السؤال؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وشكراً جزيلا على الاهتمام بإنشاء مثل هذه المواقع التي تساعد في تبادل المشورة والاستفادة من خبرات المختصين.
أرجو من الله أن أجد الحل لديكم والمشكلة التي سأكتب لكم مشكلتي بطريقة مختلفة ذلك أني سأكتب عن أخي الذي يمر بحالة مستعصية...
أخي هو الأصغر (17 سنة) بين ستة من الأخوة ثلاثة إناث وثلاثة ذكور وجميعهم إما في الجامعة أو يشتغلون.. والدي محامي متقاعد ووالدتي معلمة متقاعدة
والمشكلة مع أخي بدأت منذ ثلاثة سنوات فقد كان متفوقا في دراسته وله الكثير من النشاطات المختلفة خاصة الرياضية ثم وفجأة أصبح عصبياً جداً فوق المحتمل ويثور لأتفه الأمور ويريد أن يحصل على كل شيء يطلبه مهما كان لأن باعتقاده أنه على صواب
وبدأ تحصيله في المدرسة يتدنى تدريجيا حتى وصل لحد كره الذهاب إلى المدرسة والنجاح بالدز. وهو لا يحترم أحد لا أب ولا أم ولا أخوة ويريد أن يكون هو المتفوق دائماً والمحبوب في كل شيء حتى أن أصدقاءه نفروا منه كونه يعاملهم بتعالي كبير.كنا نقول أن أخي يمر في فترة مراهقة وكلنا نعرف هذا وهو بحاجة إلى رعاية واهتمام ونحن مدركون لهذه الحال إلا أن تصرفاته تدل على مشكلة أعمق لا أدري ما الحل لها خاصة وأنه في البداية كان يستمع للكلام فأخي الكبير يتكلم معه ويقنعه بالمنطق والحجة كما أنني تكلمت معه عدة مرات وبعد كل مرة من الكلام معه يعترف بخطئه ويعتذر عما بدر منه ..الخ
ولكنه لم يعد يرد لا على كلام ولا حتى ضرب ولا أي شيء فهو يريد أن يعمل ما يريد ويعتقد أن الجميع ضده وأننا جميعا نكرهه وقد تفاقمت المشكلة معه يوماً بعد يوم ولم توجد طريقة للتعامل معه إلا وحاولناها...في البداية عملنا على عرضه على طبيب نفسي وقد تقبل أن يذهب إليه طوعاً وفسر حالته بأنه في بداية مرحلة المراهقة وأن هرمونات النمو في جسمه غير منتظمة مما يسبب له هذه الحالة ووصف له عدد من الأدوية مع مراجعة دورية لكن أخي زاره مرتين أو ثلاثة والتزم معه بشرب الدواء ثم تبدل ولم يعد يرغب برؤيته مرة أخرى ولم يعد يأخذ الدواء مع أنه هو الذي طلب منذ البداية بأن يتم عرضه على طبيب نفسي
حتى أننا تابعنا حالته مع الطبيب بدون علمه وحاولنا أن يأخذ الدواء بطرق عديدة كإذابته في العصير ..الخ إلا أنه أدرك هذا ولم يعد يأكل أو يشرب أي شيء يقدم له وأصبح يثور ثوراناً عنيفاً في كل مرة .ثم عملنا على محاولة الحديث معه والتفاهم معه خاصة أنا (أخته الكبرى) وأخي الكبير وحاولنا معرفة ما هي المشكلة ولماذا يتصرف هكذا ولم نجد أي جواب شاف لتساؤلاتنا إلا شعوره بأن لا أحد يحبه وأننا كلنا في العائلة لا نريده مع أننا حاولنا كثيراً استيعابه مع معرفتنا بأنه الأصغر وربما يكون لديه شعور بالغيرة خاصة أننا (إخوانه) قريبين عمرا من بعض وننسجم معاً أكثر فربما يشعر بأنه خارج دائرة الانسجام
ولكن محاولتنا إدخاله هذه الدائرة فشلت خاصة أن باقي اخوتي لم يستطيعوا استيعابه منذ البداية ولم يتعاملوا معه على أنه يمر بفترة صعبة يجب علينا مراعاته خلالها. كما عملنا على نقله لمدرسة أخرى خوفاً من أن يكون السبب في المدرسة والمعلمين ولم ينفع وحاولنا الضرب معه ولم ينفع وحاولنا الذهاب إلى الشيوخ والحجابين وقراءة القرآن والذهاب إلى العمرة للدعوة له ولم ينفع. حاولنا معاملته كشاب راشد وكبير وإعطائه بعض المسؤوليات ولم ينفع .
الوضع الآن: - أخي لم يعد يهتم بنفسه حتى النظافة الشخصية لا يهتم لها.. يستحم في الشهر مرة بعد مليون ترجاية . أظافره طويلة ووسخة... رائحته عفنة ولا أحد يسترجي التكلم معه خوفا من ثوراته الغير معقولة. مدمن على مقاهي الإنترنت (كان في البداية يستمع للكلام ويستخدمه بعقل وتعلم أشياء كثيرة كتصميم مواقع شخصية) ثم تعلم على الإنترنت وأصبح مدمن إنترنت يريد البقاء على الكمبيوتر والإنترنت كل اليوم - يريد دائما الحصول على نقود للذهاب إلى مقاهي الإنترنت وشراء الوجبات السريعة خاصة الشاورما وقد ازداد وزنه بنسبة هائلة في الفترة الأخيرة
- إهمال المدرسة إلى درجة كبيرة والهروب منها وعدم الذهاب لها وبدأ معلميه يشكون منه وحصل على إنذارات نهائية للطرد منها ودائماً يعود بعد ترجي والدي لإدارة المدرسة إرجاعه.
- اعتقاده بأن أبي جالس على بنك وأن النقود تتبعثر بين يديه ومطالبته بأن ينفق عليه ويعطيه نقود كلما يطلب منه لأنه كبير ويعرف كيف يصرف النقود حتى أن أبي صرف له مصروف شهري بدلاً من يومي ليحمله بعض المسؤولية والإحساس بصرف النقود إلا أنه للأسف صرفه كله في الأسبوع الأول من الشهر وبدأ بعمل المشاكل للحصول على نقود وكأن هذه هي الطريقة لحصوله عليها
- عدم احترام أحد خاصة أمي وأبي لتصل الأمور إلى الشتائم وحتى الضرب -عدم تحمل أبي لأخي خاصة أنه مريض بالضغط وتضيق شرايين القلب وحل المشكلة بالنسبة إليه هو تجاهله تماماً وإعطائه ما يريد لإراحة رأسه وطرده من المنزل عندما يسبب أي مشكلة ولوم أمي على تربيتها له
-يأس أخي الكبير من محاولة إصلاح أخي الأصغر وثورته علية خاصة عندما يرى تطاوله على أمي وإخوته بالكلام البذيء .
- ثورانه العنيف عندما لا يحصل على ما يريد (النقود) وثوران إخوتي في المقابل لتتطور الأمور إلى الضرب والخروج إلى الشوارع وتفرج الجيران على الطوشة
- عمل والدي على إحضار الشرطة لأخي والتي لم تفعل أي شيء - ملاحظة أن أخي حتى عندما يطرده أبي من المنزل لا يذهب بعيداً لأنه لا يعرف مكاناً يذهب إليه (كان في البداية يذهب إلى عماتي اللتان تسكنان بالقرب منا ولكنهن بدأن بعدم استقباله) وكل شيء يفعله هو بقاءه في المنزل على التلفزيون الآن يسهر لوقت متأخر ويستيقظ متأخراً ... يذهب إلى المدرسة متأخر ويهرب منها في منتصف النهار ليعود إلى المنزل ويجلس إلى التلفاز ..وهكذا وفي النهاية آسفة على إطالتي في الرسالة ولكن لتكون كل الأمور واضحة مع رجائي بأن أجد الحل الشافي لديكم شاكرة لكم تعاونكم
ملاحظات:
لقد عملت على كتابة هذه المشكلة نفسها على أحد المواقع للطب النفسي وجاءت الإجابة بأن أخي يعاني من عوارض انفصام الشخصية وبحاجة إلى العلاج
ولكن كيف أعمل على إقناعه بالذهاب إلى طبيب نفسي خاصة أنه كبير ولا يمكنني إجباره على الذهاب إليه إضافة إلى أن الطب النفسي هنا غير معروف بشكل كبير ولست أدري بمن يمكن أن أثق
19/1/2019
رد المستشار
الابنة السائلة العزيزة أهلا وسهلا بك على موقع مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك في خدمة استشارات مجانين.
كان الله في عونك، مشكلة أخيك مع الأسف مشكلةٌ متكررةٌ، فبدايات الاضطراب النفسي كثيرًا ما تأخذُ صورًا سلوكيةً يحار الأهل في فهمها، وكثيرًا ما تتداخل مع تصرفات قد تكون مقبولةً في مرحلةٍ عمريةٍ معينة، لكن الواضح أن حالة أخيك تجاوزت كل ذلك الآن، وإن كنتم ما تزالون تحاولون تفسيرها بشكل بعيد عن الحقيقة مع الأسف!
في المرحلة الأولى من اضطراب أخيك والتي كان فيها يعاني من عدم القدرة على فهم بعض الخبرات النفسية التي يمر بها وكان في حيرةٍ من أمره، ولذلك طلب منكم أن تعرضوه على طبيبٍ نفساني، وهذه المرحلةُ يمرُّ بها كثيرون من مرضى الاضطرابات الذهانية ونسميها المرحلة البادرية Prodromal Phase حيث يحس المريض بأن شيئًا ما أو أشياء عديدة لا تسير على ما يرام، ويشعرُ بالخوف الشديد ويطلب المساعدة لذلك السبب، ولكنه لسبب أو لآخر يبدأ بعد ذلك في فقد بصيرته باضطرابه النفسي ويرفض الطبيب النفساني والعلاج النفسي بعد ذلك، وهذا ما حدثَ لأخيك
وما ذكرته لك من قبل عن تخوفي أن يكون اضطراب أخيك هو اضطراب الفصام ، ما يزالُ مع الأسف تخوفًا قائمًا، لأننا لا نرى إهمال النظافة الشخصية ونوبات الهياج أو الثورة الشديدة مع رفض العلاج النفسي في مثل عمر أخيك وبهذا الشكل المزمن إلا في حالات الفصام أو الإدمان وإن كان المدمن أو من يتعاطى العقاقير نفسانية التأثير نادرًا ما يصل إلى إهمال نظافته الشخصية إلا بعد انهيار كل مصادر القوى الشخصية والاقتصادية في حياته وهذا أيضًا غير حادثٍ في حالة أخيك، ولو لم يكن يكثرُ من الخروج إلى مقاهي الإنترنت لأضفت احتمال الاكتئاب، لكنه يكادُ يكونُ احتمالاً بعيدًا
المهم أن المرحلة البادرية مرت وبدأت أعراض الاضطراب في الظهور، فأخوك على الأرجح الآن يعاني من أعراض الذهان المتمثلة في اضطراب الأفكار والإدراك والمشاعر، وحكمه على الأمور ليس منطقياً وليس كما كان من قبل ويجب أن تفهموا جميعا ذلك، فهو الآن قد يكون مقتنعًا بأفكار وهامية (ضلالية)، وهيَ أفكارٌ خاطئةٌ تعتبر بالنسبة للمريض بمثابة الاعتقاد الجازم الخاطئ الذي لا يقبل عنه بديلاً بل ويعتبرُ كل من يحاول إقناعه بغير هذه الأفكار بمثابة العدو، أو الجاهل، ومن الممكن أيضًا أن يعاني من هلاوس سمعية أو بصرية ولكنه لا يتكلمُ معكم عنها ويعتبرها خبرات خاصة به ربما يربطها بشكلٍ أو بآخر بأفكاره الوهامية.
فمثلاً قد يعتقدُ أنه شخص مهم، وإنه يتخابرُ مع قوى فوق طبيعية أو أنه يتمُّ إعداده لمهمة عظيمة، ويرى في الطبيب النفساني وربما في أهله أو من يريدون انتزاعه من كل ذلك أعضاء في مؤامرةٍ تحاكُ ضده، إلى هذا الحد إذن يمكنُ أن تكونَ معاناة أخيك، ولو أنها كذلك فقط فإن هذه الأعراض الموجبة للفصام هيَ أسهل أعراضه استجابةً للعلاج، لو أنكم تمكنتم من تقديمه له، وأما إهماله لنظافته الشخصية وعدم قدرته على تنظيم المصروف وتلك اللامبالاة الغريبة التي يتصرف بها فيما يتعلق بدراسته وبقدرة والده المالية، فلعلها أعراضٌ تندرج تحت الأعراض السالبة Negative Symptoms أو الانسحابية، وإن كانت من النوع القابل للعلاج لأنها تبدو ثانوية للأعراض الموجبة Positive Symptoms ولا نستطيع بالطبع استبعاد أنهُ الابن الأصغر في أسرة كبيرة ومن المؤكد أنه مع تفوقه وتميزه القديم قد نال الكثير من التدليل، ولذلك تأثيرٌ على أعراضه وسلوكياته الآن.
سؤالك الأساسي كان كيف تقنعينه أو كيف تقنعونه بأن عليه الذهاب إلى الطبيب النفساني!، والحقيقة أن الأمر أعمق من ذلك، فأنتم أولاً بحاجةٍ إلى الاقتناع بأن أخيك سيحتاج إلى علاج نفسي طويل الأمد لا أظنه سيقل عن فترة اضطرابه التي أكملت 3 سنوات، وهذا هو المهم، فإذا اقتنع أهل البيت بضرورة ذلك وأهميته،
فإن ما يجبُ فعله بعد محاولات الإقناع من عدة أشخاص من ذوي التأثير عليه من العائلة، ألا نيأس أولاً لأنه لم يقتنع لسببٍ بسيط هو أن من الطبيعي ألا يقتنع، لأنكم كلكم قد تكونون في نظره مجرد أطراف في المؤامرة ضده! بكلمات أخرى، ليس شرطًا أن يقتنع، وأرجو ألا تتخوفوا ذلك حتى فوات الأوان، خاصةً وإن والدك كما قلت من قبل عمل على إحضار الشرطة لأخيك فلم تفعل شيء، فلماذا لا تحضرون له فريقًا من مستشفى الطب النفسي! فهل استدعاء الشرطي أهون من استدعاء الطبيب النفساني؟
وثانياً كثيرًا ما نضطرُ إلى إدخال المريض إلى المستشفى النفسي للعلاج دون أن يكون مقتنعًا على الإطلاق بل قد يكونُ في حالة يمثل هو فيها تهديدًا لمن يحاولون علاجه بما في ذلك الأطباء! ولكن نفس هذا المريض بعد أن يوفق الله الأطباء لعلاجه يتقدم بالشكر لأطبائه وأهله ويعتذر لكل من أهانهم أو أساء إليهم أثناء مرضه الذي يصبح أكثر فهما له
أما الأهم من كل ما سبق فهو استمرار العلاج بعد التحسن الذي لن يستغرق بإذن الله أكثر من عدة أسابيع، ولكن العلاج يجبُ أن يستمرَّ بعد ذلك لفترة طويلة يحددها طبيبه النفساني، وأما سؤالك بمن أثق، فثقي بالله عز وجل واستخيريه، ثم حاولوا إقناع أخيك بالذهاب إلى الطبيب النفساني فإن تعذر إقناعه فإن عليك الاتصال بأقرب مستشفى نفسي من مكان إقامتكم، وسيقوم فريق تلك المستشفى بعمل اللازم، وتابعينا بأخبارك