عدم تقبل النفس وأحلام اليقظة واللّوم الشديد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه. أريد توجيهكم لي فقد صرت أعاني نوبات من التّسخُّط والإحباط بسبب شكلي. أمي وأبي لديهم بشرة صافية جميلة وكذلك بنات أعمامي وعماتي جميعاً، أما أنا فالهالات السوداء لا تفارقني مع بقع وتصبغات، لا أمتلك الأنوثة في يدي ولا قدمي بل هما كالرجال مُتعرِّقتان، حتى أسناني مُسوِّسة بشكل كبير وغير جميلة، وما زاد الطين بلة زواجي من رجل جميل وسيم أبيض ما جعلني أشعر بالخجل منه بل من نفسي للفرق الواسع بيننا، لا أستطيع النظر في عينيه ولا عيني أحد بسبب خجلي من نفسي، كلما نظرت إلى وجهي تمنيت لو كنت أجمل، أضع الماسكات والمستحضرات دون نتيجة فوجهي شاحب طول الوقت مع نحافته.
لا أخفيكم أنني صرت أهرب إلى أحلام اليقظة وأتخيل نفسي الجميلة الفاتنة الرَّزينة التي تثير الإعجاب، وهذه الأحلام مهما ابتعدت عنها فهي تراودني بل تهجم عليّ صباحاً ومساءً، صرت حزينة محبطة بل ناقمة مما أثّر على نفسيتي وصرت عصبية أكثر وأصراخ على أطفالي لأتفه الأسباب مما يزيد من إحباطي. ما الحل؟.
الحمد لله أحفظ القرآن كاملاً وألتحق بالدورات العلمية وأتميّز في ذلك وهذا يجعلني ألوم نفسي أكثر فأين أثر ما أتعلمه؟ نِعَمُ الله تعالى تغمرني ولا أستمتع بها، ملامحي جميلة لكنني لا أرى إلا تلك البقع والنقط السوداء، أستحيي من ربي كيف أرد نعمه وأكفرها بدل أن أشكرها، ألوم نفسي وأحاول تقبل ذاتي وحمد الله على نعمه لكن في قرارة نفسي لست راضية عن شكلي وهذا يحبطني ويحزنني، كيف أتعامل مع هذا الوضع؟
أمر آخر وهو تأنيبي لنفسي طول الوقت، لماذا نمت كان علي أن أستغل الوقت في كذا؟ ما كان عليّ أن أتكلم بهذا الكلام، لماذا طبخت هذا الطعام كان علي أن أطبخ شيئاً آخر؟ لماذا؟ لماذا؟ أنا فاشلة لا أحسن التصرف، أنا عصبية لا أستفيد من وقتي ولا ممّا تعلمته شيئاً، كثيرة النسيان غير محبوبة. هكذا أكلم نفسي طول الوقت مع عدم رضاي بهذا، وهذا اللوم والنقد للأسف صرت أتعامل به مع أبنائي فألومهم لأتفه الأشياء ثم أحزن مباشرة وأشفق عليهم..
وآخر أمر هو خوفي الكبير من الظلام ومن الأصوات المرتفعة، أُصاب برعب إذا انطفأت الأضواء ولا بد من ترك الضوء قريباً عند النوم، والأصوات المرتفعة حتى صوت الماء في حوض المرحاض أعزكم الله يخيفني لدرجة أنني أغلق أذني مباشرة بعد ضغطي على زر الماء كي لا أرتعب. فماذا أفعل كي أتخلص من هذا ؟
علاقتي بوالدي وأسرتي وجميع من حولي جيدة ولله الحمد، كنت حيوية جداً في صغري لكن بسبب كذبة على أمي حين كان عمري 10 سنوات تغير مزاجي وصرت منطوية، ذلك أن بطني كانت منتفخة شيئاً ما ولأني طفلة كنت أظن أن في بطني طفل مع أني لم أتعرض لاغتصاب أو غير ذلك لكن كنت أظن أنني حامل وأدعو الله بعد كل صلاة ألا أكون كذلك، ذات يوم قررت أن أختلق قصة كي أُبرِّر حملي، فقلت لأني لقد أمسكني رجل وحاول اغتصابي وكنت كاذبة لا ادري لم فعلت هذا لكنني كنت صغيرة! ارتعبت أمي وظلت تسألني ماذا وقع بالضبط؟ في الصباح قررت أن أصدقها القول فقلت أنني كذبت عليها واعتذرت لكنها غضبت علي وصرخت في وجهي وخاصمتني مما أثر في نفسيتي.
كتبت هذا الحدث لعله يكون مؤثراً علي ولو بعد كل هذه السنوات
وجزاكم الله خيرا
28/5/2020
رد المستشار
صديقتي
المشكلة تكمن في كلامك السلبي لنفسك طوال الوقت. الجمال مسألة نسبية وليست هناك مقاييس حقيقية ثابتة له، في بقاع مختلفة من الأرض تختلف المقاييس كما تختلف من زمن إلى آخر، كلامك السلبي واللوم الذي تعذبين به نفسك في غالب الظن هو السبب الأساسي وراء الهالات والبقع السوداء والخوف من الأصوات المرتفعة لأنه يسبب الكثير من التوتر، وهو السبب الأساسي وراء أغلب الأمراض الجسمانية.
أحلام اليقظة مهمة جداً وقد تحسن من حالتك على شرط أن تصدقيها بالكامل وأن تتقمصي ما تحلمين به بالكامل وبدون شكوك أو إحباط أو مقارنة بواقع مرير في رأيك. هناك من الأبحاث الطبية ما يشير إلى أننا يمكننا التأثير في المخ والجينات الوراثية عن طريق أحلام اليقظة لكن لابد من الاستغراق الكامل.
هناك الكثيرات والكثيرين من الناس الذين لا تنطبق عليهم صفات الجمال المتعارف عليه في مجتمعهم أو ثقافتهم ومع ذلك نراهم يتصرفون على أنهم يمتلكون الجمال، وينعكس هذا في صورة جاذبية غير مفهومة أو غير مبررة بالنسبة لأغلب الناس. كما نرى ملكة جمال مُتيّمة برجل دميم، ونرى رجل وسيم مُتيّم بامرأة دميمة.
الجمال الداخلي كثيراً ما يطغى على الجمال الخارجي، والجمال الخارجي ليس بضمان للمحبة. يقال أن كليوباترا كانت غير جذابة شكلاً، وهي التي أوقعت بقيصر روما وأحد قادته ونبلائه، هذا لأنها كانت مثقفة وتنمي ذكائها وتنمي شخصية جذابة مثيرة للفضول والاهتمام.
عندما تتخيّلين نفسك بالجمال الذي تريدينه، ما هو الإحساس الناتج داخلياً وجسدياً؟ هذه الأحاسيس هي ما يجب تكراره والاستغراق فيه بدلاً من الحوار الداخلي السلبي ولوم النفس المستمر.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.