كسل ونسيان وانعزال
مشكلتي تتلخص في الانعزال والكسل وفقدان الاهتمام بكل شيء تقريبا، كما أنني أعاني من النسيان الشديد والسرحان، تراودني فكرة أني أريد أن أمكث في مكان بمفردي، وأن لا يكون معي أي شخص ولا حتى من عائلتي، وذلك بالرغم من أنني أمكث أغلب الوقت في غرفتي بمفردي، ولكن هذا لا يكفيني فأرغب بانعزال تام.
لا أستطيع التحديد بالضبط متى بدأ هذا الأمر، فأنا شخصية انطوائية بطبعي، ولكن يمكن القول بأن هذا الانطواء لم يعد خارج المنزل فقط بل داخله أيضًا، وأنا لا أعاني من مزاج اكتئابي، فمزاجي عادي، متقلب أحيانا ولكن تقلبات بسيطة، علما بأنني عانيت منذ سنة تقريبا من الاكتئاب والهلع.
أرغب في تعلم أشياء جديدة وأقوم بوضع أهدافٍ لنفسي، لكن استيعابي أصبح قليلاً، علمًا بأنني لست غبية أبدًا، ولكن قدرتي على تحصيل المعلومات أشعر أنها تأثرت كثيرا، وكأن عقلي مغلق لا يرغب في إدخال المعلومات إليه، لا أقدر على قراءة مقالات طويلة، نعم لم أكن يومًا محبة للقراءة، ولكن بعيدا عن الكتب، فإنني حتى أملّ من قراءة منشورات الفيس بوك الطويلة، لا أستطيع ذلك.
أحيانا يراودني شعور بأن أصدقائي يسخرون من تصرفاتي فيما بينهم، أو يقللون مني ويتحدثون عني بالسوء، أو في بعض الأحيان تراودني فكرة أن صديقتي تفشي أسراري للآخرين، وتصيبني تلك الأفكار بالقلق، وهي تأتيني من حين لآخر ثم تزول. أما مشاعري نفسها تجاههم بشكل عام فهي غير مفهومة بالنسبة لي، لا أشعر بالتعاطف معهم في أي مشكلة ولكنني أتظاهر بذلك، أنا بالنسبة إليهم صديقة مثالية، ولكنني لا أعلم ماذا يمثلون بالنسبة لي، لست أتوق لرؤيتهم حينما يغيبون فترة، ولا أحزن لحزنهم أو أفرح لفرحهم، ولكنني لا أسيئ إليهم أبدا ودائما ما أحرص على أن أكون بجانبهم حينما يحتاجون ذلك.
أنا تائهة جدا في عقلي، أشعر أنني في أعيش في عالم آخر، وكأنني مغيبة عن العالم، أعلم أن الإنسان عليه أن يسعى ليكون أفضل، نعم أنا مقتنعة بذلك، ولهذا أحاول التغيير، ولكن أشعر أن الأمر بالغ الصعوبة، وإحساس اللامبالاة وعدم الاكتراث من جهة أخرى يسيطر عليّ بشكل كبير.
كما أن إرسالي لكم تلك الرسالة تطلب مني الكثير من المجهود، فأنا أشعر أن هناك من سيعرف أنه أنا، وأن الجميع سيعرف، وتأتيني فكرة إن مزودي خدمة الإنترنت يراقبونني ويطلعون على رسالتي ويسخرون مني، لا أعلم لماذا تأتيني تلك الأفكار أو الوساوس لا أعلم ماذا أسميها؟.
لا أعلم ماذا أفعل ؟؟
أتمنى أن تدلوني على الحل السليم، وكيف أخرج من حالة الكسل واللامبالاة التي لديّ؟.
5/1/2020
رد المستشار
صديقتي
إن انعزالك عن الناس وعن الحياة هو السبب الأساسي في حالتك... قلة تعرضك للمعلومات التي تنتج عن حراك الحياة والتفاعل معها ومع الناس يجعلك خاملة الذهن ويقلل من قيمتك في نظرك أو تقديرك الذاتي... هذا يجعلك تشكين في نفسك وفي الآخرين وفي نواياهم... هذا أيضا يجعل الأشياء البسيطة أكثر صعوبة مما هو معقول أو منطقي ويجعلك تميلين للاكتئئاب والمزيد من العزلة وعدم الإحساس بالتواصل مع الدنيا وما فيها... هذا يؤثر على الذاكرة والقدرة على الاستيعاب.
القراءة لا يجب أن تكون واجبا وإنما رغبة في المعرفة وإرضاء للفضول... تعاطفك مع الناس ليس واجبا أيضا وافتقادك لهم ليس أمرا حتميا ولا ينقص منك أو يجعلك أقل مما ينبغي أن تكوني عليه كإنسانة سوية.
عندما تختارين أهدافا لنفسك، يجب أن تكون أهدافك هذه أهدافا شخصية حقيقة وليست ما هو معتاد في المجتمع أو ما يقول الآخرون أنها الأهداف التي ينبغي أن نحققها... احرصي على أن تكون أهدافك ليس لها علاقة إلا برغبتك أنت (طالما أنها ليست على حساب ضرر الآخرين أو مخالفة للقيم) ولا تبالي برأي أي شخص كائنا من كان... أقبلي على الحياة على أنها لعبة مليئة بالمفاجآت السارة والتحديات والألغاز وفرص التعلم والازدهار... لن يحدث أيٌّ من هذا في حالة الانعزال... ليس هناك ما يستدعي الخوف من ممارسة الحياة وليس هناك ما يمكن أن يحمينا من تحدياتها إلا مقدرتنا على التعامل معها عن طريق اكتساب الخبرات والمعلومات.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب