كوكتيل مشاكل
مرحباً... أنا فتاة لطيفة وناجحة في عملي، وعلى قدر جيد من الذكاء (العقلي والعاطفي) متوسطة الجمال، أجيد التعامل مع الناس، وأنا محبوبة إلى حد جيد، مرحة وأجيد إضحاك من حولي ومساعدتهم بكل الطرق، ليس لدي أصدقاء أو صديقات، وهواياتي انعزالية رغم أن شخصيتي اجتماعية وجذابة للجميع، إيماني وثيق بالله لكن عبادتي متواضعة، أعاني من الأرق ولا أنام بشكل جيد، شهيتي للطعام جيدة جداً، أعاني من التحرش من قبل أقارب في العائلة.
أنا أعيش في سوريا، ولكم أن تتخيلوا المعاناة المترافقة مع ذلك، فأنا أعاني من الاكتئاب الشديد (حسب وصف طبيبي) والقلق ونوبات الهلع، وآخذ دواء "بروزاك" وأزور معالج نفسي، أفكر في الموت والانتحار كل يوم، لكن معالجي لا يرى منطقاً في تفكيري وربما كان محقاً فقد تبدو حياتي جيدة إلى حد ما، لكنني تعيسة وأشعر بالعزلة والوحدة الدائمة.
مررت بتجارب عاطفية انتهت بالفشل، وفي جميعها كنت أنا "الطرف المتروك"... ومنذ حوالي أربع سنوات عشت علاقة مثلية الجنس مع فتاة، كانت علاقة سطحية وسببت لي الكثير من المشاكل وانتهت بأن تركتني هي.
أعاني من مشكلة لا أستطيع مناقشتها مع المعالج النفسي لحساسيتها وهي أني أعاني من فرط الشهوة الجنسية، وبما أنني عازبة فأنا مدمنة على العادة السرية حيث أمارسها منذ كنت في الرابعة أو الخامسة من العمر، وغالباً ما تكون تخيلاتي متمحورة حول تلقي العقاب الجسدي.
منذ بضعة أشهر اشتركت في موقع إباحي يتمحور حول العقاب الجسدي، ولكنني سجلت فيه بشخصية مغايرة لنفسي (بشخصية فتى شاذ جنسياً مهتم بالرجال فقط، في الـ 18 من العمر) ورسمت ملامح للشخصية وصورتها وبت أعيش حياة موازية لحياتي فيها كل ما أرغب به ضمنياً، مثلا: علاقتي مع أمي رائعة، ومع أبي معدومة (بصراحة أنا أكرهه) أما في الشخصية الخيالية فأعيش مع أب رائع وأم سيئة جداً، وقمت بمراسلات مع أشخاص من عدة بلدان تحت ستار تلك الشخصية الخيالية التي رحت أخترع لها قصصاً وروايات.... المشكلة هي أن "أصدقائي" في الموقع الإباحي شاركوني الكثير من المشاعر التي أخشى أن يكون بعضها صادقاً، وأنا أشعر بالذنب،
لا أرغب بالانسحاب ولا أرغب بفضح نفسي، وأخشى أن يتسبب هذا بزيادة مشاكلي النفسية وتعقيدها، ومن ناحية أخرى يعجبني أن يكون هناك متنفس للمشاعر والرغبات التي أشعر بها. أنا أتألم كل لحظة.
3/9/2020
رد المستشار
صديقتي
أعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن في أنك لا تريدين ما أنت فيه في الحياة المسماة بالواقعية أو الحقيقية، وتريدين أن تعيشي في عالم خيالي تكونين فيه أنت المتحكمة ولكن بهدف أن يكون هذا العالم عكس العالم الذي تعيشين فيه.
ماذا عن عالم آخر يكون أكثر اعتدالا: مثل عالم تمارسين فيه بمطلق الحرية كل المشاعر والرغبات... عالم تسوده المحبة والمشاعر الإيجابية بينك وبين الآخرين وبينك وبين والديك كليهما... يمكنك رسم أية شخصية تختارينها لنفسك ويمكنك السعي لتحقيقها... يمكنك إيجاد علاقة رائعة مع أبيك ولكن هذا يتطلب أن تحاولي فهمه بدلا من التذمر من أنه لا يرتقي إلى توقعاتك... يمكنك أن تختاري أنت من تريدين أن تشاركي الحياة بدلا من أن تكوني في موقف المفعول به و"المتروكة" في علاقاتك العاطفية والإنسانية عموما... هذا يتطلب أن تحددي ما تريدين بالتفصيل وأن تعرفي لماذا تريدين هذه التفاصيل وأن تعرفي ما الذي سوف تعطينه في المقابل.
من ناحية الاكتئاب والأفكار الانتحارية: لماذا تريدين الانتحار وما الذي سوف تحققينه من هذا؟ كل ما سوف يتحقق بالانتحار أو الرغبة في الموت هو أن تمنعي عن نفسك فرصة الاستمتاع بالحياة وأن تمارسي العنف نحو من يحبونك عن طريق حرمانهم من فرصة الاستمتاع معك ومشاركتك الحياة... لا تستعجلي الموت فهو آت لنا جميعا لا محالة... الذكاء يملي علينا أن نستمتع بالحياة ونلعب لعبتها ونصقل مهاراتنا فيها بصفة دائمة... لقد وصف الله عز وجل الحياة في أربعة سور مختلف في القرآن على أنها "لعب ولهو"... لماذا أنت حزينة ومنعزلة وأنت في مدينة ملاهي كبيرة (الحياة الدنيا) بدلا من أن تستمتعي بالألعاب التي فيه المرح والحزين والمطمئن والمخيف... ولكنها في النهاية لعب ولهو... ما الداعي للضغط النفسي إذا ما فهمنا أنها لعب ولهو؟
فرط الشهوة الجنسية وراءها معنى آخر أكثر عمقا من مجرد السعي الأعمى وراء اللذة اللحظية أو المؤقتة... فرط الشهوة يخفي وراءه رغبة طبيعية في أن تحتضن روحك روح أخرى... أغلب الناس يعتقدون أن الجنس علاقة جسدية ولكنه في الحقيقة علاقة روحية في المقام الأول ونعبر عنها ونحسها جسديا.
سماحك بأن تكون أي رغبة من رغباتك ملحة وقوية بشكل كبير يكمن في إعتقادك الخاطئ بأن إشباع رغبتك سوف يكون هو الخلاص والهناء والجنة... ولكنك بهذا أيضا تدربين نفسك على عدم السعادة بما لديك وعدم الإقدام على الأفكار والأفعال التي تؤدي بك إلى التطور والازدياد في القدرة والقوة والمقدرة على الاستمتاع باللحظة الحالية... تدربين نفسك على استمرارية إحساس الاحتياج والنقص وأن هناك شيئا ما خارجك سوف يصنع كل الفرق في إحساسك وفي حياتك.
اختيارك لأن تلعبي دور الفتى الشاذ الذي يبحث عن العقاب هو مسألة رمزية لها عدة احتمالات وهي عادة ما تكون خارج نطاق الوعي والفهم... مثلا الشذوذ قد يعني احتياجك من الحب من أبيك أو أن رأيك في أبيك أنه شاذ (عاطفيا) ويستحق العقاب... الإثارة التي تحسين بها من مشاهدة العقاب واقتران العادة السرية بها قد تكون بسبب أنك تريدين عقاب نفسك على كراهيتك لأبيك ولكنك تريدين الاحتفاظ بهذه الكراهية (ربما لتحمي نفسك من الألم العاطفي والإحباط الذي قد يسببه لك أبوك إذا ما أحببته)... العادة السرية كثيرا ما تكون بسبب ضغوط نفسية وعاطفية والرغبة في تقليلها أو الراحة منها.
هناك أيضا فكرة يروجها بعض رجال الدين وهي أن العادة السرية وكل ما له علاقة باللذة الجسدية هو حرام (خصوصا بالنسبة للمرأة)... بالتالي قد يكون هذا سببا في أن اللذة الجنسية أصبحت مرتبطة بالعقاب والأذى الجسدي تكفيرا عن الذنب وبالتالي أداة السماح بممارستها.
مشاهدة مشاهد العقاب والأذى الجسدي قد تكون مثيرة بسبب أنك تتوحدين مع الفاعل وتحسين بالقدرة والقوة والسيطرة على المفعول به.
لقد أنعم الله علينا بأن نفخ فينا من روحه وبالتالي فقد أعطانا اللبنة الأساسية لتحقيق أي شيء نريد.... فما الذي تريدين حقيقة؟ لماذا تريدين أن تلعبي دورا ليس لك وليس من طبيعتك)؟... أنصحك بأن تناقشي هذه النقطة مع معالجك النفساني
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب