هحكي لحضرتك مشكلتي وقصتي وأرجو الرد وقت ما تشاء
- أنا كنت بنت مع أخين أكبر وبنت أصغر مني دائماً كان في تفرقة محسوسة وواضحة للصبيان، أختي الصغيرة كانت شديدة وبتعرف تأخذ حقها واللي هي عايزاه لكن أنا لا، أنا كنت طيبة وضايع حقي ما بينهم، عمري ما عرفت أحس بأبويا خالص ولغايه دلوقتي مبعرفش أتكلم معه خالص، أهلي مبسوطيين مادياً والاتنين مدرسين ابتدائي بس حريصين شوية على فلوسهم وده حسّسني بنقص جوايا وحرمان شوية، مكناش مترفهين لا عايشين عادي
- لمّا كبرت وبدأت أعرف الحب رميت نفسي لأول واحد قال لي كلام حب وحسيت أنه مُنقذي، وده في مرحلة الثانوي، بعد كده أهلي عرفوا أني بكلّم شاب وحاولوا يمنعوني وميخرجونيش ويشدوا عليَّ، مشيت وسبت لهم البيت بس مكنتش رايحة لحد ولا حتى للّي كنت بكلّمه ده، وقعدت في الشارع، تصدقي كان معايا فلوس كنت بقضي اليوم في المواصلات وبالليل أستخبى في ظهر أي عمارة أو أي مكان أحس أنه أمان، بس عارفة أنا كنت ببقى مبسوطة وأنا في الشارع حاسة براحة وحرية.
- لما رجعت البيت عذبوني وبهدلوني وحبسوني وورّوني العذاب ألوان وده كان سبب بالنسبة لي علشان أكررها ثاني وأسيب البيت حسيت أنهم مبيحبونيش وخايفين على إن الناس تعرف أكثر من خوفهم على بنتهم.
- المهم أنا مكنش لي أصحاب غير واحدة بس وكمان مكنوش حابينها وكانوا بيبعدوني عنها.
- خلصت مرحلة الثانوي وطبعاً مجبتش مجموع ولا كنت بفتح كتاب أصلاً ودخلت كلية في المنصورة. المهم كنت لسه بكلم الولد بتاع الثانوي لسه، بس بالصدفة اتعرفت على شاب ثاني في المنصورة انبهرت به وهو حسسني أني ملاك أصلاً مش في الدنيا ورغم كده كلّمته مع الولد الأول وهو ميعرفش، اتشدّيت ليه وحبيته وحسيت أن الأول ده مش حب ده لعب عيال وبقينا بنتكلم ونتقابل وبرده أهلي عرفوا فكرّرت اللي عملته في الثانوي، بس المرة دي مشيت مع اللّي كنت بحبه ده وخدني بيتهم وعرفني على أهله وقعدت عندهم في البيت
هم مادياً واجتماعياً أقل منّنا، ناس على قدها بس طيبين، قعدت عندهم كام يوم هما أسعد أيام حياتي كلها لغاية النهاردة، عشت حياتي كلها في اليومين دول وبصراحة مكنتش عايزة أرجع لكن أهلي برده عرفوا مكاني وجُم جرجروني من عندهم ونفس العذاب والضرب دول كانوا بيجنزروني بجنزير ويعلّقوني لا مؤاخذة زي البهايم ويفضل أبويا يضرب فيّا لغاية ما يتعب من الضرب، كان جسمي بيجيب دم بس كل مرة أحس أني عايزة أبعد عنهم ومش عايزاهم.
- جه البيت صلاح اللي كنت عندهم هو ومامته يشوفوني ويطّمنوا عملوا إيه فيّا ويكلم أبويا أنه عايز يخطبني، طبعاً عيلتي كلها مش موافقة بيه بس أنا موافقة وحاولوا يساوموني بكل حاجة أنهم يرجعوني كليتي وإنهم هيجوّزوني بس عريس ضابط تاني كان متقدم وهيعاملوني حلو وهينسوا اللي عملته ده بس رفضت واتخطبت له غصب عنهم كلهم وإخواتي قالوا لي أنهم هيقاطعوني لو اتجوزته وفضلوا على كده لغاية كتب الكتاب وأنا لا... هتجوزه.
- المهم اتحديت الدنيا كلها واتجوزته وهما جهزوني وجابوا اللّي هما عايزين يجيبوه ومهمّنيش وصلاح ممعهوش فلوس يتجوز ويجييب شبكة وعفش خد قرض من البنك واتجوز بيه وسكنّا بره علشان معندوش شقة وبيتهم صغير.
- المهم أول كام يوم مكنتش مصدقة كنت حاسة أني بحلم. شوية شوية الحالة ضاقت علينا، سكن وقرض للبنك ومصاريف بيت، المهم استحملنا مع بعض وهو مكنش بيقعد من الجري مفيش شغلانة مشتغلهاش علشان ميشمتش فينا حد حتّى أنه اشتغل في الأراضي باليومية واشتغل نجّار مسلّح جنب شغله في المستشفى وأنا كنت برده بلم عليه ومبطلبش منه حاجة، لكن كنت دائما نفسي أسمع كلام حلو.
- المهم كان صاحبه بيكلمني وكده من ورا صلاح، وفي يوم عارف إن صلاح في الشغل جالي البيت وقالي أننا هنتكلم شوية والمهم غلط معايا، حاولت أصدّه وأبعده بس مقدرتش واللي حصل حصل.
- المهم صلاح حس بالموضوع وإن في حاجة فحلفني على المصحف علشان كده قلت له الحقيقة واللي حصل من صاحبه بس كان فات على الموضوع سنين وبدأت أكبر مأساة في حياتي من يوم ما عرف طبعاً، بُست رجله علشان يسامحني وقلتله إن ده كان تسلية ودخل في لحظة غلط وخلص بعد كده الموضوع بس هو مصدقنيش وقال لي هقتله وبعدين هطلقك، وبدأ يأخذ ترامادول ويدمنه وأنا خلاص اتكسرت أمامه.
- ستر عليّ في الأول ومقالش غير لأمي بس من باب أنه يرتاح من الهم اللي شايله وأنا قلت الحمد لله على كده لكن كانت دي البداية.كترت خناقاتنا وزاد شكّه جداً، بقى بيشك فيّا حتّى لو كشّرت شوية أو زعلت من أي حاجة وبقى بيحلل أي تصرّف إني بعرف حد أو بكلّم حد، وزادت المشاكل أكثر أنه بقى بيكلم بنات وبدأ يصاحب بنات وستات متجوزيين، أي حد يجي في سكته أو قدّامه وأنا بدوّر وراه وبعرف وبقى يرمي اللوم عليّ إنّي السبب من الأول، بقى أي حاجة غلط بيحملها ليّا بسبب اللّي أنا عملته، وغابت الثقة بينّا خلاص ومبقاش غير أنه بيشتغلني ويكذب علي علشان يريحني لكن كنت كل يوم أكتشف حاجة وأواجهه يقول لي أنت السبب متجييش تحاسبيني وتغيّر تماماً، حاسة أنه واحد ثاني معرفهوش بس مش قادرة أسيبه وأبعد عنه.
- أنا دلوقتي متجوزة بقالي13 سنة وعندي أربع أولاد وأنا لا قادرة أتحمل اللي بيعمله ولا قادرة أبعد عنه واتطلق، بُصّي حاسة أن روحي في يده هو بقى كل ما نتخانق ويضربني أو يقول لي "روحي لأمك" بكره الدنيا بااللي عليها ومش ببقى عايزة غير أني أموت، حتى أني حاولت أنتحر أكثر من مرة وخدت من التراما دول اللي معاه علشان أموت برده وزهقت بقى من دنيتي كلّها، وطبعاً في الوضع اللي أنا فيه ده بعيدة عن ربنا ومكسوفة بعد اللي عملته ده أني حتى أصلي، بحس أن ربنا خلاص غضبان عليّأ. قُوليلي أعمل إيه؟ أروح مصحّة نفسيّة ولا أتطلق ولا أعمل إيه؟؟؟
- أنا مليش أصحاب ولا ليّا إخوات لأنهم مقاطعيني من يوم ما اتجوزت وده خلّاني مش عايزة أروح عند أمي أو أغضب. أعمل إيه ؟؟ أنا حاسة أني مريضة نفسيّة وحاسة بالذنب اللي عملته وذنب اللي جوزي كمان بيعمله وبحبه وبغير عليه لدرجة أني بغير من أنه يتكلم الكلام العادي ده مع أي واحدة، حياتي بقت جحيم ومش قادرة أكلم أحد أو أحكي له.
- هو مش قادر يسامحني وحياتنا مع بعض لا تُطاق ومفيش ثقة ولا إحساس بالأمان رغم أننا بنحب بعض بس قلة الثقة مخليّة فيه مشاكل كثير من أقل شيء، ممكن من بصّة متغيرة أو رقم تليفون غريب أو أي حاجة، والمشكلة تفضل بالأيام والأسابيع يدوب بنتصالح نتخانق ثاني.
- أنقذوني أنا حاسة أني مش قادرة أعيش من غيره، روحي ماسكها بيدّه ومش متحملة العيشة ولا هو كمان وأوقات أحس أنه مش طايق حتى يلمسني كل ما يفكر في اللي حصل.... قولوا لي أعمل إيه ؟؟
19/3/2019
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك وسامحيني على التأخير. عزيزتي لست مريضة نفسيا كي تحتاجي مصحة لكن لديك خلل في الشخصية ولا يمكن لجميع مصحات الدنيا أن تغيره، وحدك فقط لديك القدرة على التغيير من نفسك وطريقة تفكيرك.
لديك ميل من شبابك في اتباع رغباتك بغض النظر عن التبعات، ومهما تجاهلت تبعات الموقف أو استخففت بها فلا بد من تبعات أقلها كانت ضرب أهلك لك، مقابل الحرية هناك مسئولية يجب عليك تحملها، وقبل اتخاذ القرار والتمسك بالرغبات مثل علاقاتك أو زواجك يجب عليك التفكير في تبعات هذا القرار.
بلغت من العمر والمسؤولية ما لم يعد يجدي لوم أهلك أو اسلوبهم وينبغي أن تتحملي تبعات سلوكك. تصفين موقف صديقه كأنك تعرضت للاغتصاب ولكنه ليس كذلك فما الذي يدفع أنثى لاستقبال رجل، ولو ما حصل كان ضد رغبتك لكنت سارعت بالشكوى ولكنك لم تفعلي.
قبل اتخاذ قرارك القادم رجاء فكري في زوجك وأولادك مع نفسك، هؤلاء مسؤولياتك. ابدئي بضبط رغباتك التي تشيرين لها بالغيرة الشديدة على زوجك، تحمليها واعتبريها تبعات خضوعك لهواك الذي أوصلك إلى حد الزنا. ابدئي صفحة جديدة من حياتك في طريقة تعاملك مع رغباتك ومسؤولياتك ومنها علاقتك مع زوجك. المعاناة جزء من الحياة لا يمكن النجاة منها مهما كان اختيارك من الانتحار او الطلاق أو العمل على اصلاح زواجك، بعض التبعات والأعباء أسهل من غيرها، واعتقد أن عبء أسرتك وعلاقتك بزوجك أسهل من الطلاق والعودة لأهلك في حال قبلوا رجوعك لهم وبالتأكيد أسهل من الانتحار.
اعلمي أنك حرة في اتخاذ القرار ولكن فكري في تبعاته وليس فقط ما قد يحقق لك الآن. اصلحي علاقتك بربك فهو الغفور الرحيم ولا تجعلي خجلك منه حجة في ابتعادك عن دينك، سيحاسبك يوم الحساب رب العباد ولكن اجتهدي في التقرب والتعويض بالأعمال الصالحة عما سبق من أخطاء. في داخلك تعرفين الصواب ولكنك لا تميلين له بسبب تبعاته ولذا علمي نفسك أن هناك دائما تبعات لكل سلوك وقرار احسبيها جيدا. ما زلت صغيرة وأمامك أعوام عديدة إن شاء الله يمكنك أن تجدي السعادة فيها إن غيرت من شخصيتك، كنت قد اقترح عليك طلب بعض المساعدة النفسية ولكن بسبب ظروفك الاقتصادية يكون عليك تحمل عبء مساعدة نفسك بنفسك، ستتعثرين وتتألمين لكنها أمور مؤقتة يمكنك تجاوزها إن كانت قرارتك سوية، وجهي ارادتك القوية في اصلاح علاقتك بزوجك تجنبي اثارة غضبه ولا تصبي عليه مزيدا من الوقود، مع الوقت سيعود الشخص اللطيف إن شاء الله، حاولي بقوة اصلاح نفسك، رزقني الله واياك الهدى والتقى.
التعليق: من أجمل ما قرأت
أيمكن لمثلي أن يتوب ؟! (أخطاء في طريق التوبة)
وصل اليأس حده بأناس وبلغ بهم كل مبلغ ، حتى حطوا رحال التفكير وقطعوا باليأس كل بادرة أمل ، ورفعوا راية الاستسلام ، وسلموا زمام أمرهم لعدوهم الشيطان اللعين ، ولسان حال أحدهم يقول : أيمكن لمثلي أن يتوب ؟!
ربما كان هذا اليأس - في نظرهم - لم يأت اعتباطاً ، بل أنه كان نتيجة محاولة ، أو أكثر ولكن دون جدوى أن يكونوا من التائبين ، ربما لأنهم جربوا وبعزم لكن المشي كان لخطوات ثم فترت الهمم وخارت القوى.
وبعد أن خاض بعضهم غمار التجربة نكص حاملاً في نفسه قناعات تلك التجربة ! حسناً ..... أنا لا أشك بأنك موقن أن الله لا يستصعبه أمر وأنه على كل شيء قدير ، تعال معي الآن مستصحباً هذا اليقين واقرأ هذه الآية بقلبك لا بمجرد نظرك ، وأمهل نفسك فرصة للتذوق معناها . قال الله تعالى " اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " . الحديد . قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : " فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى يُلِين الْقُلُوب بَعْد قَسْوَتهَا وَيَهْدِي الْحَيَارَى بَعْد ضَلَّتهَا وَيُفَرِّج الْكُرُوب بَعْد شِدَّتهَا فَكَمَا يُحْيِي الْأَرْض الْمَيِّتَة الْمُجْدِبَة الْهَامِدَة بِالْغَيْثِ الْهَتَّان الْوَابِل كَذَلِكَ يَهْدِي الْقُلُوب الْقَاسِيَة بِبَرَاهِين الْقُرْآن وَالدَّلَائِل وَيُولِج إِلَيْهَا النُّور بَعْد أَنْ كَانَتْ مُقْفَلَة لَا يَصِل إِلَيْهَا الْوَاصِل ..." انتهى .
في هذه الآية أمل وبشارة بحياة القلوب من الموت الذي هو الضلال إلى الحياة المتمثلة في الهدى والتقى ، ثم إن هذه الآية جاءت مباشرة بعد قول الله تعالى " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قبْل فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ "
نعم ... فالذي أحيا الأرض بعد موتها تبارك وتعالى لا يعجزه أن يحي القلوب الميتة من آثار الغفلة والمعاصي والضلال .
حسناً ...... الآن أظن أن وهج البيان من كلام الله عز وجل أزال ذلك التصور المعتم من قناعات سابقة ، التي ما هي إلا وساوس وحيل شيطانية نفثها الشيطان في نفسك .
ثم لعل الفشل والتعثر في طريق الهداية يرجع لأسباب أخرى لم تتفطن لها ، ومنها ..... إن الهداية نور، وأنت قد كنت وضعت خطواتك الأولى في موضعها الصحيح ولكنك ما تلبست إلا بقدر يسير من النور، فتقهقرت منهزماً !
وكيف تريد بنور يسير أن تنقشع سحب الظلام الذي تراكمت في قلبك ولسنين ؟! سنين مضت في اللهو والغفلة وتفريط في جنب الله، ثم تريد أن تهزم الباطل بسلاح إيمان ضعيف، فقد يلزمك مزيد من النور والثبات في طريق الحق لتهاجر أسراب الباطل من قلبك التي سكنت وعشعشت فيه أعواماً.
فالتزام طاعة الله بالأعمال الصالحة واجتناب المحرمات أمور تقوي الإيمان وتجعله يقاوم شهوات النفس وشبهات الشيطان وسفاسف الدنيا.
عندها يرحل الباطل ولا يجد له مكاناً في قلبك بعد ما عمرته الهداية. أجل ... فجنود الشر ؛ النفس والشيطان والهوى والدنيا ..... تسلطت عليك لأنك لا تحمل عزم وإصرار وثبات على المبدأ المقتنع به تماماً ، كذلك ربما كان إيمانك ضعيفاً ، ولم ترع اهتماماً لأن تتزود بما يقوي إيمانك لتقاوم هجمة أعدائك ، ولم تتفطن لذلك فأصبحت كالذي ينزل ميدان المعركة بلا سلاح أو بسلاح هزيل ، وكانت النتيجة أن أسهم المعاصي من عدوك ، أصابتك و صرعتك فما أفقت إلا وأنت مأسوراً لشهواتك ونزواتك الدنيوية ، وعندها قلت : أيمكن أن مثلي يتوب ؟!
ثم لعلك وأنت تتلمس الهداية بقيت على بيئتك الأولى ، واكتفيت بتغيرك أنت ولم تربأ بمن حولك ، ولم تتفطن أن استدامتك في بيئتك الماضية أمر يجرك إلى أن تعايش حياة المعاصي وتسايرها حتى تألفها ثم تواقعها ! ثم تدريجاً تعود إلى ما كنت عليه من حال ! والسبب أن البيئة غير ملائمة .
هلا تأملتم إخوتي .... الحكمة من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه رضي الله عنهم أن يهاجروا الحبشة . وحكمة أمر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر من مكة ؟
نعم لابد لحياة الإيمان من مكان طيب تنمو فيه وتثمر. وليس المعنى أن يهاجر الإنسان من بلده المسلم ، لا ، ولكن المقصود هَجر الصحبة التي تربطك بالمعاصي إلى صحبة تربطك بالعبادة وأجواء الطاعة وبها يشتد عود دينك ويقوى جناب إيمانك.
أما من يقعد قبالة النار فإنها يتأذى بدخانها . فهل تريد الثبات على الاستقامة وأصحابك هم أنفسهم أولئك الذين سولوا لك المعصية وزينوها ؟!
أتريدهم عوناً لك على الطاعة وهم باقون على ذلك الغي ؟! قد يقتنع بعضهم بأنك على صواب لكن لا يمكن له نفعك إذ هو أولى منك بهذا النفع ، وقد تجد بعضهم يقلل لك من عِظَمِ الباطل ويستصغر لك شأنه أو يغيريك به !!
قال الله تعالى "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما" لقد فاتك معرفة الفرق بينك وبين من آثر حياة الغفلة على حياة التقى.
هم لم يذوقوا حلاوة الإيمان التي ذقتها ، ولم يأنسوا بقرب الرحمن مثلك، لم يقم في أنفسهم وجل يوم الحساب، والقصاص؛ في يوم العرض على من لا تخفاه خافية.
وآسفا ه .... أبعد ما قدحت شرارة الإيمان وأنارت لك الطريق تطفأها بفيك ، ثم تأتي لتقول أيمكن لمثلي أن يتوب ؟!
وقد ترقب الهداية وتسعى لها ، ومازلت متشبثاً بأدواتك المحرمة التي تحاصرك ؟ من أشرطة أغاني أو قنوات فضائية أو مجلات ، أو مواقع مفسدة في شبكة الإنترنت ؟! وهذا مزلق شر ربما لم تتفطن إليه أيضاً.
كان الأجدر بك، بل الذي يجب على عمله استبدل ذلك بقراءة القرآن، والأذكار، والدعاء، وحضور مجالس العلم والمحاضرات، والاستماع إلى الأشرطة الإسلامية، والقراءة النافعة، ومصاحبة الأخيار ، ونوافل الطاعات ..... فطالما أنك استشعرت ضرورة التغير فلا بد أن يشمل التغير كل جوانب حياتك المظلم منها . فأنت دخلت عالم جديد، عالم نوراني، فلا التفات لماضي منحط و لا وقت لإعماره بالتوافه . واندب زمانا سلفَ *** سودت فيه الصحفَ ولم تزل معتكفا *** على القبيح الشنع كم ليلة أودعتها *** مـآثمـاً أبدعتها لشهوة أطعتها *** في مرقد ومضجع وكم خطاً حثثتها *** في خزية أحدثتها وتوبة نكثتها *** لملعب ومرتع وكم تجرأت على *** رب السماوات العُلا ولـم تراقبه ولا *** صدقت فيما تدعي والآن الآن ..... لعلك تصحح ما كان منك من خطأ ، وتسلك طريق التوبة عن بصيرة ، وتملأ قلبك توكلاً على الله ويقيناً بنصره إياك ، قال الله تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا وٍإن الله لمع المحسنين " سورة العنكبوت.
وطالما أنك تشعر بتقصيرك وضرورة ترك ما أنت عليه فهذه بشارة خير .. فأقبل .. أقبل ... وسر على بركة الله فإنك على الحق ولا تركن إلى العاجزين ولا تتبع الغافلين فتكن من النادمين . وهاهو باب التوبة مفتوح فيا سعادة الوالجين ، ويا تعاسة المتكبرين ضلوا بعدما هُدوا للحق فضلوا عن علم .نعوذ بالله من الخذلان ومن الحرمان. فلنبادر قبل أن يغلق هذا الباب كما أغلق دون غيرنا، فوالله إن أغلق فلا دموع تجدي ولا عذر يقبل، فإن كنت نادماً فاللحظة اللحظة قبل أن تندم ولات حين مندم. وإن كنت حقاً للجنة خاطباً فهذا زمن المهر فتقدم وقدم ، قبل أن تقول ... (( ياحسرتى على ما فرطت في جنب الله )) أو تقول (( ربِ ارجعون لعلي أعمل صالحاً )) أو تقول (( يا ليتني قدمت لحياتي )) أو تقول ((ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل )) أو تقول (( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) أو تقول (( يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً )) أو تقول (( ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً ))
وبعدما هبت نسائم صدق العزيمة على التوبة ونفحات الأوبة إن شاء الله ؛ اترك لكم إخواني وأخواتي بعض التوصيات التي أرجو الله أن تكون عوناً على الرجوع والتوبة . وتجدون عنواني في الأسفل فقد ييسر الله لي أن أخدمكم بشيء . جعلنا الله وإياكم من التائبين ومن عباده المهتدين ، وإليكم بعض التوصيات . 1- سارع من الآن بهجر المعاصي .. التي كم أودت بهلاك الأمم قال تعالى (( مما خطيئاتهم أُغرقوا )) ، وقال تعالى (( فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها )) . وقد قال صلى الله عليه وسلم (( إياكم ومحقرات الذنوب فإنها تجتمع على قلب المرء حتى تهلكه )) هذه محقرات الذنوب فما بالك بكبيرها ؟! ، ولأن الذنوب فتاكة تسري في الأعمال حتى تدمر دين صاحبها وعلاجها التوبة . قال تعالى (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) (( ران )) أي غطى (( يكسبون )) ما يكسبونه من الذنوب والخطايا فإذا غطت الذنوب القلب فلا تسل عن سبب غشيان المعاصي ومداومتها والتكاسل في أداء العبادة وحب المعصية وألفها وفتور العزيمة ، فنور الإيمان لا ينفذ قلباً محجوباً بالذنوب مغطى بغشاء المعصية (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون))
فالعلاج يكون بإزالة تلك الذنوب بالتوبة لينقى القلب ويتقبل الطاعة عن انشراح.
2- لكي تكون التوبة صادقة فلا بد من تحقق شروطها وهي : الإقلاع عن الذنب ، والندم عليه ، والعزم على عدم الرجوع إليه وهذه الثلاث فيما بين العبد وربه ، والرابع فيما بين العباد وهو رد المظالم إلى أهلها من الحقوق كالمال والظلم والغيبة ....
3- لزوم الدعاء وسؤال الله أن يعينك على هجر المعاصي ودوافعها من آلات اللهو وأجهزة الباطل وصحبة السوء ... وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه وأن ينور بصيرتك ويشرح صدرك لقبول الحق والأخذ به وأن يتقبلك تائب ، فا نطرح بين يدي الله وتضرع بالدعاء ، وعليك تحين أوقات الإجابة كالثلث الآخر من الليل ، وحين السجود ، وما بين الأذان والإقامة ، ودعاء الوالدين لك ...
4- التخلص حالاً من كل شيء يذكرك بالمعصية واحتسب الأجر أن ذلك لوجه الله فيهون الأمر ، اعتزل الإنترنت تماماً إن كان استخدامك له استخدام خاطئ ، وتذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه . وأنك ما تركته إلا تقرباً لله وطمعاً فيما عنده وخوفاً من سخطه.
5- الحرص على قراءة القرآن يومياً والمحافظة على الأذكار فهي حفظ من الله ضد الشيطان وأعوانه من الجن والأنس ومن شرور النفس مع القيام بالفرائض ونوافل الطاعات.
6- مجالسة الأخيار فهم خير مُعين بإذن الله فالشيطان مع الواحد ، وسؤال أهل العلم عما قد يعترض في طريقك ويشكل عليك.
7- تجنب أصحاب الماضي فهم يذكرونك بالمعصية واهجرهم تماماً، ثم مسألة دعوتهم لطريق الهداية تأتي في مرحلة لاحقة بعد أن يشتد عودك في الدين وتقوى حجتك وتستطيع الرد على الملابسات، ويكون ذلك بتحين الفرص المناسبة وتخولهم بالموعظة كل على حدة وما إلى ذلك من طرق الدعوة.
8- اجعل لنفسك وقتاً للاستماع إلى الأشرطة الدينية ففيها تقوية للإيمان وربط بالله وتقوية الصلة به مع زيادة معلوماتك الدينية والتفقه في دين الله.
9- إذا وجدت تثبيطاً ممن حولك فاشفق على حالهم أنهم ضلوا الطريق السوي وأسأل الله لنفسك الثبات ولهم الهداية.
10- ولا تنسى الترويح عن النفس بما هو مباح لفترات يسيرة ، فإنها يريح النفس ويدفعها نحو الخير بانشراح بال وطيب نفس.
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه . حفظك الله ورعاك وثبتنا الله وإياك على طريق الحق.
منقووول