هل شخصيتي سوية أم مضطربة؟
في البداية أرجو أن يتسع صدركم لاستشارتي وسأحاول الاختصار قدر المستطاع أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة عاطل عن العمل وأكبر الأبناء في عائلتنا، الأمر يزعجني دائماً وأشعر بأني غير كفؤ لأن أخي الأصغر مني سناً هو من يتحمل مسؤولية وواجبات العائلة بمشاركة والدتي وأختي الأكبر مني سنأَ وأشعر أني عالة على أهلي بعد وفاة أبي.
والعرف المعتاد أن الأخ الأكبر هو من يعول المنزل ولكني لا أفعل هذا الأمر على أكمل وجه ولكنني متعاون مع احتياجهم لي كثيرا ولكنه غير كافي وذلك بسبب اللامبالاة والتسويف الكثير الذي كان ولا زال متأصلان بشخصيتي وعدم الشعور بالانتماء أو الاهتمام بالجو العائلي ودائما ما أكون في غرفتي على جهاز الكمبيوتر أو الألعاب الإلكترونية وأسعى دائماً إلى تغيير هذا الشيء وأفشل بسبب الخواء الذي أحسه معهم إذ لا أسترسل معهم بالأحاديث كثيرا ولا أشاركهم الأنشطة والخروج فتواصلي معهم محصور فقط في الاستفسارات والمواضيع والمهام المطلوبة مني أو العكس.
والأكثر إيلاماً لي في كل هذا علاقتي بوالدتي التي تبدو مشوهة ولا تحكمها العاطفة إليها ولكني أكن لها الاحترام والتقدير على الدوام وأنا في العموم شخص محترم وذو أخلاق عالية بشهادة إخوتي والناس المحيطة بي ولكنني لا أصارحها فيما أشعر أو ما أواجهه أو الجلوس معها حتى وتبادل الدردشات كبقية إخوتي فأنا كتوم بطبعي مع الجميع فيما يخص مشاكلي وهمومي وقليل البوح والتفاعل العاطفي.
ترددت كثيرا من أين أبدا في معاناتي ولكن سأبدأ هذا الأمر عندما حصل التغيير في أواخر دراستي المرحلة الثانوية تدهورت حالتي المزاجية وكنت أشعر بالكدر والضجر دائماً وتدهور تحصيلي ومستواي الدراسي وكنت قبل ذلك متفوقا في جميع مراحلي الدراسية ولم كنت أعي أن ما أصابني كان هو الاكتئاب إلا بعد ما تثقفت بهذا المرض مؤخراً ومرت الأيام وأنا بهذه الحالة وأكملت دراستي الثانوية ونجحت ولم أكمل دراستي الجامعية بسبب وضعنا المادي الضعيف وكنت أندب حظي بعد سنين التفوق فيما سبق والطموحات العالية التي ذهبت في مهب الريح والحمد لله على كل حال.
كل هذا كان لم يكن يؤثر في علاقاتي الاجتماعية وكنت أتواصل مع الناس والأصدقاء وأخرج كثيرا وكنت محبوبا من الجميع بسبب أني شخصية ذات طابع فكاهي وكثير المزاح مع الكل عكس هذه الأيام التي أتحاشى فيها الناس بسبب شعوري بالوصمة والفشل في الجانب العملي والشعور بعدم التكافؤ بيني وبين بقية أصدقائي الذين لديهم وظائف، ولكن أتذكر أنني كنت دائم القلق والتوتر في كثير من الأحيان، ولكن معاناتي الحقيقية بدأت عندما قطعت علاقتي بأغلب أصدقائي المقربين مني في نفس الحي.
وجربت مادة الحشيش التي كنت أتعاطاها مع صديق لي آخر من أيام الدراسة وكنت أتعاطاها من فترة إلى فترة وانقطعت عنهم الآن حوالي أربع سنوات بسبب خلاف بسيط بيني وبين أحدهم يخص الغرفة التي نجتمع فيها أيضا مع بقية الأصدقاء وطلب مني الأخير أن لا أفعل شيئاً ما فاحتكمنا إلى باقي الأصدقاء ووقفوا معه وأيدوه بحجج وأسباب واهية ومزاجية والحق معي أحسست بعدها بأنهم يهمشونني ولا يضربون لي حساب عكس صديقي فلان بسبب علمهم أني صرت متعاطيا وأني مختلف عنهم وفي هذه الفترة في الأصل أصبحث كثير الغضب والهياج وصرت أعتزلهم وأجلس في البيت كثيراً ولكنني أحسست أنهم انتصروا علي وعدت الفعل والتجربة ولم أضرب لهم حساب وصرت أتواجد في مكان تجمعنا وفعلت نفس الفعل أو الطلب الذي تناقشناه فيما بيننا ألا أفعله هنا (ليس تعاطي المادة) وانفجرتُ عليهم وعلا صوتي بأنكم تتصيدون لي الأخطاء وتصرفاتكم طفولية وما إلى ذلك.
وتدخل الناس بيننا وفضوا الاشتباك مع أنها بسيطة ولكن أحسست بأن الأمر يمسني شخصياً وأنا أولي نفسي وكرامتي فوق كل شيء فقطعت علاقتي بهم ولكن الاحترام والسلام كان متبادلا بيننا حتى هذا الحين في حال التقينا نتبادل الأحاديث العابرة على عجل، ولكنني كنت أراجع هذا الموقف ومحادثاتنا كثيرا في عقلي لأن العلاقة التي كانت بيننا بمثابة (عشرة عمر) وبيننا الكثير من الذكريات وأتألم ولكن في نفس الوقت كنت سعيدا بأني فعلت الصواب بهجرهم ودخلت في دوامة مع نفسي ولم أستطع تجاوز هذه المرحلة بسهولة.
وزرت طبيب أعصاب ونفسي وشرحت ما أعاني منه وهو كثرة السيناريوهات في هذا الموقف والتعب الذي أشعر به بسبب كثرة التفكير فيه وشخص حالتي بالاكتئاب الذهاني فوصف لي أدوية من ضمنها كان الإندرال وبريستيك والريسبيدال ومجموعة بروتينات وفيتامينات وغيرها ولكنني لا أذكرها جميعا الآن وفي الأصل أنا كثير النسيان.
والحمد لله استقرت صحتي النفسية بعد ستة أشهر وأكثر بقليل وكنت في هذه الفترة أسعد مراحل حياتي وبدأت أكون صداقات وعلاقات جديدة وكنت أحس بنشوة عارمة وإقبال على الحياة بشكل جميل، بعدها بفترة جربت مادة الكبتاجون التي دمرتني عقليا وسببت لي الوساوس والمخاوف والهياج على أتفه الأمور ولكن انتكاستي الفعلية كانت بعد ما أفرطت في تناول كمية كبيرة من المعتاد منها في أيام متلاحقة ولم أذق فيها طعم النوم بحوالي 5 أو 6 أيام وصرت أنام قهريا بعد شرحي للصيدلي حالة اليقظة هذه فوصف لي الليبونكس وصرت أنام لساعات طويلة كجثة هامدة ولكن القلق والتوتر كانا لا زالا موجودين.
وفي هذه الفترة أصبت برهاب اجتماعي وقلق شديد وخرس لا أتكلم إلا كلمات يسيرة مع الأهل وبصعوبة شديدة فصرت حبيس البيت لمدة أسبوع بعدها رجعت للطبيب وأخبرته بأني لا أستطيع النوم فقط وما إلى ذلك وأخفيت عنه التعاطي لأن والدتي كانت معي فقد كنت منهاراً بشدة وخائفا فأنكر علي تناولي لليبونكس وإني لو أكثرت منه كان سيفعل مضاعفات لا يحمد عقباها وطمأنني بأن الكمية في الدم لم تفعل هذا التاثير ووصف لي الريميرون والسيبراليكس وبعض الفيتامينات وسبب لي السيبراليكس قلقا ومخاوفا أشد.
وصرت أتردد على راقٍ شرعي ويقرأ علي ما تيسر من القرآن وأهدأ لساعات حتى تعودت على العلاج وصرت مواظباً على صلاتي واستقرت حالتي بعد فترة ولله الحمد واختفت الوساوس والقلق والرهاب لكنني توقفت عن زيارة الطبيب بسبب تكلفته العالية وأوقفت الدواء بعدها من نفسي بفترة، وكل ما تنتكس حالتي ويرجع إلي القلق والتوتر مثل هذه الأيام وخاصة في الشتاء أعود إلى الاستشارات في موقعكم وأتناول الدواء القريب من وصف الحالة التي تنطبق علي، والأدوية التي تناولتها هي الدوجماتيل والبروزاك والسيبراليكس.
وأنا الآن قريب من إتمام شهر على اللوسترال ونتائجه فعالة معي ولكن أشعر بالكتمة معه بعض الأحيان، ولكن الروتين في حياتي لم يتغير وأشعر أني أسير عاداتي وأن قطار الحياة قد فاتني، فأنا أغلب الوقت أفضل المنزل واعتزال الناس في الغالب والأصحاب إلا بعد إلحاحٍ منهم ومعرفة النشاط الذي سنفعله بسبب عدم ثقتي المطلقة فيهم أو الأريحية الكاملة وعلاقتي متأرجحة معهم بين الفتور تارة والإقبال تارة أخرى وألتزم بفواصل وحدود معهم وعندي سلوك ظناني في حالة تعكر مزاجي فقط أو بسبب أني أعتقد أنهم سيضيعون وقتي بلا فائدة مرجوة من هذا اللقاء معهم.
وشيئاً فشيئاً صرت قليل التواصل مع من تبقى أو الخروج معهم إلا إذا كان مزاجي رائعا ولو كان غير ذلك يمكن أن لا أرد على اتصالاتهم في الغالب وأنزعج منها كثيرا أو أخبرهم بأني سأخلد للنوم باكراً اليوم أو أتحجج بأي حجة في نهاية الأمر أنا لست بحاجتهم ولا أطلب من الناس شيئا فعزة نفسي كبيرة ولا أكترث لمآل واتجاه أية علاقة لأني في الأساس لا أبادر الاتصال بأحد بل هم من يفعلون ذلك ولا أحب أن أنافس الناس بتحقيق الانجازات فأنا أحب فعلاً أن أكون متميزاً وناجحاً مثل البقية ولكن بتوقيتي وبطريقتي الخاصة فلا أحب أن يتفضل علي أحد أو ألجأ إلى شخص ما لمساعدتي مادياً، أو يفسر سلوكي بالتنافس معهم كردة فعل وأشعر بأني لا أحسن المنافسة على الفرص.
سؤالي يا دكتورنا العزيز هل أنا شخص سوي أو أن شخصيتي بها علة تصل حد اضطرابات الشخصية لأني كثيرا ما أقرأ في الشخصيات وأعراضها وأحس بالحيرة دائما من نوع شخصيتي ووضعي، لا ألتزم بما أنوي له أو انعدام وغياب الإرادة لتنفيذ التخطيط والترتيب في أموري الدنيوية لأني أشعر بخيبة أمل كبيرة كل ما حاولت ولم تنجح الفرصة التي كنت أتوقعها هي بداية رجوعي للمسار الصحيح بسبب قلة الموارد أو بسببٍ آخر، أُشبه حالتي بأني مراقب وكأن من يعرفني يريد أن يعلم كيف صار وكيف هي حالي حتى من الأصدقاء وكأن أي اتصال منهم بداية تحقيق.
أنا في وسط دوامة وفوضى وأريد الخروج منها ولكن لا أعرف المنفذ!، كثير التفكير بالماضي وبحالي الاجتماعي ولدي أحلام يقظة دائمة بأني أمتلك مالاً وفيرا وأحسن وضعي ووضع أهلي والناس التي حولنا لأني بالفعل كريم وسخي حين أعمل عملاً مؤقتا وأحصل على المال.
هل أقطع اللوسترال أو أضيف معه علاجاً آخر يقلل من أعراضه الجانبية كالكتمة والصداع، الدواء بدا لي فعالاً في بداية تناوله وأذهب عني الكسل والخمول وتحسن مزاجي وأصبحت نشيطاً ومتفاعلاً مع أهلي عكس هذه الأيام التي أشعر بأنه أدخلني في قوقعة انعزالية أكثر مع باقي الناس
وشكراً لكم مقدمًا
(الاستشارة خاصة وأرجو أن لا يتم نشرها)
31/1/2020
رد المستشار
رغم الرسالة الطويلة والتي أسهبت فيها وأعطيت تفاصيل عن حياتك وعلاقتك بالأسرة والأصدقاء وما يتخللها من سلوكيات. وكذلك الأعراض الاكتئابية...
فإن المشكلة لا تنحصر في كل ما ذكرته في رسالتك... المشكلة واضحة أمامك، وأنت تدركها تماما... مشكلتك أنك عاطل عن العمل... وكل ما ذكرته شيء، وأنك عاطل شيء... رغم أنك كنت متفوقا في مراحلك الدراسية ولم تستطع الالتحاق بالجامعة لأسباب ذكرتها في رسالتك... لكن هذا لا يعني أنك غير قادر على العمل وخاصة أنك في السعودية...
حاول البحث عن عمل... اطرق كل الأبواب واتصل بمعارفك وأصدقائك... هنا ستجد حلا لكل مشاكلك... أما بالنسبة لسؤلك عن علاج اللوسترال... أنصحك أن لا تأخذ أي علاج إلا بوصفة طبيب...
ويتبع >>>>>>> : هل شخصيتي سوية أم مضطربة؟ م