اضطرابات نفسية غذائية...
دائماً أضع يوم معين وتاريخ معين ليكون بداية جديدة لطعام صحي وسلوكيات غذائية صحية.المشكلة أني قبل بدء ذلك اليوم بيوم أو يومين يجب علي أن أقوم بتجريب مختلف أصناف الغذاء الـ"غير صحية"، وأنا داخلياً أعرف أن هذا الطعام يضر بصحتي، ولكني أواسي نفسي أن اليوم المعين سيأتي وأني لن أتناول مثل هذه الأصناف الـ"غير صحية" مرة أخرى.غالباً أنجح ولا أعود لتناول تلك الأصناف مثل (الحلويات والأكل الدسم) ولكن الغريب أني بعد فترة من الزمن أرجع وأضع يوم وتاريخ معين للتوقف عن أصناف أخرى وأنجح في ذلك
وبعد فترة أرجع وأضع يوم وتاريخ لأصناف أخرى أنتاولها بشراهة وبكميات كبيرة جدا مثل المكسرات والحليب كامل الدسم والتمر بحجة أنها صحية ولكني أشعر بالتعب والندم نتيجة تناولها بكثرة وأعاود الكرة وأقسم بالله على أن يكون يوم آخر معين بداية جديدة للتخفيف من تلك الأصناف أو وقفها لأجل معين، ولكن قبل بدء ذلك اليوم ألزم نفسي بأكل كميات كبيرة وكبيرة من تلك الأصناف لأنه سيأتي يوم وأبعد عنها.
أخيرا صرت أخشى أني سببت لنفسي أمراض مثل السكري والضغط والنقرس والكلسترول نتيجة نظامي الغذائي فقمت بتحديد يوم معين لأجري فحوصات شاملة ولكن مرة أخرى يجب علي وقبل بدء ذلك التاريخ تناول تلك الأصناف وأصناف أخرى كنت أحب أكلها بكميات كبيرة لإشباع رغبتي النفسية حتى أني لا أكون جائعاً.
فكرة وضع تاريخ ويوم معين أصبحت تؤرقني. الجدير بالذكر أن فكرة وضع تاريخ لبداية جديدة كانت تلازمني في الماضي بمواضيع لا علاقة لها بالغذاء، مواضيع مثل اللباس أو الأماكن أو علاقتي مع الله، مع الناس أو مع أهلي. أعتذر على الإطالة.
سؤالي كيف أستطيع أن أتخلص من فكرة أن ذلك اليوم هو آخر يوم لتجريب كل شيء حرام أو حلال؟
وفكرة أن يوما آخر حددته سيكون أول يوم للاعتدال في كل شيء وخاصة الطعام؟
10/1/2019
رد المستشار
الابن الفاضل "Robinson Crusoe" أهلاً وسهلاً بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
في موضوع الطعام ليس غريبا أن يضع الإنسان خطوطا حمراء لنفسه، ولا غريبا أن يضع المرء لنفسه تاريخاً محدداً ليلتزم بالاعتدال... ولكن الغريب وفي هذين الأمرين أن ينجح الإنسان لمدة طويلة ولو حتى غالبا.
وكذلك مسألة الإسراف في أصناف الأكل المعينة قبل الموعد الذي حددته للامتناع، أو الإسراف في الإسراف قبل موعد الاعتدال... هذه أمور لا تنبئُ بحال من الأحوال عن السواء النفسي، صحيح أننا نرى بعض الأطفال أثناء شهر الصيام يسرفون في السحور لكنهم أطفال، ولو أخذ أحدهم على نفسه عهداً ألا يأكل الحلوى في الصباح لنقض عهده في المساء!...
فأما في موضوع تحريم أصناف طعام معينة –ولا أظنه جائزاً شرعاً- فإن الإنسان إن لم يخفق صاحياً أخفق نائماً وأكل منها يا سيد "Robinson Crusoe"... ولا ينجح إلانسان الطبيعي أصلا في ذلك.
الواضح إذن هو أن للفكرة نفسها أثرا عليك غير المعتاد بالنسبة للآخرين من الناس، وأن قدرتك على الالتزام بما تمليه عليك غير طبيعية كذلك، خاصة إن كان الأمر قد وصل إلى حدوث مشكلات صحية نتيجة التحليل والتحريم على نفسك .... فليس هذا إلا كالتزام الموسوس بالوقوف حتى تتقرح رجلاه على بلاطتين اثنتين بجوار الحائط في غرفة المعيشة يراها الوحيدة التي لم يدهسها من زاروا مريض سرطان من العائلة ! ... نعم هذا إصرار الموسوسين ... منتهى العناد والتصلب والقسوة...، وكذلك نجد الأمر في مرضى اضطرابات الأكل.
ليس واضحا ما إن كنت تحلل لنفسك بعد التحريم أم لا ؟ يعني هل هناك أصناف نجحت في الامتناع عنها فترة ثم عدت لتتناولها؟ وامتنعت عن أخرى غيرها؟ ... لكن ما أصبحت أنت شخصيا تشعر به هو أنك معتلٌ بشكل أو بآخر صحيا ... يعني بدأت حلقات التضييق على نفسك هادفا الحفاظ على الصحة فكانت النتيجة تهديدا جديا للصحة.
تشخصيا قد يكون ما تصفه جزءٍا من اضطراب وسواس قهري وقد يكون بعضا من علامات اضطراب أكل غير معرف؟ (ومن الغريب أنك لم تعطنا أي فكرة عن جسدك؟ لا نعرف لا طولك ولا وزنك ولا مستوى رضاك عن شكلك ...إلخ...) مثلما يمكن أن يكون اضطراب شخصية فسرية .
تشير بعد ذلك إلى أن (فكرة وضع تاريخ لبداية جديدة كانت تلازمني في الماضي بمواضيع لا علاقة لها بالغذاء) وهذا غالبا حال الموسوسين ولعلك –وأنا أعرف من سنك عزاب كثر يضعون تواريخ للامتناع عن الإباحيات والاستمناء معا، وأثناء الامتناع يسرفون في الالتزام والتعبد ثم عندما يخفقون في الاستمرار...يسرفون في استجلاب المتعة واستنزاف الشهوة ... حتى يضعوا تاريخا جديدا للامتناع الشامل والكامل ... وهكذا دواليك ونسبة لا يستهان بها من هؤلاء مرضى وساوس دينية أو دينية مختلطة بغير الدينية....... وغالب ظني أنك لو فصلت في المواضيع التي لا علاقة لها بالغذاء لاتضحت لنا أكثر طبيعة اضطرابك.
أما سؤالك : (كيف أستطيع أن أتخلص من فكرة أن ذلك اليوم هو آخر يوم لتجريب كل شيء حرام أو حلال؟ وأن يوما آخر حددته سيكون أول يوم للاعتدال في كل شيء وخاصة الطعام؟) فالرد عليه هو أن هناك حاجة لتعديل عدد من التشوهات المعرفية لديك يا سيد "Robinson Crusoe" وأهمها التفكير الثنائي أو القطبي وهناك حاجة بلا شك لمعونة من معالج نفسي ومعالج غذائي وطبيب نفساني لتصل إلى غايتك.
وأخيراً أهلاً وسهلاً بك دائماً على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.