تمارين الإنسانية: فهم ووعي وتدريب م
قلة التركيز وكثرة النسيان
لا أعرف تماماً ما هي علتي كنت دائما شخصية أميل للكآبة لكن لم يكن ذلك يؤثر على نظرتي للمستقبل وطموحاتي ..خلال السنتين الأخارة تقريباً، زاد معي شعوري السيء هذا، تجاه الحياة ونفسي، أشعر أن عقلي مشوش جدا والتركيز ضعيف وأنسى أشياء لا يجب علي نسيانها، وأنا طالبة هندسة، ولطالما تمنيت هذا المجال، لكني أواجه صعوبة وأشعر أن مستواي لم يعد كما في السابق، وأشعر أن بقية الفتيات أذكى مني، مع أني كنت معروفة بتفوقي مع أقراني سابقا،
أشعر أن همتي وإرداتي التي جعلتني أختار هذا التخصص تلاشت ولم أعد أشعر بالحماسة لفعل أي شيء، أشعر أن حياتي لن تتغير وأتشاءم من المستقبل، ولم أعد أرى الحياة ذات معنى، كما أني أفكر كثيرا بأشياء تافهه لا يجب أن ألتفت إليها،
كما أنه تأتيني أفكار انتحار من حين إلى آخر لكن أعلم أنه شيء أحمق، أشعر بأني ضعيفة وهشة من الداخل ولا أستطيع فعل وأني فاشلة، حتى أنني متخوفة من الإقدام على أمر ما وأتردد في إتخاذ القرارات، فأنا أخاف الفشل، مع أن لدي الكثير من المهارات كالرسم والكتابة .. لكني لا أحسن استخدامها، أشعر أن الله وهبني مواهب لا أستحقها،
أنا أعتقد أن نظرتي هي السلبية وليست ظروفي، أعتقد لو كان غيري واجه ما أواجه لأبتسم وأتقبلها
أما أنا فلا أستطيع.
كذلك أجد صعوبة في خلق صداقات مع العلم أني أملك عدد لا بأس به من الأصدقاء لكني لا أرتاح معهم ، أشعر بأني لا أستطيع الاندماج مع أي أحد حتى لو كان مشابه لي، أنا غامضة جدا وكتومة وأميل للانطوائية ومختلفة عن الآخرين ولقد كرهت شخصيتي وكرهت نفسي وأشعر أنها السبب في تعاستي، أتمنى لو أتغير جذريا، كما أني أشعر أن لا فائدة من وجودي كما يخبروني عائلتي عادة ويخبروني أن والداي سيموتان ويتركوني فأصبحت أتخيل مستقبلي أسود ودائما لدي قلق من فقدانهم..
ومع العلم طلبت من أهلي أن أرى طبيب نفسي أو آخذ حبوب بروزاك للاكتئاب لكنهم قالوا أنني أبالغ ولا حاجة لذلك، لا أعتقد أنهم يأخذون الموضوع على محمل الجد..
على كل، كل ما أريده هو معرفة سبب قلة تركيزي ونسياني الغير مبرر وكسلي والتسويف، حتى أنني في الاختبار بالرغم من أني أعرف الإجابة لكنها تتلاشى في تلك اللحظة، وأشعر بالضياع .
لا أريد لشعوري السيء هذا وعدم حصولي على أصدقاء مناسبين لي أن يؤثر على دراستي، أريد أن أعتمد على نفسي وأكتفي بذاتي وأشعر بالشغف من جديد لأكمل حلمي.
3/12/2018
رد المستشار
الابنة "الكريمة":
من أكبر الصعوبات التي تواجهنا في هذه المنافي التي تسمى أوطانا هو كيف نتوازن في الحكم على أنفسنا وظروفنا بين الإفراط في التبرير والتقصير، والإفراط في لوم الذات، وجلد النفس!!
للإنصاف نحن ننشأ في عائلات وبيئات لا تلهمنا ولا تساعد كثيرا في نمونا ولا إنضاجنا، وربما تضع لنا العقبات والعراقيل، ومن الإنصاف أن أقول أن هذه الأوضاع المختلة هي أكثر فداحة في حالة البنات حتى تحولت الأنوثة إلى لعنة إلا في مساحات نادرة، ويبدو هذا النوع من انحطاط التنشئة والتكوين النفسي والتربوي من أخطر أسباب تخلفنا وخروجنا الحالي من التاريخ!!
في مواجهة هذا الاستضعاف لابد أن تنتعش جهودنا الفردية والجماعية لإيقاظ ومناصرة الحياة بوجه الموت الذي نعيشه ويحاصرنا ماديا ومعنويا.
تعالي نستعرض خطوطالمواجهة في حالتك....
أبسط خطوة تلزمك فورا هي الإصرار على رؤية طبيب متخصص، أو طبيبة متخصصة في العلاج النفساني، وتهرب أهلك من اتخاذ هذه الخطوة مفهوم في السياق الاجتماعي المحيط بكم، والذي ما زال يرى المعاناة النفسية وصمة، أو ضعفا في الإيمان، أو ناتجا عن تقصير أسري!!
أنت تصفين في رسالتك أعراضا اكتئابية واضحة، وهي من الدرجة الشديدة لأنها مصحوبة بأفكار انتحارية، والعلاج النفسي الدوائي لازم لك فورا، وهو خط المواجهة الأول، والأسرع، وكنت أتوهمه الأسهل لكن يبدو أو بعضنا ما زال يقاوم ويتعلق بالأوهام الشائعة، والتي صارت تنحسر حاليا نسبيا عن ذي قبل.
خط المواجهة التالي هو بناء آليات التكيف والتوازن والشغف، وأتصور أن قدرتك على هذا البناء ستتحسن كثيرا مع تناول العقاقير النفسية التي تلزمك، ولكنها ليست وحدها، فأنت تحتاجين أكثر، ولكننا نحتاج إلى بناء هذه الآليات، والتدرب عليها.
من ضمن هذه الآليات هو التدرب على وقف المقارنات بينك وبين غيرك ممن حولك، واحترام رحلتك ومسيرتك والتركيز كل التركيز على خطواتك أنت، وبناء عالمك أنت، وكتابة قصتك أنت، والمقارنة بالآخرين هو ركن عتيد من أركان التخلف النفسي والتربوي الذي ننشأ عليه، ونستمر في ممارسته ليسمم أرواحنا وحياتنا.
نظرتك السلبية لنفسك، وقلة تركيزك، والتشوش العقلي المستمر، والتوتر تحت ضغوط المذاكرة والتحصيل والامتحانات، كلها عوارض وأعراض ستتحسن كثيرا مع العلاج الدوائي، لكنها تحتاج معه أو بعد بدء تناوله إلى اكتساب مهارات، وممارسة تدريبات التركيز، والامتنان، وبناء العلاقات، واستكشاف الشغف، وممارسته.
لن أطيل عليك... راجعي الطبيب المتخصص،ومن ثم يمكن أن نعود للتفصيل في خط المواجهة الثاني، وربما نحكي عن الخط الثالث بحسب ما يتطور من حالتك... سأنتظر متابعتك القادمة، بعون الله.
ويتبع>>>>>>> : تمارين الإنسانية : فهم ووعي وتدريب م2