Father
مرحبا أنا عندما كنت في فترة المراهقة لم أكن أحترم أبي لكن الحمد لله.... لم أعد كذلك لقد أصبحت أحبه لدرجة أنني لا يمكنني أن أغضبه.
إلا أن أفراد عائلتي لا يحترمونه أبدا ولا زالو يقولون أنني لا أحترمه تعبت من تأنيب الضمير وتعبت من رؤيتهم يسخرون منه مع العلم أنه أحسن منهم
أحمل أمي المسؤولية كذلك لأنها دائما كانت تظهره أنه قليل الشخصية وتسخر منه أمامهم لكنه كان يتألم ولا يريد الكلام حتى لا تتدهور العلاقة ...
باختصار الآن أريد أن أكفر عن خطئي لأبي وأظهر له كمية الحب التي أحملها له.
وكيف لي أن أجعل عائلتي تنسى ما كنت أفعل لأنهم دائما ما يذكرونه ؟؟
أرجوكم لقد تعبت كيف أعوض أبي ؟؟؟
والله أحبه لدرجة أنني لا أتحمل أي شخص يقول عنه كلمة سيئة
20/12/2019
رد المستشار
أهلا بك على موقع مجانين للصحة النفسية يا "هبة" وأهلا بأهل المغرب.
جميل أن مشاعرك وسلوكك تغير اتجاه أبيك، فترة المراهقة فترة تقلبات شديدة وصراع مع سلطة الأبوة وحرب مع القوانين التي يضعها الآباء وإرادة خروج من الصورة التي يُراد للمراهق أن يتقولب فيها، فترة إثبات للذات وتمرّد، فمن الطبيعي أن يحصل ما حصل معك في ظروف وأسرة تُفرز ولو بشكل غير مباشر عوامل ظهور ما ظهر منك.
كونُك تغيّرت لا يعني أن الآخرين سينسون ما كنتِ تفعلين ! أي أن ماضيك كان تحت المجهر، ولا يمكن محوُه، خصوصا أنّك الآن تعيشين بالضبط ما كانوا يعيشونه معك، إذ كانوا ينصحونك بأن تحترمي أباك أكثر لكنّك كنت ترفضين ولا تُصغين، وتغيّرت لما تظافرت الشروط والتجارب الوجدانية ونضجتِ قليلا على رسلك، فكيف تريدين منهم أن يسمعوا لك أنت، خصوصا أنّهم يرونك في تناقض صارخ الآن مع ما كنت عليه من قبل... لذا ليس عليك شيء بخصوص تصرفاتهم اتجاه أبيك، فلا تزر وازرة أخرى، وقد علمتِ أيضا أنّ تغيير الناس ليس سهلا ولا يكون دائما في المتناول.
وما تعيشنه الآن هو كما قلتِ تأنيب للضمير وتريدين أن تعوّضي أباك بالحب والطاعة، لكنّك بسبب تأنيب الضمير تريدين أيضا تعويضه بأن تستميلي كلّ أفراد الأسرة وتُرغمينهم على احترامه ! فهل هذا ممكن ؟
إن العلاقات الأسرية معقّدة وتحتكم لدينامية معيّنة قد تتجاوز قدرتَك وفهمك أيضا، فضلا عن دور أبيك في بناء صورة معينة عنه مع زوجته وأولاده، أي أنّه يتحمّل مسؤوليته أيضا، وأقصد بالمسؤولية هنا تبعات تصرفاته وطريقة كلامه وطريقة حسمه في النزاعات الداخلية للأسرة، ولا أقصد المسؤولية الأخلاقية هنا، أي أنني لا ألومه، لكني أقول لك أن تصرفات وشخصية معينة ستؤدي بالضرورة إلى تفاعلات وعلاقات ذات طابع ينحدر من تلك التصرفات والشخصية.
فأنت الآن تحاولين جاهدة لكن للأسف ستشعرين بالعجز والإحباط، وسيزيد تأنيب ضميرك لأنك ترين نفسك مسؤولة عنهم وعن تصرفاتهم اتجاه أبيك.
فما عليك الآن فعله والتركيز عليه هو التخلص من الفخ النفسي الذي وقعت فيه وهو تأنيب ضمير متضخّم لدرجة تريدين أن تغيّري حياة أبيك وعلاقته مع أسرتك بطريقة سحريّة غير واقعية، بنوع من التكفير عن خطاياك السابقة، ويكفي أن تتغيري أنت وتُبرهني على حبك وإحسانك له، فهو يعلم جيدا أنك هبة ولست شخصا آخر وأنك مسؤولة عن أفعالك فقط، ويكفيك فخرا أنك أنت تحترمينه وتُراضينه ويشهد لك وحدك بذلك، ودع الأمر لأطراف النزاع فهم من عليهم إدارة خلافاتهم، وأيضا يجدُر بأبيك أن ينهر من تجاوز حدّه ويضع حدودا واضحة ويغيّر من قوانينه وطريقة "سياسته" في البيت، وإلا لن يكون هناك تغيير ولن تتحملي عناء البناء بالاعتراض والانتقاد، في حين يأتي هو ويهدم ما بنيته بسكوته أو تجاوزه أو تسامح في غير محلّه.
تمنيّاتي لك بالتوفيق ومزيد من النّضج.