السؤال؟
بسم الله الرحمن الرحيم الصلاة والسلام علي أشرف الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد.. جزآكم الله ألف خير على هذه المساعدات.. مشكلتي هي؟.. أنا شاب العمر 18 سنة :
1_ إنني أفكر كثيرا أين ما كنت في العمل في أي مكان.. وهذه الطريقة سبب في تعب أعصابي ومضايقتي..
2_ أخاف الناس ليس بمعنى أني أخافهم من دون سبب.. لا.. بل يكون هناك سبب صغير أو كبير.. وإذا سمعت صراخ أرتعب..
3_ أحب الجلوس وحيدا.. أتهرب من مخالطة الناس حتى أني قليل الزيارة لعائلتي.. ليس هذا كسل ولكن.. كما ذكرت لكم أحب الجلوس وحيدا والتفكير مسيطر علي
4_ أنسى كثيرا... وهذه بسبب لي التعب..
5_ وهنا لدي مشكلة أني لا أعلم ماذا أريد.. أي أحد يسألني ماذا تريد..؟ جوابي هو لا أعلم.. هل تريد هذا..؟ جوابي هو لا بأس عادي لا أعلم لا نعم وهذا هو جوابي ليس لدي جواب محدد لا أعلم ما أريد عندها أنت تضيع وأنا بضيع... ما سببه هذا؟؟!!
6_ التأتأة عند السؤال... أي إذا سألت سؤال... أعلم الجواب أو لا أعلم أتأتئ في الحالتين وأخلط الكلام ببعض بهذه الطريقة يحصل مشاكل لي.. وهذه الحالة سبب في تكذيب الشخص وهذا ما يحدث لي....
7_ لدي مشكلة عند استيقاظي من النوم لا أحب أتكلم مع أحد إلا بعد ساعة وهذا سبب في إزعاج أهلي
8_أحب الهدوء.. هدوء أعز أصحابي تفكير في كل شيء ما السبب
9_ أفكر دائما في الماضي لدرجة لا أترك صغيرة أو كبيرة إلا وأنا أفكر بها كأن المستقبل لدي ماضي والماضي لدي مستقبل...
10_ الاكتئاب يحيط بي
11_ عصبي ليس بمعنى أني أغضب بلا شيء لا ولكن إن كان شيء لا أريده وأصر عليه كأن بركان في جسمي يغلي ولكن الحمد لله لم أضرب أحدا في حياتي كما قلت لكم في السابق أخاف المشاكل أنا إن غضبت أتفوه بالكلام أي لا أشتم ولكن إن قلت لي كلمة أردها عشرة وهذا ليس من الاحترام لا أقول أني أفعلها مع أي أحد، لا لدي احترامي، إلا من أغضبني فلا أقدر على السكوت إن قلت شيء يجب أن يكون وإن كان خطأ وشكرا، لتعاونكم وجزآكم الله خير ما فعلتم أسأل الله العافية لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
19/3/2019
رد المستشار
الابن العزيز أهلاً وسهلاً بك وشكراً على ثقتك، الحقيقة أن إفادتك ثريةُ المحتوى ولكنها رغم ذلك من أكثر الإفادات إثارةً للأسئلة داخل الطبيب النفساني الذي يقرؤها ربما لأنها غير مرتبة وبالتأكيد تنقصها معلومات كثيرةٌ مطلوبة لمحاولة وضع تصور مبدئي لـ (كيف قد يكونُ التشخيص؟)، ولعل أول هذه الأسئلة هو:
إذا كان عمرك ثمانية عشر عاما كما قلت فما معنى قولك في أول شكواك: أنني أفكر كثيرا أين ما كنت في العمل في أي مكان، أليس المفترض أنك طالب، يبدو أنك لسببٍ أو لآخر تركت موطنك الأصلي مع عائلتك ولكنك تعمل عملا لا نعرفه في ذلك البلد الإفريقي (الفرانكفوني تماما كبلدك الأصلي وإن كان الأصلي آسيويا)،
المهم أنك توقفت عن الدراسة وبدأت تعمل في هذا العمر المبكر، والتفكير الكثير في كل صغير وكبير يتسببُ في مضايقتك وهذا العرض (التفكير الكثير) في الحقيقة لا نستطيع اعتباره مرضيا إلا بشروط تتعلق بمحتوى وطبيعة تلك الأفكار، وكذلك علاقتها بالواقع، وقدرتك أنت الشخصية على التحكم فيها وقفا أو استرسالاً، ثم موقفك أنت المعرفي (المنطقي) والشعوري من تلك الأفكار، وكثرة التفكير في حد ذاته يعني أننا نمرُّ بحالةٍ من القلق أو الاكتئاب أو خلطةٍ ما بينهما، وقد يكونُ كل ذلك جزءًا ما اضطراب نفسي أكبر، وكل هذه أسئلةٌ تطرأ على ذهن الطبيب النفساني عندما يقرأ إفادتك لكنه لا يستطيع الرد عليها.
المهم بعد ذلك أنك توضح لنا أكثر أن الأمر بالفعل يقتصر على خلطةٍ من القلق والاكتئاب، حيث تقول أنك تخاف من الناس، وأنك تنزع للانعزال عنهم حتى أقاربك وأفراد عائلتك، ولا أدري هنا هل عائلتك انتقلوا معك من آسيا إلى إفريقيا؟ وتقول في إفادتك شارحا لخوفك من الناس وانعزالك عنهم : (ليس بمعنى أنى أخافهم من دون سبب..لا.. بل يكون هناك سبب صغير أو كبير.. وإذا سمعت صراخ أرتعب..) وهنا إشارةٌ إلى حالة طويلة العمر على أغلب الظن من القلق، كما يظهر نقص القدرات التوكيدية لديك والذي سيتأكد من إحدى شكاواك أيضًا، وهذا واضح في الشكوى رقم –5- والتي سنعود إليها بعد قليل، لكن عليك أن تقرأ عن القلق قليلاً تحت العناوين التالية :
نوبات الهلع وخلطة القلق والاكتئاب م
اضطراب القلق المتعمم
القلق المزمن والبحث عن الطمأنينة
ثم تقول : (أحب الجلوس وحيدا والتفكير مسيطر علي) وهذا يقربنا من الاكتئاب الذي هو في الأغلب حالة طارئةٌ عليك كما سيظهر من شكاواك التالية (7 و 8 و 9 و 10 و 11)، وتقول أيضًا (أنسى كثيرا...وهذه يسبب لي التعب..)، وكلها أعراض معرفية من أعراض الاكتئاب ، ويمكنك أن تقرأ كثيرًا عن الاكتئاب على ملف مرض الاكتئاب وعلى روابط الاستشارات المصنفة اضطرابات وجدانية: اكتئاب؟Major Depression
ولعل قولك : (لدي مشكلة عند استيقاظي من النوم لا أحب أتكلم مع أحد إلا بعد ساعة وهذا سبب في إزعاج أهلي) قولك هذا وكل ما سبقت الإشارة إليه موجود في ذهن الطبيب النفساني، سيجعل التصور المبدئي لحالتك يا أخي حالةً عارضةً (إن شاء الله) من الاكتئاب في شخصية قلقة، لكن هذه الحالة تحتاج إلى التعامل معها بحذر، لأنها قد تكونُ بداية اضطراب اكتئاب ثنائي القطب، ففي الشكوى رقم 7 التي نتكلم عنها ما يشير إلى صفةٍ بيولوجية في اكتئابك، وهو المزاج المعكر جدا مع الكسل في الصباح عند الاستيقاظ، والذي يتحسن من تلقاء نفسه بعد قليل، والاكتئاب بيولوجي المنشأ الذي يظهر في سنٍ مبكرٍ كسنك، وفي ذهننا خلفية عن ما أشرت إليه بكثرة التفكير وشخصيتك القلقة التي نخمن أنها أيضًا نشيطة في أحوالها العادية، كل هذا يجعلنا كأطباء نفسيين نفكرُ كثيرًا قبل أن نقرر كيفية العلاج.
ونصل بعد ذلك إلى شكواك رقم 5 وشكواك رقم 6، وكلتاهما تتعلق بنقص القدرات التوكيدية لديك، فأما اللا أعلم الظاهرة في قولك (لا أعلم ماذا أريد.. أي أي أحد يسألني ماذا تريد..؟ جوابي هو لا أعلم.. هل تريد هذا..؟ جوابي هو لا بأس عادي لا أعلم لا نعم وهذا هو جوابي ليس لدي جواب محدد لا أعلم ما أريد عندها أنت تضيع وأنا بضيع... ما سببه هذا؟؟!!) ففضلا عن عدم وضوح بعض أجزاء هذه العبارة، لكن نقص التوكيدية قابلٌ للعلاج كما ذكرنا أكثر من مرةٍ على هذه الصفحة، وتحتاج فيه إلى برنامج للعلاج السلوكي المعرفي وتنمية المهارات، واقرأ مقالات مهمة عن ذلك على ملف تأكيد الذات
وتستطيع أن تقرأ كثيرًا عن ذلك في الردود السابقة على صفحتنا استشارات مجانين تحت تصنيف: نفس اجتماعي: الثقة بالنفس والتوكيدية Self Assertion
وأما التأتأةُ فإنها على ما يبدو مفهوم مختلطٌ لديك لأن عبارتك تصف كلا من التأتأةِ Stuttering أي اللجلجة في بداية أو أواسط الكلام، ولكن عبارتك أيضًا تصف ما نسميه بالهذرمة Cluttering وإن لم يكن الوصف دقيقا لأنك لم تشر إلى سرعتك في نطق الكلمات حتى أنك تأكل بعض حروفها، أو تنطق الكلمة السهلة بدل الصعبة رغم أن الأخيرة أدق، ولكنك أشرت إلى أنك تخلط الكلمات في قولك : (وأخلط الكلام ببعض بهذه الطريقة يحصل مشاكل لي.. وهذه الحالة سبب في تكذيب الشخص وهذا ما يحدث لي)، وهنا تضعنا أنت في حيرة كبيرة لأن الأمور نادرًا ما تصل في خبرتنا الشخصية إلى حد تكذيب السامع للمتأتأ أو المهذرم، وبوجه عام فالأمر يحتاج إلى تقييم مباشر من الطبيب النفساني المعالج، ولكنك تستطيع أن تقرأ وتغير كثيرًا من مفاهيمك حول التأتأة والهذرمة إذا قرأت ما يأخذك إليه الرابط التالي:
استشارات عن التأتأة
استشارات عن الهذرمة
وأما الشكوى الأخيرة ففضلاً عن تماشيها مع نوبة اكتئاب في شخصية قلقة، إلا أنها تحيرنا بسبب اختيارك للكلمات أو طريقتك في التعبير أو انفعالك لا ندري، فكلها احتمالات، لكن قولك : (عصبي ليس بمعنى أني أغضب بلا شيء لا ولكن إن كان شيء لا أريده وأصر عليه كأن بركان في جسمي يغلي ولكن الحمد لله لم أضرب أحدا في حياتي كما قلت لكم في السابق أخاف المشاكل) وهنا راجعت إفادتك فلم أجدك قلت أنك تخاف المشاكل!! وإنما قلت أنك تخاف الناس فهل المشاكل مرادف للناس؟ أم أنك قلت لنا في السابق في مكانٍ آخر غير هذه الإفادة التي بين يدي؟
وكيف يستقيم هذا مع ما سبق من فهمنا أنك تفتقر إلى التوكيدية؟ لابد هنا من التساؤل! فالمفتقر إلى التوكيدية نادرًا ما نسمع منه كلمات مثل: (إن قلت لي كلمة أردها عشرة وهذا ليس من الاحترام لا أقول أني أفعلها مع أي أحد، لا لدي احترامي، إلا من أغضبني فلا أقدر على السكوت إن قلت شيء يجب أن يكون وإن كان خطأ وشكرا)، إنك وصلت إلى مرحلة من الثورة وأنت تكتب لنا، فكيف يستقيم يا أخي لمسلمٍ أن يصر على شيء مادام قاله حتى ولو كان خطأ؟
ثم ألا تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي أوتي جوامع الكلم حين قال "لا تغضب" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا هنا أعتبر سوء المزاج وكل الثورة التي تمر بها إنما هي تعبير عن نوبة اكتئاب في سن الثامنة عشر، ستزول إن شاء الله ولكن عليك مفاتحة أسرتك في أمر حاجتك إلى العرض على طبيب نفساني متخصص لكي يقيم الحالة ويقرر طريقة العلاج المناسبة لك، وأهلا وسهلا بك فتابعنا بأخبارك.