أحلام اليقظة / الميول الجنسية / تشتت
أنا أعيش في عالمين، واحد قد خلقه الرب، والآخر خلقته بنفسي رغماً عني لأتهرّب من واقعي! عمري ١٣ سنة وقريبًا سأكون ١٤ . أنا قد اكتشفت ميولي المثليّة منذ زمن، لكن بكل تأكيد من سابع المستحيلات أن يتقبّل المجتمع تلك الميولية فإنّ مسامعي يوميًّا تسمعهم كيف يستهزئون وينبذون الذين لديهم تلك الميول
وحتّى أكثر الأشخاص المقرّبين لدي (أمي) وأيضًا أبي وأختي لا يستطيعون أن يتقبّلوا تلك الميول ليس فقط لأنّ المجتمع لا يتقبّلها بل ذات الطين الذي يحتوي على كل أنواع العنصرية قد جُبِلوا به أيضًا كما جُبِلَ الغابرين من أفراد المجتمع .
أنا أتقبّل ميولي ولست مستعد أن أنزعها من أجل أي أحد وليست لدي مشكلة معها والمثلية ليست مرضًا كما يدّعون وليست فسادًا أخلاقيًّا كما يقولون؛ لكن بما أنّ المجتمع لا يتقبلها فقد جُبِرت أن أحفظها بداخلي خوفًا منهم، لهذا التجأت إلى أحلام اليقظة فنسجت عالمًا خاص بي، عالم لن يتحقق يومًا، مجرد وهم، ذلك العالم الذي أعيش به بعدما أفرُغ من العمل مع هذا العالم الذي لن يحبّني ولن يتقبلني الذي كُتِب على جسدي أن يولدَ به وأمّا روحي وعقلي فيغادره ويبدأ بخلق عالم أنا أريد أن أعيش به؛
الأنكى من ذلك أنّني أحلم بأن أكون فتاة جميلة، مع للعلم أنا لا أريد أن أتحوّل جنسيًّا بل كل ما أريده أن أعيش في الأسلوب الذي أنا أريده.. لكن تلك الفتاة الجميلة التي أحلم بها كل يوم (لا أحلم أن أكون معها أو أن أكون زوجها بل أحلم أن أكون هي وأتخلّص من هذا الجسد الذي أعطاني إياه الرب وآخذ جسدها وأتحرر من هذه الأغلال) وأتصرّف بالتصرفات الأنثوية التي أريدها، أظن أنّني أحلم أن أكون تلك الفتاة بسبب أنّني لا أتخيّل وجود فتى مثلي بين أفراد المجتمع .
أنا لا أعيش في أحلام اليقظة فقط في وقت الفراغ بل حتّى في أوقات المدرسة على طاولة الصف في حصص الرياضيات أسهو سهوا وأبدأ أحلم وأنسج عالمًا لن يتحقق.. وتلك أحلام اليقظة أو بالأحرى العالم الذي خلقته أعيش به كثيرًا ويسرق وقتي كثيرًا .. ساعدوني أريد أن أجازي هذا العالم وأدينه وأقضي عليه وأهلكه هلاكًا توراتيًّا .
في الفترة الأخيرة أصبح عقلي الباطني يحلم بأن أكون شابّ عادي مثلي الجنس وكل أحلامي الجنسية التي تحدث تكون مع رجال فقط وأمارس العادة السرية (طبعًا التخيّلات تكون أنّي مع رجل) تقريبًا كل يوم مع أنّي ضد ممارسة العادة السرية، لكن وكأنّ طين الرياء والنفاق قد جُبِل بي أيضًا .
أريد أن أفصح عن مشاعري تلك، لست أريد طول الوقت أن أخشن صوتي ولست أريد أن أرى ذلك الشعر الأسود على جسدي أريد أن أتخلّص منه لكن ويلٌ لي إن فعلت ذلك فالمجتمع لن يرحمني ! لست أريد ذلك العالم الخيالي لا بل الوهم الذي نسجه عقلي الباطن للتهرب من واقع أليم . طوال الوقت أنا به طوال الوقت روحي تحزم حقائبها وتتقمّص بجسد تلك المرأة الجميلة. أصبح الأمر مضيعة للوقت كثيرًا، في آخر اليوم الندم يحرقني، وكأنّه لا فائدة مني في هذا العالم، لا أنجز أي شيء، كل ما أفعله طوال الوقت العيش في الأوهام .
أنا كنت أقرأ كثيرًا وأتعلّم كثيرًا حتّى أنّي تعلّمت اللغة الفرنسية لوحدي وبدأت بتعلم اليونانية القديمة.. لا أزال أقرأ وأتعلّم لكن كل هذا في انحدار رويدًا رويدًا وبدأت أفقده بسبب أحلام اليقظة وتشتت الأفكار والأوهام التي أنسجها تستنفذ كل طاقتي النفسية وتشتت تفكيري وأفكر بمئة شغلة وشغلة.. يا ربي أنا لست عتبة مسرح !
أريد أن أعود كما كنت سابقًا.. حاولت ممارسة الرياضة لكن صدقًا وكأنّ روحي نار آكلة، وكأن الرياضة كانت عبارة عن أخشاب تزيد النار اشتعالًا ولهبًا وتجعل أحلامي تكثر أثناء ممارستها وخاصةً أثناء الركض.. يعني الرياضة زادت الطين بلةً وهي وقود وليست حل بالنسبة لي .
أعاني كثيرًا بسبب كل هذا.. نفسيتي تعبت.. لا أستطيع أن أخبر أحدًا.. لا أستطيع.. لا أحد سيتقبّل.. لا مناص كلهم سيكرهوني.. أنا أعرفهم جيّدًا جدًّا.. مع العلم أن الشخص الوحيد الذي يعلم بيمولي ولكن ليس بأتعابي وأوصابي هي أختي الأكبر مني (أنا لدي أختان) لأنّي أخبرتها كسر ووعدتني أن لا تخبر أحد وأن لا تفتح السيرة معي ويبقى مجرد معلومة عابِرة عني، يعني أخبرتها بعدما بكيت لمدة ساعتين وأنا أحاول تحريك لساني، وهي بالطبع ليس بوسعها فعل أي شيء، يعني لم أستفيد البتة.
لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي.. في إحدى المرات قلت لأمي أنني أريد الذهاب إلى طبيب نفسي لأنّ نفسيتي تعبة وقالت لي أنّ الطبيب النفسي فقط للمجانين وليس لي حاولت إقناعها لكنها كل مرة تغضب مني وتقول لي أنّه لا داعي ولكن كيف لي أن أخبرها؟لا أريد لا أريد لا أريد أن أخبرها .
أريد أن أتخلّص من ذاك العالم وأهلكه وأريد أن أتخلص من العادة السرية التي أمارسها يوميًّا تقريبًا، أريد أن أعيش بالأسلوب الذي أريده أتكلم بالطريقة التي أنا أريدها أضحك بالطريقة التي أنا أريدها، أحلق الشعر الذي علق على جسدي لأني أبغضه ولا أريده .
بالنسبة لوضع العائلة فهو طبيعي مع العلم أنّ أمي وأبي عادة ما يكونان في صراع ومشاكل بينهما؛ لكنها لم تعد تؤثر عليّ البتة. ولا أستطيع أن أخبرهما بميولي كما قلت لأنّي أخاف جدًّا. ولم أتعرض لتحرش أو أمور من هذا القبيل بتاتًا.
أتمنى المساعدة بسرعة لأنّي أصبحت أكره نفسي .
14/12/2018
رد المستشار
"صديقي "
أغلب الظن أن الشذوذ الجنسي في معظم الحالات يكمن في مشكلة عاطفية مع أحد الوالدين أو كلاهما.. الشذوذ الناتج عن خلل في تكوين المخ هو شيء نادر ولكنه ليس مستحيلا.
سنك صغير جداً على أن تقرر قرارت مصيرية نهائية.. لاحظ أننا ننام ثلث اليوم تقريباً أي أن هناك أربعة سنوات من حياتك قضيتها في النوم بالليل ... هذا معناه أن عمرك الواعي هو حوالي ثمانية أو تسعة أعوام إلا قليلا منذ أن ولدت إلى الآن.
أنت تستخدم كلمات كبيرة ومبهرة ولكنك لا تفهم معناها بالكامل.
صراعات العائلة وأختيك والبيئة التي تعيش فيها ربما أوصلتك إلى الخوف من أن تكون رجلاً وأن تؤثر أن تكون امرأة تعطي المتعة للرجال وتتحكم فيهم بأنوثتها وتحظي بحمايتهم... خيالاتك هي التي تؤدي للهروب من الواقع.. كراهيتك للرياضة وقولك أنها تزيد من خيالاتك ومعاناتك وتزيد الطينة بلة هو أمر غير منطقي ومناف للحقائق العلمية البيولوجية.. عندما نمارس الرياضة وخصوصا الجري، تنتج في الجسد والمخ مواد تؤدي إلى اعتدال المزاج والسرور وتقوية العقل وجهاز المناعة... تركيزك على موضوع الخيالات هو الذي يعطيك التأثير الذي تكرهه من الرياضة.
يجب أن تصر على الذهاب للمعالج النفساني (ليس بالضرورة طبيبا لوصف أدوية) مهما طال اعتراض أمك .. أنت تحتاج إلى مناقشة واعية وإرشاد هادئ قائم على الصراحة والشفافية مع شخص تثق فيه ولديه الوعي والعلم الكافي لمساعدتك في اتخاذ ما يناسبك من قرارت وتصحيح ما تحتاج إلى تصحيحه بناء على رغبتك المبنية على فهم عميق للجوانب المختلفة لحياتك.
في أثناء المضي في هذا الطريق إن أمكن، عليك أن تسأل نفسك: لماذا لا يوجد في حياتك اهتمام آخر إلى جانب هويتك الجنسية والخيالات المحيطة بها والحيرة حولها؟
هب أنك حصلت على كل ما تريد من هذه الناحية (تتحول إلى امرأة أو رجل مثلي أو رجل طبيعي) ما الذي سوف تفعله في حياتك؟ كيف تريد أن تعيش وماذا تريد أن تفعل؟
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرأ أيضًا:
نفسجنسي: خلل الميول الجنسية Sexual Disorientation