السلام عليكم،
في بداية هذه الرسالة أود أن أعرب عن شكري وامتناني لكل القائمين على هذا الموقع، وفي مقدمتهم أسرة "استشارات مجانين" على ما يبذلونه من جهد جليل في مساعدة الكثير ممن يعانون، وخاصة من جيلنا نحن الشباب.
في بداية حديثي لا أدري هل سأجد من له صبر ومقدرة على استيعاب هذه القصة المروعة أم لا، بل وماذا بعد ذلك.. لا أنكر أنني سألت الكثير والكثير ممن له باع طويل في حل هذه المشكلة من الناحية الدينية وهي كانت أشبه بفتاوى أتلقاها من هنا وهناك بكل من له في إبداء الفتوى، ومنهم من هو مشهور في ذلك الشأن.
وإليكم قصتي... أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة، أعمل بإحدى الدول الخليجية، تعرفت على فتاة من نفس بلدي لكنها متواجدة في بلد خليجي آخر غير الذي أعمل به، ولمسنا في بعضنا البعض كل ما تعنيه كلمة حب وإخلاص ووفاء في كل شيء، لا أستطيع أن أسردها هنا نظرا لطول الموضوع فيما بعد.
واتفقنا على كل شيء حتى اليوم الذي سوف أتقدم فيه لخطبتها بعد انتهاء دراستها بعد سنة ونصف، وتم التخطيط لكل شيء في حياتنا حتى تسمية أولادنا، علما بوجود فارق اجتماعي لصالح البنت...
حتى جاء هذا اليوم المُظلم، اليوم الذي رجعت هي فيه من بلدنا بعد انقضاء فترة اختباراتها الدراسية إلى البلد الخليجي الذي يعمل فيه والدها "رجل أعمال"، وعندما رجعت للبيت فوجئت البنت أن والدها يعرض عليها مشروع زواجها من رجل خليجي من ذات البلد المتواجدين فيه، والذي أعرب لها والدها أن بزواجها من ذلك الشخص سوف يؤمن لهم مستقبل شركتهم التي تستوجب وجود شريك من نفس البلد، خاصة أنهم يعانون من مشاكل مع شريكهم الموجود معهم في ذلك الوقت، وأن بزواجها من ذلك الشخص سوف يحل كل مشاكل هذه الشركة حين يصبح هذا الخطيب شريكا مع والدها.
وهنا صاحت البنت وقالت إنها لا تريد أن تتزوجه، وهنا قال لها والدها إنني لم أعرض عليك هذا الأمر لأخذ موافقتك، بل كل ما هنالك أنني أقوله لك للمعلومية وليس أكثر من ذلك!!!
وهنا بكت البنت وبدأت رحلة المعاناة المريرة من العذاب والألم الذي لا يقدر بشر أن يوصفه، بداية من غضبها وذهابها عند أخيها الذي يعمل أيضاً هناك، وحتى مكالمتها للشخص نفسه الذي يريد أن يخطبها وبمصارحته بأنها مرتبطة بحب إنسان آخر في بلدها، ولا تستطيع العيش بدونه، لكنها فوجئت برد فعله الغريب عندما قال لها إنه سوف يتزوجها مهما كان الوضع وقفل في وجهها الهاتف.
وهنا ضاقت الدنيا عليها حتى استغاثت بجميع أخواتها في بلدها حتى أخيها في نفس البلد الخليجي، لكن للأسف لم تجد أي آذان صاغية لها، بل ولم تجد إلا الموافقة الجادة على ذلك الشخص ووقوفهم في وجه أختهم التي كان لها فضل عليهم في بعض الأحوال ومخافة من والدهم!!! مدعين أنه متدين وله وضع في بلده وإنسان على خلق وفوق كل ذلك سيؤمن لها مستقبلها ومستقبل شركتهم.
وحاولت البنت الضغط على والدها من حيث انعزالها عنهم والبكاء والصراخ اليومي حتى تحول هذا البيت الهادئ لجحيم يومي متواصل، حتى إنها في بعض الأحوال كان يُغمى عليها من كثرة الصراخ والبكاء، حتى وصل بها الحال لتقبيل رجل والدها لكي يرحمها من هذا الزواج، ولكنها لم تجد منه إلا العند والاستمرار على ما هو عليه...
وما مرت أيام إلا وفوجئت بحضور ذلك الشخص وتمت قراءة الفاتحة وهي تمكث في غرفتها المجاورة والدموع تجري على خديها، وهنا لم تجد البنت إلا الاستمرار على موقفها لعلها تجد من يغيثها من ذلك البلاء الذي حل عليها، حتى استمر الصراخ والبكاء والإغماء عليها بعد كل مرة وذهابها للمستشفى بالإسعاف حوالي ثلاث مرات.
بل إنها ذات مرة أقلعت عن الطعام والشرب نهائياً ولمدة ثلاثة أيام متتالية، حتى وصل بها الحال لنقلها للمستشفى عبر الإسعاف والذي أقسم الدكتور لأبيها أنه لو تأخر على قدوم البنت للمستشفى 6 ساعات فقط لكان فقدها للأبد، والذي عرض على والدها عرضها على دكتور نفساني، وتم عرضها بالفعل على دكتور نفساني، لكن للأسف كل ذلك لم يشفع لها!!!
واستمر الحال على هذا الوضع حوالي شهر، وهنا ظهر ما لم يكن في الحُسبان، عندما شعرت البنت بتغير 180 درجة في أسلوب الشخص المتقدم لها، حتى إنها علمت من والدها أنه تم بالفعل عقد قرانها وسط كل حالات الرفض التي اتخذتها لصد هذا الزواج، عندما سافر والدها مع ذلك الشخص لبلدها الأصلي للعقد عليها هناك نظرا لصعوبة أخذ الموافقة من وزارة الداخلية في ذلك البلد الخليجي للزواج من أجنبية، حتى إن والدها تجاوز كل ذلك وقام بتزوير توقيع ابنته ووقع نيابة عنها!!!
وهنا انهارت البنت انهيارا كاملا، حتى النوم لم تقدر عليه، وأصبحت تعاني من صداع شديد فشل في تشخيصه الكثير من الأطباء!!! حتى إنها سافرت لعدة دول عربية للكشف عليها والذي تبين في نهاية المطاف بمعاناتها من مرض يخشاه جميع البشر بل ويستعيذون منه، ألا وهو مرض "السرطان في الرأس".
وتبدأ رحلة معاناة من نوع آخر مع هذه الفتاة لكن من جانب آخر، ورحلة صراع أخرى مع المرض ومع كيفية الخروج من ذلك المأزق الذي أوقعها فيه أهلها، وخلال كل هذه الفترة والبنت لا تكلم ذلك الشخص بل إنها تحاول جاهده عدم الكلام معه وتفسد كل موقف يحاول والدها التقريب بينهما، ورغم ذلك فضلوا خوضها لرحلة العلاج في بلد عربي آخر غير البلد الخليجي الذي تعيش فيه، بل وغير بلدها هي نفسها، مخافة منهم لهروبها هناك.
وأخذت الفتاة على هذا الحال حوالي 9 أشهر أو أكثر في رحلة حياة مريرة مع ذلك المرض، وفي ظل التوسل لكل أهلها وعلى رأسهم والدها بأن يرحموها من ذلك الزواج، فإنها لم تجد غير التجاهل والاستخفاف بها بهروبها من ذلك الزواج بحجة المرض، ورغم كل ذلك تجد الشخص يحاول التقرب إليها بهدايا سخية لها ولأفرد أسرتها، حتى وصل بها الحال في نهاية فترة العلاج على مكوث ذلك الشخص في ذلك البلد العربي لمتابعة حالتها مع الطبيب المعالج، ورغم تصاعد خوف البنت هناك، عرضت أنا عليها الذهاب إليها والهروب والزواج منها مستندا إلى أن ذلك الزواج لم يكن بزواج، سواء شرعا أو حتى قانونا.
وهنا وبعد مداولات كثيرة مع البنت وافقت، وبعد استعدادي للسفر لها وتم تجهيز كل شيء فوجئت بأنها ترفض وتتراجع عن موقفها مخافة علي من أهلها، وهنا غضبت جداً من تصرفها هذا، لكنني لم أجد غير الاستمرار معها لحين انتهاء فترة مرضها خاصة أنها في المرحلة الأخيرة منها وفي انتظار الفرج من عند الله في رفع هذا البلاء عنا، مع العلم أنها في بداية تعارفنا طلبت مني أن أتزوجها بتلك الطريقة لإيمانها الشديد بعدم موافقة والدها عليَّ نظراً لفارق الجانب الاجتماعي بيني وبينها، لكنني رفضت في ذلك الحين تلك الطريقة.
لكن بعد ذلك وعند انتهاء فترة مرضها هناك فوجئت البنت بخروج والدها وهذا الشخص يوميا لشراء ملابس الفرح بالنسبة لها، وعرضوا عليها الرجوع لهذا البلد الخليجي لكنها رفضت بشدة نظراً لعدم تواجد أي شيء هناك يستدعي رجوعها، وهنا لم يجد والدها أي محاولة للرجوع هناك لهذا البلد إلا أنه قال لابنته إنني على استعداد أن أزوجك الشخص الذي تحبينه وإنني سوف أطلقك من ذلك الشخص، لكن بشرط وهو أن ترجعي لهذا البلد الخليجي لإنهاء كافة إجراءات بيع الشركة؛ "نظرا لأن الشركة باسمها"، ففرحت البنت ووافقت على الفور.
وبعد سفرها هناك فوجئت بوالدها يقول لها إن هذا البلد هي بلدك وهذا زوجك، وهنا صرخت البنت وقالت له لكنك أقسمت لي إنك سوف تطلقني وتزوجني الشخص الذي أحبه، وهنا استهزأ بها والدها وقال لها لم أجد طريقة غير ذلك لكي أقنعك بالرجوع إلى هنا، وهنا صرخت البنت وانهارت أكثر وأكثر، وحينها قالت له إذًا أنا لستُ ببنت!!! محاولة منها أن تقنعهم بالعدول عن هذا الزواج، وهنا صاح والدها وقال لها إذًا سوف أعرضك على الدكتور ليكشف عليك، فإذا فعلاً لم تكوني بنتا فإنني أعدك بقتلك هنا.
وفعلاً ذهب والدها وهذا الشخص والبنت للدكتور، وقال والدها للدكتور هذه وثيقة زواجها من هذا الشخص ونريد أن نعلم هل هو دخل عليها أم لا، أما إذا رأيتها ما زالت بنت فما عليك إلا أن تفضي هذا الغشاء، وبالفعل تم إفضاء هذا الغشاء بهذا الشكل وبهذه الصورة المأساوية!!! وبعد كل ذلك قال لها والدها الآن لا يستطيع أحد النظر لك إلا زوجك، حتى هذا الذي تدعينه حبيبك لا يستطيع أن ينظر إليك بعد الآن...
والآن أترككم لكي تتخيلوا وضع هذه المسكينة بعد هذا المشهد المأساوي، ولم تجد نفسها إلا في بيت أهل ذلك الشخص بعد أن سافر والدها عائداً إلى بلده، وعاشت البنت حوالي 20 يوما في بيت أهل هذا الشخص، في غرفتها المغلقة، حتى إنه حاول أن يتقرب منها ولكنها كانت تنهره بشدة، مؤكدة على وعدها لي بأنها لم ولن تكون لشخص غيري.
مع العلم أنه مدرك تماما أنها ليست بزوجته، عندما يقول لها إنك زوجتي فقط على الورق وأريد منك موافقة شرعية على ذلك، ورغم كل ذلك ترفضه بشدة وتقول له إن حبيبي سوف يكون عائقا بيني وبينك دائما.
علما أنه على معرفة جيدة بكل ما بيننا، ورغم كل ذلك فإنه مصمم على ما هو عليه، ويقول إنه يحبها، في حين أنها تكرهه وتكره حتى حروف اسمه، وهي تصرخ فيه وتهينه أمام أهله وتقول له أن يطلقها لكنه يرفض.
أما أنا في ذلك الوقت لم أكن أعرف كل هذا حتى كلمتني في يوم على الهاتف والنت، وسردت لي كل الحكاية وطلبت مني ألا أتخلى عنها وأنها تندم على رفضها لي بعدم موافقتها على سفري إليها وزواجي منها، لكنني مع كل مرة أنهرها بشدة وأقفل الخط في وجهها وأصرخ فيها، ولا أنكر ببكائي الشديد الذي انتابني عند معرفتي بتلك الواقعة، لكنني ليس لي دور بعد ذلك، لأنها في حكم المتزوجين وتعيش معه بغض النظر عن أن كل واحد منهما في غرفته، حتى إنني قلت لها في إحدى المرات على الهاتف إن الحل ليس عندي وإنما في المحاكم الشرعية والسفارة فقط.
ومع كل مرة تكلمني أصرخ فيها وأقفل خط الهاتف أو النت، حتى فوجئت في يوم من الأيام تكلمني وتطلب مني السماح على كل شيء فعلته في، وأنها سوف تراني في الجنة!!! وهنا فعلا قلقت عليها جداً، وفوجئت بعد حوالي 8 أيام تتصل بي من الشارع وتقول لي إنها عملت محضرا وسوف ترفع دعوى للطلاق منه، وإنها متواجدة الآن في بيت أخيها نظرا لمحاولة انتحارها في بيت أهله، وعندما وصلت للمستشفى للعلاج من أثر انتحارها اشترطت على الدكتور عدم مراجعتها لبيت أهل زوجها ورجوعها لبيت أخيها.
ورغم كل ذلك ورغم محاولاتها المضنية على مدار هذه الرسالة منتهية بمحاولة انتحارها فما زالوا يصرون على أن تبقى معه ولا يريدون لها الطلاق من ذلك الشخص، مع العلم أنها خلال فترة تواجدها عند أخيها حوالي الشهرين لم يمر يوم إلا وهي تهينه سواء على التليفون أو حتى وجها لوجه، وترسل له رسائل مهينة باسمه، ورغم كل ذلك لا يريد أن يطلقها، برغم كل كلمة تقولها له تقسم بحبنا له وإنها استحالة ستكون له في يوم من الأيام، وإنها ترتضى على نفسها الموت ولا أنها تكون له ساعة واحدة.
ولا أنكر عليكم أنني رجعت لها عندما علمت بمحاولتها للانتحار عندما شعرت أنني تخليت عنها، وأنني الشخص الوحيد الذي تعيش له والذي لم تعد تملك في هذه الدنيا غيره، وعندما شعرت هي بأنه تركها أقدمت على الانتحار، وهنا رجعت لها معينا لها على إخراجها من هذا البلاء الذي حل علينا، فلا أنكر أنني أحبها بل ولم ولن أحب غيرها، ولا أستطيع أن أتركها في وسط هذا الكم الهائل من العداء من قبل أهلها في سبيل حبها لي.
هذه هي قصتنا "ببعض" ما عانيناه وتألمنا به حتى كتابة هذه الرسالة!!! وما زال مسلسل العذاب مستمرا... لكن إلى متى؟ سؤال لا يعلم إجابته إلا الخالق سبحانه وتعالى، أعلم جيدا أنني لن أجد من يساعدها مساعدة فعلية في الخروج من هذا المأزق، لكنني أحتاج أحيانا إلى من يعينني ويشاركنا فيما نعانيه من هذا الموضوع.
كنت أود أن أسرد كل حقيقة قصتنا بكل ما فيها، لكنني أوردت معظم الخطوط العريضة فيها حتى تكونوا على بينة في هذه القصة. أملا أن ألقى تجاوبكم، وأن تدعوا لها بخير الدعاء لها والصبر على ما تعانيه منه. شاكرا لكم سعة صدركم، والسلام عليكم ورحمة الله.
19/11/2019
رد المستشار
الأخ العزيز "حازم" أهلا وسهلا بك على مجانين، شكرا جزيلا على الثقة وشكرا على ما بحت به من لوعة يعيشها وسط مجتمعاتنا ساكتون لا ندري كم من العدد يبلغون؟ لكن المتكلمين عن لوعتهم في التعلق بحبيب أو حبيبة ضد رغبة الأهل من طرف أو من الطرفين قالوا لنا الكثير حتى غدت القصص نمطية، ومن حين لحين نجد إفادة كإفادتك هذه ..... ولسان حالك يقول للمستشار ....... أعانك الله!،...... كان الله في عوننا جميعا إذن، ولنعد للرد عليك.
كان من حسن حظ إفادتك هذه أن رافقتني في طريق سفري للقاء أخي د. أحمد عبد الله، فقرأتها في الطريق عدة مرات، وعرضت مختصرا لها عليه، فوجدت أن ما تولد لديه من تساؤلات كثيرة مشابه ما تولد لدي من تساؤلات، وعلى أي حال سأسير معك خطوة بخطوة حسب إفادتك.
هناك فعلا كثيرون من الآباء يفعلون ببناتهم ما حكته لك محبوبتك، ويتم الضغط على البنت بشتى الصور والأساليب، لكن كثيراتٍ أدين أداء أفضل بكثير من محبوبتك، ووصلن إلى ما أردن، أما هي فكان ينقصها الإصرار بالتأكيد، ولاحظ أننا نحكم على ذلك لمعرفتنا بأنك حكيت لنا ما حكته هي لك، وما علمته وتقبله وعيك المحب بشكل أو بآخر، وهذا ما قد يختلف بعض الشيء عن حقيقة الأمور كما تحدث في الحياة الواقعية.
فمن نماذج الرجال التي لا أنكر أنها أصبحت موجودة في مجتمعاتنا -لكنها بالتأكيد شواذ تؤكد الحقيقة المضادة- ذلك النموذج الذي يمثله زوج محبوبتك، فهو بحسب روايتها "معندوش دم" كما نقول في مصر فهو عارفٌ كأنَّ ما عرف، ولا تعليق من جانبنا غير أننا نشك في كل هذا التجمع من معوقات الخلاص بالنسبة لها من مطب الارتباط برجل لا تريده؛ إذ إن الشائع هو أن تجد البنت طريقا للخلاص إن لم يكن من خلال أبيها فمن خلال عمها أو أمها أو إخوانها، أو وهي كثيرا ما تكون الورقة الرابحة من خلال الخاطب حين تصارحه، أما أن يكونَ الخاطب بهذا الشكل مع كل ما سبق من تواكب فأمر نادر الحدوث.
أما مسألة تزوير أبيها فلابد نسأل "هل زوّر الأب بصمة البنت أيضا؟ وليس إمضاءها فقط في عقد الزواج؟" فقد أصبحت بصمة العروس مطلوبة وإن كان من الممكن أن تؤخذ هذه الأمور ببساطة في مصر خاصة إذا كان الأب غنيا، على أي حال، لكن ما لا أجده سهل التصديق أكثر من ذلك هو حكاية مرضها، وعلاجها، خاصة ونحن نجهل تفاصيله الطبية تماما لأنك لم تذكرها.
أما الأكثر من ذلك فهو حكاية طبيب أو طبيبة النساء الذي أجرى عملية فض الغشاء، كيف تطلب مني أن أصدق هذا؟ ألم يكن للبنت لسان لتكلم به الطبيب أو الطبيبة؟ هذا الموقف تحديدا يخالف المعقول، وكي لا أتعبك كثيرا أقول:
إن ما أستنتجه -تخمينا والله أعلم بالحقيقة- كمستشار نفسي والمستشار مؤتمن هو التالي: هذه البنت أحبتك فعلا، وكان بينكما ما كان ولا نعرف كثيرا من تفاصيله، لكننا نحسن الظن بكما كمتحابين راغبين في الحلال، وكانت صادقة معك وأنتما ترسمان القصور في الرمال وتختاران أسماء للعيال، إلا أنها حين تعرضت لضغوط أهلها لم تحسن الصمود، خاصة أن موقفها ضعيف لأن فارقا اجتماعيا يوجد بينكما إن قبلته هي بحكم الحب والميل القلبي منها فليس من السهل أن يقبله أهلها، ولما كان الإغراء بذلك الرجل الغني الذي سينقذ مستقبل "أسرة الأعمال" المادي فإنها لم تستطع الصمود طويلا، ولم تستطع مواجهتك بالحقيقة كاملة في نفس الوقت، وبالتالي كان ما كان من حكايات (واعذرني في تخميني يا أخي) عن فض الغشاء الذي لا أحسب ظروفه قابلة للتصديق حتى سينمائيا إلا في حالة بنت لا تتكلم، أو يتواطأ أبوها مع طبيب أو طبيبة مخدوع أو لا خلاق له، ويفعل ذلك دون علم البنت أثناء الكشف مثلا!
بصراحة يا أخي كل ملابسات فض الغشاء هذه مستبعدة، وأضيف شكا آخر قد يكون مؤلما، عن السفر العلاجي وعن قصة الورم الدماغي؛ فالمسألة أيضًا فيها قولان، ولن أزيد على ذلك، فما أستشعره هو أنها أحبتك نعم لكنها كانت.....
معنى ذلك أنني أقول بأنها الآن تخدعك كما أستطيع أن أفهم من الإشارات الواردة في حكايتك هنا، ولكنني أجد لها عذرا في محاولتها عدم تعريضك للصدمة كاملة ودفعة واحدة، وأنصحك بألا تكثر من لومها لأنك ساعدتها على ذلك لا تسألني كيف، فأنت تعرف، كما تعرف أيضًا أن كونكما متحابين والأهل يرفضون -ومع كل ما ذكرته من تفاصيل- لا يعني أن استمرار تواصلكما وعلاقتكما صواب، وبالطبع هذا دون أن تكونَ تزوجت، فما بالك وهي في بيت أهل رجل آخر؟؟ ولن أقول في بيته هو مع أن المعنى واحد، إن السلوك الصحيح هنا هو أن تقطع كل شكل من أشكال الاتصال وأن تساعدها هي نفسها على مقاومة ما قد يكون داخلها من تعلق بك ما يزال؛ لأن الواقع أنها الآن زوجة أخ لك ولم تعد غير ذلك.
أقول ذلك لأنني أعرف عن كثيرات، ومن كثيرات أن مفهوم "الزواج شخص والحب شخص ولا يشترط أن يكونا واحدا" مع شديد أسفي وخجلي ورثائي لحال كثيرين وكثيرات هذا الفهم وهذا الخيار في الحياة موجود فهل تقبل أنت به؟ هل معنى أنها تكلمك هاتفيا وتقول لك إنها تركت بيت أهل زوجها وتقيم الآن عند أخيها هو أنها بالتأكيد فعلا راغبة في الطلاق؟ ألا يمكن أن يكونَ الأمر خلافا بينها وزوجها لسبب آخر لا علاقة له بك؟؟ هل تأكدت فعلا أنها قدمت شكوى رسمية وطالبت برفع دعوى طلاق؟ وهل إن فعلت ذلك ستجد أنت نفسك جاهزا للبناء بها؟ ومستعدا لكل ما قد تواجهانه من عواقب رفض الأهل؟؟ عليك أن تجيب جيدا على كل هذه التساؤلات وأن تكونَ واضحا مع نفسك ومعها.
ما أنصحك به إذن هو إبلاغها بأنك ستكف عن أي اتصال بها لأنك لا تقبل استمرار الوضع الحالي، وإذا كانت ستصر على مشوار طلب الطلاق وتفلح فيه، ووجدت أنت نفسك مستعدا للزواج منها فإن من الممكن بعد ذلك أن تتفقا على الزواج، وأذكرك بقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (البقرة: 235).
وأخيرا أتمنى ألا تتهمني بالقسوة عليك، والباب مفتوح لتتابعني بما قد يكون غائبا عني من معطيات، ولتصحيح ما قد أكون سادرا في تخميني بشأنه، ولكن تذكر دائما أنه: عندما يصلح الحب يصلح السلوك !.
ويتبع >>>>>>: إن لم يكن هذا فيلما ... فقد أحبتك ! م.مستشار