كيف أتأكد أن نبوة محمد حق؟
وساوس دينية
السلام عليكم. أنا صراحةً بعاني من 3 مشاكل مسببين ليا ضيق شديد جدا. مشكلتي الأولي هي التفكير الزائد عن الطبيعي في الدين، عندي رهبة وخوف غير طبيعي من النار، و كل ما أتخيل إني ممكن أدخل النار بحس بألم نفسي رهيب وخوف شديد. المشكلة إن خوفي ده مش ناتج عن معاصي بأرتكبها أو تقصير أو كدا، الخوف ده ناتج عن شعوري بالشك في الدين، وشعوري بأني لا أعلم ما هو الدين الحقيقي، أنا مرعوب من فكرة عدم اتباعي الدين الحقيقي أو القيام أو الإيمان بالشيء الصحيح الذي سينجيني من أي عذاب محتمل في الحياة الأخرى (إن كان هناك حقاً حياة أخرى) ولكني أرى أن إيماني بحياة أخرى وبعذاب أو نعيم في الآخرة سيكون أفضل حيث لن يسبب لي أي خسائر إذا لم يكن أياً من ذلك حقيقي، ولكن إذا كانت هذه الأشياء موجودة بالفعل وأنا لم أؤمن بها فبالطبع سيكون هناك خسائر.
أنا ولدت مسلم في أسرة مسلمة وأهلي إلى حدِ ما متدينين، المشكلة لم تكن في نشأتي، أنا نشأت كشخص مسلم مؤمن بشدة بالعقيدة الإسلامية وأقوم بكل الفرائض الدينية، لم تراودني هذه الوساوس أبداً إلا بعد إتمامي 12 عام تقريباً بس لقيت ليها جواب على طول وهو "الإعجاز العلمي" واستمريت علي هذا الحال بس جالي الفضول صراحةً و تساءلت لما القرآن فيه إعجاز علمي بالشكل الرهيب ده وإن القرآن بلا شك كلام الله، ليه في ملحدين؟! وملحدين عرب وأشخاص كتير حول العالم ما زالو لا يؤمنون بالقرآن حتى بعد اكتشاف الإعجاز العلمي الرهيب ده فيه؟!
ومن هنا بقا بدأت حكايتي في الشكوك والظنون، وجدت إن الملحدين أصلاً بيشككو في أكبر دليل كان بالنسبة لي على صحة الإسلام وبيقولو مفيش حاجة اسمها إعجاز علمي، معظم الحقائق العلمية منسوخة من كتب أخرى ألّفها علماء اخرون، حتى أن هناك بعض من هذه المعلومات كانت سائدة وقتها ويعتقد الناس أنها صحيحة ولكن اتضح أنها خاطئة! كما إن في معلومات كثيرة أخرى غير صحيحة إطلاقاً ولا تتفق مع ما أثبته العلم الحديث، أنا طبعاً قرأت وبحثت ووجدت تبرير للشيوخ وتفسيرات مختلفة لكن هذه التفسيرات قد تكون صحيحة وقد لا تكون. على أي حال أصبح بالنسبة لي موضوع الإعجاز العلمي مش دليل ولا حاجة على صحة الإسلام حيث أن الآيات الذي ادّعي البعض أنها إشارات لاكتشافات علمية حديثة قد تحتمل تفسيرات أخرى وبالتالي لا يمكن أن نشير إليها بأنها إعجاز علمي.
بحثت عن طريقة أخرى أقدر أثبت بيها عقيدتي فوجدت "الإعجاز الغيبي في القرآن والسنة" وممكن تكون إلى حد ما كانت مذهلة، ولكن وجدت أيضاً من يثير الشكوك حول هذا الأمر، الملحدين قالو إن هناك عرافون كتير عبر الزمن تنبؤا بأحداث كتير وكتير منها حدث، وذلك لم يجعل منهم أنبياء، الأفظع من كدا الشبهة التي أثارها المسيحيون على الموضوع ده، هم قالو إن الشيطان أيضاً له قدرات خارقة، وإن السحرة أيضاً بيستعينو بالجن والشياطين لمعرفة بعض الأحداث الغيبية، وصراحةً دي أكتر شبهة قلقتني وحسستني باستحالة معرفه الحق لأن أي معجزة أو أي شيء خارق للطبيعة أثبته للنبي أو القرآن مش شرط يكون من الله لأن الشيطان كمان له قدرات خاصة، وإحنا كبشر مستحيل بالنسبة لنا نفرق أنهي معجزة من الله وأنهي معجزة من الشيطان أو الجن أو حتى أي كيان آخر نعرفه أو منعرفوش!
رغم الرعب الشديد اللي انتابني إلا إني قررت إني أكمل البحث عن الحق، ولقيت بعد كدا إن من أدلة النبوة هو صدق وكمال شخصية النبي، وأنا ببحث في الموضوع ده لقيت شيء آخر أغرب من الخيال الملحدين أثاروه وهو إنكار وجود النبي محمد! وقالو إن شخصية محمد اخترعها العرب حتى يكون لديهم شخصية مقدسة زي ما النصاري عندهم يسوع، وحاولو يؤلفو دين مشابه لدين النصاري يمكنهم من توحيد قبائلهم وغزوهم للعالم، وبالتالي أصبح التراث بالنسبة لي أو الأحاديث والروايات التي تحكي عن صفات النبي وحياته والأحداث الي مر بيها لا يمكن الاستدلال بيه بأي وجه من الأوجه، حتي بعد ما اطلعت على رد الشيوخ في الموضوع ده فهو بردو كلامهم يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ وأنا ببحث عن حقيقة مطلقة.
المهم إن إحنا حتي لو افترضنا إن النبي كان موجود والنبي كان شخص صالح والصحابة صالحين والتابعين بردو ممكن يكون كل ده خداع، ممكن يكون ادّعاء وتدليس. أنا عمري ما أقدر أعرف نواياهم الحقيقية أو غرضهم الحقيقي من إنشاء دعوة الاسلام، أنا كنت عاوز أدّي لكل حاجة مساحة من الشك.
ولو افترضنا حسن نيتهم بالفعل وصحة ما وصلنا من الأحاديث الصحيحة والتراث وكدا والنبي كان صادق النية فعلاً، فهل مش ممكن يكون متوهم؟! وده مش كلام من عندي، وأنتو أدري يعنى كام واحد توهم بأنه كان بيسمع ربنا وبيكلمه وكان بيكون في غاية الاقتناع بذلك، فهو مش كاذب ولكن ده كله شيء بيحصل في نفسه، الوحي اللي متخيل إنه بيتلقاه فهو نابع من داخله وليس من أي مصدر خارجي، فإيه الدليل إن النبي ممرّش بنفس التجربة؟
لو افترضنا إنه مش كدا وإنه كان فعلاً بيتلقي وحي، هرجع تاني للنقطة اللي ذكرتها فوق وهي إن الشياطين بردو لديهم القدرة علي ذلك، الشيطان ممكن يخدع ويوحي إلى أشخاص على أساس إنه من وحي من الله، وقد يكون حتى هذا الوحي به بعض من الحقيقة زي الأخلاق الكريمة اللي نص عليها القران وهكذا، ولكن يظل بعد كل ده هو ليس وحي رباني وإن تضمن كثير أو حتى كل ما يريده الله، فهو باتباع هذا الكلام إحنا ممكن نكون بنتبع كلام الشيطان بدون علم، أو حتي مش لازم يكون شيطان ممكن يكون كيان آخر مفكر إنه إله وبيوحي للناس على إنه هو الخالق وهكذا وهو في الحقيقية مش كدا، وممكن يكون الله الحقيقي أصلاً غير مبالي بالبشر أو ممكن حتى يكون مخادع وعايز البشر يفضلو في ضلالهم ومش عاوز يهديهم وإن الوحي ده كان من ملاك مثلاً أو إله آخر، إله خير هو اللي أوحي للناس باعتباره الإله الوحيد الحقيقي، والحقيقة ممكن تكون مش كدا لأن الإله الحقيقي غير مبالي بإنه يوحي للناس أو شرير أو خيّر بس ليه طريقة تانية وخطة تانية لكن الآلهه الأخرى أو الكيانات الأخرى مفهموش كدا وظنو إنه سايب البشر كدا في عميانهم وبالتالي حد فيهم هو اللي قرر يهدي الناس ويبعت ليهم الوحي القرآني وادعي إنه هو الإله الواحد الحق، كل ده مش وارد؟!
أنا لم أكتفي بالبحث في الإسلام والقرآن، أنا بحثت كمان في العقائد والطوائف الاخري، كل واحد ليه آرائه ووجهات نظره وطرقه اللي بيبرر بيها معتقداته وفي الحقيقة كلهم يحتملو الخطأ والصواب، مفيش حاجة لقيتها يقينية، حتي إني اطلعت على بعض الأفكار اللي بتدعو الشخص إنه يتصل بالله شخصياً ويراه ويكلمه بدون أي وسيط بس لقيت إن مش كل اللي مروا بالتجربه دي حكو نفس الكلام، معنى كدا إن التجربة دي متوصلش لنتيجة حتمية، كما إن بردو مش شرط اللي اتصل بيه ده يكون الله ممكن يكون أي كيان اخر.
بعض الأشخاص اللي حكو تجاربهم مع الموت واللي ادعي إنه مات ورجع تاني وهكذا، كل واحد بيحكي أشياء مختلفة كما إن مفيش أي شيء يدعم ادعاءاتهم دي، وممكن هلاوس.
اطلعت حتى على كلام الناس اللي غيرو ديانتهم من الإسلام للمسيحية ومن المسيحية للإسلام، وسمعتهم وكتير منهم بيحكي عن المواقف اللي تثبت العناية الإلهية والإرشاد الإلهي ليهم عشان يعتنقو الدين الحالي، وبعض منهم حكى معجزات حصلتله شخصياً. أنا جربت كل حاجة وبحثت في كل حاجة وقد إيه بكيت وصليت وسجدت لربنا وأنا بترجاه يهديني ويريح قلبي، أنا تعبت جداً من الموضوع ولحد دلوقتي ملقتش حل نهائي ليه.
هو أنا كل خوفي من النار، إن كانت موجودة فأنا مش عاوز أخشها. هو بردو يحتمل إنه ميكونش في إله ولا دين ولا أي حد يحاسبنا ولكن هو الإنسان على حسب أعماله، لما يبعث بيروح المكان اللي يستحقه على حسب أعماله من غير ما حد يحاسبه، وممكن يكون في ربنا بس ربنا شرير وعايز يضلنا وإحنا كدا كدا داخلين النار، وممكن يكون في إله خير بس ممكن يكون لحد دلوقتي مش عارفينه،
فحتى لو أنا اضطريت أؤمن بالإسلام دلوقتي على أساس إنه حتى لو مفيش دليل قاطع على صحته فإن بردو ليس به خطأ مثبت، طب لو افترضنا إن الإله الحقيقي ده أظهر نفسه بعد كدا بطريقة إعجازية عجيبة هنتبعه ولا لا؟! ولو افترضنا إنه حتى دلوقتي وفي الوقت الحالي في ناس عندهم الحقيقة المطلقة اليقينية دي وإحنا متبعناهاش عشان مش عارفينها مصيرنا إيه؟
مش المفردض نبحث أكتر؟ مش المفروض نعرف أكتر؟ بس أبحث أكتر من كدا إيه؟! أنا بقالي 7 سنين ببحث وبدوّر، إيه تاني في استطاعتي أعمله؟ أنا خايف ومرعوب أقبل بنتيجة معينة وتكون غلط وأخلد في النار.
أنا مفيش بالنسبة لي أسهل من إني أريح نفسي ودماغي وأعيش كشخص مسلم وأنسي كل ده، بس الرعب من إن يكون مش هو ده اللي مطلوب مني عشان أنجو راعبني، كل اللي أنا عاوزه أنجو من النار.
مشكلتي دي مسببالي ضيق شديد جداً ومأثرة على حياتي، الموضوع ده بفكر فيه باستمرار لدرجة حتى وأنا نايم بفكر فيه. أوقات كتير بتمني الموت لأني بحس إن هو ده اللي هيريحني و يجاوبلي على كل أسئلتي لأن ببساطة أنا لما أموت هعرف الحقيقة كلها.
أنا مش باخد أي أدوية، عندي مشكلة إني بنام كتير، وعندي رغبة شبه دايمة في الأكل، مفيش أي حد من أهلي بيعاني من أي اضطرابات نفسية. أنا آسف على الإطالة ولكني فعلاً محتاج مساعدتكم، وأنا لجأت لرجال الدين والشيوخ ولم يفيدوني ولم يشفو غليلي. أنا أعتقد الموضوع له أبعاد نفسية، بس بردو أنا مش عاوز أعالج نفسي وخلاص وأتخلص من الأفكار دي فقط، لا أنا عاوز أعرف الحقيقة المطلقة كمان الاي هتريحني. أنا آسف على الإطالة.
أنا عندي مشكلتين كمان ولكن ملهمش علاقة بالموضوع ده، ممكن أبعتهم في رسالة أخرى.
منهم مشكله إنتو عارفينها، أنا راسلتكم قبل كدا.
18/4/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "أحمد" وأهلًا بك وسهلًا مرة أخرى على مجانين
أسئلتك هذه تنبع من مشكلتك النفسية التي أرسلت تسأل عنها سابقًا، وقد أجابك الأستاذ حسن الخالدي جوابًا رائعًا، فيه علاجك، ولكن يبدو أنك لم تذهب إلى معالج نفسي كما نصحك. إن كان هذا صعبًا فأسأل الله تعالى أن ييسر لك إنسانًا صالحًا متفهمًا خبيرًا بالتربية ونحوها يغير لك حياتك كلها إلى الأفضل ويعينك على الانطلاق، وهذا يحدث مع كثير من أمثالك، ولكن انتظار أن تمطر السماء مثل هؤلاء غير منطقي، عليك أن تبحث عن شخص يعينك سواء مجانًا أو مع الدفع، المهم أن تنطلق وتخرج مما تعانيه، فالبشرية مليئة بالنفوس المشوهة، فلا تكن أنت واحًدا منهم.
لماذا تشك في كل شيء؟ لماذا تهتم بآراء كل الناس حتى لو كانوا كفارًا وملحدين؟ وهل رأيت أحدًا يعجب الجميع؟ عليك بقناعاتك التي أوصلك إليها عقلك الحر، ودعك من شبهات الآخرين، ورضى الناس غاية لا تدرك، ومن سعى وراء رضاهم عاش بائسًا في الدنيا، وآخرته غير مضمونة!
الإسلام طالب الناس ببناء شخصيتهم الحرة القوية، التي تختار وفقًا لنداء العقل، لا للمشاعر التي قد تكون سليمة، وقد تكون مضطربة....
وهل تعتقد أن الكفر والتهجم على الأديان له سبب غير النفوس المضطربة؟ بعضهم يستكبر ويجحد لأنه يحسد الأشخاص الأفضل منه، كما هو حال أبي جهل إذ قال: "تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعَموا فأطعمنا، وحمَلوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رِهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدًا ولا نصدقه"! وقال أيضًا: "والله إني لأعلم أنه لَنبيٌّ، ولكن متى كنا لبني عبد مناف تبعًا؟!"
ومنهم من يترك الحق خوفًا من رأي الناس فيه، كما هو شأن عقبة بن أبي معيط إذ كان صديقًا حميمًا لأمية بن خلف، فأسلم عقبة، فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا فكفر عقبة!! وقد أنزل الله تعالى في حال عقبة قوله: ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا)) الفرقان [27-29]
سماه الله (ظالمًا) فهو قد ظلم نفسه بترك الإيمان، ومن هو أمية حتى يضحي عقبة بالجنة لأجله؟!!!!
ومنهم من يكفر لأنه لا يحب الانضباط بأوامر أحد، ويريد أن يعيش كما يحلو له، وهؤلاء هم الملحدون المنكرون للإله من أصله، وتراهم دون أن يشعروا يمنحون القوة الخارقة لما يسمونها (الطبيعة) ويكسونها صفات الألوهية كلها، وذلك لأن العقل يحكم باستحالة وجود الكون دون خالق، ولكن الطبيعة لا تأمر ولا تنهى، وإنما يعيشون في ظل حكمها كما يحلو لهم.
إذن هؤلاء ليسوا أسوياء نفسيًا، بل دفعهم إلى الكفر نفوسهم التي رفضت أحكام العقل، فلماذا تلاحق كلامهم؟ ولماذا يهمك أمرهم؟
قد تقول لي لأني أبحث عن الحق المطلق. لكن الحق المطلق يحكم به العقل والأدلة المنطقية، وليس أهواء أعداء الحق!! ولو كان هناك شيء لا يجادل فيه الناس في هذه الحياة، ولو كانت ألسنتهم لم تتناول الإله والأنبياء لرأيت الناس كلهم مؤمنين بالإجبار وليس بالعقل والاختيار. وهذا ما لم يخلق له الإنسان، قد خلق الله تعالى الإنسان ليميز الحق من الباطل بعقله، فيتبع الحق ويترك الباطل. والآن وبعد أن أضعت نفسك في متاهات الشبهات، وأصبحت تشك في كل شيء، وتقوي شكوكك والأفكار المضطربة التي تمشي عليها في حياتك كلها، ما هو المخرج معك؟؟
لا مفر من تغيير أفكارك كلها، وسترى بعد نقاش لتصحيح الأفكار أنك كنت تعيش غباء لا يعدله غباء!!
أن تشكك في ذاتك وقدراتك، وفي نيتك، وفي جدوى وجودك، ثم تسقط كل هذا على الإله والأنبياء. صحح فكرتك عن نفسك وانظر كيف أن هذه الأسئلة كلها ستزول، إلا أنك ستحتاج لمن يجيبك على الشبهات السخيفة التي أوقعت نفسك في دوامتها وأنت لا تملك علمًا تخرج به من بين براثنها، فحسبي الله ونعم الوكيل.
بالنسبة للإعجاز في القرآن، ينبغي أن تعلم أن البحث فيه له منهج علمي معيّن، ومجانبة هذا المنهج ينتج كلامًا متناقضًا غير صحيح يشكك به الآخرون. ولعل أقرب موقع للصواب اطلعت عليه، موقع عبد الدائم كحيل. وإن كنت لم أطلع على كل ما فيه لأحكم بأنه يلتزم المنهج العلمي في كل ما يقوله، وعلى كل هناك كثير من الأشياء التي تقبل تعدد وجهات النظر. وأكرر: لا تبحث عن رأي واحد لا يختلف عليه الناس، إنك لن تجده أبدًا في هذه الدنيا.
ثم هل يعقل أن تقارن بين العرافين والسحرة وبين الأنبياء؟ بغض النظر عن أن كلام السحرة في الغيبيات يصدق منه كلمة ويخطئ مئة، وأن الأنبياء يخبرون عن علم أوحاه الله لا يتخلف. بغض النظر عن هذا، فإن شخصية الأنبياء كل لا يتجزأ، هم يخبرون ببعض المغيبات نقلًا عن الله، ويؤيدهم الله بالمعجزات، ويغيرون مجتمعات بأسرها من البدائية إلى الحضارة بما أوحاه الله إليهم وهو الحكيم الخبير بخلقه، مشهود لهم بالصدق والأمانة وحسن الأخلاق منذ نعومة أظافرهم....
هل رأيت ساحرًا يجمع هذا؟ هؤلاء معروفون بالكذب والدجل، وجمع المال من الناس والعمل لأجل مصلحتهم، وكلما كان الناس أكثر جهلًا وأمية وبدائية، كانوا مرتعًا خصبًا للسحرة وتسلط الشياطين.....، أين هؤلاء ممن بنى دينه على العلم والمنطق؟
كذلك: كيف تصدق من يشكك بشخصية اسمها النبي محمد؟ -صلى الله عليه وسلم- آلاف الناس نقلت إلى ملايين الناس وجوده، وآثار منهجه موجودة إلى الآن، وأنت تشك في ذلك؟!!! ما شكك هذا إلا كم ينكر وجود بلد اسمها مصر مثلًا. كيف تؤمن بوجود مكان اسمه القطب الشمالي وأنت لم تزره؟ أليس لإخبار الملايين عن وجوده؟ وما التصوير والأفلام الوثائقية إلا دعم لهذا الإخبار، وإلا فمن السهل أن تصور مشهدًا في أي مكان من الأرض ثم تدعي أنه القطب الشمالي!
وما لك وما للإله وأنبيائه لتشكك في نيتهم؟!!! ألا يكفيك ما تراه من جميل أفعالهم لتستدل بها على صدق نيتهم؟ لو كان الإله يريد إهلاك خلقه، والانتقام منهم لأهلكك منذ بدأ الشك يدب إلى قلبك، لكنه حليم ينتظرك أن تتعرف عليه، وأن تتصالح مع ذاتك لتحيا سعيدًا في الدنيا والآخرة.
ولو كانت نية الأنبياء غير صالحة، ويريدون الشهرة أو غيرها، لما صبروا على إيذاء الناس وتكذيب أكثرهم، ولما ثبتوا على رسالتهم في التبليغ. الأمثلة أمامنا كثيرة، ونرى بأعيننا كيف ينحرف من اتخذ الدين تجارة عند أول امتحان لا يحقق رغباتهم.
وتأكد: إن أصلحت أفكارك عن نفسك صلحت مع الله، وبالمقابل: إن أصلحت أفكارك عن الله صلحت مع نفسك. فالصحابة لم تكن نفوسهم مثالية، ولكنها أصبحت كذلك لاتباعهم المنهج الصحيح في تعاملهم مع الله، ومع الناس، ومع أنفسهم، والذي أخذوه من الله تعالى الخبير بخلقه وما يصلحهم.
كفاك تشكيكًا وخزعبلات (آسفة على التعبير ولكن هي الحقيقة وأريدك أن تنتبه إليها)، اشتغل بأمر يجعلك تنهض، واترك هذا التفكير جانبًا الآن، فإن اقتحم الشك عقلك وبقي فيه رغمًا عنك، فاعلم أنه وسواس قهري، ولا مفر لك حينها من زيارة طبيب.
أرجو أن ترحم نفسك وتبحث عمن يساعدك للخروج من هذه المتاهات، فأنت إنسان خُلقت لتعيش سعيدًا وليس لتبقى في أوحال المعاناة.
أعانك الله ووفقك لكل خير.
ويتبع >>>>> : وسواس قهري اجتراري : الرجل أفضل من الست؟! م1