وسواس الموت...
السلام عليكم
أنا أعاني من وسواس وخوف مزمن من الموت وأعاني منه منذ انتهائي من الكلية أي منذ عامين.. ويمثل في الآتي : أخاف من المطر والرعد والبرق والسفر وتقريبا أراه في كل شيء حولي.. وأكره جداً فصل الشتاء خوفاً من حدوث رعد أو أي من هذه الأشياء.. وعندما تحدث يخفق قلبي بشدة وأكون في حالة من الرعب ولا أريد أن أكلم أحد أو يتحرك أحد حولي أو يكلمني أحد
وأنا تكونت لدي هذه الحالة من الأشياء اللي أراها عالتلفاز وعلى مواقع التواصل من حوادث تحصل بسبب البرق مثلا أو الرياح أو حدوث زلازل أو سقوط شيء من منزل على شخص مار في الشارع أو حوادث السيارات..
وهذا الموضوع جعلني أخاف جداً من ركوب السيارات وخاصة على الطرق السريعة... وأحيانا عندما أرى في الأرصاد الجوية هطول أمطار أو رياح في الغد لا أستطيع النوم جيدا.. فأظل طيلة الليل أرمي بأذني وأتخيل رعد أو غيره من الأشياء التي تخوفني..
وأنا لا أعمل وعندي طفلة سنة تظل مستيقظة طول الليل وتنام بالنهار وهذا أيضا يصيبني بالاكتئاب فأنا أشعر أني أعيش لوحدي أنا وهي.. وأيضاً أنا متزوجة في مدينة بعيدة عن أهلي وزوجي يرفض زيارتي لهم إلا كل فترة كبيرة وهذا أيضا يزيد من اكتئابي بالإضافة إلى أنني لا أعمل ولا أخرج من المنزل بحكم انشغال زوجي وتحججه بأننا لا نخرج كي لا تتعب بنتنا وتصاب بالبرد أو غيره. وليس لي علاقة بجيراني.. فأصبحت في قمة اكتئابي
ولا أريد أن أتعامل حتى مع زوجي وأضطر للضغط على نفسي وأن أتحمل لأن بنتي مسؤولة مني وتحتاجني لأرضعها وأطعمها وأهتم بها... ومن ناحية ترتيب المنزل فإني أصبحت لا أريد عمل شيء إلا عند آخر لحظة فأظل أؤجل كل شيء لعدم الرغبة في عمل شيء... وأنا أصلي الحمد لله وأحاول أن أقرأ قرآن وأتقرب إلى الله وأعلم أن الموت بيد الله وأنه إذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون ولكني في نفس الوقت أخاف من الموت
وعندي اعتقاد بأن الدواء لا ينفع لمثل هذه الحالات وأن مايفيد هو أن أغير اعتقادي..
فماذا علي أن أفعل لأغير اعتقادي بخصوص مسألة الخوف من الموت؟
13/2/2019
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة "N" حفظها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الخوف من الموت أو رهاب الموت من الأمراض المنتشرة، وهو جزء من القلق والتوتر –أختي الكريمة– وبالذات يحصل عند الناس الذين لديهم قابلية للقلق وللتوتر، أو الناس الذين عندهم شخصيات قلقة، يقلقون لكل شيء، وعادةً ما يحصل بعد وفاة شخص عزيز ، حيث تبدأ المخاوف الطبيعية في التحول إلى مخاوف مرضية، وتؤدي إلى اضطراب مستوى هرمون سيروتونين ودوبامين وهي هرمونات وموصلات عصبية في الدماغ مسؤولة عن الحالة النفسية والمزاجية السليمة، واضطراب مستوى تلك الهرمونات يؤدي إلى الكثير من الأمراض النفسية، مثل الهلع والاكتئاب والقلق و التوتر.
و للأسف فإن رهاب الموت يكون مؤلمًا ومتعبًا للشخص لأنه من الأمور التي يصعب تفاديها؛ فأي شخص يعلم أنه يومًا ما سيموت ولا يعرف متى سيكون أجله، كما أن الموت ليس شيئًا مُحددًا يمكن الهروب منه؛ ولذلك يستمر التفكير في الموت، و لكن لا ننسى أن الخوف من الموت يجب أن يكون خوفاً شرعياً وليس مرضياً، الخوف الشرعي يحفز الإنسان ليعمل لما بعد الموت، أما الخوف المرضي فهو أمر سلبي جداً معطل لحياة الإنسان، ويجب على الإنسان أن يحقره، والإنسان يجب أن يعلم أن الأعمار والآجال بيد الله تعالى هذا الكلام يجب أن يؤخذ يقيناً وتصميماً، لذلك أرجو أن لا تقلقي ، فالحالة -إن شاء الله- بسيطة، لا تهتمي لهذه الأفكار، قاوميها، ولا تعطيها أهمية أبدًا، اشغلي نفسك بما هو مفيد، وأنت قطعًا محتاجة لعلاج ، والعلاج يمكن أن يكون علاجًا دوائيًا، أوعلاجًا نفسيًا سلوكيًا معرفيًّا، والأفضل الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي.
الأخت الكريمة: إن كان بإمكانك الذهاب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن فهناك دواء يُسمَّى (زولفت) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (سيرترالين)، هو دواء ممتاز جدًّا لعلاج المخاوف القلقية الوسواسية، ويتميَّز بأنه سليم للسيدات خاصة أثناء الحمل أو الرضاعة حيث يكون استعماله آمن للأم و الطفل ، وهذه ميزة كبيرة تميِّز هذا الدواء، فأرجو أن تبدئي في تناول الدواء، والجرعة التي تفيدك هي جرعة صغيرة، ابدئي بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناوليها يوميًا، لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
وفي حالة عدم الاستجابة الجيدة بعد مرور شهرين على تناول الدواء، يمكن أن ترفعي الجرعة إلى حبتين لمدة أربعة أشهرٍ، ثم تجعليها حبة واحدة لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
أيضاً أنصحك بتناول كبسولات فيتامين دال الأسبوعية 50000 وحدة دولية كبسولة واحدة أسبوعيا لمدة شهرين، ويمكن تكرارها بعد 4 شهور مرة أخرى، ويفضل أخذ حقنة فيتامين دال 600000 وحدة قياس مرة واحدة، وتكرر بعد 4 شهور مرة أخرى، مع تناول أقراص كالسيوم 500 مج مرة واحدة يوميا لمدة شهرين أيضا، وهذا بالطبع لا يغني عن الحليب ومنتجات الألبان يوميا.
الأخت الكريمة : العلاج الدوائي جيد جداً – ان شاء الله – ولكنه قطعاً ليس العلاج الوحيد، أو يجب أن لا يكون العلاج الوحيد، إنما العلاج السلوكي المعرفي المتمثل في العلاجات النفسية والاجتماعية مهم جداً، فمثلاً نفسياً لا تهتمي بالأفكار السلبية تجاهليها، واستبدليها بأفكار مخالفة لها، ويجب أن يكون عندك العزيمة والإصرار أن تقومي دائماً بما هو واجب، ولا تنقادي لأفكارك ومشاعرك السلبية، كوني علاقات اجتماعية، اخرجي لزيارة الناس، مارسي نوعاً من الرياضة خاصة التمارين الإسترخائية ، فصلي وقتك حسب حاجتك ، ولا بد أن تخصصي وقتاً للتواصل الاجتماعي، وقت للترفيه عن النفس بما هو جيد ومشروع، فهذا يصرف انتباهك تماماً عن الفكر الوسواسي، حافظي على الصلاة في وقتها ، فكل هذه الأمور محفزات أساسية للإنسان وتعالج القلق والخوف والوسوسة كما أرجو أن تتبعي بعض العادات الصحية السليمة التي تحسن من حالاتك المزاجية وتقلل من اصابتك بالقلق والتوتر مثل أن تُحسِّني صحتك النومية من خلال موائمة أوقات نومك مع أوقات نوم طفلتك، وكذلك عدم الاكثار من تناول القهوة والشاي خلال اليوم .وفقك الله وسدد خطاك.
واقرئي أيضًا:
استشارات عن وسواس الموت