معاناة الميول الجنسية المثلية
السلام عليكم. كل الود لكادر مجانين، والعتب مباح لكم لتأخركم بالرد على استشارتي لذلك قررت أن أعيد إرسالها عسى أن أحظى بفرصة أخرى، وإن لم أحظى فإني يئست من المساعدة بعد أن كنتم بريق أمل وبدأ يخبو كما الإيمان، كما الثقة، كما الرب الرحيم، كلها ألفاظ إيماني بها بدأ يخبو. أطلب النجدة منكم، وأعيد استشارتي التي نصها كما أرسلتها سابقاً كالتالي:
أطلب المساعدة بإلحاح وأتمنى أن يكون الرد بأسرع ما يمكن. لدي ميول جنسية مثلية، سأذكر لكم مقدمة وأحاول الاختصار: كنت طفلا ذكرا ليس لدي إخوة، فقط أخوات، وأمي ليس لها إخوة أيضاً، توفي أبي وأنا في سن السنة تقريباً، لم يعتني بي أعمامي، ولم يكن هناك دور رجولي في الأسرة، عانيت من الإهانة والوصف بأني جبان ولست كباقي الأطفال الذكور منذ صغري الباكر. بعد سن السادسة ودخولي المدرسة كنت طفلاً ذكياً جداً وناجحاً ومهذباً (أرجو عدم ذكر ما بين القوسين حيث أني أخاف أن يتعرف عليّ أحد) إلا أني لم أستطع أن أسلم من توبيخ أخت أمي المفضلة لها حيث كانت تسومني الإهانات، وكنت أشعر بالحزن دائماً وأبكي، كانت أخواتي أكثر ذكورية مني، وكُنَّ يقلن لو أننا ذكور لفعلنا كذا وكذا.
بعد فترة فقدت الرغبة في الخروج من المنزل ولم أستطع الانجذاب للّعب مع الصبيان. في سن العاشرة بدأت أفكر بالحب ووقعت فعلاً بحب فتاة جميلة لكن شعوري بالنقص كان يسلبني فرحتي، كنت أراقب بعض الطلاب وأتمنى لو أني فلان أو فلان لأني لا أستحق أن تحبني هذه البنت.
كُلّما تقدمت بالعمر ازدادت همومي وأحزاني ورغبتي بأن يكون لي أب، وفي سن الـ ١٣ بدأت أشعر برغبات جنسية وأصبحت أثار بمجرد تفكيري بالأعضاء الجنسية للذكور، كلما ركّزت في أبطال المسلسلات وفي طلاب المراحل المتقدمة وحتى في بعض المدرسين الوسيمين أتصور أعضاءهم وأتهيج وأمارس العادة السرية، وعندما أحاول أن أسأل نفسي لماذا لا أستطيع تخيُّل الأعضاء الأنثوية لا أجد جواباً في نفسي.
أرجو ألّا تذكر الأحداث التي بين القوسين (......................)، في هذا السن بدأ إحساس غريب بالظهور، حيث فجأة شعرت بمشاعر غريبة تصاحبني تجاه أحد الطلاب في الصف، وكان يحترمني كثيراً، وكان طالب ذو قدرة عالية على الدفاع عن نفسه ورفض المتنمرين، كانت شخصيته الرجولية تعجبني كثيراً، كنت أتمنى لو أمتلك شجاعته، أحببته ولم أكن أدرك لماذا كان الحزن والاكتئاب يسيطر عليّ جراء ذلك الحب، كان كلما يقترب مني يتراقص قلبي شوقاً وأحاول أن أستنشق عطره بلذة ورغبة عالية ولم أستطع تفسير ذلك، ولم أعرف لماذا الحزن الذي يصاحبني! ولماذا يملؤني الشعور بالنقص تجاهه رغم أني كنت متفوق أكثر منه ومحبوب بالصف أكثر منه! مرّ العام وأنا أقاوم ذلك الشعور حتى اجتزت المرحلة بصعوبة.
بعد ذلك لجأت إلى أحلام اليقظة للهروب من واقعي الذي أكرهه، بدأت أتخيل أني أعيش في أسرة مختلفة وأسرد القصص والحكايات لنفسي عن حياتي الخيالية. (بعد سنتين حين أصبح عمري ١٦ عاماً ازدادت نحافتي وبدأت أبدو أقصر من الذين هم في سني، وكنت أكثر حزناً إلا أني كنت أتفوق على الطلاب بوعيي وثقافتي، لم أستطع تقبل جسمي، كنت أخجل أمام أخواتي وأمي من ظهور الشعر في جسمي وتغير رائحتي حتى أني بدأت أحب الأكمام الطويلة، ولم أكن أستطع قط تغيير ثيابي إلا وقد أيقنت أنه لا أحد يراني منهم).
وبالصدفة اكتشفت أن طالباً اخترق قلبي كأعراض الحب السابق، سهمٌ من الحزن أصابني، اعترفت بحبه هذه المرة بيني وبين نفسي، لكن لم أستطع معرفة السر وراء حزني الدفين، دعوت الله أن يرحمني. كنت ما زلت في تلك الفترة أعاني كره نفسي، ومازلت لا أستطيع أن أقنع نفسي بأني سوي، وكنت مازلت أتخيل الأعضاء الذكرية فأتهيج وأمارس العادة السرية. حاولت أن أتخلص من التفكير بهذا الشاب فأصابتني حالة نسيان، صرت لا أتذكر كُلّما درست، وإذا ذهبت في حاجة أنساها حتى صرت ساهياً لأني فرضت على نفسي نسيانه فنسيت نفسي وبَقِيَ. أنهيت دراستي الإعدادية ودخلت المعهد، وكنت قد أنهيت ثلاث نوبات حادة من هذا النوع من الحب المصاحب للحزن والألم. في المعهد اضطررنا للسكن في أقسام داخلية، استطعت أن أُكوِّن صداقات طويلة منذ أن كنت في الابتداية، وكونت شلّة بالإعدادية، دخلنا المعهد وسكنّا القسم،
كنت الصديق الحميم ذو القلب الطيب، الخلوق، المساعد، الكتوم للسر، كنت كالغراء الذي دائماً ما يبقي أواصر الصداقة مستمرة في الشلة. أرجو ألا تذكر ما بين الأقواس (سكن معنا طالب لم يكن من الشلة لكنه من مناطقنا، كان ظرفه عكسي تماماً حيث كان له إخوة فقط، ووالداه حيّان، كان فظاً قبيحاً لا يحبه أحد فوقعت أنا في حبه حتى بكيت فقررت أن أصاحبه فأثّرت به حيث كان يشكو من فقد الحنان، أصبحت بيننا علاقة، ولتوافر الظروف أصبحت أستمتع بجسده، أقبله وأشمه وأستلقي بنفسي فوقه وأشعر بلذة ما بعدها لذة، لكن سرعان ما يأتي الصباح ويُلقي عليّ أحزانه "لماذا لا أحب النساء؟ لماذا أعاني من هذا الحب؟") (كنت لا أرغب بأن أمارس اللواط ولم أمارسه، لكني أحب الأحضان والقُبَل وأكتفي بالعادة السرية أثناء ذلك). قررت أن أراجع طبيباً نفسياً فذهبت وحدي وكنت خائفاً جداً، وعندما عرضت حالتي على الطبيب نظر لي نظرة احتقار آلمتني جداً، ووصف لي نوعا من الحب الغريب الشكل، كرهت الطبيب وحاولت الخروج من أزمتي بنفسي لكني لم أستطع.
بقي هذا الحب في قلبي وهذه الرغبات بنفسي، حتى بعد أن تزوجت وأنجبت أطفالاً لكني ما زلت أعاني من رغبتي المثلية، ونمى شعوري الديني بقوة مما زاد من جلدي لنفسي، كان الجنس مع زوجتي محض حاجة، لم أجد معها المتعة المنشودة، وكنت دائماً أتظاهر بشهوة النساء للتَّستُّر على نفسي أمام أصدقائي. قررت الرجوع إلى الطبيب النفسي بعد أصبحت أكبر سناً فقال لي "هل أنت مستعد للعلاج؟" قلت "نعم، ومهما كلّف الأمر" قال "سأرشدك على من يساعدك وأثق به، لكنها دكتورة" فقلت "لا يهمني، أريد أن أكون طبيعي" ذهبت للدكتورة وكلمتها عن حالي فعرفت أني أعاني الشذوذ الجنسي بسبب تاريخي الأسري، بقيت معها لكن بلا جدوى، عرفت الأسباب لكن لم أعرف العلاج، تحسنت حالتي بعد اعترافي أمام الطبيبة أني مازلت أحب أجساد الرجال ذوي الشخصيات الذكورية، فشلت كل محاولاتي، كنت دائم العزم على تحويل توجهي وتشجيع نفسي.
حاولت أن أُعوّض ما فات من طفولتي فحققت النجاحات في مجتمعي ومارست الرياضات ومشيت مع الرجال ولم يحسن ذلك من توجهي شيئاً. في العام الماضي انتبهت لنفسي وأنا أحاول أن أعالج نفسي منذ أول مراجعة للطبيب، وتذكرت كم توسلت ودعوت الله بلا فائدة، قدَّرتها ب ٢٠ عام تقريباً أو أكثر أو أقل، أصبت بخيبة وفقدت الثقه بكل شيء، بالطب، وبالله، وبكل القوانين والنظم، اعترفت بمثليّتي بيني وبين نفسي، أصبحت لا أخشى الحب ولا ألوم نفسي من مشاهدة اللواط في المواقع، لكني فقدت الرغبة بمعاشرة زوجتي تماماً حيث لا أستطيع أن أنتصب بدون تصور رجل ما، وبدأت أحسد زوجتي لأنها تستطيع أن تعانقني وأنا الرجل الذي تحب، وأنا لا أستطيع عناق من أحب ولا تقبيله بسبب الخوف على سمعتي. بدأت أشعر بخطر ما يحدث لي وخفت من انهيار أسرتي التي هي أهم شيء عندي، قررت أن أترك تخيّلاتي وأن أرفض كل تلك المشاعر التي أعيشها في نفسي فأصبت بنوبة اكتئاب شديدة وشعور بالمظلومية حاد لم أستطع تحمُّله فعدت إلى أوهامي.
أعتذر منكم لإطالتي، لكني احتجت أن أذكر لكم هذه المقدمة.
إنّي الآن أعاني من نفسي، أكره كوني مثلي، وأكره كوني لا أستطيع التخلص من عقدي بسبب طفولتي المؤلمة، وفقدت ثقتي بالله وبكل شيء، لم أستطع تصديق أن الله يساعد من طلب المساعدة. أشعر بالتيه والضياع، كل الذي أعرفه أني أحب بعض الذكور وأعشق أن أحضنهم، حاجتي أن أنفس طاقاتي الرومانسية معهم، لا أعرف لماذا أشعر بالحزن لكما أصبت بنوبة عشق جديدة تأخذني لعام كامل أو أكثر!.
ساعدوني أرجوكم،
علموني كيف أفك تلك العقد، وكيف أستعيد روح البهجة لقلبي.
25/6/2020
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لابد من الإجابة على استشارتك بأمانة علمية. لا يوجد دليل علمي يمكن الاستناد عليه للقول بأن الطب النفسي يملك حلاً لمشكلتك. ظاهرة وجود ميول مثلية سرية عند بعض الرجال معروفة رغم وجودهم في علاقة غيرية، البعض منهم يمارس المثلية سراً، والآخر يكتفي بوضعها في إطار حب عذري (خيال جنسي). لا يمكن القول بأن ما تعاني منه اضطراب نفسي أو عقلي، وحتى الطب النفسي لا يضع المثلية في إطار اضطرابات الانحراف الجنسي منذ عشرات الأعوام.
كذلك لكل إنسان روايته وتفسيره لميوله الجنسية المثلية، ولكن في غالبية الحالات لا يوجد تفسير مقنع، وسيرتك الشخصية لا تختلف عن سيرة بعض الرجال ذو الميول الجنسية الغيرية.
ولكن ما هو واضح في رسالتك هو حديثك عن ميولك المثلية وروايات انجذابك لهذا الذكر وذاك دون الحديث عن زوجتك. ما أنت بحاجة إليه هو التقرب فكرياً وعاطفياً لزوجتك، وقد لا تتخلص أبداً من الميول المثلية ولكن ليس هناك ما يمنع من أن ترفع من زخم علاقتك العاطفية والجنسية مع شريكة حياتك.
إذا دخلت في علاج نفسي كلامي فيجب أن تحرص على ألا تدخل في نقاش فقط عن ميولك المثلية، ولكن عليك مراجعة تفاعلك مع أزمات الحياة وزوجتك ودفاعاتك النفسية.
وفقك الله
واقرأ أيضًا:
المثلية بصفتها معاناة !
أنماط الجنسية المثلية
الشذوذ المثلي خلف جدران الزواج
ويتبع >>>>>>>>: الميول المثلية حتى بعد الزواج ! م