هل لدي وسواس المثلية أم أعاني حقاً من المثلية الجنسية؟
السلام عليكم ورحمة الله. أنا أعاني منذ أكثر من شهرين من شكوك حول أنني شاذة. في البداية كانت تأتيني أفكار بأنني أحب صديقاتي ولكن ليس الحب الأخوي، ويُخيّل إلي أنني أقوم بأفعال شنيعة معهن رغم أنني لا أريد ذلك، علما أنني قبل الابتلاء بهذه الأشياء كنت أكره المثليين وكانوا يقرفونني، رغم أنني شاهدت فلمين كان فيهما شخصية شاذة لأن صديقاتي يُعلنّ لي أنه لا يجب علي أن أكون مغلقة الفكر، وأنه يجب علي أن أكون متفتحة العقل، لذا كنت أشاهد هذه الأفلام لأكون مثل صديقاتي.
المهم بعد تلك الأفكار أصبحت تأتيني أفكار بأنني أحب بعض الممثلات المفضلات عندي، طبعاً مع التخيلات ولكن كنت دائماً أقول أن هذا وسواس، علماً أنني مررت بوسواس العقيدة والجنس وبعض الأشياء الأخرى مثل أنني سأصبح مدخنة عندما أكبر إلخ، وكل هذا بدأ بعد أسبوعين من وفاة جدي. وقبل أن يأتيني هذا الوسواس حول الشذوذ كانت نعتتني صديقتي بالشاذة عندما أريتها ممثلة مفضلة عندي. والآن لا أعرف هل أنا شاذة أم لا؟ لأنني عندما أتخيل نفسي أنني أفعل الجنس مع فتاة مثلي كأنه يعجبني الحال أو أتقبل ذلك رغم أنني لا أريد أن أكون هكذا، لأنني لطالما كنت أحب الأولاد وكل الفتيأت اللواتي كنت أحبهن كان حباً أخوياً لأنهن كنَّ صديقاتي، وحتى الآن فأنا أحب ولداً ولكن تنتابني شكوك حول أني لا أحبه لأنني أحب البنات.
وعندما أتخيل نفسي أمارس الجنس مع ولد كأنه يأتيني هذا الشيء كأنني لا أريده رغم أنه هذا ما أريده وما أقبله. لم أعد أعرف ماذا أريد وماذا لا أريد، كأنني لم أعد أتحكم في عقلي. ومؤخرا تابعت مسلسلا وأعجبتني ممثلة ما لأنها أتقنت الدور ولأنها جميلة وعندما تابعتها وجدت أن شخصيتها أيضاً جميلة وتشبهني في بعض الأشياء، ولكن تبقى ممثلة مفضلة لا غير، ولكن عقلي يقول لي أني أحبها مع التخيلات وعندما أقوم بتجارب في عقلي يحدث ما ذكرته سابقاً. والبارحة عندما كنت أفكر وأستحضر بعض الذكريات تذكرت أنه عندما كنت في 10 و11 و12 من عمري في مدرستي كنت قليلاً كالولد في المدرسة لأنني كنت أقوى الفتيات وكنت أتشاجر مع الأولاد عندما يغضبونني، ودائماً صديقاتي كنَّ يُعلنّ لي أني ولد، وكنت تلميذة مجاهدة من ناحية الدراسة، ودائماً ما كنت ألعب دور الولد في الألعاب إلخ، وألعب الكرة مع أبناء عمتي، ولكن رغم ذلك كنت أحب الاعتناء بنفسي وأن يُعجب من طرف الفتيان إلخ، يعني كأي فتاة.
وكانت لي صديقة لم أكن أحبها في الأول وبعدها أصبحنا صديقات ولكن عندما تخاصمنا حزنت كثيراً وكتبت اسمها على يدي لتسامحني ولكن لم أفكر قط في حبها بشكل غير لائق، وفي الأخير تركتها وحصلت على صديقات جديدات. وفي 13 و14 غيرت المدرسة وتغيّرت معها وأصبحت أكثر أنوثة، وفي اليوم الأول لي في المدرسة وضعت عيني على فتاة وأردتها أن تكون صديقتي وكانت كلما أرادت شيء أقدمه لها لنصبح صديقات، ولكن حصلت على صديقة حميمة أخرى وهي المفضلة عندي وحافظة أسراري، وحتى الفتاة التي اخترتها في الأول أصبحت صديقة ولكن ليس مثل تلك الأخيرة المفضلة. ونفس الشيء تكرر في السنة التي بعدها لأن صديقتي المفضلة كانت في قسم آخر فاخترت فتاة وأصبحت صديقة عادية يعني فقط في القسم. وبعد شهر مات جدي وبدأ وسواس العقيدة ثم وساوس أخرى ثم جنسية.
وباستمرار هذه الذكريات أصبحت أشك بأنني فعلاً شاذة وليس فقط وسواس، ولكنني لا أريد أن أكون هكذا ولم أفكر قط في ذلك. والله أصبحت أفكر في الانتحار ليل نهار لأنني لا أريد أن أكون هكذا، ليست هذد هي الحياة التي تخيلتها لأنني كل ما أريد هو أن أكون مؤمنة مخلصة وهو ما أنا عليه رغم الوساوس، وأن أكمل دراستي وأعمل وأتزوج بالرجل الذي أحبه وأنجب أبناء فقط لا أقل ولا أكثر، ولكن كل أحلامي تحطمت بسبب هذا الشذوذ أو الوسواس. الشيء الذي يمنعني من الانتحار هو سمعة عائلتي وحزن أمي عليّ وغضب الله علي.
ومعلومة أخرى هي أنني تعرضت للتحرش عدة مرات من طرف ابن عمتي ولكن لكوني كنت صغيرة لم أعرف ما كان يفعل، ولكن عندما علمت أخبرت أمي لأنها كانت تجعلني أخبرها عن كل شيء طبعاً ولكن نسيت الموضوع، يمكن أن يكون ذلك قد ترك انطباعاً دن أن أعرف في شخصيتي، علماً أن ذلك وقع قبل كل ما سردته يعني قبل 10 سنوات (لا أتذكر عمري آنذاك).
وفي المدرسة حالياً عندما يشتد علي الوسواس أبتعد عن كل صديقاتي وربعي دون سبب. وفي المدرسة بالضحك تبدأ الفتيات بقول أنهن يُحبِبن بعضهن ولكني لا أحب ذلك ويقُلن لي أنني مغلقة الفكر رغم أنهن المخطئات، ولكي لا يقال عني كذلك أفعل مثلهن لأكون في نظرهم اجتماعية، لذا أعانق صديقاتي ونقول لبعضنا أنّا نحب بعضنا ولكن في إطار الصداقة، ولكن بعدما أصبت بهذا الوسواس أصبحت أخاف فكرهن وأبتعد عنهن. لم أعد أعرف ما أفعل ولا من أنا! لم يعد شيء يربطني بهذه الحياة سوى الخوف من الجليل، وأسرتي التي لم تعد تعرف ما خطبي. وليس لدي الإمكانيات حالياً للذهاب إلى طبيب نفسي.
وأقول في نفسي من يرضى بأن تكون له بنت مثلي؟ كيف يفتخرون بي وأنا لا أتفاهم حتى مع نفسي؟. وفي المدرسة من غير صديقاتي فلدينا أصدقاء كثر أيضاً، ولدي حبيب ولكن كلما تصاحبت مع ولد عن حب تقول لي نفسي هلا فعلا تحبينه؟ ألم تسيئي الاختيار؟ وعندما ننفصل أحزن وأريد الرجوع له. كل شيء جميل في حياتي دخله الوسواس ويرافقه الشعور بالخوف في أغلب الأوقات ودون سبب والغضب الشديد عند تفكيري في الوساوس، ويتبع الغضب الحزن ثم البكاء، ولغضبي وحزني أضرب دائماً يدي في الحائط لإخراج الغضب لأنني سئمت من هذا الحال، لا أريد أن أكون هكذا أبداً، وأفكار الانتحار أيضاً تجول في ذهني بشكل كبير لأنه لم يعد لدي اختيار آخر.
أعتذر عن طول رسالتي ولكن كنت محتاجة للتعبير عن مشاعري وأفكاري وحزني وحالتي التي لا يعلم بها إلا الله سبحانه وتعالى.
وشكراً.
30/5/2020
رد المستشار
مرحبا بك يا "مروى" على موقع مجانين للصحة النفسية.
كل ما تقولينه في إفادتك هي يوميات فتاة مراهقة طبيعية جدا، تتقلب بين أفكار وأحاسيس وقناعات على مرّ تطوّرها ونُضجها، كنتِ بنتا يُقال لك أنّك "كالأولاد" كنوع من إلصاق المُلصقات على البنات والأولاد، فالبنات المُهذّبة لا تلعب ألعاب الأولاد، ولا تصرخ في وجههم بل تخجل وتحمرّ وجنتاها ! وهذه كلّها مفاهيم نسبيّة جدا وجائرة وضيقة أيضا، فلا تكترثي لها. بعد أن غيرت المدرسة وتغيرت شخصيتك وصارت "أكثر أنوثة" حسب ما تفهمين منها، وهذا مسار طبيعي، فتصدير صورة الأنوثة أو الذكورة تتطلب وقتا وهي تُبنى في سنوات المراهقة وليس شيئا يكون جاهزا نخرج من الطفولة لنمسك به أوّل المراهقة.
نأتي الآن لمشكلتك، فهي لا تبدأ حقيقة مع وسواس الشذوذ، فهذا مجرد مظهر من مظاهر معاناتك مع الوساوس بعد وفاة جدّك، والمهم أنه لا ذنب لك وأنت فتاة طبيعية جدا سيفخر بها أبويها، ولا علاقة للأفكار التي تأتيك بحقيقتك أو بطموحاتك. ضعي هذه الفكرة أمام عينيك واستمري في قراءة ما تبقّى من ردّي.
يبدو تشخيصك الحالي (مبدئيا) أقرب لردّ فعل الأسى أو الثّكَل، وهي من اضطرابات التأقلم، وهو ردة فعل نفسية ووجدانية مبالغ فيها بعد أن يعيش الشخص كارثة أو مرض جسدي خطير أو انفصال، وفي حالتك وفاة جدّك وتجربة الموت وأجوائه، كنوع من "الحِداد المرَضيّ" Deuil pathologique، بعد شهر جاءتك الأفكار الوسواسية بخصوص المقدسات ثم الجنس، مع أعراض وجدانية، أي تغير في المشاعر والمزاج، قلق، غضب وشعور بالذنب واليأس مع أفكار وسواسية وإيذاء للذات (ضرب اليد مع الحائط).
تبدو السمة الغالبة في رسالتك متعلقة بالوساوس، مما قد يُؤدّي بنا إلى تشخيص حالة من الوسواس القهريّ تزامنت مع وفاة الجد رحمه الله. لكن قد تكون الوساوس هنا جزءً من اضطراب آخر، خصوصا أنّك تعانين من أعراض اكتئابية واضحة، لذا أميل إلى تشخيص الحالة "اكتئابا وسواسيا" أو قلقا مرافقا لوسواس، أي أن الأفكار الوسواسية التي تقتحم عليك ذهنك هي عرَض مرتبطة بالاكتئاب أو القلق، والحسم يكون مع الطبيب النفساني الذي من الضروري أن تزوريه، إن لم يكن لديك إمكانيات لزيارة طبيب نفساني خاص، فهناك استشارات مجانية في مستشفى الحيّ (سبيطار الحومة)، اذهبي للمستشفى العمومي وتأكدي من وجود طبيب نفسي وخذي موعدا، من الضروري أن تأخذي بعض الأدوية مؤقتا حتى تتجاوزي حالتك. مع أنني أرى أنّك بحاجة إلى جلسات علاجية، ربما تقومين بها متى تيسّر لك.
بالنسبة للتحرش في صغرك، لا تعطيه حجما أكبر من حجمه، هو تجربة سيئة قطعا، لكن ليس لدرجة أن تؤثر على حياتك ومسارها الطبيعي. لا تفكري فيها ولا تحاولي ربطها مع حالاتك الوجدانية. والكثير من الناس يتعرضون للتحرش ويتميزون ويعيشون حياة صحيّة ممتازة.
إلى حين ذهابك للطبيب النفساني، وبذل كل الجهد لتفعلي ذلك، إليك بعض الخطوات العملية:
1- أهمّ شيء، هو تجاهل تلك الوساوس فهي ليست تعبيرا عن حقيقتك واعتبريها كشخص يدندن بأشياء تزعجك ولا تعكس حقيقتك ولا واقعك، ماذا تفعلين لشخص ثرثار يقول التفاهات؟ تتجاهلينه.... والتجاهل يعني التجاهل حقا، إياك أن تبحثي عن منطقية الفكرة، أو تتأكدي من أنها باقية في عقلك أو لا. لا تحاولي أن تردّي عليها ولا أن تبيّني بطلانها، ولا أن تناقشيها بالأدلة المنطقية، ولا أن تفرّي منها..... تصرفي معها كأنها غير موجودة رغم أنها في عقلك ! أي تقبّلي وجودها وارفضي فقط محتواها.
2- اصبري على إحساس القلق والضيق، ولا تتصرفي بطريقة غاضبة وحزينة، دعي تلك الأفكار تأتي كما تشاء، وأنت ستفعلين ما تشائين، مشكلة الناس مع الوسواس أنهم يعتبرونها "حقيقية" وأنهم سيطبقون محتويات تلك الأفكار. فأنت طبيعية التوجه، أنت لا تحبين البنات حبا جنسيا، إنما تحبين الأولاد، فقط الوساوس تأتيك في لحظات تجعلك تشكين. وأقول لك حدّوثة، البنت المثلية التي تحب الجنس مع البنات لا تشعر بحزنك وقلقك وخوفك !! وحده من لديه ميول طبيعي وغير مثلي من تُفزعه فكرة أنه "سيصير شاذا"، فهل أنت تشعرين بالخوف والقلق من كونك تحبين الأولاد؟ لا طبعا، كذلك البنت التي تحب البنات جنسيا، أو الولد الذي يحب الأولاد جنسيا، سيشعر بالقلق والخوف والانهيار وقت ما ستأتيه أفكار بأنه يحب الجنس الآخر .
3- لديك الحق في البكاء، والخوف وبأن تكوني ضعيفة، لا تدعي أحدا يقول لك العكس، بيئاتنا العربية المعتلّة تعتبر مظاهر البكاء والخوف القلق والمرض شيئا مُسببّا للخزي والعار ويجب إخفاؤه. لا تكترثي لهم فأنت مصابة بمرض يخرج عن سيطرتك. لا تغضبي من حالك ولا تكبتي بكاءك، ولا تؤذي نفسك فلن يغيّر من الأمر شيئا. إيذاؤك لنفسك سلوك غير نافع وتفريغ غير صحيّ.
4- تعلّمي تفريغ مشاعرك السلبية والمضرة بالحديث عنها مع من تثقين فيه، من يتفهمك ولا يسخر منك ولا يستغل ذلك ضدّك، إن لم تجدي اكتبي خواطر بخصوص تلك المشاعر، تحدثي عن موت جدك، اكتبي وساوسك بشكل ساخر وكأنها قصة تُروى لك دون البحث عنها ولا الخوف منها.
5- ستعودين طبيعية فلا تخافي، يجب أن تتعاملي مع الوضع أنه شيء سيمرّ بعد شهور قليلة ومع زيارة الطبيب. أنت بنت طبيعية جدا وستكونين زوجة طبيعية ولن يؤثر هذا الاكتئاب عليك شرط أن تسعي لمعالجته بصدق وعزم. ولا تتهربي من الأطباء ولا من الدواء.
6- أفكار الانتحار طبيعية في حالتك، تسود الدنيا في عينيك ولا تجدين مهربا من الضيق والقلق والأحاسيس المزعجة إلا الموت. لكنه ليس حلا وتعرفين هذا، ثم أنت متشبّثة بالحياة رغم تفكيرك في الانتحار، ألمك وغضبك دليل على أنّك حيّة وتريدن أن تبقيْ حيّة وممتنّة لهذه الحياة ومن أهداك إياها. لا بأس أن تأتيك أفكار انتحارية فهي أفكار أوتوماتيكية، لا تؤنبي ضميرك حولها، ليس لأنك سيئة، فقط عقلك لا يتحمل الضغط ويعطيك إنذارات خاطئة أن الموت حل وراحة.... إن جاءتك تلك الأفكار لا تفزعي منها اعطي الحق لنفسك في تمني الراحة بالموت ! طلب تلك الراحة هو نفسُه دليل على أنّك تريدين العيش فهمتني يا "مروى"؟ فقط دعيها تمرّ، ولا تخافي فلن تطبّقيها. وستختفي مع تناول الدواء كأنّها لم تكن.
أتركك مع بعض الروابط والاستشارات القريبة من حالتك، ولا تترددي في قراءتها ومراسلتنا مجددا إن استجدّ شيء ما، سنكون هنا لنسمعك وننصت لآلامك وأفراحك، لهزائمك وانتصاراتك.
اقرئي على مجانين:
رد فعل الأسى ؟ أم عصابية مزمنة؟
الثكل أو رد فعل الأسى: اضطراب تأقلم؟
صدمة نفسية: اضطراب التأقلم
وسواس قهري واكتئاب
الوساوس الكفرية والكفرجنسية كيفية التعامل؟
الستارة م
قمع الأفكار: وعملية العقل الساخرة