تأخر الزواج والإحساس بالوحدة
وصلت سن 30 سنة دون زواج. مشكلتي مش النظرة المجتمعية، هي أكيد بتضايقني بس أنا بعرف أرد. مشكلتي هي الإحساس بالوحدة، احتياجي لوجود وليف وإنسان يشاركني حياتي ونعيش سوا ونتكلم سوا ويبقى عندي أطفال أهتم بيهم وأربيهم وأشوفهم بيكبروا وبيتطوروا قدامي، مش بيتقدم لي عرسان نهائي لأسباب مش عارفاها، يمكن علشان أنا مش جميلة، بس أنا بشتغل، ومع ذلك مافيش حد حاول يقرب مني ولا يتقدم لي، وأنا في بدايات العشرينات وحتى سن 27 مكانش الموضوع شاغلني قوي، بس بعدها بقى عندي إحساس ورغبة قوية في الارتباط، بس مافيش حد.
من فترة قريبة في زميل قديم أبدى رغبته في الارتباط واتقابلنا كذا مرة وبعدين اختفى فجأة بعد ما قالي إن والدته رفضاني، وده سببلي جرح رهيب لأني تخيلت إنه عوض ربنا عن طول فترة الانتظار.
الموضوع ده بقى مسيطر على تفكيري تماماً ومسبّبلي حزن عميق جداً لدرجة إني ببكي يومياً من كتر الوجع والإحساس بالعجز. أنا يومي مليان ودايماً عندي حاجات أعملها، رغم كده التفكير مش بيقف، إنما شغلي ودراستي هي اللي بتقف بسبب تفكيري المستمر في الموضوع ده.
مش هنكر إن برضه في احتياج جسدي، بس المشكلة الأكبر في الاحتياج النفسي، اللي مش بيملاه وجود صديقات ولا قراءة ولا ممارسة هوايات ولا كلام مع الناس ولا خروج ولا أي حاجة.
علاقتي بإخواتي مش كويسة ودايماً بنتخانق، ويمكن دي من الحاجات اللي مخلياني عاوزة أخرج من البيت، بس برضه مش ده السبب الأساسي. أنا عارفة إن الزواج رزق، بس مش عارفة أتعامل مع احتياجي النفسي ده بتاتاً ومش عارفة أعمل إيه، أنا حاسة بالنقص طول الوقت وابتديت احس إن ربنا ممكن يكون غضبان عليا، وعندي رعب من إني لا أتزوج طول عمري وأموت وحيدة، وأنا طول عمري أكره الوحدة.
أتمنى يكون في حل عند حضراتكم.
وأشكركم كثيراً.
15/4/2020
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلا بك عزيزتي معنا. باختصار لا يوجد لدي حل لمشكلة تأخر أو عدم الزواج، وأرجو ممن يتابع الموقع ولديه معرفة في المجال أن يزودنا بها. إن كنت لا أعرف كيف يمكن تسهيل الزواج بالتأكيد أعرف كيف للإنسان أن يتعايش مع أي قصور في حياته، أشكال النقص والقصور في الحياة حولنا كثيرة نقص في المال أو في الراحة النفسية أو الأولاد وحتى الصحة.
بداية لنتفق أن السعادة ليست مقصورة في صورة واحدة كما ترينها في الزواج أو رعاية أسرة. هذه الصورة للسعادة هي اختيارك فإن لم تتوفر لك يجب عليك تغييرها كي لا تمضي أيامك تعيسة. هل أذكرك بقول الله تعالى عسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ألا تقرئين مشكلات المتزوجين رجال ونساء كي تعدلي عن ربط السعادة أو الأنس بالزواج. أذكرك بأن العاقل من اتعظ بغيره، والخيرة فيما اختاره الله، واللي بخاف من العفريت بيطلع له.
اتباع التفكير العقلاني هو سبيلك للسعادة وليس الزواج حتى من أحد أولياء الله الصالحين. ليس شكلك سببا في قلة الراغبين فلو الزواج اقتصر على الجميلات من أين أتينا أقصد غير الجميلات. لن أذهب معك إلى القول بأن الجمال نسبي وأنه في عين الناظر رغم أنه حقيقة، سأقول لك أن ما يجذب الناس حقا هو الأشخاص المرحين المنطلقين، احرصي أن تكوني واحدة منهم، واحدة ممن يكون الاقتراب منهم سببا للسعادة بغض النظر عن شكلهم ومكانتهم.
تأخر الزواج في وقتنا الحالي لا يعود للجمال بقدر ما يعود للظروف الاقتصادية التي تجعل الرجال ينكفون عن تحمل المسؤوليات، مع توفر فرص اللهو المجانية، ما زال الناس يتزوجون بالطبع في الحالات التي لا تفرض عليهم الكثير من المطالب النفسية والاقتصادية.
سأذكرك بقيمة الصبر في القرآن ليس في حالة معينة ولكن بعموم الصبر، سأذكرك بقول الله تعالى فاصبر فإنك بأعيننا، فدعي عنك الأفكار السالبة من أنك تخشين الوحدة وأنك غير جميلة فأمر الله لا يتوقف بالأسباب. التأكيد على الصبر يفيد التدبر بوجود النقص في الحياة. الوحدة بالمناسبة اختيار وأسلوب في التعامل مع الحياة لا تتوقف على وجود شريك في الحياة، وأبشع صور الوحدة هي عندما تكون بين أناس لا يشعرون بك.
إن لم تستطيعي تغيير تفكيرك في حالتك وشعورك الحزين سأخبرك أن تلحي في الدعاء لرب العالمين بأن يجعل خيرك فيما تحبين وأكثري من الصدقة ولا تحقري من المعروف شيئا، الدعاء والصدقات وصفات مجربة لقضاء الحاجات. أسال الله لك ولشباب المسلمين الهدى والتقى والعفاف والغنى....آمين.
واقرئي أيضًا:
نفس اجتماعي: انتظار شريك الحياة