صدمات متتالية
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. أرجو من سيادتكم أن تأخدوا قصتي بعين الاعتبار.
أولاً: أنا منذ سن ال6 فقدت أبي _رحمه الله_ وكنت متعلقة به كثيراً كثيراً.. ولما كنت ألعب مع الجيران كنت منبوذة ولا أحد يحبني، وكانوا يخوفوني دائماً حتى أنه في يوم ضربني أحد الذين كنت ألعب معاهم وذهبت لأخي شاكيةً فقال لي "لا تأتيني مرة أخرى ودافعي عن نفسك" ومنذ ذلك اليوم لم أشكو لأهلي ولا عن أي موضوع.. وفي سن لا أتذكره جيداً أحد الذين كنت ألعب معهم اتفق مع البنات الأخريات وقام بالاعتداء عليّ، كان عمره يتجاوز 12 سنة وأنا لم أكن أفهم شيئاً حيث كنت أصغر منه بكثير، وعندما ذهب للمنزل لم أكن أفقه شيئاً.
بعد فترة وعندما بلغت من العمر 12 سنة فتحت "سكايبي وفيس بوك" وبدأت بالتعرف على ناس أغلبهم كانوا رجالاً أكبر مني بكثير (25 سنة وما فوق) وأدمنت على الحديث في مواضيع الجنس، وكنت أشاهد أفلاماً إباحية لكن لم أكن ألمس مهبلي.. وفي يوم تعرفت على شاب وكان عمري 14 سنة، ودخلت معه في علاقة غرامية وكان يبعد عني بآلاف الكيلومترات، واكتشفوا أمري في البيت وضربتني أمي ولكن أخي لم يتحدث بشيء لأن الشاب كان بعيداً، ثم أنا رجعت للحديث مع الشاب وقال لي "آتيكي لمدينتك لكي أهرب معك" فلم أقبل وقطعت علاقتي به حتى بدأ يهددني بصوري فقام أحد الشباب الذين تعرفت عليهم بالدفاع عني ودخلت معه في علاقة مدة 3 سنوات وكان من نفس المدينة وكان يهتم بي جداً وبدراستي كنت متفوقة في الدراسة جداً.
عندما بلغت من العمر 18 سنة قام هذا الشاب بإقناعي بممارسة الجنس معه بطرقه الشيطانية، وأنا كنت أعشق اهتمامه، وكنت أدفع الغالي والنفيس لإسعاده، وعند اجتيازي للبكالوريا أخذته بمعدل ضعيف جدا من 18/20 أخذته ب 12/20 وكانت صدمتي الكبرى بعد ذلك حيث تغيّر الشاب بعد بلوغي 19 سنة ولم يعد يهتم بي، وقال لي "أريد الزواج من أخرى" قلت له "اذهب، لا أريدك" قال لي "آخذك الثانية" فلم أوافق وقلت له "لا أريدك" ثم تقدم شخص لخطبتي ورفضته فقال لي "أنتي خائنة" وبدأ يهددني ويبتزني بصوري فصُدمت، حتى تقدم لخطبتي ورفضته وبعد رفضه جن جنونه وتوعد بأن يدمر حياتي، وقال لأخي كل ما جرى لي واضطررت للاعتراف أمام إخوتي ولم يعودوا يحدثونني ومنعوا عني الخروج إلا للكلية بمدينة أخرى.
الآن مر عام كامل لا أستطيع الخروج فصدمت وقلت "لما هو يخرج ويعيش حياته وأنا لا؟" بعد أن كنت أخرج مع صديقاتي.. ثم ذهبت مع أختي الطبيبة النسائية وقالت لي "أنتي غشاؤكي مطاطي" ولكني لم أقتنع.
أنا الآن أخاف من الزواج وأحلم بأن أكون أمًّا حنونة وامرأة صالحة.. وبعد تخرجي سوف أدخل للعمل مباشرة في المستشفى، لكن الضغط الذي يأتيني من البيت كل يوم حيث يعيدون لي الموضوع، وحتى إن لم يقولوا شيئاً يقومون بالتلميحات حتى كدت أُجن، فكرت في الانتحار وفكرت في الهروب من المنزل، أصبحت أكره أهلي بعد كنت أعشق أخي الذي يشتغل في مكان عمل أبي وعندما يعود من الشغل بعد شهر كامل من الغياب أحتضنه وكأنه عاد من الموت لأن أبي تُوفِّي في طريق العودة للمنزل، وعند حدوث المشكلة هو من ضربني وعاتبني وأراد قتلي فأصبحت أكرهه وأدمنت على العادة السرية والحديث الجنسي مع الشباب.
وأصبحت أبحث دائماً عمَّن يهتم بي ويعوضني عن حنان أبي،
أردت من أهلي أن يتركوني أعيش كما كنت وأن يقولوا لي "عندما يضايقك أحد أخبرينا" لا أن يسجنوني في البيت فأنا لم أعد أحتمل.
27/7/2020
رد المستشار
صديقتي
كمية إحساسك بالصدمة في أي شيء هي بالضبط كمية بُعد توقعاتك عن الواقع.. توقعاتك أو مفاهيمك عمّا يجب أن يحدث أو ما هو بديهي في كيف يجب أن يتصرف الآخرون هي مجرد رأيك أو انطباعك، فإذا تصرف البعض طبقاً لهذا فهو شيء مريح ومرضٍ ويمكنك توقع هذا منهم خصوصاً وإن كان أداؤهم مستمراً أو متكرراً في نفس نوعية المواقف، وإذا تصرفوا بطريقة مختلفة فيجب أن تعلمي أنهم لا يطابقون توقعاتك.. هذا ليس شيئاً شخصياً، ولا يجب أن تأخذيه على محمل شخصي.
أخوك لم يدافع عنك ربما لصغر سنه، وربما لأنه لم يتعلم كيف ومتى يفعل هذا، وربما لأنه قد ضجر من وقوعك في المشاكل مراراً وتكرارا مع رغبتك في أن يتدخل لإنقاذك من نتائج اختياراتك وأفعالك... رغبتك في أن يتدخل أحدهم لحمايتك قد تكون مناسبة للطفلة، ولكنها ليست بالضرورة سوف تحدث، ومن المؤكد أنها ليست مناسبة لمن هي في سنك.
لقد اخترت أن تعرضي نفسك للمخاطر في العلاقات في سن صغيرة بسبب بحثك عمَّن سوف يقوم بواجبك نحو نفسك.. بدلاً من أن تنمي في نفسك ما تحسين بقيمته اخترتِي أن يشعرك الآخرون بقيمة ما (كبيرة غالباً) بدون أي سبب عدا أن تبيعي الجنس.. بدأت في الكلام عن الجنس مع من هم أكبر منك كثيراً في سن الثانية عشرة، ثم مارستي الجنس في سن التاسعة عشرة.. أعطيتي الجنس لتحصلي على القيمة في نظر الآخر، الآخر الذي اتضح من أفعاله ومواقفه أنه ليس بكريم الأخلاق، وليس بالرجل الذي يستحقك ولا يستحق أن يُقيِّمك، وليس بالفارس المنقذ.
يجب أن تتخلصي من فكرة توقعك للفارس المنقذ الذي سوف يحقق لك كل شيء ويحميك من كل المخاطر.. هذه مسئوليتك نحو نفسك ويجب أن تقومي بها وحدك.. الفارس أو شريك الحياة هو من يعاونك على أن تزيدي من قوتك ويقدم يد المساعدة إذا لم تقدري على شيء، ولكن ليست وظيفته أن يقوم بواجباتك بدلاً منك.
من حسن الحظ أن غشاؤك مطاطي، ولست أدري لماذا تريدين عدم الاقتناع برأي الطبيبة غير أنك تريدين أن تعيشي مأساة أو أن تلعبي دور الضحية أمام قدر لا تستطيعين تغييره.... اخرجي من هذه الأفكار المريضة الفاشلة وسوف تتحسن حياتك.
اقبلي التلميحات من أهلك وعدم ثقتهم فيك لأنك بالفعل قصرت في حق نفسك ولم تتصرفي بطريقة مُتعَقِّلة فيما هو بديهي لمجرد تفكير طفولي يرغب في الاستمتاع بطريقة عمياء، ويرغب في الحصول على كل ما يريد وكأن العالم مدين لك بالراحة وإشباع الاحتياجات بطريقة فورية.... يجب أن تكسبي ثقتهم مرة أخرى عن طريق التصرفات والكلام والأفعال والمواقف التي تدل على أنك أهل للثقة.... احترمي نفسك وأكرميها لكي يحترمك الآخرون ويكرمونك.
تقولين "أبحث دائماً عمّن يهتم بي ويعوضني عن حنان أبي".... لن تسعدي أبداً طالما هذا هو موقفك من الحياة، ولكن سوف يستغلك أغلب الناس بسبب رغبتك في أن تظلي طفلة.... طرقه الشيطانية التي أغواك بها لم تكن لتكون فعالة بدون اشتراكك وموافقتك.... اعتقادنا بأن علاقة ما أو شخص ما سوف يوفر الأمان والأمن هو شيء طفولي ولا يربح من اتبعه، بل يخسر الكثير.
الماضي هو الماضي ويجب أن يبقى كذلك.. ما الذي تريدين لحياتك؟ لماذا؟ ما الذي يجب أن تفعليه لكي تحققي ذلك؟ ما الذي يمنعك من أن تنظري لنفسك نظرة أخرى مشجعة وقوية؟
إذا كانت إجاباتك على هذه الأسئلة تتضمن أن يفعلها شخص آخر غيرك فسوف تظلين في نفس الموقف الذي تعانين منه الآن حتى تتولي مسئولية حياتك بنفسك"..."لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم"... وما بأنفسنا هو أفكارنا وأفعالنا وأسلوبنا... ليست هناك حلول سحرية ولكن هناك مساعدة من الله بعد أن نقوم بواجبنا نحو نفسنا ونفعل كل ما نقدر عليه دائماً وأبداً... الله يساعد من يساعدون أنفسهم، ويهدي من يريدون الهداية، ويضل من يريدون الضلال.
مهمتك الآن هي الاهتمام بنفسك ودراستك ومصلحتك، وأن تقدمي لنفسك وتختاري لنفسك وتخلقي لنفسك مصادر متعددة من المتعة غير الكلام في الجنس وممارسة العادة السرية... واجبك نحو نفسك هو صنع سعادتك وازدهارك بدلاً من أن تبيعي الجنس من أجل الاهتمام والأمل في الحب الذي سوف يحل كل المشاكل حلولا سحرية فورية.
أنصحك بمراجعة معالج أو معالجة نفسانية لتصحيح المفاهيم ورسم خطة للمسار الجديد الذي يليق بك كإنسانة نفخ الله فيها من روحه.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.