة "هدى" أهلاً وسهلاً بك على موقعنا مجانين، أحييك أولاً على هذه الإفادة المفصلة التي تنمُّ عن سعة درايتك واطلاعك بل وموهبتك في تقديم الرعاية الأسرية للمريض النفسي، لكنني في ذات الوقت أشعر أنها أي تلك الرعاية والحماية الأسرية الحنونة يجب أن تعرف متى يجبُ أن تقف لكي لا تصبح عائقاً في سبيل اتخاذ التوجه السليم والتدابير الحرجة في حالةٍ مريضٍ كأخيك –شفاه الله وعافاه- في وقتها المناسب وبالحزم اللازم أيضًا، وهو ما لا أراه متحققًّا مع الأسف حتى الآن.
عندنا تحميل وراثي عالٍ، حتى أنك سميت الحالة مرضَ العائلة، وعندنا أعراضُ اكتئاب مختلطة مع أعراض ربما ذهانية بعضها من النوع الزوراني وربما من النوع المصاحب للاضطراب الثناقطبي، في نوباته المختلطة، وربما نوبات فصام وجداني -والله أعلم بكنهها- ...... لكنَّ الأهم من هذا كله هو وجود الأفكار والنزعات الانتحارية مع الاكتئاب الشديد فكيف أنتم قاعدون به إلى الآن؟ وكيف ترين أن الممكن أن تفيده جلسات البرمجة اللغوية العصبية؟؟
إن أحد أهم واجبات الطبيب النفساني عندما يجد اكتئابا من هذا النوع مصحوبا بانتحارٍ بل وبتاريخٍ أسري متكررٍ للانتحار هي أن يأمر بتنويم المريض في إحدى المستشفيات النفسية
ثم معالجته يا "هدى" بجلسات العلاج الكهربي، وهذا هو ما أنصح به فاستخيروا وتوكلوا على الله وتابعينا بالأخبار.