القلق، انخفاض تقدير الذات
منذ صغري وأنا كثيرة التعلق بأمي في المناسبات.
بعمر السادسة:حينما دخلت المدرسة كنت أبكي طوال اليوم، دائما ما أضيع أغراضي، وإذا استعار أحد مني شيئًا لا أستطيع أن أطلب منه إعادته، ولا أنتبه البتة وتركيزي ضعيف، كنت أعتمد على أحد ليحل الواجبات عني، رسبت سنة دراسية، لكن ما إن وصلت للصف الرابع حتى ارتفع مستواي على الورق، وخرجت في الإذاعة المدرسية وارتجفت وخفت صوتي وتمت السخرية مني.
ولا أقدر على البقاء بمكان بمفردي وأنخرط بالبكاء كنت أبكي ليلة أول يوم دراسي من كل عام. لا أخرج من الفصل البتة فإذا خرجت للساحة يصبح العالم ضبابي أمام عينيي. ولم يكن يسمع لي صوت. كانت لدي صديقة أحبها ولكنها تتنمر وتكره البقاء معي لعله بسبب شخصيتي. كان حديثي قليلًا وأميل لتكرار ما أسمع، والتقليد. لا أستطيع الوقوف أمام السبورة. أبكي ولا أقدر على الدفاع عن نفسي. كنت أتساءل من أنا ومن تكون هذه المرآة التي تهتم بي أعني أمي في أول مرة رفعت وجهي لأنظر إليها، وعن سبب وجودنا في هذه الحياة ومتى ستنتهي. بعمر 12 - 15سنة
لا أنظر للمرآة البتة فأنا لا أحب شكلي فقد تعرضت للتنمر بسببه رغم أني أخبرهم بأني أعلم أني قبيحة لكنهم لايترددون، أنظر إليها لأبكي فقط، حتى في البيت دائم مايقول لي أخي أنتِ قبيحة كيف تخرجين من البيت; وبدأت تظهر البثور في وجهي وأصبحت أتضايق من وجهي أكثر، وأمي لم تسمح لي بعلاجها قالت ستشفى وحدها أمشي حانية الرأس أبكي صباح كل يوم دراسي، ولا أتحدث مع أمي عن مشاكلي، وكانت تمر بي أيام آمل أن أموت ويختفي العالم، التخرج من المدرسة كان يعني الانتقال لجحيم آخر.
على قدر ما أقرأ الكتب وأثقف نفسي إلا أني أظهر أمام الناس بمظهر البلهاء التي لا تجيد شيء، وأي أحد يؤثر على رأيها لا أستطيع أن أتحدث أمام مجموعة من الناس أتحدث بسرعة، دائما ماكنت أقوم بالمشاريع الجماعية لوحدي لأن لا أحد يساعدني. إذا أجبت إجابة خاطئة في حصة لا أشارك فيها بعد ذلك، أخطأت مرة وأنا أقرأ قطعة في حصة الإنجلش وكان في الفصل فتيات من صف أكبر سنا ضحكن ومن بعدها كرهت المادة ولم أشارك.
ماعدت أحضر المناسبات الاجتماعية. إذا كنت في جلسة أسرح بخيالي ولا أعلم مايقولون. أتفاعل في الألعاب الرياضية وأتحدث قليلًا. كنت أشعر بألم في صدري ولا أعلم سببه. كنت أكثر البقاء بمفردي على النت أو مستلقية على سريري. بعمر 16 أقضم أظافري، حاولت أن أشرح ونسيت ما أود قوله وأسود العالم في عيناي، وضحكت على الطالبات والأستاذة فكرهتها والمادة والشرح وأيقنت أني لن أجيدها البتة
قل حديثي وتفاعلي وأصبح مزاحي كئيبًا. ازداد ألم صدري، وبت أتجنب الناس وأشعر أنهم لا يتقبلوني. بعمر 16-25 مازلت لا أقدر على البقاء بمفردي. أهملت الاهتمام ببشرتي، وتمر علي فترات لا أهتم فيها بشعري. ماعدت أبكي ولكن لا أقدر على الدفاع عن نفسي. مازلت لا أنظر للمرآة في الأماكن العامة. إذا نظر لي أحد وأنا أقوم بعمل أرتبك ولا أستطيع إنجازه.
أشعر بأن الناس لا يتقبلوني البتة، رغم أني أرغب بالتواصل معهم فالكلام يقف في حلقي، وكذلك أقارن نفسي بالذي أمامي، وإذا ماكلمني أحد أرتجف ولا أعرف بماذا أرد، والأمر أسوأ إذا تعرضت للنقد أو السخرية فينقلب لون وجهي وتتجمد ملامحه، أستطيع التعامل مع اللطفاء الهادئين بكل سهولة, لا أستطيع التعامل مع الأشخاص الذين تنمروا علي واستنقصوني.
مرات أكون شديدة الفخر بنفسي لدرجة الغرور ومرات أبخسها حقها. لا أستطيع القيام بأتفه الأمور أمام الناس، كإجراء مكالمة هاتفية مثلا. دائما ما أتجنب الناس الذين أعرفهم في المناسبات، ولا أنظر لعين من أحادثه، أمشي حانية الرأس. دائما أشغل وقتي بالنوم أو اللعب كي لا أتذكر الأمور التي حدثت لي. تعرضت للكثير من المقارنات والاستنقاص منذ صغري حتى صرت أستنقص من نفسي بنفسي، فدائمًا مايقال لي انتِ لن تقدري على كذا أو أنتِ فعلتها باستغراب؟
تفكيري سلبي بشكل قاتل كثيرة التذمر أمام الغير وخلال السنوات الست الماضية كنت أدعو على نفسي بالموت بصوتٍ عال، وحتى أبخل على نفسي بالدعاء فأقول يارب يصير كذا بس، الجميع يخبروني أن لدي شخصية ضعيفة ومهزوزة; أقلق في جميع أحوالي وأشعر بأني سأفشل وأني لست أهل لكل عمل أحاول القيام به فأنا أتوقع الفشل وأسوأ سيناريو من الممكن حدوثه. الارتجاف والربكة لا تتوقف على الشرح ولكن حتى خلف الشاشة لم يسبق وأن شاركت بقروب دونما ارتجاف. الحصة التي أستثقلها دائما مايؤلمني بطني فيها وأشعر بشيء يقف في حلقي، لا أنطق الكلمات الصعبة خشيت أن أخطئ فيها ويتم السخرية مني. شخصيتي بالغة الحساسية وسريعة الانبهار وهذا يحرجني.
بعمر 18 كنت أعلم أن لدي اضطراب ما ولكن ظننت أنه سيختفي مع المواجهة ولكنه كان يزداد. أول سنة بالجامعة أول أسبوعين كنت أبقى بمفردي في المكان تغشى علي هالة الحزن والكآبة، أرجع للبيت وأنا أجهش بالبكاء وأبي كان يقول أني أتظاهر لم أكن أعلم مابي ولا أعلم كيف أصف ألمي، بدأت اتشاءم كثيرًا وأقلق ولم أكن أذاكر، وأصبت بصداع نصفي شديد مازال مستمرًا معي، وكان يزداد إذا كان علي اختبار، وصرت لا آكل إلا قليلًا وأقضي وقتي بالبقاء على الهاتف والنوم ونصفه الآخر بالدوام، كنت أغضب على أهلي مرات وبعدها يتملكني الندم على مافعلت.
بعمر 23 أصبت بارتجاع المريء وحزن شديد، وكنت أنزعج من أي كلمة ولا أستطيع الحديث مع أحد حتى بالكتابة، وأشعر بحرقان في صدري ويسخن جسدي وأرتجف إذا تضايقت من شيء بقيت ثلاثة أشهر على هذا الحال، وفقدت الكثير من وزني، وتذكرت ذكريات ماضية ورحت ألوم نفسي.
ومن يومها فقدت كل طموحاتي ورغبتي في الحياة، صرت أنتظر اليوم الذي أموت فيه عندما أتخرج سأموت. 25 حينما كنت في التدريب الميداني للتدريس الوظيفة التي أكرهها والمكان الذي أكرهه أول يوم داومت بفخر عال وبعدها فقدت ثقتي وبدأت أتهرب من الطابور الجلوس في الغرفة مع المعلمات وحصص الاحتياط.
كل المرات التي شرحت فيها أرتجف وأتعرق بشكل ملحوظ وأنسى جل ماأود قوله أو أتحدث بسرعة وبصوت منخفض أو أنخرط في نوبة ضحك، لم أكن قادرة على ضبط الشرح وقد لا حظوا علي ذلك فقل احترامهم، كنت أتغافل كثيرًا ولا أعمل عقلي لذا تعرضت للسخرية ولكن لم أكن آبه رغم إدراكي لما يدور حولي فقد كنت أريد أن تمر هذه الأيام وأرتاح، وهذه الذكريات هي أكثر ما أتجنب الخوض فيه، فقد صغرت نفسي أمام من هم أصغر مني وأهنت ذاتي.
عمر26 منذ شهرين مضت جلست أستذكر المواقف التي مرت بي وقررت أن أعدل نفسي وما أن جربت تعريض نفسي للخيال إلا وانهالت علي الذكريات تباعًا وبقيت أسبوعين لا آكل ولا أشرب فقط أجهش بالبكاء وأتمنى الموت، ولا أهتم بنفسي، ومازلت على حالي هذا غير أن البكاء قل، ولدي ألم فظيع في صدري يزداد مرات ويجعلني غير قادرة على الحديث، وماعدت أقدر على التفكير والتركيز أو فعل شيء فقط أبقى على سريري، وأشعر أن الأيام التي شعرت فيها بسعادة غامرة وبأني طبيعية تعد ع الأصابع، وكذا أشعر أن الناس يحتقرونني ويكنون لي البغضاء وهذا التفكير ناتج من ذكرياتي الآليمة.
الآن أشعر أني غير قادرة على مواجهة العالم والعمل فبعض من أعرفهم دائما يذكروني بمواقف حدثت في الماضي لا أعلم ماذا فعلت لهم ليسرقوا ثقتي بنفسي، ويتحدثون عنها ويضحكون وهذا يؤلمني، وكذلك حينما بخبرني أحد بأني خجولة ماهذا الخجل المبالغ به أتألم لأني لا قدرة لي على التغلب عليه حتى بعد أن كتبت هذا صوتي الداخلي يخبرني بأن كلامي غير منظم ومفهوم وسيتم انتقادي.
علاقتي بأهلي: إذا أردت شيء من أبي فأنا أطلب من أمي أن تخبره، إذا اشتكيت لأمي فأنا لا أخبرها بتفاصيل ماتعرضت له، وإذا مرضت لا أخبرهم بمرضي، علاقتي بإخوتي: نحن نتحدث عن الأشياء التي نحبها لا عن أنفسنا. لدي أخ مصاب بالذهان، وأخ وأخت مصابان بالقلق، وأبي وأمي سبق وأصيبا بالاكتئاب. جميع أفراد أسرتي شخصياتهم حساسة
هل بوسعي أن أتغير وأن أقدر نفسي وأمتلك شخصية قوية لا تأبه لأحد ؟؟
أعلم أن جل ماحدث لي نابع من نظرتي لنفسي ولكتماني كل ما مر بي عن أهلي كل هذه السنوات.
27/5/2019
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك معنا، وبداية أخبرك أن تعبيرك واضح وشكواك مفهومة ومتكررة أيضا. لست وحدك تعانين فهناك الكثيرون غيرك.
عليك أن تجعلي هدفك منطقيا وهو التخلص من القلق وزيادة ثقتك بنفسك كي تتجنبي الوقوع في الاكتئاب، وتكوين شخصية تهتم لما هو مهم فقط، فلا توجد شخصية سوية لا تأبه لأحد. ينتاب الجميع درجات مختلفة من الضيق عند التعرض للانتقاد بغض النظر عن صيغة أو منطقية الانتقاد، فلا تظني أنك قد تصلين في يوم إلى عدم الاهتمام برأي أحد.
ابدئي إن أمكنك بزيارة متخصص في الإرشاد فالتعبير المباشر عن نفسك في مساحة من التقبل والتفهم ستساعدك في اكتساب الثقة في نفسك والقدرة على التعبير، ستكون جلساتك الإرشادية عبارة عن تدريب.
استعيني بورقة لكتابة المواقف التي رضيت بها عن نفسك، واحتفظي بها وأضيفي لها كل يوم ما تتذكرين. ذكرت أكثر من مرة لجوئك إلى الهاتف فمع من تتكلمين، في هذا تذكير لنفسك أنك قادرة على التعبير والتواصل إن وجدت المناخ المناسب. تقبلي نفسك فلم يخلقنا الله على نفس الدرجة من القدرات الاجتماعية ولهذا هناك الكثير من المهن والأنشطة التي يمكنك القيام بها ولا تحتاج إلى كثير من التفاعل المباشر مثل الترجمة والتأليف.
أنصحك بالدقة في اختيار ما تقرئين في مجال الشخصية والمهارات الاجتماعية فكثير مما هو منتشر بعيد عن الواقع ويزيدك إحباطا بدل مساعدتك. جربي قراءة ما كتب على الموقع عن التوكيدية وهي القدرة على التعبير عن النفس بطريقة مناسبة ووسطى ما بين الانسحاب والعدوان.
التعليق: أرجو عدم تحليل أو تنزيل استشارتي