السلام عليكم وررحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد المرسلين سيدنا محمد _صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم_. الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الإسلام ديناً يقضي على الجهل والباطل ويرفع الحق والعلم وكل ما يؤدي إلى رقي البشرية جمعاء في علومها وسياساتها. وأحد أهم السياسيات التي بلا شك كان لها نصيب كبير من اهتمامات البشر هي العلاقات الاجتماعية بين متباين الناس، وفي المجتمع الواحد، وعبر الطرق الإسلامية الصحيحة الخالية من الخلل... وماذا أفضل من تشكيل شبكة تمكن الفرد من الإطلاع على ما يحدث في جزيرة محمد، وفي نفس الوقت تمكنه من الطرح الدائم لتساؤلاته ومناقشتها في مختلف الميادين بدءً من السياسة مروراً بقضايا العصر الحديثة؟
لهذه الأسباب قد نطق لساني بدون أمر عقلي تبجيلاً وشكراً لكم في هذا الموقع الإلكتروني لاهتمامكم في مسائل الرجل والمرأة والشيخ والشاب والطفل، فإن هذا الأمر إن دل إنما يدل على تفوق هذه الشبكة في مجال العلاقات التي تربط خلق الله ببعضهم وتبين الصواب وتغلق الباب أمام الخطأ والجهل، أحد أكبر عيوب هذه الحقبة من الزمن.
أبدأ بالمشكلة الأولى ألا وهي طموحي الكبير، وفي نفس الوقت أطرح على نفسي سؤالاً أقول فيه "وهل كان الطموح يوماً مشكلة؟!" فطموحي أنا ليس كطموح معظم شباب هذا الزمان، فأنا أحلم بقيادة هذه الأمة، وبجرِّها نحو الإصلاح التام من الفساد.
وأنا متفوق بشكل ملحوظ بدراستي، ودائما والحمد لله أحتل المراتب الأولى فيها، وكذلك في المسابقات الداخلية والخارجية للمدرسة، وأواجه تشجيعاً كبيراً خاصةً من أساتذتي.
ولكن رغم التعمق بالدين أجهل ماذا يقول النبي الأعظم في هذا المقام، فقل لي سيدي أو سيدتي الحديث الحكيم من اللسان المبين ألا وهو لسان رسول العلم سيدنا محمد _صلى الله عليه وسلم_.
المشكلة الثانية هي نتاج المشكلة الأولى فتراني دائما أبدأ التخطيط لعهدي في قيادة الأمة، وآخر أفكاري الجنونية هو عقد مؤتمر لشباب من كل الدول العربية لديهم مبادئي وعبقريتي حيث نعمل سوياً لوضع كتاب "تعاليم جزيرة محمد" وهو كتاب بمثابة مخطط لاسترجاع الأرض المقدسة والعمل من أجل هذا في السنين القادمة، فهل من الخطأ أن أكون بهذا الفكر؟
وفي النهاية أريد أن أعرف موقف الإسلام من الاستمناء.
السلام عليكم وشكراً.
13/10/2020
رد المستشار
الابن العزيز، أهلاً وسهلاً بك على موقع مجانين، وشكراً جزيلاً على ثقتك وإطرائك، وقد أعجبني حماسك واستفز فيَّ كثيراً من الآمال في أمثالك من أجل ما ننادي به من ضرورة تحالف الأجيال وتعاقب الأمواج البناءة من أجل أن تنهضَ أمة محمد _عليه الصلاة والسلام_، فأنت تحمل من الحماس ما أشعرني بالفخر حقاً، إلا أن أفكارك الجنونية _كما وصفتها أنت_ تخيفني جداً يا بني!
فطموحك الجميل هو طموحنا جميعاً، وإن كنت قد أوقع فيك الشيطان بعضًا من الأنانية التي تغذي اندفاعك وانشغالك الزائد عن الحد في التخطيط المبكر والمبتسر كما يتضح من قولك "فطموحي أنا ليس كطموح معظم شباب هذا الزمان، فأنا أحلم بقيادة هذه الأمة، وبجرها نحو الإصلاح التام من الفساد".
فأنت تخطط الآن لعهدك في قيادة الأمة بينما نحنُ وأنت لم نزل في مرحلة الفهم المبتسر (غير المكتمل) لكثير من الأمور التي نحتاج الإلمام بها قبل أن نضع خطةً عالية الهدف من أي نوع، فضلاً عن أن نعقد مؤتمرًا!
لوضع كتاب "تعاليم جزيرة محمد" هذا بكل تأكيد تفكير خاطئ يا فتى، وأتمنى ألا يزيد ذلك التفكير عن كونه أحلام يقظة متناثرة تداوي بها جروحك النازفة وأنت ترى أمتنا تنزف كل يوم على مرأى ومسمع من الجميع (وأنت منهم)، أتمنى ألا تزيد جنونية أفكارك تلك كي لا تصل حدوداً لا تحمد عقباها بالنسبة لك على المستوى الشخصي، ولعائلتك وأهلك على المستوى الجمعي.
وأما المطمئنُ نوعاً ما في إفادتك فهو تفوقك دراسياً، فهو دليل على أنك ما زلت متماسك البنيان ذهنياً ونفسياً، وإن كنا لا نأمنُ أن يأخذك الإغراق في أحلام اليقظة من مثل ذلك النوع إلى حيث تهمل درسك ونفسك وتبقى تفكرُ وتخطط، فهنا يصبح الانفصال عن الواقع إضافةً إلى الشعور المبالغ فيه بالعظمة والأهلية لقيادة أمة المسلمين، فهذه خلطةً معرفية جدُّ خطيرة.
يستوقفني بعد ذلك قولك "ولكن رغم التعمق بالدين أجهل ماذا يقول النبي الأعظم في هذا المقام، فقل لي سيدي أو سيدتي الحديث الحكيم من اللسان المبين ألا وهو لسان رسول العلم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم" وأنا هنا أسأل ماذا يقول عليه الصلاة والسلام في ماذا؟ في مشاعرك وأفكارك أنت شخصياً؟ أم في ماذا؟ لقد قال سيد الخلق _صلوات الله وسلامه عليه_ في حجة الوداع وهو يبين للأمة طريق العصمة من الضلال فقال "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله" رواه مسلم، وزاد مالك في الموطأ "وسنتي" صدق رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، فهل ترى لذلك علاقةً بما تسأل عنه؟
أنا أقول لك أين العلاقة؟ إن العلاقة تكمن في أنك تتساءل عن بديهياتٍ (أو هكذا يجبُ أن تكونَ في ذهن من يخطط لعهده في قيادة الأمة) وتقول أنك رغم التعمق في الدين تجهل؟ وتجهل ماذا في نهاية المطاف؟ وتسـأل عن حكم الإسلام في الاستمناء!... لست أدري لماذا يستفزني سؤالك، ولكنني على أي حال لن أكررَ ما سبق ونقلناه على الإنترنت من كلام فقهائنا العظام في هذا الموضوع، وتجدهُ متناثراً في ردودنا على الموقعظ، وعلى سبيل التمثيل لا الحصر أحيلك إلى:
الاستمناء، شماعة الجهل التي ذابت
الاستمناء القهري: العادةُ المُسْتَـنْزِفًةُ
عقدةُ الذنب والاستمناء!
الاستمناء أثناء النوم: الأوضاع قبل الأحكام
ولكنني ما أزال لا أستطيع الإجابة لنفسي عن كيف تخططُ لقيادة الأمة وأنت تجهل حكم الاستمناء الفقهي؟ ليس طبيعياً بالمرة في مثل هذا السؤال أن تسأل عن موقف الإسلام من الاستمناء!!
ثم ما هو المقصود بجزيرة محمد؟ إن دين محمدٍ النبي الخاتم _عليه الصلاة والسلام_ جدير بأن تراه المحيط الذي تتناثر فيه الجزر، وليس هو الجزيرة فهو دين متين لن يشاده أحد إلا غلبه أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ما أراك يا بني إلا متعمقاً في الأحلام بالخير لهذا الدين، وهذا شيء طيب لكنه يحتاج إلى توجيه، وأما أنك متعمق في الدين فأنا أرى أن هذا غير حادث وأنك تحتاج إلى من يدلك في خضم العصر الذي نعيش فيه لتعرف الدين الصحيح الذي يجبُ أن تعرفه ولكي ترشد أفكارك، وتكسبَ وتكسبك الأمة من أجل استعادة ديننا الحنيف بالمعنى الذي أوضح أخي الدكتور أحمد عبد الله حين كتب: البركة أم اللعنة؟! الدين ومجتمع المعرفة وأن تفكر في المشاركة من خلال الجهاد المدني شريكاً لإخوانك الذين تود عقد مؤتمر لهم دون أن تكونَ رئيس المؤتمر بالضرورة، كما أحيلك هنا إلى الروابط المتاحة من الاستشارات عن أحلام اليقظة.
أما إن كنت ترى أننا لابد أن نقتنع بأفكارك الجنونية تلك فإن الأمر يكونُ قد تعدى مرحلة السواء، وأنا في انتظار متابعتك كي نرى ما الذي يتوجب علينا نصحك به، وفقك الله وتابعنا بأخبارك.