فقدت سعادتي
السلام عليكم. بدايةً أنا متابعة قديمة لهذا الموقع من ٢٠١٤ ولدي استشارات أيضاً، ولأني أثق به فعندما تضيق بي الحياة أنتقل هنا لأطلب منكم الحل بعد الله. في سنة ٢٠١٦ تعرفت على شاب أكبر مني بسنة ولم أكن مقتنعه فيه أبداً ولكن استمريت معه لأني وجدت الراحة في اهتمامه بي وطلب الحصول على رضاي. عمت المشاكل نتيجة الاختلافات، كان هذا الشاب صاحب علاقات وأخبرني بكل شيء وقال اكتفيت وأريد الاستقرار معك، طلبت منه التحدث مع عائلتي، أخذ موعد مع والدي والتقى معهم لغرض الخطبة، رفضوه لأنه غير مؤهل للزواج حيث كان لا يزال طالب، أكملت معه العلاقة لأني أحببت تمسكه بي، عمت المشاكل فقد كنت فتاة لا أبالي معه، صغيرة وغير مكترثة لأمره وأكترث فقط عندما نتخانق لكي نعود، لم يكن هو شبه الملائكة أيضاً فقد كان يخطئ معي، يعني نحن الاثنين كنا سبب المشاكل، كان يلتمس عدم الصدق معي وأيضاً لا يثق نتيجة لتصرفاتي الطائشة، وأنا أيضاً لا أثق فيه بسبب تصرفاته، أكملنا معاً رغم الخلافات، نفترق ونعود.
وفي سنة من السنوات تركنا بعض ٥ أشهر وعدت له أنا وهو قال لي "لدي كثير من الشكوك، ماذا فعلتي في هذا الخمسة أشهر؟" يقصد (تعرفت على غيره)، دافعت عن نفسي واستمرت علاقتنا، لم نكن نتفاهم، كان لديه صديقات ويخرجون مجموعة شباب وبنات في نزهة، سفر، عمل، مطعم. هذه الحرية مسموحة له في دائرته فقط وليس دائرتي. المهم قبل ٦ أشهر نشب خلاف بيننا فعاتبته على بردوته معي وانشغاله وطلبت حد لهذه العلاقة فقال لي "إن كنت تودين المغادرة غادري" وعلى إثر هذه الجملة غادرته ٣ أشهر بدون أي خبر، كنت أتجاهل رسائله واتصاله إلى أن تقدم لخطبتي شاب وأنا أحسست بالخطر والخوف من أن تنتهي قصتي مع حبيبي فأسرعت لمحادثته بعد ٣ أشهر قائلةً "لقد تقدم لي شخص، هل تأتي لخطبتي؟" قالي لي "والآن تقولين لي هذا الكلام! أين كنت؟ ماذا فعلت؟ يا عالم ماذا حدث معك لك اختفيت، والآن تعودين فغادري فأنا لم تعد لي رغبة بك.
أنا ضعت وحياتي انطفأت، عشت كثيراً لك وللناس، أريد أن أعيش لنفسي، أحبك ولكن لا أرغب بك، ليس لدي لهفة وشغف وإعجاب تجاهك" قلت له "أنت جعلتني أغادر بسبب تصرفاتك، والآن عدت لأن غضبي انطفأ تجاهك وحبي موجود" قال لي "أنا موجود كصديق لك فقط متى ما أردت الحديث تكلمي ولكن ليس كحبيب". بقيت لأيام أذكره بحبي واشتياقي ولكن لا جدوى فهو يستمر بصدي، استسلمت وقبلت أن أحدثه كصديق بسبب اشتياقي له والغريب أنه يحدثني بمزح ويتكلم عادي جداً ولا كأن يوجد بيننا مشاكل وانفصال، أسأله عن حاله بين يوم ويوم وهو يحدثني عن الأكل وعن مشترياته وأيضاً يرسل الصور الخاصة به لي ولكن بحدود الصداقة، يرفض أن أقول له حبيبي، وعلى هذا المنوال استمريت لمدة ٣ أشهر معه، تعبت وأشعر أن طاقتي استنزفها.
والغريب من زمن أنا أدعي الله ببكاء لكي يجعله من نصيبي وأطلب من الله أن يحدثني بكتابه وأفتح القرآن وتخرج هذه الآيات مثل (فكلي واشربي وقرّي عيناً) (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى) (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما) (واذكرو نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم) (قل يجمع بيننا ربنا ويفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم) (يُدبِّرُ الأمر). المشكلة بسبب هذا اليقين والأمل الذي خلقه الله بداخلي أنا لا أستطيع أن أتجاوز هذه العلاقة. عقلاً أرى أنه انتهى مني تماماً ولكن أقول وكتاب الله ماذا قال لي؟ هل يخدعني الله بأمل زائف والعياذ بالله؟ فحياتي متوقفة بهذا الأمل الذي أعطانيه الله، حيث نذرت للرحمن أن أصوم أياماً كثيرة بعد أن يزوجني به، وأنا أقوم بختم سورة البقرة كل يوم بنية جمعي مع حبيبي.
هل يخلق الله أمل فيّ ثم يخيب؟ ماذا أفعل؟ ساعدوني كيف أتصرف مع حبيبي؟ كيف أجعله يثق بي من جديد؟ وهل يعود الشغف المُنطفي؟ مع العلم نحن نتواصل مسجات حتى أثناء علاقتنا خلال السنوات وقليلاً مكالمات، ولكن كنا نتقابل بين أشهر لأنه في مكان بعيد عني. قال لي نحن غير متفاهمين بسبب البعد وبسبب المسجات وبسبب أفكارنا. وكثيرا ما يراودني جلد ذاتي وأقول أنا السبب لأني كنت فتاة ليست صعبة فمثلاً جعلته يقبلني مرتين وكنت أرسل صورا لجسمي في ملابس مثيرة فقد كان هو من يطلب ذلك ولكن الآن تبت لله توبة نصوحة وطلبت منه الغفران على أفعالي فأنا كنت غير واعية.
الآن أخاف أن أتزوج غيره، أخاف أن أبقى أحبه وأريده جداً رغم أخطاءه وتصرفاته الغير ناضجة.
أطلت عليكم، أعتذر ولكن أريد أن أجعلكم في الصورة. ساعدوني ماذا افعل؟.
29/5/2020
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا "سارة" مجدداً على موقع مجانين للصحة النفسية.
قرأتُ استشارتك بتمعّن مرّتين ولم أجد فيها إشارة واحدة منك أنّه يصلح لك زوجاً، تتحدثين فقط عن مشاعرك تجاهه وأنّك عالقة في حبّه، وعن "الخطّة الإلهية"! سنبدأ خطوة خطوة، وربما نبدأ بمفهوم الحبّ عندك، الذي لن نُجادل في صدقه، لكني ربما أناقشك في "نُضجه". تخوّفك في محلّه، أن تبقى صورة مثالية معلّقة على حبيب بكل عيوبه كان يسدّ حاجاتك النفسية، عشت معه تقلبات وصراعات عشقية كما في المسلسلات، خطر هذه الصورة أنّها تبقى مسيطرة على ذهن الإنسان (سواء امرأة أو رجل) إذا لم تتكسّر بواقع وروتين زواج فعلي تحت سقف واحد، الارتباط يُفتت الصورة المثالية للشريك وللعشرة وللحب والتعلق عموماً.
هذه النسخة من الحب والوُدّ التي ستعيشنها مع رجل طيب غيره، لكنّك لما ستعيشنها وهي طبيعية جداً ستفترضين أنّك لو كنت مع "حبيبك الأوّل" ستعيشين أحسن منها، وتُسقطين اللقاءات الأولى والشوق الأول والشحنة العاطفية الأولى على زواج حقيقي ومعتَرَك حياة ومسؤوليات، صورة رومانسية حالمة مقتضبة جداً، مقابل صورة واقعية أقل وردية ولها تعبيراتها المختلفة عن الحب والشوق. في نظرك أيّ صورة ستغلب؟ لا بدّ أن الإجابة واضحة، لكن الصورة الغالبة تبقى "في عالم افتراضي" أما الصورة الثانية فهي حقيقية. لكن وجود الصورة الأولى ستجعلك "تزهدين" في أي زوج مهما كان كريماً شهماً محباً يحسدك عليه النساء، والسبب أنّك لم تفرقي بين الصورتين، ولم تتأملي عوالمك الداخلية لتعرفي دوافعك الخفية وطريقة تفكيرك. ستقعين ضحية "وهم" يجعلك تبيعين حقيقة.
الأمر الثاني: هو شيء يتكرر كثيراً عند من يعيشون قصة حُبّ، وهي أنّهم يستدلون بصدق مشاعرهم على صدق خطواتهم وارتباطهم، وواضح أنه لا ارتباط، صحيح أنّ الإقدام على ارتباط صحيح مدروس على خلفية حب وتعلق وإعجاب يُعطي إحساساً رائعاً وراحة نفسية، لكن هذا لا يعني أن الإقدام على ارتباط خاطئ من أساسه ذي أفق مُغلق على خلفية مشاعر حبّ وتعلق! لأنّ الحب والتعلق لن يبقى بذلك الشدة، وستحضر المشاكل التي ستدوم سنوات. تسمعين البنت تقول للرجل "نعيش على كسرة خبز وزيت زيتون وشاي أحمر، لا يهمني إلا أن أكون معك، أسكن مع أمك وأخواتك، المهم لا تهجرني..." بعد سنة تكتشف أنّ تلك شعارات قيلت في "سكرة العشق والألم" وأنّها بعيدة عن تقبل نمط الحياة ذاك أو تقبل أسرته وصراعاتها الثلاثية أو الرباعية، لتصير مُتطلّبة محبطة غاضبة...
ربما قد يكون هذا مما يُحدّث العشاق به أنفسهم في ليالي الوحدة، الشك والتردد والتساؤل عن جدوى علاقة مستنزفة مع شريك غير مستعد (نفسياً أو مادياً أو كلاهما)، لكن هل تعلمين لماذا يختار أغلب الناس الاستمرار؟ ببساطة لأنّ الناس لا تُحب الألم وتسعى دائما لتجنّبه واستجلاب اللذة، التعلق بشخص في علاقة غرامية يعطي أعراض انسحاب كمدمن على مادة ما! أعراض حزن، واضطراب مزاج، عصبية وسواد الدنيا في عين العاشق، بكاء وشعور باللاجدوى، وخصوصاً شعور قوي بالحاجة للعودة للمعشوق، لسماع صوته، أو لسماع خبر يطمئنه أنّه لا يزال يريده أو أنّ علاقتهما ستدوم، ولا يهمّ هل ستدوم بالمشاكل أو دون مشاكل، هل ستدوم بشكل صحي وجدي أو مجرد استنزاف وتلاعب، كل ذلك يمكن أن يصبر عليه إذا حصل أو حصلت على مادته/ها المُخدرة (الحبيب)!
أنا لا أقول أنّ هذا شيء سيء مطلقاً، لكنه فعلاً سيء إذا ترافق هذا الحب والتعلق مع شخص أو ظروف غير ملائمة، هنا يصير فعلاً سيئاً جداً، لأن بناء أسرة يحتاج تعقلاً واستبصاراً، وأيضاً الأطفال المستقبليون يحتاجون قرارات صائبة تأخذهم بعين الاعتبار وليس فقط قرارات أنانية لحظيّة.
الأمر الثالث: الخطة الإلهية، في الحقيقة صُدمتُ بطريقة تعاملك مع القرآن، طريقة رمي العظام التي تُخبرنا عن المستقبل وعن الكوارث (استقسام بالأزلام) تتصرفين معه مثل الكّهان، وهنا نعود لفكرة أن كل شيء يكون دليلاً على صوابية الارتباط، فقط لأن "مشاعر الحب صادقة والألم لا يُطاق"، ثم تقولين "وعدني الله" "خلق الله في قلبي الأمل فكيف يخيب؟!" "هل يمكن أن يعطيني الله أملاً خادعاً"... إلخ من العبارات التي تدل على أنّك لا تنتبهين لطريقتك الخاطئة في التعامل مع الله ومع قرآنه، وطبيعي أن تلومي الله تعالى، وعن ماذا؟ عن شيء صنعته أنتِ بطريقة استدلالك وفهمك للمؤشرات حولك، فلا دخل للقرآن ولا لله في هذا، هي فقط مثاليات نرجو أن تتحقق فنرميها على كاهل "الدين والدعاء".
الدعاء لا يضمنُ شيئاً وليس عهداً عن الله كما يفهمه الكثير من المسلمين، فهل ستظنين أن الذي لا يريد الارتباط بك سيأتي راغماً لا يفهم لماذا يأتيك خاطباً ولا يعرف متى اتخذ ذلك القرار؟ ربما تقولين لي الدعاء سيجعله يتغير من الداخل، طيب لماذا لم تتغيري أنت لو دعوتِ بأن تنسيه؟ فقط ما نريده هو الذي يجب أن يُحقّقه الله لنا؟ ثم لنفرض أن الدعاء يحقق ما لا يتحقق، الأولى أن يعرف المسلم قراره جيداً وهل هو صائب أم لا، أم يدعو فقط بتحقق أمنية مهما كانت غير منطقية؟.... وددتُ أنني لم أعلّق على هذه النقطة، لكنها تبدو آلية نفسية متداخلة مع الكثير من التصورات النفسية الأخرى التي تصنع القرارات والسلوكات عند الكثير من الناس، فلا يُمكن إغفالها.
دعي عنك التفكير الخرافي والسحريّ حتى لو أخذ شكل دين وقرآن، فالتفكير الخرافي هو ربط أشياء ليست بينها علاقة سببية، سواء كان معتمداً على القرآن أو غيره، سواء اعتمد على الوثنية أو التوحيد. دعي عنك هذا كله، وتصرفي كمسلمة راشدة واعية مثقفة، ذات مسؤولية أخلاقية، أي أنّك مضطرة للتفكير في المعطيات عندك بطريقة منطقية ولا تتملصي منها عن طريق التمسك بآليات تفسيرية خرافية، لا أحد سيختار مكانك ولا أحد سيقيّم الوضع مثلك، استعيني بتجارب الأخريات وتخيلي أنك أمّ وأنت ابنتها وكيف سيكون رأيك إن أرادت الزواج من شاب لا يُريدها ولا يملك حتى مؤهلات أخلاقية (فهو زير نساء ويحاسبك بخصوص العفاف!) ولا مؤهلات مادية... لا تُحاولي الهرب من ألمك وعجزك أمام الوضع باختلاق "عقد مع الله" تتخيلين فيه أنّه سيقدم لك حبيبك راغماً ذليلاً !
وبالمناسبة، تقولين أنك كنت فتاة سهلة بالنسبة له، أنا يظهر لي العكس، بل سنوات مرّت ولم يحظَ منك إلا بقبلتين وبعض الصور، جعله يتصرف كالإنسان المجروح التعبان والصديق الوفي cool، فقد يئس منك واستنزفت طاقته على الفاضي! جرّبي شيئا معه، قولي له اقبل بي حبيبة وسأفعل ما تشاء لترضى، سأقدم لك جسدي متى شئت، إن تجاوب معك فستعلمين أنني مُحق، وإن لم يفعل فأنا محق أيضاً لأنه لا يصلح لك وقد يئس منك تماماً ولا قدرة له على القتال من أجلك.
وتذكري أنّك تعلقت به لأنك أحببت "اهتمامه بك" يعني هل هذا فعلا هو الحبّ؟ أم أحببت الشعور الذي يعطيك إياه ذاك الحب وأدمنت عليه؟ جعلك مركز الكون في نظرك، ثم فجأة ينصرف عنك، شعرتِ أنّك بلا قيمة، فترجعين عنده لتشعري بقيمتك، هذا مستوى آخر يجب أن تعملي عليه، تقدير ذاتك وحبك لها، الشعور بالأمان والجدوى لا يكون عبر "تسوّله" عند الآخرين بهذا الشكل.
إليك الخطوات باختصار:
- مارسي انتقاداً جاداً وموضوعياً ما أمكن عن هذا الشاب، اكتبي عيوبه في ورقة وإيجابياته في ورقة، وأرجوا ألا تجعلي عيوبه حسنات بسبب الحب!
- تخيلي نفسك تتزوجين زير نساء يعدّ أنفاسك في حين يتباهى هو بمغامراته الجنسية والعاطفية. تخيلي فقط، وبعد الزواج لن يقف معك أحد، وأظنّ أن هذه فقط ستجعل الكثير من النساء يتراجعن.
- تأملي في أحاسيسك، فأنت لم تتعلّقي إلا لأنّه أشعرك بالأهمية والاهتمام. وهذا ليس كافياً لبناء علاقة حب في نظري، هذه نرجسية متخفيّة في حب الآخر.
- الحياة ليست فقط رومانسية ومشاعر، الحياة مسؤوليات وإكراهات وأولاد وتربية، فهل هو مستعد لهذا؟
- لا يُمكنك أن تُرغمي أحدا على حبّك خصوصاً إن كان زير نساء يقول الكلام المعسول كما يشرب الماء، قلبه يتنقل بين هذه وتلك، وربما تعلّقه يزداد فقط بالتي صدّته ولم يأخذ منها شيئاً!
- اتركي مشاعرك جانباً، ستؤلمك لكنك ستتجاوزين الأمر إن علمتِ أنّ كرامتك أولى.
- آمني بأن هناك رجالاً أخياراً يملكون من الإمكانيات الرومانسية الحقيقية أكثر منه، ومن الرزانة والوفاء أضعافه.
- اشغلي نفسك، فنهاية قصة حب ليست هي نهاية العالم حتى لو شعرت بذلك، طوري ذاتك لتكوني امرأة أنضج وأصلح للحياة الزوجية.
وأعلم أنني قسوت عليك ولم أعطك أملاً، لكني لا أعطي الآمال الزائفة، إنما أعينك على فهم نفسك ووضعك ولك القرار في الأخير. وأتمنى أن تقومي بالتجربة وأن تردّي على الموقع بعدها.
وإليك بعض الروابط
كانت تجمعنا علاقة حبّ ثم تركني... الحقير
الرجل الشرقي واختباراته لطُهر البنات
كذبتان في المسلسلات والأفلام الرومانسية
شخص أحببته ولكنه لم يحبني !
ويتبع>>>>>> : سارة والخطة الإلهية وضياع الحبيب م