أنفر وأكره فجأة وأحب الأسئلة!
منذ صغري في أيام الابتدائية وأنا أفضل تكوين صداقات ضمن مجموعة كبيرة وأتجنب الصديق الواحد المنفرد فأنا أجد راحتي ضمن الجماعة على أن أكون منفردة مع شخص واحد فكان لي في الابتدائية والإعدادية مجموعة كبيرة من الأصدقاء وبطبعي أحب الخروج والمكوث خارج المنزل طوال اليوم وبالتالي لي الكثير من شلل الأصدقاء إلى أن تعرفت على إحدى الصديقات في الثانوية وبطريقة ما ازدادت صداقتنا على غير عادتي لتكون صديقة واحدة ليست ضمن مجموعة
وفجأة بعد أشهر من الصداقة كرهتها فجأة وشعرت بنفور شديد في التحدث إليها رغم أن أخلاقها وصفاتها رائعة ولم تحدث أي مشكلة بيننا بالطبع ظلت تسألني عن سبب الابتعاد المفاجئ ولكني حقيقة لا أعلم ولم أكترث وأعلم أني تسببت بألم لها ولكني أكملت حياتي طبيعيا ضمن مجموعات من الأصدقاء لا صديقة واحدة فقط
بعد سنتين في الجامعة تكررت نفس القصة بتعرفي على صديقة وبلا سبب أشعر بالنفور وأبتعد رغما عني وأنسى كل ما بيننا من صداقة رائعة مع التأكيد على عدم وجود سبب للمشاكل أو النفور مجرد إحساس بأني لا أريد وجودها أبدا! لم يلفتني ذلك وشعرت أنه مجرد تصادف ولكن في الحقيقة خلال آخر خمس سنوات تكررت هذه القصة مرات عدة آخرها الشهر الماضي! إني بلا سبب وبلا أي مشاكل أشعر بالنفور من أصدقائي بعد فترة من الصداقة وأنسحب فجأة مع الكثير من علامات الاستفهام على وجوههن وبلا أي مبررات مني! فقط أني أشعر بالنفور وتنقلب كل أحاسيسي إلى كره وابتعاد!
مع العلم أني والحمدلله نفسيتي دائما سعيدة وهادئة وأستمتع بتخطيط الفسح وتنفيذها مع مجموعة الأصدقاء لتكرر تلك القصة جاءني فضول لمعرفة سبب ما يحدث؟!! فأنا أولا أهتم بهم وأقدرهم وأتعرف عليهم بكل حب ومقصد خير وفجأة أتغير وأنقلب ولا أطيق أن أراهم أو أسمع صوتا لهم!! هناك أيضا خصلة لي منذ الصغر أني لا أخجل أو أتردد في إلقاء العروض على مسرح أو حفل كبير أمام مجموعة من الناس ولكني أتلعثم ولا أستطيع التحدث جيدا إذا كنت مع شخص واحد فقط حتى وإن كان من أهلي أمي وأبي! إذا اجتمعت أسرتنا أستطيع التحدث بكل أريحية لأي أحد منهم وخصوصا أمي وأبي ولكن بمفردي لا أستطيع! وأواجه مشاكل في التعبير عن ما بداخلي، مع العلم أني أجد كل احترام وتقدير لرأيي وكلامي عند أهلي
ولكني أعاني معهم في أن طريقتهم بالاهتمام بي لا يكون بالسؤال عني وعن حالي بل ينتظرونني أنا من آتي وأتحدث إليهم بالنسبة لإخوتي لأن لهم المقدرة على التعبير والكلام من أنفسهم فهم يشاركون أهلي كل ما يخصهم ويجدون كل الاهتمام منهم ولكني إلى الآن أعاني من عدم مقدرتي على بدئ الحديث معهم مما يجعلون يظنون أني لا أريد مشاركتهم وأنا كل ما أريده هو أن يسألونني عما يريدون معرفته لأسرد لهم كل مافي جعبتي! وبالطبع لم أخفي هذه الحقيقة عن أحد من أهلي أو أصدقائي أنا لا أستطيع التحدث مباشرة بنفسي يجب أن أُسأل أولا لأبدأ حديثي!
ولكن لا أحد يستطيع التخيل أني فعلا لا أقدر على الحديث من نفسي وأتلقى عدم اهتمام بطلبي وأن يجعلهم يسألون! كل ما أريده هو أن يبدأو أسئلتهم وأقوم أنا بالإجابة على كل مالدي من تفاصيل! حاولت مرارا وتكرارا على تخطي مشكلة البدئ في الحديث ولكن بلا أي فائدة سري هو سألني لأجيب ولكن لا أحد يهتم!
كتبت عدة مرات عن المشكلتين في الأعلى ولكني دائما كنت أمسح كل ما كتبت على أمل أني أستطيع تغيير وتطوير نفسي بنفسي
ولكن بلا فائدة، أتمنى أن أجد حلا رشيدا وتفسيرات لما يحدث معي
15/4/2019
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
لابد من الإشارة أولاً إلى أن ما تشيرين إليه في استشارتك ليس بغير الطبيعي. القاعدة العامة هي أن المجموعات البشرية تشجع الطفل والمراهق على تكوين صداقة قوية مع الطفل ومراهق آخر لأسباب عدة وفي مقدمتها الاتصال المعرفي والعاطفي والشعور بالأمان. هذه العلاقات غير ثابتة والحقيقة أن القليل من البشر من لهم صديق مقرب جداً طوال العمر. من جهة أخرى هناك من لا يحبذ هذه الصداقات لأنها قد تدفعه نحو العزلة والسلوك الأناني. هذه الأيام وفي جميع مجالات الحياة يميل المجتمع إلى تقييم الإنسان في صلاحيته للعمل عبر تواصله مع مجموعة كبيرة من الآخرين، وهذا ما يحدث في اختبارات العمل مع التخرج من الجامعة حيث نرى أن التقييم الجمعي Group Assessment يتصدر مراحل تقييم عدة.
تشيرين في الجزء الأول من الرسالة إلى النفور من الصديقة المقربة وربما السبب الأول والأخير هو شعورك بالعزلة عن الآخرين بسبب هذه العلاقة وشخصيتك بحد ذاتها تميل إلى الانفتاح والانبساط. بعبارة أخرى العلاقة المقربة تتناقض مع بعد الانبساط النفسي Extroversion في شخصيتك، وهذا هو سبب شعورك بالنفور. كذلك يفسر ذلك شعورك بالقلق والتهديد عند الحديث مع شخص واحد.
الانفتاح والانبساط النفسي عوامل حميدة وجيدة ولكنها لا تحصن الإنسان ضد العصابية Neuroticism التي تستوطن أي إنسان، وهذا ما يفسر رغبتك بأن يباشرك الأهل بالسؤال بدلا من مبادرتك التعبير عن مشاعرك. مصدر هذا العصاب الحميد هو قوة عامل الانفتاح والانبساط في شخصيتك.
ليست هناك حاجة إلى تغيير شخصيتك فهي طبيعية ولا يوجد مبرر لأن تتخلصي من عصاب حميد.
وفقك الله.