السلام عليكم
لدي صديقة تعرفت عليها عن طريق النت أصبحت الصداقة قوية جدا وكأن علاقتنا عشرين سنة على الرغم من أنها تقيم بعيدة عني إلا أنني استطعت أن أراها ثلاث مرات وتبادلنا الهدايا
أعرف عنها كل شيء نتكلم مع بعض يوميا.. لكن اكتشفت أنها سيئة للغاية تكذب علي كثيرا على علاقة مع الشباب ضايقتني جدا..
أود تخفيف علاقتي معها دائما أقول سأجعل علاقتي سطحية لن أسأل عنها كثيرا لكن لا أستطيع ماذا أفعل??
سؤال آخر أنا سريعة التوتر والنرفزة أفقد تركيزي بسهولة ما الحل؟؟
أريد حلولا عملية لا أريد مجرد كلام ونصائح
19/12/2019
رد المستشار
أهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية الأخت "دانة"
بالنسبة لسرعة التوتر وفقد التركيز بسهولة لا يُمكنني أن أخمن السبب وراء هذا ومن ثمّ لا يمكنني أن أعطيك نصائح عملية للتخلص أو التخفيف من ذلك، لأنني أؤمن بأن معرفة منبع المشكل يساعد كثيرا في حلّه، يجب أن تتأملي نفسك جيدا وقت غضبك وتلاحظي السبب الخفي وراء توتّرك وفقدك للتركيز، هل هذا بسبب رهابك الاجتماعي، أو بسبب ضعف التوكيدية، أو بسبب معاملة تنتظرين عكسها.... إلخ
نأتي لقضية صداقتك "الافتراضية"، نعم تبقى افتراضية ومثالية حتى لو التقيت معها ثلاث مرّات، ويبدو أن سبب تعلّقك بها لهذه الدرجة هو غياب علاقات دافئة وعدم وجود شخص في حياتك تحكين له باعتدال عن همومك وأفراحك، أو هو موجود في أسرتك أو محيطك لكنّك متوجّسة وخائفة من الإفصاح وإظهار نقاط ضعفك وتفاصيل حياتك لأحد قريب منك، فوجدت صديقة غريبة ليست من بلدك، فأخرجتِ مكنونات نفسك بطريقة شرهة، أنصتت لك وربما أعطتك دفعة إيجابية فدخلت حياتك بقوة واقتحمت منطقتك الخاصة. وصارت محورَ حياتك وصار رأيها مهما بالنسبة لك، وجرعة الحديث والنقاش اليومي معها صارت ضرورية.... هل هذا يعني أنّك تشعرين بفراغ قاتل ولا تشعلين نفسك بشيء مفيد ؟ ! أو أنّك اتكاليّة على المستوى الوجداني ولا تستطيعين تسيير انفعالاتك وعالمك الداخلي، فتسعين لتعويض هذا بالالتصاق الدائم بهذه الصديقة ؟ !
إن كان الوضع هكذا، وتريدين نصائح عملية لا مجرد كلام وحواديت، أقول لك أن النصائح العملية قد تعرفين أكثرها، لكن مشكلتك أنّك واقعة تحت تأثير الإدمان، ومن يُدمن شيئا عندما يتخذ خطوات صحيحة تماما يشعر بأعراض الانسحاب، شعور بالضيق والضجر، قلق وتوتر، ألم نفسي ورغبة ملّحة في العودة لما أدمن عليه الإنسان..... وهذا ما يحصل لك.
سأعطيك خطوات عملية لن تكون ناجعة إلا إذا سرْتَ معها وبها إلى آخر الطريق، وإلا فلن يكون لها أثر وستفقد عمليّتها ونجاعتها إن غاب العزم منك في تطبيقها كحمية تخفيف الوزن.
1- اقتصري على السلام عليها وسؤالها عن نفسها فقط، كخطوة أولية. ولا تكثري معها الحديث ولا تسأليها عن مواضيع سابقة ولا عن مشارعها في الحياة وإن سألتك فأجيبي أجوبة عامة وفضفاضة (أنا بخير.... أعمل جاهدة في هذه الدنيا كأي شخص... إلخ)
2- الخطوة الثانية هي أن تنظري لها كأي إنسان بغض النظر عن كذبها أو صدقها، فهي حتى إن كانت صادقة فعلاقتك بها مبالغ فيها ومستنزفة وغير صحيّة وتُنبئ بتعلق مرضيّ ونضج متأخر.... لذا يجب ألاّ تنظري لها وكأنها المخلّصة لك من كل الهموم وسامعة لكل شكاويك، يجب أن تتعلمي العيش مع آلامك وهمومك وأفراحك وتشاركينها مع الناس بشكل معتدل ومعقول. بمعنى آخر تعلّمي وأيقني أن بمقدورك الاستقلال عنها فلم تعودي طفلة.
3- ألغي متابعتها ولا تقرئي منشوراتها ولا تترقبي ردّة فعل معينة منها بعد تغير تعاملك معها، لأنك ستدخلين دوامة أخرى وكل كلمة في منشوراتها ستؤولينها على أنها تعنيك، وربما تدخلين بعدها في نقاش معها وقصدها وتشرحين لها موقفك لتعودي لنسف الخطوة الأولى.
4- إن كان لديك قنوات تواصل متعددة معها (هاتف، واتس، فيسبوك...) فلا تُبقي إلا على واحد منها وهو الذي تستطيعين أن تتحكمي فيه أكثر ولا تقتحم عليك برسائلها، فالفيس إن كانت إشعارات الرسائل معطلة فسيكون أفضل من الواتس والهاتف، ولا تطلي ولا تبحثي هل بعثت لك شيئا أم لا.. وإن دخلت الفيس فاعتبريها كأي شخص فيه لا يهم وجوده بقدر ما تعطيه أنت تلك الأهمية.
5- إن سألتك فلا تحاولي أن تشرحي لها قصة حياتك، قولي لها فقط أنك تحتاجين للتراجع قليلا والتخفيف من التواصل مع الناس كلهم، وتحتاجين فترة راحة دون دراما ولا إساءة لها قد تُدخلك في دوامة التعاطف وتأنيب الضمير.
6- بعد كل هذه الخطوات قد تضعفين يوما ما، وتهرولين إليها باكية أو شاكية في لحظة ضعف، ستشعرين برغبة في الارتماء بين أحضان صديقتك المستمعة، إن قاومت بضع ساعات ستفوزين وإن ضعفتِ ستبدين متناقضة في نظرها وانتهازية وستدمّرين كلّ ما بنيته في الخطوات السابقة، وعندما يصل الإنسان لهذه النقطة قد يشعر بالإحباط الشديد ويتخلى عن خطة العمل التي ألزم بها نفسه.
7- اشغلي نفسك وحاولي الخروج من قوقعتك الصغيرة، واكتشفي العالم، لا زلت صغيرة، والحياة لا تقتصر على شخص واحد حتى لو كان أروع الناس، تعلمي هوايات جديدة اكتشفي نفسك كإنسانة ناضجة مقبلة على العشرينيات وحاولي أن تتخلصي من آلياتك الطفولية التي تستخدمينها (الاحتياج الشديد لشخص يسمع لك كل مرة، التعلق العاطفي المبالغ فيه بشخص آخر...) لتضعي مكانها آليات أكثر نضجا تحققين فيها ذاتك وتشعرين بالثقة والأمان من إنجازاتك وليس من مجرد علاقات واهية وافتراضية تستنزف أكثر مما تقوّي.
وتمنياتي لك بالتوفيق والسداد
اقرئي أيضًا:
فرط التعلق بالآخرين : توزيع الحب علاجا !
تعلق بصديق : التعلق المرضي