الزواج والتعافي من الشذوذ الجنسي
السلام عليكم، أنا أتابع موقعكم منذ فترة طويلة وقرأت العديد من الاستشارات لديكم، أنا إنسان عاطفي، ملتزم دينياُ، لدي مستوى تعليمي وثقافي جيد. عانيت منذ أن وعيت _وما زلت أعاني لكن بشدة اقل_ من الرغبة الجنسية الشاذة، أخّرت تقدمي وتطويري لنفسي وأرقتني كثيراً وأحزنت شغاف قلبي ولكنه الله حبيبي ما أوجد ابتلاءً إلا وسهل طرق الخلاص منه.
دخلت في علاج نفسي منذ 4 سنوات مع طبيب مختص، نجحت من خلاله في تغيير القناعات وتحفيز الدوافع للعلاج ودراسة المنفرات من الممارسة الشاذة وتحفيز مظاهر وحركات الرجولة في شخصيتي.
ومع مرور السنوات وحتى مع أني كنت كثيراً ما أضعف وأفتر لكن بدأت أشعر منذ سنة من الآن بميل ممتاز للأنثى وأتخيل نفسي أجامعها، في الحقيقة ساعدني في ذلك تقليل وقت فراغي لدرجة كبيرة وذلك بعد أن من الله علي بفرصة عمل وضعت كل تفكيري وإخلاصي في عملي وطورت نفسي ومهاراتي وازدادت ثقتي بأني رجل قادر على تحمل المسؤولية .
بعد كل ذلك توجهت للزواج كونه خطوة مهمة جداً في دعم استمرار التحسن والعلاج وتصريف الطاقة الجنسية والعاطفية في مكانها الصح، منذ 8 أشهر تقدمت لخطبة فتاة وجدت في قلبي شعوراً بالميل لها، كانت شبه متوافقة مع المواصفات العامة التي أرغب بها، جاء القبول من حضرتها ويا ليته لم يأتي.
خطبنا مدة جيدة بقراءة فاتحة بدون عقد قران وكانت فترة جداً مملة ولم أجد فيها ما أحتاجه من عاطفة واهتمام بحجة أنها ملتزمة وأنها لا تجوز لي شرعاً حتى على مستوى الغزل والقرب العاطفي. تقبلت الموضوع بسبب عدم عقد القران وطالبت بعقد القران بأسرع ما يمكن وتمت الموافقة قبل 3 أشهر، تم عقد القران و تأكدت تماماً في هذه الفترة أن الفتاة طيبة وممتازة من الناحية الأخلاقية ومعدنها ذهب خالص، لكن المشكلة أن هذه الـ 3 شهور التي مرت بعد عقد القران رأيت فيها أسوأ ما يمكن أن يراه الخاطب من برود عاطفي وقلة اهتمام ولامبالاة شديدة، بالرغم من طيبتها وحسن أخلاقها إلا أنها لم تشعرني يوماً برجولتي ولم تشعرني يوما بأنوثتها، كنت وما زلت أتسول منها الكلمة الطيبة تسولاً، لما سألتها عن السبب كانت إجابتها أنها لا تعرف كيف تعبر عن مشاعرها وأنها تربّت على البرود وقلة الكلام واللامبالاة (وراثة أو تعلُّماً من والدها وعائلة أبيها فكلهم كذلك).
حاولت جاهداً أن أساعدها وأرسلت لها أكثر من رابط وصورة وفيديو لتساعدها على التحسن ولأني أتحرق شوقاً إلى اهتمامها وتودّدها لكنها لم تتفاعل معي ولم تكن تأخذ كلامي بمحمل الجد.
وصلت إلى درجة عالية من الإحباط ووجدت في نفسي ردة فعل عكسية نحو السلوك الشاذ بشكل قوي ولم أعد أطيق النظر إلى وجهها ولم أعد أشتهي جماعها وأصبحت لا أرى فيها إلا النقص والعيوب، أخبرتها باستيائي وبتفكيري بإنهاء العلاقة، بكت كثيراً وأقسَمَت على المصحف أنها تحبني ومتمسكة بي.
ملاحظة: موعد الزفاف بعد شهرين من الآن.
سؤالي بعد تفصيل حالتي، هل الاستمرار بهذا الزواج والاكتفاء بالجماع بدون عواطف وتعبير عنها يكفي احتياجي الذي أستطيع من خلاله استكمال علاجي من الغريزة الشاذة؟ هل سأستطيع العودة إلى أن أتقبل هذه الفتاة بعد كل ما فعلت بي من تقصير ؟ ما الصفات الدنيا الواجب توفرها في الأنثى التي تستطيع أن تشبع رغبتي وتساعدني على الاستمرار بالتحكم بميولي الجنسية ؟
وأرجو ختاماً إعطائي نصائح بخصوص هذا الزواج إن وجدتم أنه من الممكن أن أستمر فيه بعد كل هذا الاستياء .
مع كامل احترامي وتقديري لحضراتكم.
5/4/2020
رد المستشار
صديقي
على حسب كلامك فأنت لم تقبل على الزواج عموما إلا كوسيلة للوصول إلى غرض شخصي وتقول "توجهت للزواج كونه خطوة مهمة جدا في دعم استمرار التحسن والعلاج وتصريف الطاقة الجنسية والعاطفية في مكانها الصح".. ليس في هذا الكلام ما يكون علاقة زوجية أو عاطفية ناجحة... أنت لم تكون مشاعر نحو خطيبتك ولكنك أردت أن تمارس معها إحساسك برجولتك وأنوثتها... هذه الأحاسيس كثيرا ما يدخل الناس فيها كنوع من الأداء وليس كممارسة فعلية لمشاعر حقيقية... وكأن الموضوع مجرد صفقة يتوقع أو يتفق فيها الطرفان على القيام بأداءات متعارف عليها... أنت تريد الاستمرار في هذا الزواج كجزء من علاجك وليس لأنك تريد صنع حياة مع زوجتك.
إن كانت هذه الفتاة جافة المشاعر فمن الممكن أن تمسكها بك مجرد رغبة في إكمال مشروع الزواج كشيء يحض عليه المجتمع والأهل... من الصعب جدا الجزم بهذا وبالتالي فإن الشيء السليم المعتدل الآن هو أن تحدد ما تريده أنت من الزواج وأن تعرف ما تريده هي من الزواج... ممارسة المشاعر الرومانسية شيء أساسي في إنجاح العلاقة وازدياد الشغف والمتعة الجنسية.
افهم منها أولا ما تريده هي قبل أن تخبرها بما تريد أنت... اسمع رأيها في الزواج وفي علاقتكما وإن لم تسمع وتحس منها شغفا فليس هناك ما يحتم أو يضمن أنها سوف تتغير على المدى الطويل... لا تتسول المشاعر أبدا... إما هي موجودة أو غير موجودة.
حذاري أن تستمر في هذا الزواج على أمل أنها سوف تتغير ولكن إن فهمت وبدأت في ممارسة المشاعر والرومانسية فليس هناك ما يمنع الاستمرار غير مشاعرك أنت... من المعتاد للأسف أن يبدأ الزوجان بالحب والشغف ثم تفتر المشاعر بعد الزواج (ليس هناك ما يحتم هذا إلا أن تكون علاقة غير حقيقية في المقام الأول أو أن يتصرف الطرفان بغباء مع بعضهما البعض ويهملا الرومانسية)... يجب أن تفهم ما يحدث بداخلها... مسألة أنها لا تعرف كيف تعبر عن مشاعرها وأنها تربّت على البرود وقلة الكلام واللامبالاة هي مسألة غير مقنعة بالكامل...
أغلب الظن أنك لم تحرك فيها المشاعر... ربما لأنك تطلب منها أداءا معينا في حين أنك لم تتقرب وتتودد منها بالطريقة التي تناسبها وتحرك مشاعرها... وربما لأنها تريد الزواج والأطفال فحسب.. ككثير من النساء، الأسرة هي الهدف وليست العلاقة كما ينبغي أن يكون الأمر... العلاقة العاطفية الناجحة هي التي تصنع الزواج والأسرة الناجحة ولكن أكثر الناس لا يعرفون كيف يهتمون بهذا... لا عجب أننا نرى ونسمع عن زواج تعس أو أن مؤسسة الزواج نظام اجتماعي فاشل أو أن الرجال خائنون أو نسبة الطلاق عالية أو أزواج يعيشون غرباء تحت سقف واحد.
مثلما أرسلت لها أكثر من رابط وصورة وفيديو لتساعدها على التحسن، فعليك أن تبحث أنت شخصيا مسألة الحب والرومانسية والزواج الناجح ووسائل التودد التي تريدها المرأة كي تتحرك مشاعرها... لماذا تريد منها الحب وأنت لا تحبها؟؟
في النهاية، إذا كنت غير مقتنع بالاستمرار في الزواج فلا تفعل وإلا كتبت على نفسك التعاسة.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب