أنا مدمن على ممارسة الجنس...
السلام عليكم أنا رجل عندي 44 سنة مشكلتي أنني مدمن على ممارسة الجنس زوجتي لا تستطيع أن تكفيني أو تحتمل طلبي المستمر لممارسة الجنس وفي الحقيقة أنا أعذرها في هذا ولهذا السبب ألجأ إلى ممارسة العادة السرية حتى أطفئ نار شهوتي التي لا تنطفئ وللأسف أنا لا أستطيع الزواج بامرأة أخرى لا أستطيع ماديا أبداً
هل هناك حل لمشكلتي أو علاج؟
ومن فضلك لا أريد كلام عام فأنا ملتزم دينياً على قدر استطاعتي وأتقرب إلى الله وأدعوه كثيرا حتى لا أعصيه وأقع في الزنا
18/2/2019
رد المستشار
الأخ السائل:
طاقة الرغبة الجنسية هي جزء من طاقة الحياة، وقد وهبنا الله أنواعا من الطاقات، وفتح أمامنا سبل استثمارها ولكن أغلبنا يغفل عن الاستثمار فيشقى بما يتصوره فرط طاقة لا يجد لها مصرفا، بل تتحول عنده الطاقة إلى مشكلة يبحث لها عن حل!!
تعالى نراجع الاحتياجات الإنسانية التي تحتاج تلبيتها إلى وقت، وجهد، وتفكير، وتركيز:
(1) الترفيه والترويح:
من المدهش أن بعضنا يدرج ممارسة الجنس ضمن بند الترفيه أو الترويح عن النفس، ويهجر أنواع الأنشطة الحركية مثل الرياضات البدنية بأنواعها، وأنواع الأنشطة الوجدانية مثل الفنون ممارسة وتذوقا، بل وقد يعتبر هذه الأنشطة هزلا لا يليق بالكادحين الجادين ضاربا بعرض الحائط بتوجيهات واضحة في كتاب الله، وسنة رسوله تحض على الترويح، وتذوق جمال الكون، والاستمتاع بالسير في الأرض!!
من تنحصر عنده المتعة في ممارسات الفراش سيشكو من فرط الطاقة حين لا يكفيه فراشه!!
(2) النشاط الروحي: ممارسة الجنس تحمل في طياتها فتحا لمساحة الوعي الروحاني بالذات والشريك حتى تخيل بعضهم أن لحظة الوصول إلى الإرجاز، أو ما يسميه البعض لحظة الشبق، وفيها الشعور بالوصول إلى تمام المتعة وقذف السائل المنوي عند الرجل، والإفرازات الشبقية عند المرأة..... يقولون أن هذه اللحظة تتلامس فيها الأرواح ببعضها كما تذوق حلاوة الحضور، وانفتاح الوعي الإنساني على الكوني المتصل كله بالله خالق كل شيء!!
ولعل هذا من أسرار دعاء الجماع: "اللهم جنبنا الشيطان"..إلخ وكأن الإنسان يدعو بالصفاء الكامل لهذه اللحظات العلوية.
والصلة بين الروحانية وممارسة الجنس مفصلة بإسهاب في مذاهب وعلاجات وممارسات ما يسمى "التانترا"، وهي منقوشة، وموثقة في ملحمة "الكاماسوترا"، وفي غير ذلك من ملفات الذاكرة، والتراث الإنساني العائد بقوة حاليا!!
لكن هذا النشاط الجنسي بهذا المستوى من العمق والاتصال هو النشاط الروحاني الوحيد؟!
هل لحظات الشبق هي فقط الفرصة الوحيدة لإشباع الاحتياجات الروحية للتركيز، والاتصال بالوعي الكوني، وبين الأرواح ببعضها البعض؟! إشباع الاحتياج للحضور والخشوع يحصل عبر ممارسة أنشطة كثيرة قد تجتمع في الصلاة الحقيقية، وقد تتوزع على ممارسات روحانية مهجورة مثل التأمل، والصمت، والاسترخاء في الطبيعة!!
ويغفل الكادحون عن هذه المسارات والأنشطة ويدورون في سواقي الحياة، ويركضون في كل مضمار طلبا للرزق وغيره من الطيبات والمنافع والمكاسب ثم يعودون منهكين بدنيا ونفسيا يلتمسون الوصل والخشوع والإرواء البيولوجي والروحي فقط في ممارسة الجنس!!
(3) شحن الطاقة: لكل واحد فينا ما يمكن أن نسميه مصادر شحن الطاقة، والجنس هو من طرق الاستثمار والشحن في آن واحد. وفي ممارسة الجنس تصريف وتجديد ينحرم منها من حرم الممارسة باختيار أو اضطرار!!
يدخل أحدنا إلى فراش الوصل والجماع بحال مزاجي ووجداني ثم يتعرض خلال العملية الجنسية – إذا مورست بفن وإتقان – إلى ما يشبه التنشيط، وإعادة بدء التشغيل كما في الكمبيوتر!!
وهذا الشعور الفريد هو من أسباب البحث المحموم والطلب العالي على ممارسة الجنس من باب تجديد النشاط، وشحن النفس بالطاقة الحيوية والوجدانية.
والاقتصار على ممارسة الجنس بوصفه المصدر الوحيد للشحن والتجديد هو تضييق على النفس، وحرمان لها من مصادر أخرى كثيرة تختلف من شخص إلى شخص!! وتتنوع فيها الفنون والممارسات!!
لن أسترسل أكثر من ذلك في ذكر الاحتياجات التي يمكن أن يشبعها الجنس في حياتك، والتي يمكنك أن تشبعها بطرق أخرى غيره، وفيها الاحتياج للتحقق، والثقة بالنفس، والاسترخاء النفسي والعضلي.
وأنت لم تذكر شيئا عن أنشطة تمارسها، ومفهوم أنك تعمل وتشقى طلبا للرزق، وفقط!!
يعني الحياة لديك تنحصر بين العمل والفراش يا أخي كما في حالة كثيرين!!!
وفي مجتمع آخر، وفي سياق ثقافي آخر كنت سأندهش من ربطك بين الزواج والماديات كما اندهشت زميلة أمريكية، ونحن نتحدث عن معدلات التأخر في الزواج، والحرمان الجنسي المنتشر لأسباب بعضها اقتصادي يتعلق بماديات الزواج، فسألتني يومها:
وما العلاقة بين الماديات والزواج؟!
على كل حال أنا أعرف أن الإصرار على تكاليف عالية للزواج لم يعد شرطا لازما لدى بعض الأسر، وبعض النساء الوحيدات توافق على أشكال من الزواج منخفضة التكاليف المادية والنفسية طلبا للونس، وقضاء الوطر، وسكينة النفس والبدن، وبالتالي تنتشر أشكال من الزواج غير المكلف ماديا، ولكنها طبعا تحتاج إلى وقت، وجهد، ورعاية، ومحبة مثل أية علاقة عاطفية، ولك أن تطرق هذا الباب – إن شئت وقد تختار اللجوء لبعض الوصفات أو العقاقير المثبطة للرغبة الجنسية، ولا تنسى الابتعاد عن المواد والمثيرات فيما تشاهد أو تقرأ أو تأكل!!
المثيرات تؤجج الرغبة ثم تبحث لها عن إشباع عبر ممارسة لا تتوافر مع زوجتك!!
وقد يكون ممكنا تحسين ظروف وأداء زوجتك الجنسي، وكثيرا ما رأيت أزواجا يشكون من ضعف قدرات زوجاتهن بينما الزوجة مدهوسة ومطحونة ومسحولة (كما نقول في مصر) بين عمل المنزل، ورعاية الزوج والأبناء، وربما تكون زوجة عاملة في وظيفة إضافة إلى هذا كله، والزوج يشكو أنها لا تلاحقه ولا تكفيه!!
ومن الزوجات التي تحتاج إلى رعاية غذائية وصحية، ومنهن التي تحتاج إلى تثقيف جنسي يريح ركام الجهل والتحفظات من العادات والتقاليد!!
يعني لو صح أن زوجتك لديها ضعف في القدرة أو الرغبة أو فيهما معا فإن لذلك أسبابا محتملة ينبغي مراجعتها جسديا ونفسيا.
وعلى كل حال فإن منحنى الرغبة الجنسية، ومعدلات الأداء الجنسي كلها متغيرات تتعرض للانخفاض عند الرجال مع التقدم في العمر، ولك أن تتخذ من التدابير ما يكفل لحياتك التوازن والإشباع بما يناسبك، وقد لا يناسب غيرك مما عرضته لك من خريطة الموضع، ونحن لا نقدم للناس حلولا ولا نختار لهم كيف يعيشون، ولكن نستعرض معهم ما نراه من اختيارات، ومن ثم تختار أنت وغيرك ما يناسبكم، وتابعنا بأخبارك .