أتحدث أمام المرآة كثيرا... وأتكلم مع أشخاص ليس موجودين
السلام عليكم ورحمة الله. اسمي روميساء، عمري 15 من المغرب. منذ أن كنت صغيرة في عمر 7 أو 8 سنوات بدأت في التحدث مع نفسي كثيراً حتى أنني بدأت أتخيل أشخاص أمامي وأبدأ في التحدث معهم، كنت أحب أن ألجأ إلى غرفتي وأغلق الباب عليّ لكي أبدأ بالثحدث معهم (أي الأشخاص الذين أتخيلهم).
الحالة تطورت حيث أنني بدأت باختراع أحلامي الخاصة أي أن الحلم أنا التي أتحكم به وبالأشخاص والمكان وكل شيء حتى أنني كنت أنام باكراً لكي أكمل ما كنت أحلم به الليلة الماضية، حتى أن الأشخاص الوهميين أصبحوا أصدقائي (أي أنني أعرفهم بأسمائهم وتفاصيلهم وأشكالهم حتى _لنقل ذلك من اختراعي) بدأت أحبهم كثيراً وأصبحوا أصدقائي لأنني في الأصل لا أملك أصدقاء لأنهم جميعاً مخادعون.
لكن في يوم ما كنت التجأت إلى السرير وبدأت في إكمال الحلم حتى نمت، لكنني استيقظت في الليل ومن دون سبب، حاولت أن أنام لكن من دون فائدة، سرحت عيني في زاوية من زوايا الغرفة حتى تبين لي شيء أسود فأشعلت ضوء الغرفة لكي يتضح لي أنه مجرد معطف لي، أطفأت الضوء وأغمضت عيني محاولةً النوم من جديد إلا أنني شعرت بشخص ينام ورائي، لم أتجرأ لكي ألتفت إلى الوراء لكنني بدأت أتعرق خوفاً من ذلك، بدأت أقرأ المعوذتين، أقولهم وأكررهم حتى نمت، لم أتجرأ لإخبار جدتي (أمي وأبي قد تطلقا وأنا أعيش مع جدتي) وظل ذلك الأمر سراً ولم أعرف ما أفعل أو من يكون ذلك المجهول، أو هل هو وهم.
لا أعرف المهم أنا جاهلة للأمر.
أرجو أن تساعدوني في معرفة هذا الأمر.
2/5/2020
رد المستشار
أهلا بك "روميساء" وأهلا بأهل البلد، ومرحبا بك على موقع مجانين للصحة النفسية.
ما تصفين من تخيلاتك واختراعك لأصدقاء وعلاقات وهمية، يُسمى في علم النفس "أحلام اليقظة"، هذه الأحلام تكون طبيعية جدا ويمرّ بها كل طفل وطفلة، بل إلى سنّ متأخرة، بسبب أن الإنسان يحبّ أن يتجاوز إكراهات الواقع ويتخيّل واقعا "افتراضيا" يكون فيه كما يُريد. لكن هذه الأحلام تصير غير طبيعيّة ومعيقة إذا ما تجاوزت الحدّ، كما هي حالك. لأنها تصير نوعا من الهروب والخوف من المواجهة، الواقع مؤلم بالنسبة لك، الأصدقاء مخادعون، الناس قُساة، لا أحد يفهمك غير أصدقاؤك الخياليين... إلخ
وهذا يؤدي بك لتأخير عملية النّضج التي تقوم من الأساس على "المواجهة"، مواجهة الواقع بكل ما فيه، للتأقلم معه لفهم الحياة كما هي، لمعرفة أخطائنا التي تمنع عنا السعادة والارتياح فيها، هذا يحتاج لمجهود لكن ثماره طيّبة.
فضّلتُ لو حدّثتنا عن ظروفك العائلية، وكيف تعيشين وتشعرين، وكيف هي علاقاتك بالناس وحياتك الاجتاعية، لا بد أن هناك مؤشرات على مهارات اجتماعية ضعيفة عندك (التواصل مع الناس، الشعور بالراحة معهم، فتح حوار مع غرباء، تحمل نظراتهم أو انتقاداتهم...إلخ)
كون أبويك مطلقين، قد يكون سبب لك نوعا من الانطواء والحزن، فعالجتِه بطريقة اختراع أصدقاء تحبينهم وتسمينهم وتعطينهم صفات معينة.... هذا ليس خطأ ولا عيبا من جهة، لأنه تأقلم طفلة صغيرة وجدتْ نفسها وحيدة، لكن ونحن نتقدم في السن ينبغي أن نغيّر أساليبنا الطفولية ونتبنّا أساليب أكثر نضجا تتناسب مع سنّنا وما ينتظرنا في الحياة.
وأعتقد أنّك ستحتاجين لمساعدة مختص نفساني أو رفيقة حكيمة (أكبر منك سنا) لتعينك على التخلص من أحلام اليقظة شيئا فشيئا، لكنه يمكنك أن تقومي بخطوات أنت وحدك من سيفعلها:
- لا تذهبي لفراش نومك إلا بعد الإعياء الشديد والحاجة الملحة للنوم، حتى تنامي بسرعة.
- انقصي تدريجيا من الحديث أمام المرآة، أو مع أصدقائك.
- أقنعي نفسك بفكرة أن الشخصيات التي اخترعتها مهما كانوا رائعين، فلن يغيروا من واقعك شيئا، ولن يحملوا لك كأس ماء!
- سيكون التخلص من أحاديثك ومغامراتك مع شخصياتك الوهمية مؤلما، لأنه كان يسد حاجة الراحة والاطمئنان عندك، اصبري على ذلك الألم والإحباط، من أجل غدا أفضل.
- حاولي أن تغيري نظرتك عن الناس والمجتمع، ليس كل الناس مخادعون، ولو كان صحيحا لكنتِ مخادعة أيضا لأنك منهم!
- اقتربي من أصدقاء المدرسة وأنت واثقة من نفسك وستكتشفين أنّ فيهم السيء والجيد، وستختارين منهم الجيد.
شاهدي فيديوات عن الثقة بالنفس وتقدير الذات، لتعرفي كيف تتعاملي مع مشاعرك وصورتك السلبية عن نفسك، لأنها غالبا هي التي تؤدي بك إلى رفض العلاقات الاجتماعية والتخوف منها.
أخيرا ما حصل لك من إحساس بأحد بجنبك، لا أعتقد أن الأمر يقتضي تشخيصا مرضيّا، لأن ذلك يحصل للكثير من الناس، وحصل لي شخصيا، في وقت ما من حياتي، وهذا مثل الشعور بأن هناك أحدا أو شيئا بعد مشاهدة فلم رعب. إضافة إلى أنّ استيقاظك من النوم يجعل إدراكك مشوشا قليلا. لذا لا تكترثي لذلك الشعور، وحاولي أن تري بعينك لكي يتبين لك أنه مجرد "إحساس واهم" وترتاحين، أما إغماض العينين فهو يزيد من التخوف والتوهم.
إن تكرر الأمر معك وبشكل مبالغ فيه راجعي طبيبا نفسانيا.
وأتركك مع بعض الروابط بخصوص أحلام اليقظة.
أحلام اليقظة المفرطة كيف نهذبها ؟
أحلام اليقظة المفرطة وعواقبها
أحلام اليقظة المفرطة ومشاكل نفسية