وسواس السب القهري
وسواس السب القهري
السلام عليكم أ.د. وائل أبو هندي، بداية شكرًا جزيلاً لحضرتك على الرد على استشارتي السابقة والذي تضمن عدد من النقاط التي ساهمت بشكل كبير عند قرائتي له في طمأنتي وتعهدت لنفسي أن أبتعد عن أي أفكار قد تفسد من راحتي النفسية والاستمرار في حياتي بشكل طبيعي، إلا أنني وللأسف الشديد بعدها بوقت قصير بدأت تحاصرني ذات الأسئلة والتي أرجو من حضرتك أن تتحملني وتتقبل إلحالي في الرد عليها على نحو واضح وصريح وقاطع، وهي:
(1) هل أنا فعلا مريضة بالوسواس القهري وما صدر عني سابقًا ولا يزال يصدر عني من أقوال وقت الضيق هى عن دون إرادة كلية مني؟ أم أنه هناك تعمد أو تقصير مني في ذلك؟
(2) هل ما ذكرته حضرتك بشأن عدم محاسبة الإنسان عن الوساوس الكفرية أو حديث النفس يتعلق بالإنسان الطبيعي أم يقتصر فقط على مريض الوسواس القهري؟
(3) هل ما تضمنه رد حضرتك على استشارتي السابقة يعني أني لم أقع أبدًا يومًا من الأيام في أي فعل فيه كفر (والعياذ بالله)؟
(4) حتى وإن لم يكن من المطلوب من مريض الوسواس القهري أن يقاوم تلك الأفكار والوساوس الكفرية .. ولكن هل عدم القيام بهذا دون توجيه مسبق من الطبيب المعالج يعد استهانة (والعياذ بالله) بالذنب أو الاعتياد عليه أم رضا عما أقوم به دون شعور بالذنب؟
أرجو أن تعذرني يا دكتور .. فأنا لم أفهم الشق الثاني من هذه الجملة: "أن الوسواس ضحك عليك بأن أوصلك إلى حل وسط هو أن تقولي ألفاظ السب بينك وبين نفسك بشكل عام، وأقول ضحك عليك لأن المتوقع من مثل شخصيتك التي لا تسامح نفسها أبدأ أنها ستستعيد يوما ما كان يحدث ثم تنخرط في حساب النفس العسير وهو ما تشتكين من حدوثه اليوم"
فهل ما كنت أقوم به كنت أفعله بإرادتي وأنني كنت أتحايل على الموقف لأقول تلك الألفاظ دون أن أوجهها بشكل مباشر .. وأنا بالفعل كنت ولا زلت شخص لا يسامح نفسه بسهولة .. ولكني تحديدًا في تلك الفترة التي اشتدت علي فيها تلك الوساوس والأفكار والألفاظ التي كانت تدور بيني وبين نفسي .. كل ما أتذكره هو أنني لم أكن أراجع أو أحاسب نفسي على ما كان يصدر مني حينها بعد كل موقف .. وحقيقة الأمر أنني لا أعرف لماذا .. وهو أكثر ما يشعرني بالذنب
واسمح لي أن أشرح لك تفصيلا بداية تلك الوساوس معي: في بادئ الأمر عندما كانت تهاجمني تلك الألفاظ البذئية كنت أقاومها بشدة .. إلى أن تعبت من شدة المقاومة ولجأت إلى أن أقولها في المطلق بيني وبين نفسي كما شرحت لحضرتك في استشارتي السابقة .. وكنت وقتها لا أرى أن ما أقوم به فيه ذنب أو خطأ .. فأنا أقولها في المطلق .. واستمر ذلك الأمر إلى أن روادني ذات يوم حلم بأني قد "أصبت بصاعق رعد وبرق وصعدت روحي إلى السماء في طريقها للقاء الله سبحانه وتعالى .. وقتها كان ينتابني هذا الشعور بالضيق والألفاظ البذيئة التي تسيطر علي وقت الشعور بالضيق أو الانفعال .. مثلما يحدث معي في الواقع .. وكأنني لا أريد أن أقابل الله سبحانه وتعالى (والعياذ بالله)" .. وبعدما استيقظت وتذكرت ذلك الحلم.. بدأت أشعر أن تلك إشارة من ربنا سبحانه وتعالى وأنه يريد أن يقول لي أن ما أقوم به هو كفر
وبعدها بدأت أشعر بعدم الرضا عما أفعل ولكني للأسف استمريت فيه بل وتزايدت حدة هذه الأفكار ومشاعر الضيق معي أكثر وأكثر .. وكلما تغيرت معاملة أحد الأشخاص معي (مثلا) أقول في نفسي "لابد وأن الله قد أشار إليه بأني إنسان كافر ولذلك فهذا الشخص لم يعد يحبني" .. مع العلم بأن هؤلاء الأشخاص لم تكن تربطني بهم أي صله قوية على الإطلاق ولا يعرفونني حق المعرفة وإنما أقابلهم في وقت الجامعة بالمصادفة فقط .. إلا أن ذلك ما كان يخطر على بالي وقتها
وعلى الرغم من ذلك إلا أنني - والحقيقة لا أعرف السبب - استمريت لنحو سنتين تقريبا في نفس الطريقة فى التعامل مع أى موقف يضايقني كما ذكرت لحضرتك فى استشارتي السابقة (مشاعر ضيق + إنفعال داخلي + ألفاظ بذيئة بيني وبين نفسي) .. ولكني أيضًا أتذكر أنني ذات مرة خلال تلك السنتين .. قد استيقظت عند صلاة الفجر .. وأخذت أبكي على حالي لربنا سبحانه وتعالى لعدم رضاي عن نفسي وعما أفعل .. وعلى الرغم من ذلك أيضًا استمريت في نفس الطريقة السابقة في التعامل مع أى أمر أو موقف يضايقني
أعرف أن الله غفور رحيم .. ولكن المشكلة تكمن في شخصي أنا .. أنا لا أتصور أن أكون قد قمت بأي فعل فيه إساءة لربنا سبحانه وتعالى (والعياذ بالله) عن عمد والأصعب من ذلك أن لا أشعر بعده بأي شعور بالذنب .. هذا هو ما يشعرني بالتعب الشديد
وبالنسبة لسؤال حضرتك عن "محاولتي في الحصول على التشخيص أو العلاج" .. فقد صارحت أهلي خلال الشهور الماضية فقط بما أعانيه وذلك بعدما لم أعد أتحمل هذا الأمر لوحدي .. وطلبت اللجوء إلى الطبيب النفسي .. إلا أن هذا الأمر قوبل بالانفعال والرفض الشديد الذي لا يقبل النقاش أو حتى فتح الموضوع مرة أخرى على سبيل الفضفضة .. ولم يصدقني أحد فيما شرحت لهم .. فهم يرون أمامهم شخصية شديدة الالتزام
أرجو من حضرتك أن ترد على أسئلتي السابقة بردود لا تجعل أمام عقلي أي ثغرة أو مجال آخر للتفتيش في الماضي وتساعدني على أن أنهي هذا الموضوع للأبد
أنا أعتذر لحضرتك على إلحاحي في السؤال.. وأستحلفك بالله أن ترد على أسئلتي في أقرب وقت .. لأنه كلما طال الوقت ازدادت الأسئلة في رأسي.
28/6/2020
وأضافت في رسالة أخرى تقول:
وسواس السب القهري
السلام عليكم أ.د. وائل أبو هندي، آسفة لإزعاج حضرتك .. ولكن أرغب في إضافة سؤالين آخرين على استشارتي الثانية:
(1) أقوم كثيرًا هذه الأيام بمحاولة مراجعة المواقف التي كانت تصيبني في الماضي بالضيق أو الانفعال واسترجاع طريقة تعاملي معها .. وأحاول استعادة الموقف على النحو الذي يمكنني من تذكر كيفية تعاملي معه من ألفاظ تدور بداخلى أو مشاعر تسيطر علي وقتها .. وبعدها أشعر وكأنني وقعت في الذنب مرة أخرى .. وقد حدث لى مرة أن تلفظت (دون قصد التلفظ) بأحد تلك الألفاظ .. وأبدأ في محاولة التذكر أكثر وأكثر والندم ثانية .. ولكن دون فائدة .. فهل محاولتى استرجاع تلك المواقف يوقعني في الذنب مرة أخرى .. حيث أنني أنا الذي أقصد استرجاع هذا الموقف
(2) كما أنني أثناء عملية التذكر هذه .. أحيانًا أشعر بأننى في الماضي لم أقصد أن أقوم بأي فعل به إساءة (والعياذ بالله) اتجاه ربنا سبحانه وتعالى .. وأحيانًا على العكس تماما أشعر وكأنني قمت بعمل فيه تجرؤ كبير (والعياذ بالله) .. فهل أنا من يتوهم ذلك .. خاصة وأنا لا استطيع أن أتذكر تفاصيل ما حدث في الماضى
أرجو الرد على كل ما طرحته من أسئلة
وشكرا جزيلا
28/6/2020
رد المستشار
الابنة الفاضلة "Lobna" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، ومتابعتك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
أشكر لك إطرائك الطيب وأجيب على أسئلتك الواردة في الجزء الأول من متابعتك:
(1) هل أنا فعلا مريضة بالوسواس القهري وما صدر عني سابقًا ولا يزال يصدر عني من أقوال وقت الضيق هى عن دون إرادة كلية مني؟ أم أنه هناك تعمد أو تقصير مني في ذلك؟ ....
نعم أنت مريضة وسواس قهري وما صدر ويصدر وقد يصدر عنك في أوقات الضيق وغيرها ليس إلا جزءًا من المرض ولا تعمد ولا تقصير فيه.... لكن عليك طلب العلاج النفساني والإصرار على ذلك.
(2) هل ما ذكرته حضرتك بشأن عدم محاسبة الإنسان عن الوساوس الكفرية أو حديث النفس يتعلق بالإنسان الطبيعي أم يقتصر فقط على مريض الوسواس القهري؟
لا يحاسب الإنسان مريضًا أو غير مريض عن الوساوس الكفرية ولا عن حديث النفس مصداقا لقول السيد الخلق "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفوسها ما لم تتكلم أو تعمل به" واقرئي جيدا معنى التكلم به.
(3) هل ما تضمنه رد حضرتك على استشارتي السابقة يعني أني لم أقع أبدًا يومًا من الأيام في أي فعل فيه كفر (والعياذ بالله)؟
لم تقعي ولا يمكن أن تقعي في أي فعل فيه كفر ما دمت مريضة بالوسواس الكفري لأن الموسوس بالكفر لا يكفر وإن ظن أن أراد.
(4) حتى وإن لم يكن من المطلوب من مريض الوسواس القهري أن يقاوم تلك الأفكار والوساوس الكفرية... ولكن هل عدم القيام بهذا دون توجيه مسبق من الطبيب المعالج يعد استهانة (والعياذ بالله) بالذنب أو الاعتياد عليه أم رضا عما أقوم به دون شعور بالذنب؟
عدم الرد وعدم الاهتمام أي تمام التجاهل للوساوس هو ما يجب على الإنسان سواء فعله بفطنته أو نصحه به عارف بالأمر، وليس استهانة ولا رضا بالذنب وإنما حسن تصرف يثاب المريض عليه.
وأما بالنسبة لسؤاليك في الجزء الثاني من المتابعة:
(1) أقوم كثيرًا هذه الأيام بمحاولة مراجعة المواقف التي كانت تصيبني في الماضي بالضيق أو الانفعال واسترجاع طريقة تعاملي معها.... وأحاول استعادة الموقف على النحو الذي يمكنني من تذكر كيفية تعاملي معه من ألفاظ تدور بداخلى أو مشاعر تسيطر علي وقتها.... وبعدها أشعر وكأنني وقعت في الذنب مرة أخرى .. وقد حدث لى مرة أن تلفظت (دون قصد التلفظ) بأحد تلك الألفاظ.... وأبدأ في محاولة التذكر أكثر وأكثر والندم ثانية.... ولكن دون فائدة.... فهل محاولتى استرجاع تلك المواقف يوقعني في الذنب مرة أخرى... حيث أنني أنا التي أقصد استرجاع هذا الموقف
كفي تماما عن هذه المحاولات المضنية الفاشلة التي لا تزيدك إلا إخفاقا وعذابا ليس لأن ذلك يوقعك في الحرام (فأنت مريضة وسواس لا تقعين في الحرام) وإنما لأنه لا يزيدك إلا شكا فيما تتذكرين ورغبة أكثر في تكرار محاولة التذكر وفي النهاية لا فائدة له إلا زيادة مشاعر الذنب والشك.
(2) كما أنني أثناء عملية التذكر هذه... أحيانًا أشعر بأننى في الماضي لم أقصد أن أقوم بأي فعل به إساءة (والعياذ بالله) تجاه ربنا سبحانه وتعالى.... وأحيانًا على العكس تماما أشعر وكأنني قمت بعمل فيه تجرؤ كبير (والعياذ بالله).... فهل أنا من يتوهم ذلك.... خاصة وأنا لا استطيع أن أتذكر تفاصيل ما حدث في الماضى
هذا ما نقصده فما أن تبدأ محاولات التذكر القهرية تلك إلا ويبدأ الشك في صدقية ما تتذكرين.... فأحيانا تشعرين بأن لم تكوني تقصدي وأحيانا العكس ألم أقل بأن كلما تذكرت أكثر كلما شككت أكثر.
وأما سؤالك عن كيف ضحك الوسواس عليك فهو واضح حيث يطرح الوسواس على المريض تصرفا ما كحل للضيق الذي يشعر به وكثيرا ما يكون ذلك الحل نواة لوسواس لاحق بأنه فعل خطأ كبيرا بذلك الحل...... فتصبح مشاعر الذنب ومخاوف الكفر أكبر مما كانت قبل لجوئه لهذا الحل وهو في جميع الأحوال موسوس لا حساب عليه.
بالنسبة للعلاج عدم موافقة أهلك ليست مانعا له فلا أظن أنك لا تستطيعين اللجوء لعلاج نفساني وأنت في هذا السن فأنت موظفة ولست صغيرة ولا معتمدة على الوالدين..... عليك الإصرار إعلاما لهم والتحرك ولو بمفردك للقيام بواجبك وللحصول على حقك في العلاج.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.