السلام عليكم
بدأت قصتي عند عدم نجاحي في البكالوريا شتمت الله عز وجل ولم يحدث في قلبي أي شيء من التعظيم.. بعدها بأربعة أشهر من الله علي بالتوبة ومنذ ذلك اليوم وأنا أتمنى أنني لم أولد ولم أعرف لا الإسلام ولا الدين ولا الرسل وأبكي على نفسي وأتمنى أنني لم أكن شيئا مذكورا وألوم الله على خلقي وأسيء الظن به فهو سبب كل شر.
خلق إبليس وسلطه علينا وهو يعلم ضعفنا وعجزنا وأنه سيدخلنا النار فتركنا نعبد الأصنام ونشرب الأخمار، ثم بعد ذلك أرسل لنا رسلا نعرفهم بصدقهم ونحبهم ويعلم أن منا من سيكفر بهم ورغم ذلك خلقنا
لمَ هذا؟؟
4/12/2019
رد المستشار
السلام عليكم، وأهلًا وسهلًا بك يا بني
هون عليك، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. صحيح أن الله خلقنا ضعفاء، نخطئ ونذنب، ولكنه فتح لنا باب التوبة على مصراعيه، يفرح بالمقبل عليه، ويعفو عنه، ويمسح ما اقترفه كأن شيئًا لم يكن. قد تسألني: لماذا؟ لماذا لم يخلقنا لا نقع في الخطأ أصلًا؟ لماذا هذا العذاب؟
قد خلق الله تعالى الملائكة لا تخطئ، مفطورة على الطاعة والانصياع لا اختيار لها في ذلك. وشاء أيضًا أن يخلق خلقًا آخر-في ملكه العظيم-، يمنحه القدرة على اختيار طريقه، ومتعه بإرادة حرة عن أي جبر، ولم يسلبها إلا من المجانين. وضعف الإنسان الناجم عن ميله لشهواته، لا يعني تجرده عن هذه الميزة العظيمة التي شرفه بها.
عندما تكون حرًا، ولك القدرة على اختيار طريقك، لست كمن يساق إلى طريق ما سوقًا ليس له فيه اختيار، ولهذا كان المؤمنون الصالحون خير من الملائكة.
أنت حر، لن يستطيع إبليس وضع سكين على رقبتك ليجبرك على المعصية. أنت تستطيع بإرادتك أن تقول له بكل إباء: لن أطيعك مهما فعلت...، ولئن ضعفت وأطعته مرة، فالله تعالى فتح باب التوبة قائلًا لك: هلمّ إلي، وليخسأ إبليس، إنه لن يستطيع إضلالك ما دمت تقبل تائبًا. سلاح التوبة أقوى من أسلحة إبليس كلها، وأقوى من شهوات نفسك كلها.
قد تقول: ميزة الاختيار، فهمتها؛ لكن لماذا الوقوع في الخطأ؟ الله قادر أن يجعلنا نختار الصواب ونستمر عليه دون أن نخطئ بعد ذلك أبدًا. والإجابة: إن الإنسان إذا عمل الصالحات دائمًا ولم يذنب، يُخشى عليه من ذنب أكبر بكثير من الذنوب الصريحة. إذا شعر أنه لا يخطئ، وأنه كامل، سيقع في الكبر والإعجاب بالنفس، وهو الذنب الذي أخرج إبليس من الجنة حيث تكبر ولم يطبق أمر الله تعالى بالسجود لآدم عليه السلام معللًا بقوله: ((أنا خير منه))!!! وهذا الكبر هو الذي منعه من التوبة، فبقي في النار خالدًا مخلدًا فيها.
فكانت قابلية الوقوع بالذنب لتذكير الإنسان بضعفه وعجزه، وأنه بحاجة إلى قوة الله ومعونته دائمًا أبدًا، وهذا الشعور بالحاجة إلى الله تعالى، والشعور بضعف الإنسان وقوة الله تعالى هو لب العبودية التي توصل الإنسان إلى أعلى مراتب الجنة. وبهذا تكتمل صورة هذا المخلوق العجيب الذي فضله الله تعالى على خلقه كلهم: إرادة تختار، وامتحان بالشهوات والوساوس لتبرز قوة هذا المخلوق في اختيار الحق، وضعف يرده عن كبره وعن نسيان ربه، وهذا الضعف لن يضره لأن باب التوبة مفتوح، إنما هو مجرد تذكير له بعبوديته وحاجته إلى الله.
لكن: إذا كان الله تعالى أكرمنا بالإرادة، وأحبنا فجعل الذنب يذكرنا، فأين محبته تلك وقد علم أن هناك من سيعصي ويكفر ويعرض عن التوبة، ويدخل النار؟ أليس خلق هؤلاء محض كره لهم؟
ولهذا سؤال مقابل: ما ذنب الطائعين كي لا يخلقهم الله وكي يُحرموا من نعيم الجنة لأجل خاطر المذنبين؟
ثم إن هذا السؤال يصح فيما لو كان علم الله له أثر في إجبار الإنسان على اختيار الشر، لكن الحقيقة أن علم الله يكشف ما سيكون عليه حال الإنسان فقط، ولا يوجد ظلم في مجرد المعرفة، ويضربون لهذا مثالًا: معلم عنده تلاميذ، منهم المجتهد المجد، ومنهم الكسول المهمل. إذا قال المعلم: فلان المجتهد سينجح، وفلان الكسول سيرسب. وتحقق ما قاله فعلًا. هل يعني هذا أن ما قاله هو السبب في نجاح هذا ورسوب ذاك؟ وهل هو ظالم بعلمه السابق لنتيجتهما؟ لا طبعًا
أنت حر في اختيار الصواب، والانضمام إلى قافلة الصالحين، الذي يطيعون، وإذا أذنبوا فإلى التوبة يبادرون، ولا يتكبرون. أنت حر في أن تكون في الجنة، والصلاح لا يتعارض مع الزلل في بعض الأحيان، وإنما يتعارض مع التكبر وعدم الاعتراف بالذنب، أي كما فعل إبليس.
فهيا قم، ولا تدع الشيطان يخدعك ويتغلب عليك ليضمك إلى قافلته مع المعرضين عن التوبة والقانطين من رحمة الله الكريم التواب، العفو الغفور.
قم صلِّ ركعتين توبة إلى الله، وبادر إلى الصلاة جماعة في المسجد، وستتغير حياتك كلها بإذن الله.
وفقك الله وأخذ بيدك، وأبعد عنك نزغات الشياطين، وأهلًا بك وسهلًا في كل وقت وحين
ويتبع >>>>>>: رسبت ... شتمت الله فوقعت في الشك ! م