الأب المتسلط وضعف شخصيتي
بدايةً منذ أن كنت في الصف الابتدائي كنت بمدرسة أهلية، وفي أحد الأيام اكتشف الطلاب أني لست أحمل نفس جنسيتهم ومن هنا بدأت المعاناة، الأولاد غالبيتهم بدأوا بتحقيري وإهانتي ويعاملوني كأني عبد لهم أو كإنسان من الدرجة الثانية. لاحظت في نفسي أني لا أستطيع التعبير عن نفسي فكنت عندما أذهب للشكوى يضربني الوكيل مع اللي اعتدى عليّ وأهانني.
كنت أرجع المنزل وأشتكي لأبي فيضربني لأني لا أعرف كيفية الرد أو يهزء بي ولا يدافع عني ولا يعلمني كيفية التصرف وكل ما أشتكي له بشيء تقوم القيامة على رؤسنا، من حينها أصبحت كتوماً معه لا أخبره بأي شيء. كانت معي مشاكل وراثية بالكلى وعالجني بها
وكان معي سلس بالبول إلى سن العاشرة. كنت ولازلت متفوق بدراستي فحولني لمدرسة نموذجية وأهلية بسبب المضايقات اللي كانوا الطلاب يعاملوني بها، ومن هنا وصاعداً أصبحت أتكتم على جنسيتي ولا أصرح بها مهما حصل. أمي سعودية وعلى حظي تم إيقاف التجنيس فأصبحت بلا وطن ولا أصل. عندما دخلت المدرسة النموذجية كانت غالية نوعاً ما وكان مصروفي قليلاً جداً جداً مقارنةً بباقي الزملاء حتى أني أصبحت آكل معهم، كان رد أبي دائماً "نباك تنحف عشان كذا ما أديك مصروف كثير" إحنا كنا ناخذ ريال كمصروف والآن مع غلاء المعيشة صار يديني ريالين وبالقوة خليتها ثلاثة ريالات، أصبحت أشتري سندوتش بيض بريال وعصير وماء من خارج المدرسة مع السائق المؤجر واللي يوصل أكثر من شخص غيري.
ببساطة حالتي الاجتماعية والمادية ليست نفس أبناء صفي وعمومتهم، وكلما سألني الطلاب أقول لهم بأن أبي تاجر وهو فالحقيقية مندوب مبيعات. مع مرور الزمن وكفاحي ونجاحي وصعوباتي وها أنا تخرجت، طبعاً كان وزني وقتها ٩٠ كيلو بينما الطبيعي ٧٠. كان عندي نقص حنان وحب من أهلي إلا أنهم كانا مشغولان بالعمل حتى أنني لا أعرف أكلاتهم المفضلة وكنت أملأ ذاك الفراغ حتى وصلت إلى سن ٢١ ووزني أصبح ١١٠ مع الفقر والبؤس.
دخلت الجامعة ولحسن حظي أصبحوا يعطوني مكافأة جامعية ولسوء الحظ مرينا بأزمة اقتصادية أجبرتنا أن أنفق على أهلي وجزء منها على السواق اللي يوصلني، سيارته كانت قديمة وصغيرة جداً لكن تفي بالغرض. المهم نجحت بالتحضيري ودخلت الطب رغماً عني لأن والدي هددني بطردي خارج المنزل، طبعا لا أملك سيارة ولا أصدقاء، كان لدي صديق مقرب لكني اكتشفت بأنه كاذب وكان يخدعني طول الوقت بل سرقني وسرق مالي لكني بالمقابل كنت أحرجه وأطلب منه دعوتي للطعام بعض الأحيان، انكسرت علاقتنا بعد تخرجي من الثانوي.
نعود للجامعة أنا لا أملك صديق قط وإذا ملكتهم لم تدم الصداقة لأنني لا أملك وسيلة مواصلات للخروج معهم والتنزه وتغيير الجوـ دخلت الكلية وبالتالي اعتزمت أن أكوّن صداقات لكن للأسف كلها كان ذل ومهان لأني أسأل غرباء معي بالدفعة بأن يسمحوا لي أن أركب معهم وأن يُقلُّوني إلى مبنى بعيد جداً، كرامتي راغت التراب بهذه السنين، غير تسلط أبي وإيذائه اللفظي صباحاً ومساءً، يبحث عن أصغر عيوبي فكلما شافني يُذكّرني بسمنتي أو يتمنن أنه عالجني ولا يملك المال لكي يعالجني، وتعامله كذلك منذ الصغر فكان ينعتني بالغبي والأحمق لكن أمي كانت عكسه فكانت تشجعني وتبث في الحماس، المهم حدثت مشاكل ومشاجرات بيني وبينه من الثانوي حتى الآن يبحث عني يحاول أن يراني ويحاول أن يربيني بعد أن بلغت الـ٢١ ويركض ورائي أينما أذهب ويمنعني من فعل كل ما أريد وأي شيء يرسم البسمة على شفاهي كأن أخرج إلى جمعة للدفعة حيث يتناولون العشاء سوياً مع وجود أحدهم قريب مني وبإمكانه أن يُقلُّني أو كاللّعب بالكمبيوتر علماً أني جمعت قيمته ريال ريال والإنترنت كذلك والآن قد حطمه ولم يعد باستطاعتي أن أفعل أي شيء.
أنا إنسان انطوائي ضعيف الشخصية جنتي بكمبيوتري حيث ألاقي الاهتمام بسبب احترافي بالألعاب ولديّ الكثير من الأصدقاء عكس أرض الواقع، دائماً يعاملني كأني مجرم ويحرمني من كل شيء من اللعب والخروج وحتى النفقة، وحتى الأكل أصبحت أتخبط يمنةً ويسرة، أصبحت منذ أن تخرجت بالثانوي أكلم نفسي والآن مع الحجر الصحي وطول بقائه معي وحبسي بالمنزل لا أملك غير سرير وحمام فقط والجوال اللي أتكلم منه واللي جبته بفلوسي.
وحصلت لي حادثة في صغري عدة مرات حيث هربت من البيت خصوصاً بالمتوسطة والثانوي في إحداها أخذ مني جوالي فاتجهت إلى الحرم ومكثت به نصف يوم وأرسل الطلب بأني مفقود بعد مشاجرة مني لأنه بدأ يطبق طريقة تربية أحد أصدقائه لأطفاله ويطبق علينا كل ما ينفعه هو فقط ولا ينفعنا كالرعاية والكلام معنا والعناية بنا، لكن فقط يفعل أن يأخذ الأجهزة ويقفل الباب وساعة في اليوم الإنترنت، وفوق كل هذا الحبس يمنعني أن أفتح المكيف فقبل شهر مع الحجر هذا انفجرت من شدة القهر وبدأت أبكي وأصرخ كالمجنون، ماذا فعلت لأصبح هكذا؟!
أنا طالب مجتهد بالطب ومتفوق رغم الظروف الصعبة. لماذا يحدث هذا لي؟! لماذا لا يكافئني؟ لماذا لا يشتري لي سيارة؟ لديه سيارتان اقترحت له أن يهديني أقدمهما لكنه رفض لكني عرفت السبب بعد مدة ألا وهو بأن يسدد لأختي الضعيفة بجامعة أهلية رسومها في حال أنه لم يستطع دفع رسومها وأنا الناجح والمتفوق يستهزء بي بالليل قبل النهار ويحطمني ويقول أنت ما تقدر وأنت غبي وأنت حمار وأنت نجس.
أنا الآن على وشك الانفجار، قبل مدة قريبة اشترى أرخص أنواع السيارات لكنها جديدة وقيمتها نصف قيمة دراسة أختي للسنة الواحدة وبطلوع الروح جابها لي. خلاصة الموضوع ولي ملاحظتي أبي يحب أن يفرض هيبته وأن يتسلط ويظهر نفسه بأنه الأعلم والأقوى والمجدد وأنه سيربيني من جديد ويغصبني على صلاة التراويح و يقومني بالقوة كي أصلي ويجبرني على فعل كل هذا بالقوة والقهر والغصب، طيلة السنين الماضية فكرت بالانتحار وحاولت عدة مرات لكني بآخر لحظة من رمي نفسي أتراجع.
التخصص اللي كنت أبيه أني أمنتج فيديوهات وأصنع السعادة بوجه الناس أو أصير مهندس لكن أبي رفض بحجة أن له خبرة بسيطة بالعقار وأخبرني أن المهندسين متراكمين وعاطلين وبدأ بتخويفي ثم غصبني بالقوة على أن أدخل جامعة بجانبه وأن أدخل الطب ومخطط كمان مين أتزوج بعد ما أتخرج ووين أسافر، أنا مضطهد تعبت والله منه فهو يأذيني بالقول ولا عمري سمعت منه كلمة طيبة، أقعد أخدمه ويسفل فيني على أتفه خطأ، وعمره لم يرضى عني، حياتي الخاصة بارك الله فيك يا والدي لا تتدخل بها، إذا أردت أن أخدمك فسأفعل أما أن تتحكم بحياتي وتجبرني على فعل ما تريد أنت فأنا لست كذلك.
مستواي بالتعبير ضعيف جداً، أنا إنسان كتوم وإذا تكلمت أقول كل أسراري وأفضح نفسي ومصايبي لكني أرتاح عندما أتكلم بالإنترنت بالألعاب لناس لا أعرفهم معرفة شخصية لأني عندما أقول لهم ذلك لن يستفيدوا شيء غير أن بعضهم يواسوني بالكلام.
أنا الآن قررت أن أستقل وأعيش لوحدي وأن أعمل بتوصيل الطلبات كعمل يساعدني على سداد السكن والبنزين.
عموماً آسف على الإطالة.
13/5/2020
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
استشارتك هي مشاركة الموقع بالمعاناة التي تمر بها وتعرضك للاضطهاد النفسي والمعنوي في العائلة والمجتمع مما دفعك إلى إهمال نفسك وتراكم الوزن وانعدام الثقة بالنفس. لا يوجد دليل واضح في رسالتك يشير إلى أنك تعاني من اضطراب نفسي جسيم وإنما ضحية ظروف بيئية.
رغم ذلك فإن على الإنسان مراجعة قصة حياته والتوقف عن تقمص دور الضحية مهما كانت الظروف القاسية التي مر بها. دخلت كلية الطب والمستقبل مفتوح على مصراعيه أمامك فحاول ألّا تتعجل باتخاذ قرار ورسم خطة مستقبلية قد يصعب تنفيذها.
يجب أيضاً أن تعتز بهويتك مهما كانت سواء كنت يمنياً أو سعودياً، الهوية الأهم هي أنك إنسان وعليك أن تحرص على زرع الثقة بنفسك والتواصل مع الآخرين.
هناك أزمات نفسية عدة بسبب تفاعلك مع الأهل والمجتمع، هذه الأزمات أشبه بحقيبة لست بحاجة إلى حملها في المستقبل وعليك أن تتخلص منها. مهمتك الآن هي:
١- الحرص على تنظيم إيقاعك اليومي.
2- التخلص من الوزن الفائض.
3- نشاط جسدي يومي.
4- التركيز على تعليمك وانتظار خروجك من البيت إلى الأبد.
5- تجنب والدك قدر الإمكان ولا تدخل في مناقشات معه.
6- الدخول في شبكة اجتماعية سليمة.
وفقك الله