الخوف المزعج والكره
أولا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تصفحت الموقع فوجدت كفاءات عالية جدًا واستشارات، فأود أن أستشيركم. توجد أربع نقاط أو خمس جعلتني أشعر بأنه يوجد بي شيء. أول نقطة: المشاكل التي حصلت لي والتي تلعب دورا أساسيا. النقطة الثانية: في الفترة القريبة كثيرًا ما يقول لي أصدقائي المقربين بأني مريض نفسي أو ما شابه. النقطة الثالثة: بدأت أكره جميع من حولي بلا استثناء ولا أود أن أخالطهم على عكسي سابقًا. النقطة الرابعة والأخيرة: هي أنه في أيام تأتيني نوبات بكاء بلا مبرر على الرغم من أنني قليل البكاء.
يمر الإنسان بمشاكل منها ما هو مؤلم جدًا ولا يستطيع نسيانه، وتأثيره على الفرد قوي. بداية المشكلة عندما كنت في سن الرابعة عشر رأيت أحد أبويَ يفعل منكراً كبيراً جداً جداً فلم أنسى تلك اللحظة إلى هذا الحين وكان وقعها عليّ مؤلم جدًا، وقتها ما يقارب السنين تلك كل مرة أشاهد الفاعل أتذكر فعلته، بديهيًا سأراه يوميًا وكل مرة يأتيني الحزن، كانت أيام من شدتها أشعر بأن كل ما يحصل لي مقلب وأنتظر اللحظة التي يقولون لي فيها أفراد أسرتي بأننا اتفقنا لنضحك عليك ولكن للأسف ليس هذا الذي حصل بل كان حقيقة ومن تأثيرها عليّ كنت كل يوم أذهب إلى المدرسة أنظر إلى زملائي وأقول في نفسي لماذا هم سعيدين وأنا أتصنع السعادة؟!
مرت السنين وانفصل والداي وهذا شيء طبيعي لكثرة مشاكلهم. بعدها بكم سنة وصل عمري ثمانية عشر عاماً. في سنتي الأخيرة من الثانوية وعندنا اختبار أشبه بالمصيري وكنت أمر بضغط لكن الضغط طبيعي فحصلت مشكلة أخرى هي أن أحد إخوتي القريبين لي وقع في تعاطي نوع من المخدرات، حين علمت وشاهدته أصابني خذلان كبير جدًا لأننا كنّا متعاهدين على ألا نفعل أياً من هذه الأفعال وبكيت كثيرًا في فترة متراوحة. أثر هذه المشكلة كان كبير عليّ، كنت أتألم كل يوم إلى أن تخرجت من الثانوية وقدمت على جامعة في مدينة مجاورة لمدينتي رغبةً في الجامعة ورغبةً من الابتعاد عن مشاكل المنزل لأحظى ببيئة هادئة وتساعدني على الدراسة.
الجامعة من شروطها أن يكون لديك زميل سكن، سكنت مع أحد من أعرفهم لثلاثة سنوات ونصف في السكن الجامعي، معرفتي به معرفة سطحية وكان من المتفوقين، بعدها بفترة لاحظت بأنه يسعى إلى إحباطي مع أنني أعتبره أخ وأحببته إلى أن علمت وكنت صامت لا أتكلم حتى أتأكد، وتأكدت من زميل له أخبرني بأنه لا يتمنى الخير لأي أحد، وجميع الأشياء التي فعلها له مطابقة للذي حصل لي.
بعدها أخبرته وكان رده طبيعي أن الذي يحصل لي من الضغوط، ووقتها صرت أشك بجميع من حولي بلا استثناء. بعدها خرج من الغرفة وأصبحت وحدي ومن ذاك الحين حتى الآن وأنا في انحدار في مستوايَ الدراسي، أذكر ليلاً ونهاراً وفي النهاية الدرجة تكون أقل من المتوقع، حتى صديق لي أخبرني متعجبًا أني منذ أن خرج وأنا مستواي في هبوط، وفعلًا نظرًا إلى درجاتي وحضوري في هبوط.
في الفترة الحالية بدأت أكره جميع أفراد أسرتي، ليس كره فعلي بل لا أود رؤيتهم والتحدث إليهم، بمجرد الجلوس معهم يأتيني شعور بالشك للجميع. وفي فترات قريبة بدأ معي شعور بالخوف من الظلام ومن المشي في مكان وحدي لكن عند تركيزي على الخوف وجدت أنه كان قديم لكن ازداد الفترة الحالية.
نهايةً حاولت ألا أدخل في تفاصيل المشاكل رغبةً مني لا أكثر.
وشاكر لكم جهودكم.
25/5/2020
رد المستشار
صديقي
آن الأوان أن تكبر وتنضج. أنت الآن على مشارف الرجولة ويجب التخلي عن أفكار وفهم ومشاعر الطفولة القاصرة على رؤية الأشياء كأبيض أو أسود فقط. هناك الكثير من الألوان والدرجات المرئية والغير مرئية ولا يمكن إلغاؤها حسب توقعات أو رغبات أي شخص أو مجتمع.
أيا كان الذنب الكبير الذي اكتشفت والدك يفعله، يجب أن تعي بأنه مجرد إنسان له نواقصه وأخطائه وليست مهمته في الحياة أن ينفذ توقعاتك أو رغباتك بأن يكون كاملاً أو إلاهاً، هو مجرد إنسان، وما يعيبه لا يجب أن يؤثر عليك لأنك إنسان آخر مستقل وخلال عدة سنوات قليلة سوف تنتقل إلى مرحلة أخرى تبدأ فيها تكوين نفسك، ويوماً ما سوف تكون أباً إذا ما رزقت بأولاد. حاول أن تفهم وتتفهم لماذا فعل أبوك هذا المنكر الكبير؟ وما هي دوافعه؟ وما الذي كان سوف يحميه من الوقوع في الخطأ؟ بدلاً من أن ترثى لحالك لأن أباك فعل منكراً، ليس هذا من شأنك، هو حر يفعل ما يريد وأنت حر فيما تركز عليه وتقرر في حياتك أنت.
من ناحية أخيك وزملائك والبشر عموماً، يجب أن تكف عن الإصرار أو توقع أن الآخرين سوف يلتزمون بما تتوقعه أنت من مثالية تريدها أو تفترضها. احرص على المثالية في تصرفاتك وأفكارك وتوجهاتك أنت، وليس لك شأن بما يفعله الآخرون. احرص أيضاً على فهم أن المثالية المطلقة أو الكمال هو شيء مستحيل لأن الكمال لله و حده. الكمال الإنساني يكمن في الآتي: السعي نحو الكمال مع معرفة أن الوصول إليه مستحيل، ومع معرفة أن السبيل الوحيد للتطور والتعلم والمضي سعياً إلى الكمال لن يتحقق إلا من خلال التجربة والخطأ (أو التعلم من أخطائنا وأخطاء الآخرين). حاول أن تفهم وتتفهم بدلاً من إصدار أحكام أو الاكتئاب بسبب أن صدمت في شخص آخر حتى الوالدين.
ألم يحبط الأنبياء والعظماء والمخترعون من أفعال وأفكار أهلهم ومعارفهم وعشيرتهم مراراً وتكراراً عبر العصور؟ نفذ أنت ما يترى أنه يجب أن ينفذ. ماذا عن دراستك وتراجعك فيها؟ لماذا تركت هذا يحدث؟ كيف؟ ما علاقة هذا بزميلك الذي ترك الغرفة؟ لماذا اعتبرته أخاً؟ ولماذا أحببته؟
أنصحك بمراجعة معالج نفساني لمناقشة هذه الأمور بطريقة أعمق والوصول إلى طريقة التفكير الناضجة الناجحة.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.