فقدان الشعور بالغيرة
السلام عليكم... أنا أسأل من أجل صديق أود مساعدته بشدة.
في فترة المراهقة وقع هذا الصديق في حب زميلة في الدراسة، هي لم ترفض وجود علاقة عاطفية بينهما فكانت تحادثه وتفرح بالقصائد التي يكتبها لأجلها، لكنها بعد مدة بدأت بالتقرب من شاب آخر، وهذا جعل الصديق في غيرة شديدة جداً جداً، وأمام إنكار كل من صديقته والشاب الآخر لوجود علاقة بدأ يتتبع كليهما بحثاً عن دليل.
وبعد عام كامل من الغيرة الشديدة والألم النفسي قررت الفتاة تركه وانتهى بها المطاف تقيم علاقة علنية مع الشاب الآخر (أي أن شك صديقي كان في محله).
هذه الأزمة التي مر بها الصديق أدت إلى انخفاض قياسي في تحصيله الدراسي ودخوله في اكتئاب فكان يكتب أشعارا عن المعاناة والموت إلخ إلخ.
بعد 3 سنوات وقع في الحب من جديد مع زميلة دراسة بالجامعة، وكان يغار عليها بشكل مفرط (رد فعل عن تجربته الأولى حسب قوله) وكان يحبها بشدة فحين طلبت منه إنهاء العلاقة بحجة أنها علاقة عاطفية مُحرمة توجه مباشرة إلى أبيها وطلب يدها منه (على الرغم أنه لم يكن مُهيَّأً للزواج بعد) لكنه تفاجأ حين رفضته هي وليس أبوها، وبعدها اكتشف أنها كانت _لفترة طويلة من علاقتهما_ على اتصال بحبيبها السابق، وأنها لا تزال تحبه، كانت هذه الخيانة الثانية قبل أربع سنوات من الآن (2016) ولكنها كانت أشد وطأةً وأكثر ألماً.
شارك هذا الصديق معي أغانٍ يحبها ويقول أنه يشعر بها، وهذه الأغاني كانت كئيبة للغاية وتتحدث عن الموت بعد فراق الحبيب وأشياء من هذا القبيل.
بعد أشهر من فراقهما كان يريد أن يواعد أية فتاة لها نفس الاسم، هو يقول أنه لم يعد يشعر بالألم الآن، لكنه لا يفتأ يتذكرها، وحين يتكلم عما حصل فهو يتكلم بإسهاب وينسى نفسه أحياناً، وحين سألته كيف ستكون ردة فعله إذا قابلها مجدداً قال أنه يتوقع أن يتوقف العالم عن الحركة في تلك اللحظة، كما أنه لم يرتبط بأية فتاة أخرى بعد هذه الفتاة (يعني لمدة 4 سنوات).
المشكلة الحالية هي كالتالي:
هو لا يزال يحتفظ بمشاعر الغيرة الطبيعية التي يشعر بها الرجل غير الديوث تجاه والدته وأخته، لكنه لا يشعر بأي نوع من الغيرة تجاه من ستكون زوجته في المستقبل، ولذلك فهو يبحث عن امرأة متفتحة للزواج، امرأة تعيش حياتها وتخونه أمام عينه إن أرادت ولا تبالي بخيانته هو إن أراد أن يخون.
يقول أنه يشعر بالحيادية التامة إذا تخيل أن زوجته تخونه، أي أنه لا يحب الفكرة ولا يرفضها، وهو يدرك بأن هذه الحيادية غير طبيعية لكنه سعيد بها لأنها ستجنبه الألم في المستقبل، فهو يقول أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخاطر مجدداً بالشعور بألم الخيانة.
الدين لا يلعب دوراً كبيراً في حياة هذا الصديق، ولذلك فالرادع الديني لا يوقفه عن الإقدام على زيجة كتلك، غير أنه لا ينوي أن يربي بناته على هذه الأفكار فهو في النهاية يغار على بناته مثل غيرته على والدته و أخواته.
أريد أن أساعد هذا الصديق ليتعافى من أثر الصدمة، وأن يستطيع أن يسامح نفسه على سذاجته حين صدق أكاذيب فتاته، ويمضي قدما في حياته ويحرر مشاعره ويستعيد شعوره الطبيعي بالغيرة تجاه زوجته المستقبلية.
أرجو مساعدتكم..
وجزاكم الله عنا كل خير.
11/8/2020
رد المستشار
صديقي
من الصعب أن نناقش عمليا حالة شخص من خلال عرضها عن طريق شخص آخر (صديق أو قريب) .. هناك أسئلة لا يمكنك الإجابة عليها بالنيابة عنه لأنها تتعلق بأحاسيس وأفكار شخصية وتعبير الشخص نفسه عنها لا يمكن الاستعاضة عنه بأفكارك وانطباعاتك عن حالته وأحاسيسه...لا يمكنك أيضا محاولة علاجه لأنك لا تملك مبادئ المفاهيم المطلوبة.
يمكنني فقط أن أعلق على ما قلته هنا من الناحية النظرية.. صديقك لم يختر جيدا مرتين.. لماذا؟
هو لا يعرف (وأنت أيضا) ما هو الفارق بين التعلق والحب.. غالبا ما يتحدث الناس عن الحب وهم لا يعرفون ما هو حقيقة... صديقك لم يكن في علاقة حب مع الأولى أو الثانية ولكنه تعلق بهما وربما طريقته غير الناضجة (الواضحة من وصفك) دفعت الفتاتين للبحث عن الحب أو العلاقة مع شخص آخر وليس أنه في كل مرة يتعلق بمن في دمها الخيانة...لقد قضى سبعة سنوات من عمره في علاقتين فاشلتين ويقول أنهما خائنتين.. إن كانتا خائنتان بطبيعتهما فلماذا لم يكتشف هذا مبكرا؟ أهو أبله أم ماذا؟
من ناحية الغيرة، فالغيرة ليست مقياسا للحب وإنما مقياس للخوف من أن يكون من السهل استبدالك... أي أنها رغبة في الامتلاك وليست حبا...الحب الحقيقي ليس فيه مكان للغيرة لأن كلا الطرفين لا يسمح بوجود شخص آخر غير الذي التزم به أو أحبه...من يحب لا يخون ومن هو سوي لا يخون... ملحوظة: الحب من طرف واحد ليس حبا.
رد الفعل المتبلد يهدف إلى الهروب من الألم (أعراض المشكلة) بدلا من مواجهة المشكلة (الاختيار الأخرق)
أنصحك بأن تقترح عليه مراجعة معالج نفساني ولا يضيرك ما اختاره هو لنفسه فهو من حقه أن يختار ما يشاء
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.