حياة، طريق وضباب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قررت وضع الموضوع في كل الأقسام لأني أريد الحصول على إجابات ومساعدات وآراء كثيرة.
أنا شاب عمري ثلاثين سنة، عامل مستقر والحمد لله، مشاكلي أني ينتابني نوع من الاكتئاب والحزن والضيق والوحدة والوساوس، ليس لدي أصدقاء، لدي فقط بعض الأشخاص في مدينتنا أتحدث إليهم ومنهم جارنا المسن الذي ألتقي به يومياً، فقد تخلى عني أصدقائي لأنهم يروني ساذجاً وغافلاً غبياً وبهلولاً ولا أعرف أتكلم، أظنهم على حق لأني طيب وخجول وأسمع للآخرين وأسامح في حقي كثيراُ وأَلقى الكثير من الجراحات (هكذا أرى نفسي) كما أني أحس بالرياء والوسواس في نظرتي لنفسي رغم أن الكثير يقولون لي هكذا، لكن لم أعد أعرف من أنا وما هي شخصيتي، وكيف يجب أن أكون.
لدي رهاب متوسط عندما أكون في السيارة أو وسط الناس، فأحياناً كثيرة عندما أكون مع عمي أو شخص آخر في السيارة نبقا صامتين ونتحدث كلمة أو كلمتين كل نصف ساعة، أريد أن أخلق موضوع أو حديث في أي شيء لكن عقلي يمنعني وتقيم الوساوس عرساً داخله كالتالي "ترى كيف يراني عمي؟ هو يقول في ذهنه ما به هذا الساكت؟ لماذا لا يتكلم؟ يا له من أحمق، ليتني لم أركبه معي" رغم أنه عندما نكون ثلاثة أو أربعة في السيارة يتحدثون عادي ولا يتوقفون.
كما أني أخاف من ردة فعل الآخرين لأنه يُخيَّل لي أني سأقول كلام تافه بلا معنى وأحمق.
أتعرض للكثير من المواقف المحرجة والجارحة يومياً، وأتعرض للكثير من الضغط والاستهزاء والسخرية.
لدي رهاب شديد من النساء، وأتجنبهم ما استطعت (إلا صديقة لي في العمل) فهي طيبة جداً وكبيرة علي بثمان سنوات لكنها ناضجة ومنفجرة بالأنوثة والأخلاق، الكثير يكرهونها في العمل فأحياناً أقول "هل الطيبون مكرهون ومنبوذون في هذا العالم؟".
تسألونني لماذا لدي رهاب تجاههم؟ لأن الكثير منهن ينزلن رأسهن عندما يمرون أمامي أو جانبي، آخر موقف حصل اليوم كنت نازلاً على السلالم وفي آخر الدرج لمحت جارتنا حيث كانت متجهة للبيت، ولما رأتني أدارت وجهها للحائط وأعطتني ظهرها وأنزلت رأسها، لذلك أصبحت لدي حساسية شديدة لهذه المواقف وتؤثر في نفسيتي جداً لأنهن يفعلن ذلك معي فقط، فأصبحت أهرب منهم وأقطع الطريق أو أنزل رأسي أنا أيضاً عندما ألمح امرأة حتى لا يتكرر الموقف معي.
أنا أدخن، وأمارس العادة السرية بقوة وأشاهد الأفلام الإباحية كثيراً، شهوتي شديدة جداً، تمنيت لو كانت لدي صديقة تشاركني حياتي ولحظاتي، فأنا لا أعرف ما هو الحب، ولم يسبق لي أن خرجت مع أنثى، أحياناً أقول الحمد لله الذي أبعدهم عني لأن كل حب خارج الإطار الشرعي ألاعيب وخيانة وغدر وزنا وذهاب شرف، لكن لا أدري.
أنا أعشق الفتاة الخجولة الحيّية عشقاً لا يوصف، ربما لأني خجول أيضاً ههههه.
أنا أعلم أن العادة السرية مدمرة وأريد التخلص منها لكن أجد فيها نوعاً من تعويض الحرمان العميق الذي أعاني منه.
أحلم دوماً بأن يكون لدي زوجة متدينة جميلة حيية كريمة، وأولاد ونُكوّن بيتاً يملؤه الحب والسعادة والرحمة. ستقولون لي تزوج، لكن هذه الأمراض النفسية تمنعني، أضف إلى ذلك أني لا أعرف كيف أتكلم مع فتاة، ولا أعرف كيف أعبر عن مشاعري إن كانت لدي مشاعر أصلا ولا أعرف أحب.
أخاف كثيراً من المستقبل والمجهول فأنا شخص صامت وساكت نوعاً ما، دائماً أدع الآخرين وأنتظرهم أن يبدؤوا الكلام أولاً، وأخاف من نظرات الناس أحياناً ويُخيّل لي أنهم يراقبونني.
في العمل والمنزل لا أتكلم كثيراً، ولا أعطي رأيي كثيراً، فالخوف من الرفض والنقد يمزقني، فإن كان كلامي مرفوضاً وتعرضت للنقد أحتقر نفسي وأصاب بعقدة الدونية والوسواس والاكتئاب.
أرجوكم تعطوني طريقة أتعامل بها مع أبي العصبي جداً، أي موقف أو خطأ بسيط يغضب ويصرخ، وأحياناً الحياة معه لا تطاق في المنزل، أنا لا أراجعه في الكلام، ولا أقول له كلام سيء، لكن أخي و أختي يفعلون. وهو أيضاً مدمن إباحية ونساء، أريد أن أتقرب منه وأنصحه لكن لا أدري كيف أفتح معه هذا موضوع، فأنا أتكلم معه بشكل رسمي فقط ونادراً ما نضحك مع بعض، لكن هذا يؤلمني وأود التقرب إلى أبي وأمي أكثر لأني أعلم أنهم يستحقون الحب والرعاية والود والفضفضة والمزاح، لكن بسبب الأمراض النفسية التي أصبحت حياتي جحيماً بها وجعلتني وحيداً ومغترباً حتى مع أبي و أمي الغاليين العزيزين.
تأتيني أفكار الانتحار كثيراً، وأقول أني أستحق الخلود في جهنم لأني لا أصلي بانضباط (أحياناً أتركها بسبب الوساوس الفتاكة) أستحق جهنم ستهل لأني حقير ودنئ وأفسدت حياتي بالذنوب والأمراض.
كيف أرجع إلى ربي؟ فأنا أريد الجنة وطاعة الله. هل بي سحر أو مس أو أي شيء؟
أنا لا أنام كثيراً، ولكن أنام متأخراً لأني مدمن إنترنت.
أتمنى لو أقرأ كل المواقع والكتب والمعلومات الموجودة في الإنترنت والعالم، ولكن كيف أنظم وقتي؟ حتى أني سمين ولم أعد أمارس الرياضة.
وأيضاً أنا أتتبع الماسونيين وخططهم، واكتشفت الكثير من الأشياء الصادمة عنهم وعن خططهم، فهم دبروا الكثير من الخطط والمكائد للعالم وآخرها كورونا الذي تم تضخيمه جداً ليبقى الناس في ذعر، وهم أيضاً يحاربون الإسلام به.
كما أني أقول كثيراً أن نهاية العالم وقيام الساعة أصبحا قريبين فكيف سأتوب وأقابل الله بعدما ذهبت ثلاثين سنة من عمري في سواد قاتم؟ وهل سيتقبلني ونحن على شفا الفتن الكبرى اللاطمة والملاحم والحروب الشاملة؟
آمل أنكم فهمتموني. وإني لا أفضح وأفتخر بذنوبي لكن لتساعدوني وتفهموا وضعي.
وشكرا لكم
11/7/2020
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
من الأفضل تحليل استشارتك من الأبعاد أو النماذج التي تستعمل في الصحة النفسية.
أداؤك الاجتماعي دون الحد المقبول لرجل في عمرك، لا تزال بدون علاقة حميمية، ولا توجد صداقات قوية بينك وبين أقرانك، لا تنتمي إلى شبكة اجتماعية تشعر من خلالها بالارتياح وتلبي احتياجاتك النفسية المتعددة.
قالبك النفسي الديناميكي في غاية التأزم، لا تزال تشعر بأنك دون الآخرين٬ ولكن في نفس الوقت تتحدث عن الخصال الحميدة في شخصيتك مما يثير الشك بأنك لا تملك العزيمة على تغيير شخصيتك ومواجهة تحديات الحياة المختلفة.
البعد العصابي في شخصيتك أمره شديد، ولا تميل إلى الانفتاح والانبساط مع الآخرين، وتميل كذلك إلى إسقاط اللوم على الآخرين والشك بهم بصورة واعية وغير واعية.
الجانب السلوكي في شخصك يتميز بتجنب الآخرين في إطار رُهاب اجتماعي مزمن.
لا تزال تمارس سلوكيات تعزز شخصيتك العصابية، وتقضي الكثير من الوقت في عالم الإنترنت.
أما الجانب المعرفي في شخصيتك فيميل إلى أفكار تقترب إلى "وهام في تحليل الأحداث" وتشير إليه في تفسير جائحة كورونا، وكذلك في الشك في نوايا الآخرين.
أما الجانب الطبنفسي فهناك العديد من الأعراض الوجدانية مثل القلق والاكتئاب، ولا يمكن استبعاد أعراض ذهانية.
ما هو التشخيص؟
الاحتمال الأول: هو أن شخصيتك لا تزال في عملية نضوج بطيء، وبالتالي لا يوجد دليل قاطع على وجود اضطراب نفسي.
الاحتمال الثاني: هو إصابتك باضطراب الشخصية، ولا يوجد أمل في أن تتغير بسرعة.
الاحتمال الثالث: إصابتك باضطراب نفسي جسيم.
ما هي النصيحة؟
تتوجه إلى طبيب نفساني وتتحدث معه، وتبدأ عملية التغيير، وتنتقل إلى موقع جديد في الحياة، وهذه مهمتك أنت وحدك.
وفقك الله.