أعاني من نوبات هلع !
تحياتي .. أعاني مؤخرا من نوبات هلع وغضب تؤثر على قدرتي على القيام بمهامي اليومية .. الأمر يبدا عندما أدخل فجأة إثر أي مشهد أو صوت أسمعه في دوامة من الذكريات والمشاهد التي تأتي إلى ذهني تباعا .. يرافقها كم هائل من لوم النفس على أي أمر حدث سابقا .. سواء كان موقفا لم أحسن التصرف به أو كلمة قلتها ولم أرض عنها.
فتكون نتيجة تلكم الأفكار ضيق الصدر والصراخ أحيانا أو محاولة ضرب رأسي حتى تخرج منه تلك الأفكار .. أو ربما حتى أشغل نفسي بألم تلك الضربة فلا أعود قادرا على التفكير في تلك الذكريات مرة أخرى.
لقد كان الأمر في البداية نوبات بسيطة تأتي عندما أكون وحيدا .. لكن الأمر بعد سنتين تطور للحدوث أمام الناس، ما يسبب لي حرجا كبيرا.
وعلاوة على ذلك فأنا بحاجة لجمع تركيزي لكي أمضي قدما في دراستي.
فهل ثمة هناك من طريقة تخرجني من دوامة تلك النوبات.
وشكرا لكم
18/4/2020
رد المستشار
صديقي
نوبات الهلع عموما تعني أنك لا تمارس الحياة بطريقة طبيعية أو صحية بالنسبة لك.. حياة خالية من الاستمتاع.... لا أقول خالية من المتعة ولكن خالية من الاستمتاع.... قد تكون المتعة متاحة ولكنك لا تسمح لنفسك بها.... في كثير من الأحيان يكون هذا بسبب ضغوط تضعها على نفسك بطريقة أن تفصل نفسك إلى جزئين (على الأقل)... جزء قاضي وجلاد وجزء مذنب.. تلوم نفسك : من هو اللائم ومن هو الملام؟!
يجب أن تعي أنك تلعب الدورين وأن ذلك من اختيارك وفي مقدورك أن تنسى الدورين وتنسى رأي الآخرين فيك وتبدأ في تكوين حياة جديدة تكون فيها أنت في حالة جيدة وسعيدة والتركيز عليها بدلا من جلد ذاتك على أخطاء الماضي (وهو سبب الغضب لأنك تحكم على نفسك أنك يجب أن تكون الآن وفي الماضي شخصا مثاليا كاملا.... لكن من وجهة نظر من؟؟!)
الماضي انتهى وولى وفات وأنت لست نفس الشخص الذي مر بهذه الأحداث أو ارتكب هذه الأخطاء.... على المستوى البيولوجي البحت، يقدر العلماء أن كل ذرة في جسم الإنسان تتغير في خلال عامين.. يعني أنت تتغير بالكامل كل عامين ولكن ما يجعلك تعتقد أنك نفس الشخص هو التركيز وإعادة التفكير في ذكريات تعتقد أنها هي ما يكون شخصك الآن.. ليس هذا صحيحا.. في الواقع، أنت الآن وأنت تقرأ هذه الجملة قد تغيرت قليلا على المستوى البيولوجي منذ أن بدأت في قراءة ردي عليك.. هناك تفاعلات كيميائية وأفكار وإفرازات غدد وضربات قلب جديدة لم تكن موجودة في بداية قرائتك.. كما تقول المقولة الشهيرة "لا يمكن أن تخطو في نفس النهر مرتين" .. أنت مختلف من لحظة إلى أخرى والنهر أيضا مختلف من لحظة إلى أخرى.
لو فهمت هذا وسمحت لنفسك بأن تخترع نفسك من جديد فسوف تحل مشاكلك في وقت قصير.. ليس في التو واللحظة لأن طريقتك في التفكير والفهم والإحساس الآن هي عادات ذهنية وجسدية وسوف يتطلب الأمر بعض الوقت لكي تؤسس وتكون وتثبت عادات ذهنية وجسدية جديدة.... كما نتعلم اللغات فمن الممكن تعلم طرق جديدة في التفكير والفهم.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني للعمل تدريجيا على المفاهيم الجديدة بدلا من إهدار حياتك في مشاعر سلبية تعذب بها نفسك بلا داع
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب