تأنيب ضمير بعد الخطأ
كعادة أغلب شباب عصرنا الحالي، كنت مدمن الولوج للمواقع الإباحية وممارسة العادة واشتد الأمر وصار بكثرة في الفترة الأخيرة لأنني كنت أمارس هذا الفعل كي أخفف من حدة الاكتئاب والقلق واستدعاء هرمون السعادة 'الدوبامين' حيث كنت أستمني ليلا وأنام على جنابة كي أمارس العادة في الصباح ثم أغتسل وداومت هذا الروتين حتى صارت الإباحية مملة وصرت أبحث عن مواقع الشات الأونلاين بالكاميرا عسى أن أجد فتاة أفرغ معها شهوتي،
صرت أبحث وأتصفح في محرك البحث حتى سقطت في إحدى المواقع ودخلتها لأجد بعد ذلك أن الدردشة مع الفتيات تتطلب دفع مبلغ مادي عن طريق التحويل، والوضع المجاني يسمح لك بفتح الكاميرا مع الرجال، دخلت غرف الرجال فوجدتهم يمارسون العادة أمام الكاميرا بدون إبراز وجوههم مصوبين الكاميرا نحو أعضائهم الذكرية، جائني الأمر شاذا نوعا ما وخرجت، لكن الفضول أرجعني وقلت في نفسي دعني حتى أنا أمارس العادة معهم، فدخلت وذلك بدون تسجيل أو إيميل.
شغلت الكاميرا وصرت أستمني والكاميرا موجهة لذكري، قابلت شواذا يبرزون مؤخراتهم فاستمنيت عليهم، إلا أنه في اليوم الثالث كنت قد أصبت بضعف انتصاب جراء الممارسة الكثيرة ودخلت الموقع والكاميرا موجهة نحو عضوي كالعادة وهو مرتخي، قال لي من معي في الدردشة وهو يستمني أبرز مؤخرتك، فلم أعرف كيف وجهت الكاميرا نحوها فاستمنى عليها وقذف، حينها أصبت بالصدمة ومن قرف ما كنت أفعل واشتعل ضميري يؤنبني ودخلت في وسواس دام لأكثر من خمسة عشر يوما يخبرني أني لم أعد رجلا وقد أصبحت شاذا مع أحاسيس في دبري مقرفة.
داومت على التوبة والاستغفار مما فعلت، خفت حدة الوساوس وارتحت نوعا ما وعرفت أن ما سقطت فيه هو زلة وأن ميولي تتنافى مع ما فعلت من ذنب، إلا أنني أرى نفسي الآن نظرة دونية باحتقار وتلك الصورة تطاردني، كيف أتصالح مع ذاتي وأحب نفسي من جديد ساعدوني !!!
20/5/2020
رد المستشار
أهلا بك صديقي "مجيد" على موقع مجانين للصحة النفسية.
صحيح ما قلتَ، فما هي إلا زلة كانت في سياق الاكتشاف والانصياع وراء شهوة، ولا علاقة لميولك بهذا أبدا، هذا مما لا شك فيه، رغم ما أتاك من وسواس قهري ووسواس حسيّ (في الدّبر) لكن ما يهمني أكثر الآن، هو الواقعة في سياقِها العام ومسارِك الإجمالي، وإلا لن نفهم حالتك جيدا.
قلتَ أنّك مدمن إباحيات منذ زمن (غالبا منذ المراهقة) واشتد الأمر معك وصرتَ تبحث عن تجارب جديدة تهيّجك وتثيرك، عاطل عن العمل، مما يزيدك إحساسا بالفراغ واللاجدوى، والأهم أنّك كنت تمارس العادة على الإباحيات حتى تحارب بها القلق والاكتئاب، يعني أنّك كنتَ فعلا مصابا بالاكتئاب والقلق حسب قولك وهربت أكثر وأكثر نحو الإباحيات. مما يعني أنك تعاني من أعراضهما مسبقا، وتأنيب الضمير واجترار الذنب من أهمّ سمات الاكتئاب، ولا ننسى أنّك أصبت بوساوس بخصوص الشذوذ لمدة دامت أكثر من أسبوعين (مما يُعدّ وقتا كافيا لتشخيص اضطراب معيّن)
كلّ هذا يؤدي بنا لاستنتاج أنّ تأنيب الضمير عندك شيء ملاصق لك، إنما وجد في هذا الوضع الجديد الصادم وغير المألوف لك (ما فعلته أمام الكاميرا) موقفا وذكرى أخرى ليتغذى عليها، وأفترض أنّ لك مواقفَ في حياتك تتذكرها لحدّ الآن مع شعور بالخزي والعار والذنب، قدّ خفّت مع الوقت، لكنها لم تختفي وقد أخذت منك تعبا وإرهاقا وطاقة نفسية وقتَ حصولها. كل موقف مخزٍ يخالف تصوراتك وقيمك الأخلاقية يوقعك في مثل هذا على ما أفترض.
أنت إذن تعاني من قلق واكتئاب حسب إفادتك، تعاني من فراغ وعطالة، وأظنّ أنّه ليس لك رؤية واضحة للمستقبل ولا ما ينبغي فعله من الأهداف العاجلة أو الآجلة، طالب أنهى دراسته الجامعية (وربما لا يحبّها) فوجد نفسه دون عمل ولا هدف..... مما يزيد وضعك سوء، فالفراغ بالوعة.
- أولا يجب عليك أن تشغل نفسك بما يفيد، أهداف عملية ومؤثرة في واقعك وحياتك، المطالعة جيدة، السفر جيد، لكنهما لا يغيران من واقعك، بل قد يزيدان من هروبك من مواجهته، ضع أهدافا دراسية وعملية، حاول أن تعمل في مجالك ولو بدخل ضعيف، حاول أن "تستردّ تقدير ذاتك" بأشكال بالعمل والإنتاجية بعيدا عن الجلوس ومحاولة إيجاد ما ضاع من كرامتك كما تتخيّل.
- الخطوة الثانية هي أن تتعالج بزيارة طبيب نفيس للتحدث معه حول قلقك ووساوسك واكتئابك، وانظر كيف سيشخص حالتك، هل أنت فعلا مصاب بالوسواس وأدى بك ذلك للاكتئاب، أو هو قلق اكتئابي، أو اكتئاب مع أفكار اجترارية... لن تعرف حتى تزوره، وقد يعطيك دواء داوم عليه واحترم جرعاته
- ثالثا، كل الناس في العالم يفعلون أشياء غبية ومخزية، حتى لو ظهر لك العكس، القدرة على تقبل الخطأ والزلة ميزة مهمّة في الصحة النفسية، وهي قدرة تتناقص كلّما انتقلت من مواضيع إلى أخرى، من مجرد مواقف اجتماعية، أو أخطاء في المدرسة أو تعثّر أمام الجموع، إلى طابوهات وأمور جنسية أو أخلاقية كبرى كالقتل والاعتداء..... وواضح أنّ التربية المحافظة جدا تضخّم من الأخطاء الجنسية حتى تصير خانقة متى حصلتْ ويبقى الفرد سجينا لها وقد تكون تافهة ولعب أطفال أو مجرد استكشاف للجسد والأعضاء والأحاسيس الجديدة والغربية.....
نتفق أن من يريد أن يستكشف مذاق شيء ما مثلا، ثم وجده حارّا أو مُرّا وتركه، لن يشعر بتأنيب ضمير كما لو فعل مع شيء متعلق بالجنس ! حتى بينه وبين نفسه، صحيح ؟ مع أن الوضعين متقاربين، استكشاف "إحساس معيّن" أو "لذّة معينة" أو حتى "ألم معيّن" وتركه والنفور منه فيما بعد.... حتى إن كثرت المحاولات.. لكن ما يختلف هنا هو الموضوع، الجنس شيء خطير عندنا من أبسط تجلياته إلى أكبر مصائبه، كلّهم عندنا سواء في التربية المحافظة، لذلك يجد الشباب صعوبة في التصالح مع ذواتهم إذا ما هم أخطؤوا. ولا أتحدث هنا عن الذين يعاقرون الخمور ويرتمون في أحضان المومسات، إنما حديثي عن شباب حالهم ليس منحلّا لتلك الدرجة ويريدون أن يصبّروا أنفسهم ويستقيموا على مبادئ أخلاقية يرونها صحيحة وراقية.
ستلاحظ أيضا عندما يُذكر مشكل أو عيب ما، ستجد الناس يعلقون بـ: "أنا عندي هذه المشكلة"/ "أنا أيضا عانيت من التأتأة"/ "قد وصفت حالتي بدقة"..... لكن إن تحدّثت عن موضوع جنسي، حتى لو كان عن عيب خلقيّ بخصوص الأعضاء التناسلية وليس حتى فعلا جنسيا...... لن تجد من يبوح بمشكلته في التعليقات !
مع كلّ هذه البداهة (على الأقل في نظري) ستجد صعوبة في تقبل الأمر لأن الإحساس متجذر عميق، خصوصا إن كنت فعلا مصابا بالاكتئاب أو الوسواس، فلا حاجة لك أن تحارب طواحين الهواء، قبل أن تتعافى أو تمارس علاجا ضد هذه الاضطرابات.
لذا، عن سؤالك، ستحبّ نفسك من جديد إن تعلّمت فعلا على حبّها دون شروط خارقة، أن تحبها وتحضنها كأي نفس بشرية بنقصها وكمالها، بإيجابياتها وسلبياتها، أن تُسقط تلك الشروط المجحفة لتقبّلها، شروط وُضعت في نفسك في حين غفلة منك ربما ! ستحبّها إن عرفت أنّك بشر خاضع لـ "أقذر" الشهوات وأكثرها حيوانية، ولأسمى الأخلاق وأكثرها ملائكية، محاولتك للموازنة بين هذا كلّه هو ما يجهلك إنسانا أفضل لا أن تكون الثانية دون الأولى. ستتقبل نفسك عندما تعرف أنّ لك حاجيات معينة ودوافع بيولوجية قاهرة لا يمكن أن تلوم نفسك عليها وإنما تقلل من فتكها بك إلى حيت تشبها بالطريقة التي ترضيك وترضي مجتمعك. كل ذلك منك ومن بشريتك ولا تضع ثنائيات زائفة حول حقيقتك أنت.
وتمنياتي لك بالسلامة وراحة البال، وتابعنا بأخبارك.
إليك بعض الروابط
ذكرى اللعب الجنسي كل هذا العذاب !
في الشخصية القلقة : وسواس الخائف أن يكون شاذا
انخفاض تقدير الذات!!
الشهوة والعادة والعادة والشهوة !
التوبة ...وآلام ذنوب الماضي
متاعب شاب عادي مع ضمير غير عادي