من أنا؟ أين أنا ؟
أنا أعرف من أنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أتوجه بالشكر للمسؤولين على الموقع
وأتوجه بالشكر الجزيل لك أ. أميرة بدران على ردك على رسالتي وتحليلها ووضع الإرشادات الهامة حيال ذلك.
الآن وبعد حوالي السنة تقريبا من رسالتي الأولى وبعد تطبيقي لجزء من الإرشادات المذكورة ومع مرور الزمن واتضاح الكثير من الأمور لوحدها بفعل النضج و اكتساب خبرات حياتية جديدة، أجد أن الصورة أصبحت أوضح..
لم يكن الأمر سهلا، ولكن يوما بعد يوم يصبح أفضل...
ولكن السؤال الآن هو كيف يمكن إبعاد مشاعر القلق والخوف، والتفكير الزائد بالأمور ومعطياتها؟
ذكرتم في ردكم أن الخطأ جميل وطبيعي ومطلوب، أرغب بأن لا أخاف من الخطأ أو من نتائج القرارات التي أتخذها، ولكن لا أستطيع أن أتوقف عن التفكير بذلك، فقد أتعب من التفكير الذي يجعل الحياة أصعب..كما أشعر بأن القلق عام وفي جميع أمور الحياة ولعل هذه المشكلة هي ما يؤرق تقدمي ونجاحي.
فما هي نصائحكم لمواجهة القلق؟
شكراً
14/12/2018
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك مرة أخرى مع المجانين. لم تذكر الأستاذة أميرة أن الخطأ جميل بل قالت إنه غير جميل ولكنه طبيعي، وهناك فرق بين قبول الخطأ كجزء من الطبيعة البشرية وبين تصنيفه كشيء جميل، هي ذكرت بأنه مفيد، ونحن بالفعل نتعلم من أخطائنا وينتج عنها ما نسميه الخبرة والنضج.
تطلبين أمراً محالاً بنيتي. تريدين بصيرة نافذة تعصمك من الأخطاء، وكل ابن آدم خطاء، والعصمة كانت فقط للأنبياء. اريحي نفسك من الخوف من الفشل بتغيير فكرتك عنه، مبدئيا لا أحد لديه مثل هذه البصيرة النافذة أو لنقل العلم بالغيب كي يتجنب الأخطاء والخيارات غير الصحيحة. ولنأخذ مثال تحاول جوجل من خلال الخرائط توجيهنا إلى أقل الطرق ازدحاما في لحظة انطلاقنا ولكنها لا تضمن ألا يحصل حادث يغلق الطريق ويعطلنا. هل رأيت لا مجال للوصول إلى ما تفكرين في الوصول إليه، تخلصي من الفكرة واعتبريها غير منطقية.
تذكري الآية الكريمة على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام من سورة الأعراف"قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "(188) هكذا كان حال من ينزل عليه الوحي فما بالك بنا نحن البشر العاديين.
ما زلت قلقة، إذا تدربي على طرق اتخاذ القرارات، ويمكنك القراءة عنها وهي تعتمد على حساب إيجابيات وسلبيات كل اختيار لدينا، ولاحظي لا تتاح لنا نفس الخيارات، وبعد ذلك يمكنك الاختيار حسب السلبيات التي تستطيعين تحملها أو حسب الإيجابيات التي لا يمكنك التخلي عنها. مهما كانت نقطة اعتمادك سيبقى هناك ضمن أي اختيار يقع عليه رأيك بعض المنغصات ولهذا يجب عليك التوقف عن القلق والحيرة والتساؤل هل كان خيارك صائبا. قد تختارين أمر ما وتظهر له سلبيات أو إيجابيات بعد عشر سنوات من الآن، لا تلومي نفسك فأنت قد اتخذت قرارك في تلك اللحظة حسب ما لديك من معطيات ولكن في الحياة لا ضمانات.
هناك طريقة جديدة يروج لها البعض يمكنك أن تجربيها وهي أن ترسمي سيناريوهات خيالية لبعض الخيارات التي قد لا يكون لديك معرفة عميقة بها وتختاري بناء عليها.
بالمجمل ليس هناك خيار صائب تماما لجميع البشر ولا خاطئ تماما كذلك. تذكري حديث الرسول عليه الصلاة والسلام سددوا وقاربوا أي ندرس الأمر ونتوكل على الله، ونطمئن أن ما أصابنا ما كان ليخطئنا وما أخطئنا ما كان ليصيبنا، تمتعي بنعمة الإيمان بالقضاء والقدر وارضي بما يكون من أمر حياتك.
عدم اقتناعك بأي قرار هو ما يجعلك ضعيفة امام انتقادات الآخرين وآرائهم، ولكن تذكري ما يناسب والدتك ليس بالضرورة ما يناسبك أنت أو ما تريدينه من الحياة، فقط إن اتخذت قرار بناء على دراسة وتفكير ستكونين قادرة على تقبل تبعاته، وذلك بأن لا ضمانات في الحياة ولكننا نسعد أكثر عندما نعيش وفق قراراتنا وإن تبين لنا لاحقا أنها لم تكن صائبة.
إن بقيت تبحثين عن الصواب الكامل سيمضي عمرك دون انجاز، وقد تصابين بمرض القلق العام، إن لم تتمكني من تغيير طريقة تفكيرك بعد فترة قد يكون من المناسب لك مراجعة طبيب نفساني.