أخونا والنساء والجنس: تساؤلات وحكايات
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب في الخامسة والثلاثين من العمر عربي مقيم في بلد خليجي متزوج منذ خمس سنوات ولدي طفل واحد، أنا جامعي وأعمل في شركة ومدخولي جيد والحالة مستورة.
أردت طرح هذا الموضوع عليكم لما له من تأثير سلبي علي ويمكن أن يكون له نفس التأثير على كثير من الشباب أيضا. أولا لا أدري إن كان ما أقوله يشكل حالة مرضية أو حالة صحية يحس بها كثير من الشباب غيري ولكنهم يتعاملون مع هذا الإحساس بطريقة أخرى وذلك باختلاف ظروفهم التي يعيشونها.
أود أيضا الاعتذار سلفا عن طول كلامي وبعض ألفاظي ولكني قصدت شرح الموضوع بأكبر قدر من التفصيل والوضوح لكي يكون هناك أكبر قدر من التحليل الذي يساعد في فهم الحالة وإعطاء الحل. اسمحوا لي أن أدخل في الموضوع الآن :
لقد تزوجت منذ خمس سنوات وعشت بدون زوجتي في الغربة ثلاث سنوات بعد زواجي بسنة واحدة، كانت فترة الزواج مليئة بمشاكل وتعقيدات والآن استقرت الأمور شيئا ما وخاصة عندما استقدمت زوجتي إلى هنا حيث سفري وقد رزقنا الله بطفل قبل حوالي شهر.
الحقيقة أنا شاب أتمتع والحمد لله بإيمان في صدري كبير (مقارنة مع البعض حسب رأيي) أحافظ على الصلوات غالبها في المسجد وأحافظ على الزكاة والصيام وأنوي الحج في أقرب فرصة إن شاء الله، بالإضافة طبعا إلى القيم والأخلاق الإسلامية العديدة الأخرى.
مشكلتي أيها السادة: النساء وأود أن أفسر فأقول : أولا الحمد لله لم أقترف الزنا في حياتي أبدا، ولكني ومنذ زمن بعيد (مرحلة المراهقة وظروفها السلبية الخاصة بي)، النظر عندي إلى النساء كثير وطبعا أنظر إلى مواضع العورة منهن أحدق في أجزاء معروفة في أجسام النساء بشهوة وتلذذ، وكنت أسترق النظر إلى بعض النساء من خلال البيت وشاهدت بعض الأفلام السينمائية والفيديو
وكنت أيضا في بعض الأوقات وأخجل أن أذكر هذا ولكني أود أن أفضفض عن كل ما عندي لتعرفوا حجم مشكلتي كنت أضم بعض الأولاد أو البنات الصغار تحت عشر سنوات إلى حين قضاء شهوتي بلمس أجسامهم وأمور أخرى كنت أفعلها أيضا لا داعي لذكرها ولكن كل هذا قديم.
أيضا أرى الكثير من الصور الجنسية الخليعة على الإنترنت، وقد تعودت هذه العادة وبدأت عندي كثيرا عندما قدمت إلى هذا البلد وبقيت لمدة ثلاث سنوات بدون زوجة أي غير مرتاح نفسيا وأيضا لا أحد يسأل أين كنت ولا رقيب .... ورغم أنه حدثت بعض المتاعب وبعض الإحراجات أحيانا بسبب هذه العادة في العمل إلا أنني لم أتركها وحاولت التفنن في التقاطها مكانا وزمانا.
والآن وبعد أن هدأ روعي بعد إحضار زوجتي إلا أنه بعد فترة أصبحت شهوتي تتوق شيئا فشيئا إلى النساء خارج البيت وبعد سنة تقريبا أصبحت أتوق إلى رؤية النساء والتلذذ بالصور والأفلام الجنسية القصيرة على الإنترنت وأصبحت أشعر بشعور مشابه للذي كان يعتريني عندما كنت أريد الجنس وزوجتي بعيدة عني.
والسؤال المهم الآن والذي قصدته بكلمة إحساسي في البداية هو : لماذا أحس بلذة كبيرة جدا بمشاهدة النساء في الخارج والسعي لذلك وأتمنى أن أرى هذه البنت عارية أمارس معها.... وبالمقابل لا أحس بذلك مع زوجتي وكأن الشهوة حادت عن الزوجة واتجهت إلى أي امرأة أخرى أريد أن أجربها من جديد وأشعر بدافع قوي تجاهها.
وقبل شهر وعن طريق العمل تكلمت مع بنت على التلفون واسترسلنا بالكلام أكثر وتعرفت على اسمها وجنسيتها وعاودت الاتصال عدة مرات بها، وفي يوم لاحق اتصلت بها وقلت لها أنا قادم لآخذك بسيارتي ونذهب نعمل جولة وكان الوقت ليلا، طبعا كنا قد تكلمنا فيما سبق عن التلاقي والطلعة وظروفها و... فردت علي في ذلك المساء وقالت: أوكي وانتظرتها في مكان لمدة قصيرة وأتت وركبت السيارة وتحركت بها.
كانت هذه أول مرة في حياتي أخرج هكذا ورغم يقيني بالمشاكل الرهيبة والمدمرة بالنسبة لي ولها والتي ستحدث إن أحد يعرفنا شاهدنا مع بعضنا كانت رغبتي الشديدة في التجديد والتجربة والشعور بالانبساط أقوى (رغم أن هذه الفتاة لم تكن تشكل ولا حتى 50% من جمال زوجتي التي هي نعم الزوجة الصالحة بكل ما للكلمة من معنى فهي التي وقفت معي وساعدتني إلى أبعد الحدود في كل جوانب حياتي وحلت لي كثيرا من مشاكلي)، لا أخبىء شيئا فقد وصلت بها إلى مكان لا أحد أبدا به وكانت الساعة حوالي التاسعة والنصف ليلا وكان المجال (بالنسبة لي) مفتوحا كليا ولا أحد يرى شيئا.
وبدأت بالكلام معها وكنت أمهد لموضوعي بعض الشيء (كان في رأسي أن يكون هناك بعض المداعبات لها والقبلات والضم وربما مشاهدة صدرها ومصه ومشاهدة فخذيها ومداعبتهم ومداعبة وحك أعضائها الجنسية الأخرى ولم يكن تفكيري يذهب إلى حد الزنا بها بالمعنى المعروف (وهو إدخال العضو في العضو) فقد كان تفكيري فقط ينحصر في امتلاك امرأة جديدة بين يدي وقضاء شهوتي في أحضانها وربما كل ذلك كان يستغرق ربع أو نصف ساعة) على كل حال فإن النتيجة كانت مفاجأة لي ولها.
عندما وصلت معها إلى: شو رأيك حابب أعمل شي هيك معاكي، قالت مثل شو، قلت يعني بوسة...، ففاجأتني بعد كل هذا التقدم والوصول والرضى بهذا الزمان والمكان والحالة التي نحن بها وقالت: لالالالا، فقلت طيب إنت جربت البوس بحياتك (كنت بيني وبين نفسي أتعجب من كلامي بكل هذه الجرأة معها وكذلك أشعر بلذة في هذا الكلام) فقالت لا، فقلت خلصيني بقا... خلاص يا...يلا عاد....، لقد كان هناك شعور لا أدري أي نوع الثقة هو موجود بيننا وعبثا حاولت إقناعها بموضوع (البوسة) فقط ورفضت وقالت خلينا نروح أحسن. ومع مرور الوقت في الكلام ومحاولتي التي اصطدمت بحاجز من الخيبة والحسرة والضيق قالت لي كلمة غيرتني وأوقفت إلى حد ما البركان الثائر في داخلي، قالت: أنا وثقت بك وأنت احترمني واحترم رأيي وخلينا نرجع، أيقنت أن لا مجال معها بالحسنى أبدا ولم يكن وضعي يسمح بأخذ شيء بالقوة منها لأسباب كثيرة ومشاكل قد تحصل.
وهكذا عدنا بدون أي شيء ولا حتى لمست يدها وشيء ما تحرك في داخلي وبدأت في طريق العودة بإلقاء محاضرة عليها في الأخلاق وعدم تكرار هذه الطلعة مع أي شخص آخر وذلك من باب النصيحة من أخ لأخته وأن تحمد الله لأن تجربتها الأولى في هكذا مشوار كانت معي وليس مع أي شخص آخر ولو حصل لكان من الصعب جدا أن تنتهي هذه الحالة بكل ظروفها كما انتهت عليه وكما أرادت هي، ومن ثم اعترفت باحترامي لموقفها وشكرها على أنه لم يحصل أي شيء بيننا مما كان بداخلي وكان ذلك أدى إلى غضب من الله أكبر بكثير.
وبعد يومين أو ثلاثة بدأت نار الشهوة الجنسية تتوقد من جديد (وتخنقني) ولا أبالغ إذا استعملت هذه الكلمة وأود التركيز على هذا الشعور الذي ينتابني بالضيق الكبير جدا، ولا أخبىء كان هناك إحساس بداخلي يقول كانت بين يديك لماذا لم تأخذ شيئا ذهبت الفرصة أنت لا تفهم، اتصلت بها وعرضت عليها اللقاء ثانية وثالثة وحاولت ولكنها رفضت وقالت أنت قلت كلمة أننا لن نلتقي مرة أخرى وخلاص وربما أحست أن تلك الطلعة بعد كلامي لها كان غلطا قد يكلف الكثير ولم تأت أبدا وقطعت الاتصال بها.
ثم هناك موضوع آخر أود التطرق إليه سريعا، عن طريق الإنترنت تعرفت على بنت من بلد آخر أخذت أتصل بها على التلفون رغم ما يكلف التلفون من مال بسبب المكالمة الدولية، وشاهدتني زوجتي مرة وأنا أتكلم معها في الساعة الثانية ليلا، وبعد مشاجرة بيننا اعترفت لزوجتي أنها بنت من بلد آخر تعرفت عليها عن طريق الإنترنت، باختصار تفهمت زوجتي موقفي ببكاء وذكاء رهيبين ورق قلبي لها وقالت عدني أنك لن تعيد الاتصال بأي بنت وأن لا تتأخر في العمل لأنها أيقنت أن كل التأخير كان من أجل الإنترنت وليس العمل الزائد، مما كان يسبب الغياب الطويل ليلا حتى الحادية عشرة والثانية عشرة وأحيانا أكثر عن البيت والتقصير بواجبات الزوجة والطفل في أغلب الأيام وخاصة في حالة المرض وفترة الحمل والولادة..... وإلى الآن أتصل بهذه الفتاة في أوقات متفرقة وأسترق الأوقات أهدر المال على كلام فيه نوع من والغزل والجنس (السكس كما يقولون) ولكني قللت إلى حد كبير التأخير عن البيت وما زالت عادة الشاتنغ على الإنترنت ومشاهدة بعض الصور مستمرة ولكني أود الابتعاد وفي كل مرة أعود مرة ثانية.
هل يمكن أن يكون لزوجتي سبب بدون قصدها في هذه المشكلة عندي خاصة أني أشعر أنها فاترة جنسيا معي أي إنها لا تثار ولا تستشعر معي عند المعاشرة بل أثور أنا لوحدي وهي لا تثور في معظم الحالات إلا في النهاية طبعا عند القذف وذلك يشعرني بالضيق والألم ولو أني لم أقترب منها لمدة طويلة وأنا متأكد لو لم أقترب منها لشهر أو ربما شهرين أو ثلاثة فهي لا تطلب الجنس وصارحتها مرة بهذا الأمر ولم تبد اهتماما كبيرا بالأمر، والآن بعد أن أحست بي أنظر إلى الخارج بدأت تكلف نفسها وتشعرني أنها مثارة ومثارة جدا وتهتم بلبسها (الزوجي) وتفعل كل شيء يعجبني بعد أن كانت تتردد في السابق (ولكن ما رأي الدين بالمناسبة في مص العضو الذكري من الزوجة والعكس وحك الدبر وإدخال الإصبع فيه من الطرفين هل في ذلك حرام إذ أنه ليس وطأ في الدبر أبدا) على كل حال أصبحت زوجتي تطفئ عندي الغريزة الجنسية ولو بجزء من إثارة وحب النساء للرجل مما أشاهده عبر الإنترنت مثلا وأقول إن زوجتي باردة باردة ليتها كانت تهجم علي وتمارس معي مثل تلك النساء.
هل هذا هو السبب في حالتي وهل هناك أسباب أخرى، هل كل الرجال مثلي يحسون، كيف يستطيع الرجال الملتزمون التقيد والضبط للغريزة الجنسية وتنظيمها ويسعدون بحياتهم اليومية أريد أن أكون مثلهم وأتوق لذلك وكيف يصبرون أرجو الإفادة، كذلك لو لم يكن عندي نية قوية بالحل لما كتبت لكم قط
واسمحوا لي أيضا أني أتساءل أحيانا لماذا لم تكن الحياة الجنسية مفتوحة عند المسلمين والعرب كما في الغرب فإن ذلك يشعر الناس براحة كبيرة ولا يتركهم متضايقين مكبوتين لا يفكرون إلا في تلك الفتاة والنظر إلى تلك والاشتياق للكلام مع تلك وتذهب أوقاتهم وأعمارهم وهم يفكرون وينغصون حياتهم، باختصار ما هي الحكمة من جعل الزواج والجنس مقيدا بعدد من النساء صغير (الأكثر أربعة) وهو عدد لا يذكر مثل الإبرة في ماء البحر من عدد النساء ويكاد لا يشبع العين قبل أن يشبع الفرج. لماذا وما الحكمة من جعل الناس محرومين إلى هذا الحد عذرا ولكن ذلك مجرد خاطر عندي فأرجو التوضيح.
الخلاصة لموضوعي كله هو الآتي: تنظيم موضوع الجنس عندي بشكل عام إذ يلهيني عن ممارسة الواجبات والهوايات على حد سواء، لماذا أتوق إلى البنات بشكل جارف وليس عندي ميل كبير للزوجة، لماذا أبحث عن الجنس في الخارج بطرق عديدة أتفنن في ذلك ولا أستطيع ترك هذا الأمر، لماذا أهرول وراء اللذة الجنسية وأنسى العواقب المدمرة التي قد تعقب أي محاولة، لماذا أحب الابتعاد والعودة إلى الحياة العادية التقية ولا أقدر وأعود مرات ومرات وأشعر أن كل شيء يغري بالجنس ويذكر به وأن للجنس قوة خارقة جارفة وأن عدم تحقق الرؤية أو الاتصال أو الصور يسبب نوعا من الضيق في النفس يكبس عليها ويخنقها، هل كل الناس يحسون مثلي، هل كلهم يتصرفون مثلي أم أغلبهم أم ... ؟؟
عن كل هذه القصص أود الإقلاع ومع كل هذا الحرص أريد الإقناع ، واعذروني يا إخوتي ويا أحبائي إذ أنه بدون توفر الإقناع صعب أن لم يكن مستحيلا الإقلاع وسأسقط في شر أعمالي ويزول القناع وأعرف أن ذلك لا يرضيكم
فساعدوني جازاكم الله خيرا.
أخوكم: الحائر
4/10/2019
رد المستشار
أخي الحائر:
أهلاً بك ومرحباً وأنت تنشر أمامنا جميعاً صفحة مطوية عن معرفة ومصارحة الكثيرين، ومن نجاحات صفحتنا هذه أنها تأتي بمثابة تشجيع للناس على ذكر ما يعيشونه حقيقة لا نفاقاً ومداراة، ولا تزويقاً للكلام أو ادعاءً للمثالية أو لما هو غائب من سلوكيات أو أفكار نهتف بها كثيراً، ولا يطبقها منا أحد ـ تقريباً ـ ولعل رسالتك تكون دافعاً لغيرك لنتعرف جميعاً على حقيقة واقع الحياة الجنسية في مجتمعاتنا بعيداً عن التزوير أو التهويل أو أقنعة الصلاح المكذوب، وتداول الحقائق هو أول خطوة على طريق التعامل الصحيح مع الواقع تعريفاً ومعرفة بالصواب، وعلاجاً لما هو خطأ بعون الله.
وأسئلتك التي منها:
هل كل الناس يحسون مثلي؟؟ هل كلهم يتصرفون مثلي أم أغلبهم أم..؟؟! كيف يستطيع الرجال الملتزمون التقيد والضبط للغريزة؟! هذه الأسئلة يجيبك عنها الناس من خبراتهم، وهذا للرجال كما للنساء، وشكراً مقدماً لكل من يكشف لنا عبر تجاربه الشخصية جانباً مجهولاً من حياة أهلنا فنعرف عن حق، ونتعامل عن معرفة صحيحة.
لكنني أستطيع أن أجيبك على خلفية كوني رجلا، وطبيبا متخصصا، ومهتما بشئون النفس والجنس، وتصورات البيئة التي أتحرك فيها حول القضايا الإنسانية والاجتماعية، والجنس منها بلا شك.
ولكي نفتح ملف الجنس في حياة الرجل العربي دعني أقول لك مبدئيًّا:
1- كثيرون مثلك يعانون من "مشكلات" في تلبية حاجاتهم الفطرية بالغريزة الجنسية قبل وبعد البلوغ، ولأن إشباع هذه الغريزة بالنكاح الحلال هو أمر قد يتأخر غالباً إلى حد الثلاثينيات من العمر -للأسف الشديد- فإنه تشيع ممارسات من قبيل التحرش بالأطفال، وقضاء الشهوة عبر نشاطات منحرفة، أو ليست هي الأصل الطبيعي، وأحياناً يظل تأثير هذه الخبرات عالقاً بالذهن من ناحية الشعور بالحرمان والذنب، وتراكم الطموح إلى الأكل حتى التخمة بعد طول التجويع، وكلاهما -أي التخمة والتجويع- حالة سلبية تضر الجسد، كما تضر النفس في حالة الحرمان من الجنس أو التخمة به كما سنشرح لاحقاً.
2- ورغم الحرمان من الجنس، وربما بدافع منه، ومن ظروف كثيرة محيطة يدخل الكثيرون في دائرة "المشاهدات" الحية في المجتمعات التي تقبل وتتيح الفرصة لحركة النساء بلباس كاشف، وفي كل المجتمعات جاءت الوسائط الأخرى لتنقل صورة العورات والممارسات الجنسية صوتاً وصوراً ثابتة أو متحركة لنصبح أمام ضغط آخر كبير باتجاه إثارة الشهوة وإشعال الغريزة التي لا تحتاج أصلاً إلى إشعال!!
وبالتالي بدلاً من أن تكون في حجمها الطبيعي بلا كبت أو إفراط أو إغراق يتضخم حجم وهاجس الغريزة الجنسية بفعل ثنائية: الكبت / الإثارة، ويبدأ الرجل تحت "تأثيرات" الحرمان القديم، والإغراق في المشاهدات التي تتسلل عبر عينيه لتحتل تفكيره ونفسه.. يبدأ الرجل في البحث عن "غامرات" عاطفية أو جنسية في البيئة المحيطة، والتي توسعت مساحتها بفعل وسائل "الاتصالات" الحديثة، كما في حالتك.
3- ولا يفيد الزواج كثيراً في الاشتباك مع هذا المسار، سواء من ناحية تصورات الزوج أو أحلامه فهو تحت تأثير ما يرى من صور حية أو عبر الوسائط الاتصالية يبحث عن أجساد معينة، وممارسات معينة هي بالجملة دعائية وتمثيلية ومصنوعة أكثر مما هي حقيقية أو إنسانية أو واقعية، فأنت مثلاً تبحث عن امرأة تفعل معك كذا وكذا.... كما شرحت في رسالتك، وتنتظر هذا من زوجتك التي خلفيتها الجنسية بالأصل متواضعة غالباً كما هو الحال في مجتمعاتنا، وأقسم لك وأنت في تشوشك وترددك هذا -أن زوجتك لو طلبتك للفراش أو فعلت بعض ما تقول أنت إنك تطمح إليه، لشككت فيها وفي عفتها وأخلاقها؛ لأنها بهذا ستكون مخالفة للشائع الذي هو الجهل والمداراة، واصطناع الحياء، واعتبار الجنس شيئاً خارجاً أو سخيفاً أو واجباً ثقيلاً، أو هكذا ينبغي أن نقول أو تقول أو تظهر كل زوجة، فهذا من ميراثنا الثقيل، فهل أنت مختلف في عقليتك عن محيطك؟!
4- ولا أريد أن أتطرق أكثر إلى التاريخ الجنسي لزوجتك، والذي ذكرت أنت منه لقطتين تظهران بؤس هذه الزوجة المسكينة من ناحية تلبية رغباتها وحاجاتها، فأنت تزوجتها عاما، ثم تركتها ثلاثة أعوام كاملة عاشت هي فيها بدونك، وبدون جنس، بعد أن ذاقته بالزواج لمدة عام فصارت زوجة مع إيقاف التنفيذ؟!
فهل المطلوب من المرأة أن تكون جهازا للمتعة يعمل بالأزرار!! تضغط على أحد الأزرار فتعطيك إثارة وغنجاً وأنوثة متدفقة طاغية، ثم تضغط على آخر فتتوقف الماكينة لمدة ثلاث سنوات كاملة في انتظار الاستقدام، ثم تضغط على زر ثالث فتحمل وتلد، ثم تعود سيادتك إلى زر الأنوثة والإثارة والجنس فتضغط عليه، وتذهب بعد ذلك تندهش لماذا زوجتي فاترة جنسيًّا؟! لماذا هي باردة؟!.. لماذا لا تعمل الماكينة؟!
هذا فضلاً عن إهمالك إياها بعد قدومها فلا تبحث أنت عنها إلا بين الحين والحين لتحقيق الإشباع الجزئي الذي تقول إنك تحصل منها عليه!
وتتأخر بالعمل لمشاهدة العاريات، وتتصل بالهاتف الدولي لتمارس الجنس بالهاتف فتجرح أنوثتها وإنسانيتها، ولعل الرسائل المباشرة وغير المباشرة تصلها منك كل يوم متسائلة ومندهشة ومتعجبة تصفعها وتؤذيها بأنها: لماذا فاترة وباردة وغير مثيرة؟!
ألا تعرف يا أخي الجامعي أن البشر ليسوا ماكينات، وأنها من لحم ودم وأعصاب، كما أنت كذلك، وأن لديها رغبات وحاجات، ولكنها تحتاج إلى البيئة الآمنة المناسبة الدافئة لتخرج وتنطلق، وأنك لم تبذل إلا أقل القليل لتوفير هذه البيئة؟!
5- ولعلها هي أيضا لديها أحلام وأشواق مثل الأخت التي كتبت لنا تقول: "سأطلب الطلاق؛ لأن من حقي أن أجد إنساناً يحترم أنوثتي وإنسانيتي، ويحبني ويعطف علي بوصفي كائناً آدميًّا، وليس مجرد أداة لمتعته وقتما يريد!!"
ولو تأملت أنت ووضعت نفسك مكانها فربما تفهم أن حرمانها منك ومن الجنس لمدة أعوام كان قاسياً ومدمراً لمشاعرها ورغباتها، ولو أتيحت لها هذه الفرصة لوصفت لنا كيف أنك أنت أيضا تؤثر عليها عاريات الإنترنت، وعاهرات الهاتف، وتترك فراشها بارداً خاملاً إلا من بول طفلك وصراخه، ومعاشرتك إياها من آن لآخر، وبين هذا وذاك لا غزل ولا تقدير، ولا شيء مما تفعله مع الأخريات لتحصل على الجنس، وكأن هذه المقدمات حلال على الجميع، وحرام على زوجتك؛ لأن الجنس مع زوجتك مجاني بحكم الزواج، ومع الأخريات هو مدفوع في المكالمات والمجاملات، فهل هذا عدل يا جامعي؟!
وكم منا يفعل هذا وهو عنه غافل أو متغافل؟! وهل هذه هي
مقتضيات الإيمان الذي تقول أنت ويقول أغلبنا إنه يتمتع به؟! بئس الإيمان هذا الذي لا يردع صاحبه عن ظلم ذويه وأقرب الناس إليه.
6- غريزة الجنس لدى البشر أجمعين وهي تثور بالكبت، وتثور بالإشعال والمهيجات والمؤثرات، ومنها الصور التي تقول إنك "تعودت" عليها، والإثارة المستمرة ستطلب إشباعاً مستمراً، وزوجتك لن تسعفك إما بسبب جهلها الجنسي أو بسبب إنهاكها مع الصغير الأول، وخبراته الجديدة ومتطلباته، وإما بسبب خجلها، أو كرد فعل على سلوكك أنت معها، وربما بهذه الأسباب جميعاً، وربما أيضا؛ لأن ما تطلبه أنت أصلاً إنما هو زائد عن الأصل بسبب الإثارة المستمرة التي تشعلك وتشغلك بالتالي عن كل ما سوى الجنس من اهتمامات وهوايات، بل وعن عملك، وكل حياتك، وهو ما يقترب بحالتك من الإدمان المرضي لمشاهدة الصور العارية فتشعر أنك مختنق حين لا تحصل على "الجرعة" من آن لآخر، وتشعر بدوام المشاهدة أنك مخنوق؛ لأنك مكبوت تريد أن تمارس ما تراه.
وهذه هي الحلقة المفرغة التي فيها تدور أنت وغيرك وكثيرون، ولو ضاجعت كل نساء الدنيا، ولم تبق منهن إلا واحدة، ونظرت إليها وإلى محاسنها لتمنيت أن تعاشرها هي أيضا من باب التجريب والتجديد، وهذا الشعور طبيعي وموجود أصلا، فما بالك وأنت تثيره بمشاهداتك؟!
7- أطلت عليك وعلى قرائنا، ولكن رسالتك تهمني فيما تفتحه من موضوعات متعددة قد لا تتاح الفرصة لتغطيتها في كل وقت، ولكنني سأكتفي بما سبق في الشأن الخاص بك، وأحاول أن أجيبك باختصار عن أسئلتك فيما يتعلق بالشق العام:
٠ الحياة الجنسية في الإسلام مفتوحة جدًّا مقارنة بأديان أخرى متشددة، ومقارنة بواقعنا الذي تحكمه أعراف وتقاليد بالية غالباً، فلم تكن توجد أية مشكلات جنسية ـ تقريباً ـ في المجتمع الإسلامي الأول، أي لم يكن هناك رجل شاب يريد نكاحا ولا يجد، إلا فيما ندر، في المجتمع الإسلامي الأول، وكان الزواج سهلاً ميسوراً مثنى وثلاث ورباع، وكانت المرأة أيضا محترمة ولها رغباتها وحقوقها، فكانت تطلق وتترك هذا لتتزوج ذاك، ولا تبقى إحداهن دون زوج إلا برغبتها، ولا يهجرها زوجها ويسافر لسنوات بسبب ظروف عمله، أو غير ذلك مما نعيشه من انحرافات.
وعرف المجتمع المسلم دائماً أشكالاً من الزواج الشرعي، ولا يوجد اختلاف إلا فيما يخص الزواج المؤقت سلفاً -كما عند الشيعة- أما أي زواج يحقق الأركان الشرعية فكان شائعاً حتى لم يكن هناك مشكلة "قضاء وطر" في المجتمع المسلم، ولكنني مثلك أرى واقعاً مختلفاً اليوم.
٠ الجنس فعل إنساني واجتماعي، وليس علاقة جسدية فقط، وهو في الغرب ليس مفتوحاً إلا في إطار بيئة وثقافة محددة، وللأمر أعراف هناك وطقوس وثقافة ومسئوليات، وليست المسألة اعتباطاً أو عشوائية أو كما نتصور بتسطيح الفهم للغرب وحياته.
والراحة مثلاً التي تتحدث عنها هناك مرتبطة ببقية الحزمة الثقافية والاجتماعية الموجودة والتي تتمحور حول ما يسمى بالحرية الجنسية، حيث لا ضابط ولا قيد إلا رغبة الطرفين، فهل توافق أنت على بقية مكونات هذه الحزمة فيكون من حق زوجتك تجريب رجل غيرك؟! وممارسة حريتها الجنسية كما تريد أنت أن تمارسها؟! أم أنك تريد أن تأخذ من النمط الغربي ما "يحررك" أنت فقط؟! أما زوجتك فلا؟!
الطاقة الإنسانية الحيوية ورصيدها في النفس محدود، وهي تنصرف في الأنشطة المختلفة للإنسان، وإدمان الجنس يبدد هذه الطاقة فيكون مرضاً مثل الحرمان منه، وربما أخطر، فالمحروم من الجنس قد يتسامى فوق شهواته -ولو إلى حين، ويستثمر طاقته في إبداع أو إنتاج معرفة أو آداب أو فنون، ولكن مدمن الجنس ضائع، ومستنفد فيما يقوم به، كما أنك مستنفد، ولكن في مجرد الخيالات والتمنيات!!
وصدق العرب حين قالوا:
"من تعود أفخاذ النساء لم يأت بشيء".. أي من إنتاج أو إنجاز أو ما شابه لأن طاقة إبداعه تتبدد عبر فرجه المنهمك في الممارسة، وعقله المستغرق في التفكير بها، وهذا عند الإدمان.
٠ الجنس نشاط جميل، وله قوة خارقة جارفة كما تصف أنت، ولكن الاستغراق في هذا النشاط وحده يضر من نظرة العين إلى حبس النفس بحرمانها من أنواع اللذة الأخرى، وهي كثيرة.
وقلتُ من قبل وأكرر لك أنني رجل أحب الجنس مثلك، ومثل أغلب الرجال، ولكنني أحب السفر، وللسفر لذته، وأحب المعرفة، وأحب عملي، وأحب الاجتماع بالناس، وأحب الفنون الراقية، وأحب الصلة بالله سبحانه من قبل ومن بعد، فهل تتفضل أنت وتنصحني كيف أحصل على كل هذه اللذات، والعمر محدود، والطاقة محدودة؟!
أنا مثلك أريد أن أقيم علاقة مع كل جميلات العالم، ولكن بالله عليك متى أقوم ببقية الواجبات، وأحصل على مذاق بقية اللذات؟!
وأنا أعرف أنني مثلك لا أريد أن أكون حيواناً جنسيًّا، ولكن قل لي كيف يمكن تحقيق هذه الموازنة والانسجام إلا بوضع الجنس وأنشطته في حجمها وسط أنشطة الحياة الأخرى فلا كبت ولا إثارة بالنظر، ولا مغامرات فاشلة، ولا إدمان للصور، وهذا فارق كبير بين ثقافتنا وثقافة الغرب، فالجنس في أصل ثقافتنا وديننا هام ورائع ولذيذ، ولكنه ليس كل الحياة، ولا أهم ما فيها، ولذلك كان الإغراء الإلهي بجنس أفضل وألذ في الآخرة لمن أحبوه في الدنيا، ولكن ضبطوه وانضبطوا لتحقيق الغايات الأخرى من العيش في هذه الدنيا، وهي خلافة الله في الأرض.
وأخيراً يا أخي الكريم فإن زوجتك تحتاج إلى تعليم وتحرير لرغباتها، وهذا في يديك إذا تعلمت أنت وعلمتها، وأفسحت لها بهدوء وتدريج سعة المجال للتعبير عن مشاعرها وخيالاتها ورغباتها، أو تدفع لها أجرة الاشتراك في دورة متخصصة لتعليم الجنس للمتزوجات، وهو ما بدأت فيه بعض أخواتنا المتخصصات.. جزاهن الله خيراً، وأرجو ألا تستغربها أو تقمعها أو تشك فيها حين تتحرر من قيود نشأتها، وأقنعة تغافلها.
ولمن يريدون حل مشكلة الجنس في مجتمعاتنا أن ينزلوا لتغيير المجتمع بعاداته وتقاليده وثقافته الحالية المشوهة ليعود إسلاميًّا بحق، ومتوازناً بصدق.
وفي انتظار خبرات الآخرين في الإجابة على أسئلتك.
أشكرك من كل قلبي على صدقك وثقتك بنا.