أشعر أن بي خطباً ما، أنا على حافة الجنون.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أكتب لكم رسالتي تلك وأنا أحترق من شدة الضيق، أرجو منكم ألا تتجاهلوا رسالتي فربما تكون الأخيرة لأنني أشعر أن كل الأبواب أغلقت في وجهي وتملكني اليأس. أرجو أن تفيدوني، بالله عليكم ساعدوني فأنا في أمس الحاجة للمساعدة.
أنا أدعى إسراء فتاة مسلمة ولي الشرف، عمري ٢١ سنة مصرية، مخطوبة والحمد لله لشاب خلوق وأعيش مع أسرة تتكون من أمي وأخّين شباب وأنا الأخت الصغرى ووالدي متوفى _رحمه الله_ ولا يوجد في عائلتي أي حالات توحي بأن شخص أصيب بمرض نفسي، لا أدري ولكن لم ألحظ ذلك فأنا بصحة جيدة ولكن مشكلتي الوحيدة هي انقطاع الطمث لفترات كبيرة تصل لـ٦ أشهر ولا أتناول أي أدوية ولم أذهب يوماً لطبيب.
المشكلة بدأت عندي منذ طفولتي، لا أدري كيف أبدأ لكن منذ كان عمري ٦ سنوات وأنا أكره شخصيتي وأشعر أنني لا أستحق الحب والتقدير وذلك نتيجة لإهمال عائلتي لي، في الحقيقة أشعر أنهم لا يحبونني أو أنهم لم يرغبوا في وجودي أصلاً، أشعر أنني خطأ في هذا العالم، دائماً يسخرون مني ويُعنّفوني على أقل الأخطاء، ومعهم أحس أنني عبء ولا قيمة لي، كنت أجد نفسي أهرب من عقابهم وسخريتهم مني من خلال اقتباس شخصيات أراها في التلفاز، كنت أقتبس أي شخصية تعجبني وأقوم بتمثيلها وأظل أمشي في غرفتي بالساعات دون ملل، كنت أحس بذاتي حين أفعل ذلك، وحين كان يراني أهلي ويسخرون مني كنت أبرر أنني لا أكلم نفسي وأنني فقط أتسلى وأتذكر شيء بصوت عالي.
تطور معي الموضوع وحين وصلت لعمر الـ ١٤ قمت باختراع شخصية خيالية من تأليفي اخترت لها ملامح واسم وعمر وعمل وتلك الشخصية كانت لا يقف شيء في وجهها، تحب نفسها وتحترمها وتقدرها، لديها حبيب يعشقها، امرأة ذات نفوذ، محبوبة وغنية ينهمر عليها التقدير والاحترام والحب كأن الله أعطاها كل حظ الدنيا وأنا شخصياً كنت أعشقها واقتبست من حياتها أشياء أقوم بتطبيقها في واقعي لكن بشكل سلبي فمثلاً: هي كانت سحاقية فكنت أحاول بشتى الطرق للإيقاع بصديقاتي لممارسة السحاق معهم وإن فشلت أُجن وأصاب بنوبة من البكاء رغم أنني أحياناً أحب الرجال لكن لا أدري لما فكرت في النساء؟! يمكن أن يرجع ذلك إلى تحرُّش أخواي بي منذ الصغر. لا أدري، لا أشعر بالارتياح وأنا أتحدث عن هذه الأمور.
حسناً سأكمل باقي الصفات التي أخذتها من شخصيتي الخيالية مثل أنها شخصية غنية وأنا كنت أريد أن أكون مثلها فكنت أرتكب حماقات وأتصرف بطيش لأجلب المال أو أنها تؤمن مثلاً بالحرية المطلقة في كل شيء فكنت أقلدها وأرتكب اشياء غبية، كنت أشعر أنها تستحوذ عليّ حتى أنني كنت سأهرب من البيت لأشق طريقي وأكون مثلها، بنيت عالم لها يا صديقي، لا أدري لماذا فعلت ذلك؟! لكن أنا أتأثر بها وهي تتأثر بي، أظن أنك تسخر مني الآن وتضحك كما يفعل أهلي، أرجو ألّا تكون مثلهم.
المهم أنني في هذا الوقت كنت بعيدة كل البعد عن الله، أفعل كل شيء محرم ببرود وطيش وإيماناً مني بالحرية المطلقة. كنت طائشة حقاً أفعل ما يمليه علي رأسي وكنت أرى الزواج شيء غبي ويُكبّل حريات البشر كنت غربية التفكير. صراحةً كنت سيئة الأخلاق وحقيقةً كنت أحب تمردي لأنني أتلذذ بالانتقام من أهلي ولكن كنت أشعر أن شيئاً يستحوذ علي يجعلني أتمرد، فكرة تظل تُلحّ علي بشدة _لا أدري_ وإن لم أنفذها يزيد انفعالي وضيق صدري فأقوم بتنفيذها.
لا أدري أشعر دائماً أنني أحمل شيئاً فوق صدري ثقيل أشعر معه بالإعياء واليأس والكره، أشعر أنه لا معنى لتلك الحياة، أشعر أنني منبوذة، أنا سريعة الانفعال وعصبية لا أتحكم في مشاعري، إن قلت لي "أهلاً بك" بشكل لا يعجبني أُجنّ ويمكن أن أفكر في الانتحار. حقاً أنا ضعيفة، كذلك! أنا لست شخص مرن، أنا إما أحب وإما أكره ومزاجي شديد التقلب في ثانية واحدة يتقلب شعوري تجاهك.
المهم أنني استمريت على هذا المنوال حتى بلغت الـ ١٨ وحدثت لي أكبر فاجعة في حياتي وهي موت أبي المفاجئ، كنت مصدومة ولم أستوعب أن شخصاً يمكن أن يموت فجأة دون حتى أن يُلقي وداعاً أو يهيئنا للصبر على فراقه. تلك الحياة مؤلمة، يا ليتنا كنا في الجنة، يا ليت إبليس لم يكفر _الحمد لله_ .
المهم أنني حدثت لي بعد وفاة والدي حالة غريبة لم أستطع تفسيرها وهي أنني كنت أشعر أنني سأموت كل يوم لمدة ٤ أشهر، أشعر أنني سأموت شعور لا يفارقني وأفكار لا تنتهي تكاد تصيبني بالجنون أثناء نومي واستيقاظي وصلاتي وجلوسي مع عائلتي خارج المنزل أو داخله، كنت أشعر أن هلاكي اقترب وأني على موعد مع عذابي لا محالة فأنا لم أُقدّم شيئاً لله. كيف سأذهب له وأقابله؟ كيف؟
بدأت أصلي وألتزم ولأول مرة في حياتي أشعر أنني سعيدة، التوبة جعلت مني شخصاً جديداً يحب الله ويحب الناس، ابتعدت عن أي شيء يغضب الله كنت أفعله في السابق. تغيرت حياتي حقاً لكن فرحتي دائماً ناقصة فشعوري بالموت كان يقتلني والأفكار التي تراودني عن عذابي في القبر تجعلني أجهش بالبكاء، كنت أتحسر على نفسي، كنت أقول معقول عمري قصير للدرجة؟! لماذا عشت؟! كنت أرى هلاوس بصرية كإمرأة تنظر لي من بعيد وأنا نائمة أو رجل طويل القامة يطاردني في كل مكان أذهب له، كنت أظنهم أشباح، لا أدري من هم!
ظلّت تلك الحالة تروادني لمدة ٤ أشهر وطبعاً لم أذهب لطبيب لأن عائلتي رفضت بشكل قاطع ذهابي لطبيب وكانوا يسخرون من خوفي من الموت ويعاملونني بقسوة لم أرى لها مبرر ويذكرونني دائماً أنني عبء وأنني مجنونة. كنت وحيدة حتى أتاني رب العالمين بأجمل شيء في حياتي وهو خطيبي، تقدم لخطبتي شاب جميل وحسن السمعة والخلق يحبني وأحبه بشدة، كنت فرحة به مما أنساني وسواس الموت ذلك، جعلني أحب الحياة وأتمسك بها، لأول مرة بعمري كله أشعر أنني إنسانة وأحس وأحب لكن كالعادة ساءت حالتي مرة أخرى وانتكست فكنت موسوسة بشأن خطيبي كنت كثيرة التفكير بشأنه. كيف يأكل؟ يشرب؟ يلبس؟ يتكلم؟ كيف سيربي أبناءنا؟ كيف؟ وكيف؟ وكيف؟ وكل كلمة وخاطرة عندي صارت تتحول إلى صورة.
كنت أرى حياتي معه كأنها شريط فيديو يمر علىّ أمام عيني وكانت تأتيني صور بشعة عنه أنه يضربني وأنه بخيل وأن أطفالي سيقوم أحد بخطفهم ويغتصبهم ويقتلهم أو أنهم سيموتون رُضّع أو سيبدلونهم بالحضانة وأربي غير أولادي أو أن أولادي سيكونون معوقين أو مجانين مثل أمهم، لا أدري، كرهت فكرة الإنجاب وكنت أبحث عن شيء يجعلني أفقد القدرة على الإنجاب حتى أنني فكرت في أن أسقط الجنين بعد حملي أو أتناول عقار مانع للحمل وكنت أدعو أثناء المطر أن يحرمني ربي من الأولاد.
وفي هذا الوقت عادت لي الشخصية التي كنت أتقمصها في الماضي وبشدة ولكن تأثيرها أكبر علي بصراحة، في تلك الفترة ابتعدت عن الله وأشعر بالندم وأنا أقولها ولكن الالتزام ضلّ طريقه عني.
أنا محطمة ويعلم الله ما بي من تعب، أنا الآن عمري ٢١ سنة محبوسة بين جدران بيتي ويحدث معي ما لم أتوقع حدوثه، أقسم أنني أحب ربي وأنزهه لكن أشعر أنه يكرهني، لا أدري إذا كان أهلي يكرهونني كيف سيحبني الله أنا بالتأكيد شخص سيء.
سأروي لكم أخيراً ما أمر به في تلك الأيام ، وأرجوكم اقرأوا بعناية. كنت جالسة مرة أشاهد فيلم ودارت في خاطري فكرة لا أدري كيف خطرت أصلا على بالي، فكرة خبيثة وحقيرة عن الله _لا إله إلا هو_ أصابني هلع من الفكرة، فكرت أنني خارجة من رحمة الله وأنني انتهى أمري، هالكة لا محالة، متجهة نحو العذاب الأكبر في جهنم وبئس المصير. حاولت أن أصرف تلك الفكرة عن رأسي ولم أستطع، تأتيني رغماً عني ومهما حاولت مناقشتها لا تتزحزح عن بالي وتظل تدافع عن نفسها بشراسة، قلت أنه لا مهرب إلا إلى الله، سأفرُّ من غضب الله إلى رحمة الله، سأتوجه بقلبي إلى الله وأتوب إليه وأنا راجية أن يقبلني، بدأت أصلي وألتزم ولكن كنت أحس بشعور غريب أنني أثناء سجودي أصلي للفراغ _والعياذ بالله_ وأنا مؤمنة بربي وأخاف أن ينشرح صدري لتلك الفكرة، في كل مرة أصلي أحس بذلك الشعور وأمووووت من داخلي، هل معقول ربي لم يهديني؟! أم أني أصلاً خارج رحمته؟ زاد ضيقي وقلقي وكنت أبكي على إيماني وأتحسر وأصف نفسي أنني حيوانة وقذرة وأبشع خلق ربي، كنت أحس أنني ولدت ومصيري خلدي في النار، هذا طبيعي فأنا قذارة في الدنيا.
أشعر بالتعب، تطور وسواسي لشيء أكبر وأصبح في سب الله _عز وجل وتعالى قدره_ أفعل ذلك رغماً عني وأقول الشيطان، ثم أستعيذ وأتفل وما يزيد هذا الوسواس إلا شراسة ودفاع عن نفسه، قلت في نفسي أنا أقذر مخلوق وخلقت للكفر رغم أنني أحب الله وأتعذب مما أقوله في نفسي لكن لا أدري لماذا أفعل ذلك؟! لماذا عقلي يبرمج نفسه على تلك الأشياء الخبيثة؟! لماذا يسب ربي ورسولي والملائكة الكرام؟! لماذا يكرهم؟! لماذا يضرب عقيدتي؟! لماذا يُكذّب بآيات الله؟! لماذا لا يزيد نقاشي وتصحيحي الفكرة الوسواسية إلا شراسة؟! لماذا أنا يحدث معي ذلك؟! لماذا أنا بذلك السوء؟!
أشعر أنني لا أسمع ولا أرى وفقدت بصيرتي، أشعر أن قلبي صدئٌ، هناك حاجز بينه وبين الإيمان رغم أنني واثقة بوجود ربي ووحدانيته وواثقة بصدق رسالة رسولي وبآيات ربي، وأعلم أن ربي قائلها بدون تحريف، وأعلم أن الملائكة الكرام عباد، وأعلم أنهم منزهون عن الأخطاء، وأعلم أيضاً أن الله لم يلد ولم يولد، وأعلم أن الشيطان هو العدو. إذاً كييييييف؟! ولماذا أفكر بتلك الطريقة؟!
أنا كالمستحوذ عليها، لا إرادة لي، ضعيفة وغير واثقة بنفسها، فقدت كل احترامي لنفسي، أصبحت أنفر من صلاتي وذكري وصوت القرآن، أصنف نفسي أسفل السافلين، أشعر برغبة في الموت ودفن نفسي تحت التراب حتى أتوقف عن إيذاء سمع ربي بتلك الاتهامات التي أعرف أنها باطلة لكن أفكر بها ولا أدري أين ستأخذني، أتمنى أن أفقد مخي أو ذاكرتي أو أجن أو أموت أهون عليّ من تلك الأفكار التي تمزقني، أنا مُتعبة جداً. أرجوكم أفيدوني، ماذا بي؟؟؟؟ وإذا كنت أحتاج دواء أو وصفة علاجية أنا مستعدة أن يسيل دمي حتى آخر نقطة لكي يرضى عني ربي وأفكر بطريقة طبيعية ولكن أرجوووووكم ساعدوني.
أتمنى سرعة الرد.
وشكراً لكم.
23/3/2020
رد المستشار
آنستي.
مشكلتك تكمن في تفسير الأفكار الوسواسية المتسلطة على عقلك، فتبدئين في تفسير الفكرة أو الأفكار ولا تتركين هذه الأفكار تمر مروراً عابراً بل تعملين على فحصها وتمحيصها لإيجاد تفسيراً لها مما يجعل الأفكار الوسواسية تكبر أو بالأصح تعملين على تضخيمها وتصبحين أسيرة لها من كثرة التفكير فيها ومحاولة وقفها، أي تكونين فريسة أفكارك التسلطية، وبما أن الوسواس يبدأ بفكرة أو صورة أو رغبة، ودائماً ما تكون ذات طابع عدواني أو جنسي أو إلحاد مثل ما ورد في رسالتك (الأفكار الوسواسية حول الدين والذات الإلهية والرسل والعذاب والعقاب وغيرها). فتبدئي بمحاولات تجنبها والسيطرة عليها والتحكم فيه, لتقليل أعراض الضيق والقلق الناتج والإحساس بالذنب والخجل والخوف (تماماً كما ورد في رسالتك) ونتيجة لذلك تقل هذه الأعراض ولكن مؤقتاً لتبدأ فكرة أخرى وهكذا تدور دائرة الوسواس.
آنستي، كل هذه الأفكار لا تعني شيئاً، وكلها مهما كانت طبيعتها أفكار لا أساس لها في الواقع لأنك تدركين تمام الإدراك وتعي كل الوعي بأنها سخيفة وأنها غير مرغوبة وأفكار مُتطفّلة أو دخيلة على عقلك تستحوذه وتتسلط عليه، وبما أنها لا تتفق مع مبادئك وشخصيك فاطمئني فإن عقلك غير مقتنع بهذه الأفكار السيئة أو الإساءات الدينية التي تخطر ببالك.
عزيزتي، دعي القلق، اقبلي وجود الفكرة الوسواسية مهما كانت وعيشي معها، لا تحاولي تجنب الفكرة الوسواسية... كيف يمكن ذلك؟
سوف أعطيك مثالاً حياً أعيشه أنا وأسرتي، في اليمن مع أوضاع الحرب والظروف السيئة التي تعيشها البلد والناس هناك مشكلة انقطاع التيار الكهربائي مما أدّى بالناس لاستخدام المولدات الكهربائية، وحظي التعيس أنني أسكن بجوار موسسة كبيرة لديها مولد كهربائي خاص بها يكفي لإنارة شارع حي كبير مثل المهندسين في القاهرة، والمولد الكهربائي يبعد عن جدار بيتي اثني عشر متراً. ولك أن تتخيلي الهدير المزعج، الصوت الذي يحدثه المولد، والذي يصم الآذان بهديره ليل ونهار، كل وقت وكل يوم.
أنا لم أتجنب هدير المُولّد، ببساطة قبلت المولد وهديره المزعج ولم أقاومه بوضع أصابعي على أذني أو أسب أو أسخط، أي أنني لم أتجنبه ولكن ذلك لم يمنعني من ممارسة حياتي اليومية من أكل وشرب ونوم أو مطالعة وقراءة. أي كأن هديرالمولد غير موجود، وأهمية ذلك أنني تجاهلت الصوت المزعج والتعايش معه وبالتالي تلاشى الهدير من الوعي والإدراك تدريجياً وكأنه غير موجود. أرجو أن تكون الفكرة بسيطة وواضحة لديك الآن.
وبتأكدك أن الفكرة هي مجرد فكرة وسواسية لا أكثر فإنك سوف تشعرين براحة كبيرة. فما عليك إلا أن تقبلي وجود الفكرة الوسواسية مهما كانت وعيشي معها، ولا تحاولي تجنبها.
ويمكنك مواجهة الأفكار من خلال تحديد كتابتها أو لفظها، أن تواجهي أفكارك الدخيلة بالتعود على آثارها الجسدية (القلق مثل دقات القلب وجفاف الحلق وعرق الأيدي وشحوب الوجه وبرودة الأطراف وغيرها).. كيف؟ أي مواجهة الفكرة وليس تجنبها.
... فكرة ... مواجهة... بأنها سخيفة
... فكرة... مواجهة... بأنها تافهة
... فكرة ... مواجهة ... بأنها لا أساس لها
... فكرة ... مواجهة ... بأنها ليست من مبادئي
... فكرة ... مواجهة... بأنها وسواس
... فكرة... مواجهة... بأنها خاطئة
هنا مواجهة الفكره الوسواسية (وليس تجنبها) يحدث أثراً في العقل. ببساطة العقل يمل ويضجر من المواجهة، بمعنى أبسط أن عقلك قبل وجود الفكرة مهما كانت, وبتكرار المواجهة تقل حساسيته لهذه الأفكار وبالتالي إزالة حساسية العقل لأفكار الوسواس، وبالتالي لا أثر ينتج، أي لا وجود للقلق والانفعال.... وهنا بتكرار مواجهة الفكرة الوسواسية المتسلطة والمزعجة والمقلقة تفقد قوتها وتأثيرها عليك. أرجو أن تكون الفكرة بسيطة وواضحة لديك الآن.
وسوف تجدين في الأدبيات العلمية الكثير من الطرق المتبعة في معالجة الوسواس مثل وقف الفكرة الوسواسية بأن يغمض عينيه وأن يتلفظ أو يكرر الفكرة مرات ومرات مع مساعدة الطبيب أو الاختصاصي بترديد وبصوت عالي "أوقف هذه الفكرة الآن، كف عن التفكير فيها" أو بطريقة اخرى "أوقف التفكير واقطع هذه الأفكار المتلاحقة" وإذا عادت الأفكار (وبالطبع سوف تعود) حاول وقفها ومنعها بنفس الطريقة السابقة وذلك بمجرد أن تبدأ، ولا تدعها تسترسل في عقلك قدر استطاعتك.
لا أريد أن أطيل عليك، فتوجد الكثير من الطرق في المعالجة ومنها التخيل واستبدال الفكرة. أنصحك بالقراة للدكتور وائل أبو هندي حول الوسواس.
ملاحظة: كان الجانب المهم في رسالتك هو الوسواس، لا يعني أنني أهملت ما جاء في رسالتك عن طفولتك ومرحلة المراهقة والسلوكيات المترافقة في المرحلتين، ليكن ذلك من الماضي، فما عليك إلا أن تتناسيه، فهمُّك الأكبر هو الوسواس.
إليك ما يمكنك فعله الآن:
• التحدث عن وسواسك وعن سبب شعورك بالقلق.
• اعرفي أن الوسواس حالة طبية، وليس عيباً أو ضعفاً شخصياً.
• اطلبي المساعدة من الأهل وخطبيك.
• القيام بزيارة معالج نفسي، مثل طبيب استشاري أو اختصاصي في علم النفس. فالأمر بسيط جداً إن كنت بصدق تريدين الخروج من وسواسك، وليطمئن قلبك وترتاح نفسك ويبتعد عنك الهم والغم قومي بزيارة طبيب واشرحي له الأمر وعبري عن خلجات نفسك وما تعانيه بهدوء، بأنك مصابة بوسواس. لا تتأخري وطمنينا عن حالك، ابدئي بخطوة واحدة وهي أن تشدي الرحال إلى طبيب، وكل مشكلة ولها حل.