لا أستطيع أن أصلي ركعة واحدة بسبب الوسواس القهري
السلام عليكم. دكتور وائل دي أول استشارة لّيا ويا ريت تفيدني بكلامك لأني بلف وبدور على حل لمشكلتي اللي بقالي تلت سنين مش عارف أحلها أبداَ، وكل ما أبدأ ألاقي الطريق نوَّر بضعف غصب عني من الضغط النفسي والتفكير فوق اللازم (24 ساعة تفكير) حتى لو بكلم حد بضعف وبرجع لنقطة الصفر.
أنا هعرض عليك المشكلة الأولى، ولو حسيت إني ارتحت إن شاء الله هعرض مشاكلي التانية وأحلهم.
أول مشكلة هي أني بعاني من الوسواس القهري من عشر سنين، بدأ في الصلاة والغسل ومعاملتي مع الناس، قرأت على النت أني أصلاً كنت متشدد جداً في ديني وده اللي أثّر عليّا جامد، قرأت أن أي عمل بتعمله لغير وجه الله شرك وكفر، مثلاً لو أنت بينك وبين حد مشكلة وبتخاف منه أكتر من ربنا تبقى مشرك وكافر، ولو بتحب حد قد ربنا تبقى كافر، ولو رضا الناس أهم من رضا الله (وده اللي أنا بعيشه) يبقى أنت مشرك، وكل أنواع الشرك والكفر الموجود في الكتب الإسلامية.
المهم أنا أول ما جالي الوسواس القهري ركزت على الحاجات دي ومخلصتش منها أبداً لحد دلوقتي، وأول حاجة جاتلي كانت في الصلاة، كنت بصلي عادي قبل الوسواس بس جالي المرض وبقيت بخاف من الناس جداً وبعمل حركات غريبة على أني مصليش عشان خايف من حد أو عايز أقرب منه أو يحبني المهم تصلي لله، عانيت فيه جداً لمدة تلت سنين تقريباً أيام الجامعة، وكنت مضغوط جداً بس انتصرت وقدرت أصلي عادي من غير دواء.
المهم من تلت سنين الوساوس كانت بتزيد كل يوم وبربط حاجة بحاجة زي مثلاً لو أذنبت زي العادة السرية يبقى ربنا هيعاقبني، وبعذب نفسي فوق الوصف (جلد الذات) وبكره نفسي بطريقة غير طبيعية لأني أنا السبب في كل حاجة سواء مني أو لا برضو بحس إن أنا السبب، وده مطبق على كل شبر في حياتي العامة والشخصية لما بقعد مع نفسي.
من تلت سنين انتكست في صلاتي لسبب، وعايزك تعرف هل أنا السبب في كده ولا لا، مرة كنت بشتغل فجت واحدة أعرفها في المكتب وتكلمت معاها وأنا مبسوط جداً، وكنت وقتها خاطب بس مكنش غزل أو حب أبداً بس كان مدح زيادة عن اللزوم وهي كانت بتشكرني جداً فأنا أخدت الشكر كله وحسيت جسمي عامل زي ما بقشعر لما حد بيشكرني على حاجة أو ممتن ليّا، وأنا ربطت القشعريرة بأنه شرك لأني قرأت آية بتقول "تقشعر جلودهم من ذكر الله" ولما بحلل حالتي قلت ده شرك لأنك قبلت المدح والشكر من شخص مش من ربنا كأنك رامي نفسك عليه أو بتشحت منه شكر عشان تعرف قيمتك أو تكون راضي أو مبسوط من نفسك، فأخدت ده على إنه شرك وكفر وأني كأني أنا ربنا والمفروض الناس تشكرني، مع أني بين رافض الفكرة دي أو بقبلها، بس كنت أصلاً بعاني من القشعريرة من زمان، ومكنتش أعرف أنه مرض أصلاً فيّ، ولما دورت في النت عرفت إن عندي فقر دم أو ضغط نفسي فظيع، وسواء كنت رافض بنسبة خمسة في المية أو مش جوايا رافض، بس انتكست لما روحت بعد ما خلصت الشغل وروحت أصلي كعادتي بس لقيت نفسي فجأة قوتي راحت كأنها تسربت مني ومعرفتش حتى أقول "الله اكبر" وكأني بصلي عشان شكرتني أو خُفت منها أو معجب بيها فوق اللازم.
روحت يومها مصدوم جامد وخسرت أغلى حاجة عندي هي الصلاة، ورغم أني كنت بمر نفس الظروف دي وأكتر منها لما كنت في الجامعة، وكنت بحب واحدة أيامها بس برضو كنت بعاني وكنت بنتصر حتى لو كانت بتشوفني في المسجد لأني أصلاً بصلي في المسجد، يومها انتكست وبدأت أفكاري ترجع تاني، وكنت بردو من وقت للتاني بنجح وكنت بطبق العلاج السلوكي وهو التجاهل والمواجهة والصمود من غير دواء، ورغم أن البنت جتلي تاني المكتب بس روحت صليت عادي أو ممكن تقول بكفّر عن ذنبي.
بس عايز أقولك ملحوظة وهي أني أصلاً تعلمت من تجربتي أيام الجامعة أني مرميش نفسي لأي بنت وأن كرامتي أهم من الحب، وتعذبت كتير لحد ما فهمت، فمهما كنت بحب البنات، ومش عشان كنت وقتها بحب خطيبتي، لا كنت عشان مش عايز أذل نفسي لأي بنت لو ملكة جمال الكون، وكنت فرحان وقتها أوي بنفسي.
رجعت الوساوس تاني وبدأت أعاني، بس المرة دي بقى الرياء، وأنا أول مرة في حياتي أتشل كده، وكل ما أقرب من حاجة، وببذل كل جهدي عشان شوية أفكار ملهاش أي أساس من الصحة، وبرضو بتأثر كل أنواع وساوس الشرك زي "أنت بتصلي بسرعة عشان خايف من أبوك أو مراتك أو أختك عشان متعملش رياء أياً كان سواء في النية أو في الفعل".
أنا دلوقتي معرفش أصلي نهائي، بقيت بصلي في السلم عشان مراتي وأبويا ميشوفونيش، وكنت بتحجج بكده لحد ما وصلت بعد من تكرار الفشل ورا التاني، وبنجح بعدد الصوابع، ولحد دلوقتي معرفش أصلي نهائي.
أنا عارف إيه العلاج، مش بتكلم على الدواء، أقصد العلاج السلوكي وهو أنك تصلي عادي وتتجاهل وتركز أوي في صلاتك وتصمد لحد ما تخلص للآخر، وأنا نجحت كده بس مقدرتش بسبب الوسواس الزيادة جداً وكأني بضرب من كل ناحية ولا كأني بعمل حاجة بيني وبين ربنا بس.
أنا يائس ومش عارف أخرج من حالتي، وكلهم بيقولوا صلي عادي ومهما حسيت بردو صلي بس مش حاسس بأي تقدم والله غير طريقتي دي في العلاج السلوكي أو أني أستخبى في مكان عشان محدش يشوفني.
أرجوك ساعدني، أعمل إيه؟
21/7/2020
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلًا وسهلًا بك يا "مصطفى"، خفف الله عنك وفرج همك.
هناك مشكلة كبيرة في فهم معنى الشرك والرياء وتطبيقهما على الواقع المعاش. وسواء كان الناس موسوسين أم غير موسوسين، فإن الفهم الخاطئ لهذه المصطلحات يجلب الويلات على المستوى الخاص والعام. فيكفر الناس بعضهم البعض، ويقتل بعضهم البعض، ويكفر الإنسان نفسه ويقنط من رحمة ربه، أو يدخل في دوامة من الوسوسة، كل هذا لأنه يجهل معنى الشرك، أو لأنه تعلمه بطريقة خاطئة.
ما تتكلم عنه ليس له علاقة بالشرك والكفر الذي يخرج صاحبه عن الإسلام ويستحق النار، فالمشرك الذي يخلد في النار مع الكفرة هو الذي يعبد إله آخر مع الله تعالى، أيًا كان هذا الإله، بشر أم حجر أم حيوان....، فتراه يتقرب إليه بالطاعات، ويقصد ذلك التقرب، سواء أظهر ذلك أم أخفاه كالمنافقين، أعني الذين يعبدون الله أمام الناس، ولكن إذا خلوا إلى أنفسهم عبدوا غيره، واستهزؤوا بأمره. فالشرك هنا في أصل اعتقاد الشخص وإيمانه.
أما الرياء الذي تتكلم عنه فلا يكاد يخلو عنه أحد، ولا ينجو منه إلا الصديقين، ويسمى الشرك الأصغر، أو الشرك الخفي، لأن المرائي أثناء أداء طاعاته يلتفت إلى نظر المخلوقين وليس فقط إلى الخالق ففي عمله نوع اشتراك بين الخالق والمخلوق. إذن هو شرك في الأعمال، وليس في الاعتقاد، والمرائي لا يعتقد أن الناس آلهه وأن عليه التقرب إليهم بالعبادة، وإنما تميل نفسه إلى مدح الناس فيحسن طاعاته لينال مدحهم وإعجابهم والمنزلة في قلوبهم.
والرياء على درجات بعضها أعظم من بعض فمن كان لا يصلي أصلًا ولكنه إذا رأى الناس قام فصلى، هذه صلاته باطلة لأنه في الأساس قام يصلي لأجل الناس لا لأجل الله. ومن كان يتكاسل عن الصلاة ويقوم في آخر الوقت، لكنه إذا كان في حضرة الناس أحس بنشاط وقام فصلاها أول الوقت، هذه صلاته ليست باطلة ولكن يقل ثوابها. كذلك من كان يصلي فأحس بشخص قادم فحسن ركوعه وسجوده حتى يقول إنه إنسان صالح.... هذا أيضًا صلاته ليست باطلة ولكن يقل ثوابها، فما فعله المصلي لله يأخذ ثوابه، وما فعله بقصد نظر الناس لا ثواب عليه، إضافة إلى المؤاخذة على ما في القلب من محاولة التزيّن للناس والتقرب إليهم من خلال إظهار التدين.
والمطلوب من الإنسان أن يثابر على طاعاته، مع مجاهدة نفسه ألا تلتفت إلى ما قال فلان وفلان قبل أو أثناء أو بعد أداء العمل. وهو مثاب على مجاهدته هذه التي يسعى من خلالها لجعل عبادته خالصة لله.
ولهذا لا داعي لليأس والقنوط وترك العمل، فكلنا عندنا هذا البلاء، لكن التصرف الصائب هو أن تستمر في العمل محاولًا في كل مرة أن يكون إخلاصك وملاحظتك للخالق أفضل من ذي قبل.
قف للصلاة، فإن رأيت شخصًا فركز انتباهك على طاعتك ولا تنشغل به، فإن لم تستطع، أو جاءك الوسواس بأنك حسنت وقوفك أو سجودك لأجله، فأنت غير محاسب لأن هذا الوسواس قهري خارج عن إرادتك. وغاية ما يكلفك الله به -كما قال الفقهاء- أنّ لا تسترسل مع نفسك فيها بل تشتغل بالطاعة ثم لا يضرّك ما طرأَ قهراً عليك بعد ذلك....
وكما ترى، كل الوساوس الدينية إن استرسل صاحبها معها، ساقته إلى ترك دينه وطاعاته، وهذا هو مراد الشيطان من الإنسان، فيوسوس لمن يميل إلى التفريط بترك الطاعات، ويوسوس لمن يميل إلى الإفراط بالتشدد إلى أن يتعب ويعجز عن أداء العبادة فيتركها. فالنتيجة واحدة في الحالتين.
هل يسرك أن يقول الشيطان عنك (إنك أهبل) وأنه استطاع صرفك عن الصلاة بهذه الحيلة السخيفة؟ في الواقع إن الشيطان يضحك عليك ويستخف بك، عندما يجدك تاركًا للصلاة لأجل هذا الوسواس الغبي! إن هذا لهو غاية الذل للشيطان!
تابع علاجك السلوكي بالمحافظة على الصلاة حتى لو جاءك وسواس الرياء، فالمهم ألا تقع في شباك الشيطان وتترك صلاتك. وصلاة مع الرياء يقل ثوابها، خيرٌ من ترك الصلاة بالكلية.
استعن بالله ولا تيأس، وأنصحك بالذهاب إلى الطبيب فسترتاح كثيرًا.
عافاك الله.
ويتبع >>>>>>: وسواس قهري يمنعني من الصلاة ! وسواس الرياء م