أريد معرفة ما علي فعله!
طفولتي ليست بالسيئة لكن وجدت تقصيراً شديداً من والدتي، ليست بذات أهلية لأن تمدني بالحنان، أو أنها لا تعرف الحنان أساساً كونها تغير على أبي من أبنائها حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها كلماتي، أما شقيقي الأكبر (يكبرني بـ 8 سنوات) أجده حالياً طيب جداً معي، كأنما يعوض الآلام النفسية التي كان يسببها لي حيث تجاهلني كأخ له لمدة تصل إلى سنة كاملة أتعرض فيها لخوف شديد في كل مرة ألتقي به، فنحن في منزل واحد ولك أن تستنتج حجم الرهبة التي كنت أعيشها فيما مضى، لكنه تبدّل منذ 7 سنوات وأصبح أقرب أفراد العائلة إلي.
في عام 1998 م انتهت معاناتي مع الأهل وأصبحت أعيش معهم حياة جميلة بلا منغصات وكنت طالب عادي جداً متوسط المستوى، لست بالنابغة ولا بالبليد الكسول، وفي عام 1999 وحتى بداية عام 2000 منّ الله علي بالهداية وأصبحت ملتزماً بالتعاليم الدينية، لكن ولأسباب أجهلها عدت إلى طبيعتي التي كنت عليها (مسلم بالأركان فقط) وذلك في بداية عام 2000.
تخرجت من المرحلة الثانوية بنسبة 82% ودخلت الكلية التقنية في عام 2001، كانت بدايتي فيها جيّدة وكان المعدل يصل إلى 4 فما فوق ثم مع الوقت أصبح التركيز في واقعي ضعيف جداً، فأمارس التسويف ويتملكني الخمول والتبلّد تجاه كل شيء، حتى عائلتي، وفي المقابل كنت منشغلا بالقراءة والتثقيف تاركاً دراستي في صف آخر اهتماماتي. تلك شواهد يستطيع أي شخص قريب أن يلاحظها فيّ.
ما يحدث في داخلي في عام 2000 استفحل أمر كان ثانوياً فيما مضى، أشخاص أخلقهم من باب التسلية وأعطيهم أسماء وأتعايش معهم في غرفة نومي، من باب التسليّة البريئة، أتعاطى معهم الحوارات وأتفاعل معهم ليس بالكلام أو بالإشارة، بكل بساطة أدور في غرفتي بصمت وعقلي مليء بالكلام، أخلق مواقف وأتفاعل معها، كان ذلك تصرفا قديما وأعتبره عادي ولا يتعارض مع واقعي أو يكون سبب في تعطيل واجباتي.
لكن مع مرور السنين ظهرت أمور لم أكن أعاني منها في الماضي. فحين ألقي تقرير أو بحث أمام زملائي، تصيبني ربكة إلى درجة أن بالكاد تحملني ساقي، انتفض بشكل يلاحظه جميع الطلاب والدكتور أيضاً يلحظه. حين أقع في شهوة ما، أتمسك بها لدرجة الإدمان، كالتدخين والقهوة وعادات أخرى لا تقل سوءَ.
أشعر بالخوف والاندفاع إلى الرفض حين يطلب مني الأهل طلب يلزم مني زيارة أو مخالطة الناس، وما أن أرفض طلبهم يصيبني شعور بالذنب يتبعه حزن غريب. أشعر بتبلّد في المشاعر حول ما يحدث حولي من فرح الأهل أو حزنهم وحتى حين يتوفى شخص قريب لا أشعر بأي حزن ولا رغبة لدي في أن أزور قريب لي حتى لو كان مريضاً رغم أني بعدها أتألم من تصرفاتي السيئة، لا أشعر بالبهجة إلا حين أجلس في غرفتي مع سجائري وقهوتي أكتب في المنتديات وأتحدث مع الأسماء المستعارة، وهي بهجة لا أشعر بها في مكان آخر حتى حين أخرج مع صديق تصيبني رغبة الاختلاء في غرفتي مرة أخرى.
ومن الأمور التي اشتدت علي مؤخراً التعايش مع أشخاص في عقلي ( ليست هلوسه بحيث أراهم أو أسمعهم) لكنها متعة أو لنقل متنفس لي، فلا أقدر على النوم إلا حين أحضن وسادتي وأعاملها كفتاة أو سمها ما شئت أمارس معها العجب وأخاطبها وأصنع حوارات بيننا، أخلق لنفسي شخصية جميلة ومواقف تمثّل فيها شخصيتي دور رئيسي، كل ذلك في عقلي وبصمت أقوم به.
لا زلت في إدمان على هذه العادات بمكان أن التحصيل العلمي وصل إلى الحضيض، وأشعر بالرهبة حين أتذكّر أن علي البحث عن عمل حيث أني لا زلت طالبا في الكلية كل هذه السنوات الخمس، ليس لدي حماس أو طموحات، أعيش دوماً على أني ناجح في عقلي وحين أعود لواقعي أشعر بالحزن على نفسي فأرجع وأتخّيل مره أخرى كي أستعيد الفرح وأبعد الحزن.
فقدت التركيز كلياً سواء في الدراسة أو في القراءة التي كانت هوايتي الأولى، حيث أقرأ السطر الواحد مرتين أو أكثر، وأشعر بالسأم والتشبّع بعد قراءة صفحة أو اثنتين علما أني في الماضي كنت أنهي الكتاب في يومه، ومن الثوابت في حياتي مؤخراً حين أدرس أو أذاكر في الامتحانات أتخيّل طالب أمامي أقوم معه بدور المدرس فأشرح له الدروس كوسيلة تدفعني للمذاكرة.
كما أني بطريقة أو بأخرى أقر بأني أذكى زملائي وأكثرهم أحقية بالتفوق !! حالياً أنا في إجازة، أمامي شهران على الأقل قبل بداية موسم دراسي جديد. فهل يحق لي أن أقول أني إنسان فاشل أو لا جدوى منه أم أن هناك خطبا ما ينبغي علي تداركه؟
أجمل تحية،
واعذرني على الإطالة.
11/12/2018
رد المستشار
الأخ العزيز أهلاً وسهلاً بك على موقعنا مجانين وشكراً على ثقتك، بينت سطورك الإليكترونية كثيراً من تفاصيل الصورة لكنني لا أستطيع الجزم بانطباع تشخيصي معين فما وصلني هو بعض أعراض عدم السواء النفسي الاجتماعي، فمثلاً هناك إغراقٌ واستغراقٌ في أحلام اليقظة وهو ما أصبح في الآونة الأخيرة يبعدك عن الواقع فلا أنت تتفاعل اجتماعياً بالشكل المطلوب ولا أنت تحصل في دراستك بالشكل الذي ينتظرُ من مثلك،
واقرأ ما تقود إليه الروابط التالية عن أحلام اليقظة:
أحلام اليقظة بين الصحة والمرض
أحلام اليقظة الاكتئابية ؟؟؟
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !
كذلك فإن تفاعل نزوعك لأحلام اليقظة مع ظهور بعض أعراض القلق الاجتماعي لديك ربما يدفعك إلى مزيد من الانعزال عن الناس والانطواء على نفسك، فأنت عندما تدعى إلى حدث اجتماعي ما تندفع كما قلت إلى الرفض خوفاً من أعراض الارتباك التي تظهر عليك، وبعد ذلك تشعر بشيء من الندم أو الذنب، أو أنت تضطر إلى مواجهة الموقف أو بالأحرى مكابدته، والمشكلة أن الخبرة تصبح لديك سلبية في الحالين فأنت إذا تجنبت المشاركة الاجتماعية تشعر بالندم والذنب في حق نفسك، وإذا أنت كابدتها فأنت تصل إلى أحكام واستنتاجاتٍ سلبية عن نفسك لأنك لا تفعل ذلك ضمن إطارٍ علاجي سلوكي وإنما بالصدفة وبالكاد.
الخوف الاجتماعي : ضرورة المعاناة للعلاج
علاج المواقف المثيرة للقلق والخوف
الرهاب الاجتماعي : الاسترخاء ثم المواجهة
كذلك لديك بعض الأعراض التي تبدو متعلقة بدرجة من درجات الاكتئاب، حيث تشتكي من تبلد المشاعر ومن فتور الهمة ويبدو أن طول المدة الزمنية التي عانيت فيها من بعض أعراض القلق قد أدت بك إلى درجة ما من الاكتئاب، وبالتالي فإن لديك ما نسميه في الطب النفسي بخلطة القلق والاكتئاب.
هناك أيضًا البطء الذي تشتكي منه والذي قد يكون بسبب الاكتئاب وآثاره السلوكية والمعرفية أو بسبب الوسوسة التي أستشعرها بين سطورك لكنني لا أقطع بوجودها، وهناك أيضًا ما يشير إلى وساوس التكرار وربما البطء الوسواسي القهري Obsessional Slowness، وقد يكون كما في حالة مرسل مشكلة وساوس واكتئاب : تحققٌ واجترار وتكرار،
واقرأ أيضًا: عن البطءِ والشرود: الكسل الرهيب طبيعة أم اكتئاب أممممممم؟؟؟
باختصار لا لست فاشلاً ولن تكون إن شاء الله، وإنما أنت على أغلب الظن مريض نفسياً وما يتوجب عليك هو أن تذهب لمقابلة أقرب طبيب نفساني من محل إقامتك وتابع معه العلاج وإن شاء الله يكون لك الشفاء فتابعنا بالتطورات.