نفسي أحس بالأمان... أقرب الناس لي عذبوني، بابا دمر مستقبلي
السلام عليكم ورحمة الله... أنا إنسانة حزينة، وفي مشكلة كبيرة نفسي ألاقى منك الإجابة والإصغاء لي... عاجبني آراءكم وتحليلكم الجميل والمنطقي.
إيه رأيكم في الأب اللي كل همه في الدنيا نجاح بناته (وبنت واحدة بالتحديد)؟ مذاكرة في مذاكرة واجتهاد وتفوق وكل الكلام ده.. الحمد لله تخرجت، وبعد كده التحضير مثلاً والشغل.
موضوع زواجها ده ما في ف باله نهائياً ولا حساباته أصلاً... أكيد أي واحدة صغيرة بتكون مش همها الزواج كتير وعادي يعني، بس هيجي وقت كل اللي حواليها وأصحابها اتجوزوا وبقوا عندهم عيلة وحياة، وهي في المطحنة دي هتحس أنه في حاجة ناقصة، في هدف تاني ودور اتخلقت عشانه، في معنى للحياة هي لسه ما اكتشفته.. بس لا، كل همه كيف تنجح وخلاص ولو على حساب صحتها عشان تبقى أحسن من ناس هو بيكرهم مثلاً أو حاجة، وطبعاً مقارنات ولازم تبقى هي أعلى واحدة وأحسن واحدة، ولو سمع إن واحدة من الأهل أو المعارف سبقت في خطوة في حاجة زي شغل أو كده المقارنات بتبدأ طبعاً والضغط يزيد.
كل همه يتباهى بشهاداتها ونجاحاتها وعملها، ويزعل وتحصل مشاكل، ومش بس لأسباب مادية لأن الحمد لله الظروف كويسة... زي ما قلتلكم هي كل الحكاية نجاح وتميز عشان الصورة قدام الناس، يمكن ما بيناديها غير يا دكتورة.
طيب اللي نجحت دي أخدتها خطوة خطوة وربنا يوفق كل الناس، أخدت بريك، لقت دعم، أو حتى رغبتها كدة، والدراسات العليا وما بعد التخرج دي مش محتاجة نفسية متسقرة ودعم وهدوء... طيب ليه ما يقارنوا بالبنات اللي اتجوزوا وكونوا أسرة ونجحوا؟ مش ده دور البنت الطبيعي؟
والكلام كله بقى حوالين كده لدرجة خلتها تعبت من كل حاجة ويئست، ما فاضل غير رحمة ربنا وأنه يعديها من الأزمة دي، وبعدت عن كل العائلة عشان طريقتهم زيه بالظبط ونفس الأسئلة وكل حاجة.
والحق أنه أب كريم جداً، وممكن يعمل كل حاجة عشان مصلحة أولاده، وجاب ليها عربية وهي طالبة في الجامعة، وبيهيأ ليها كل الدعم إنها تنجح وتتفوق، بس كل ما تُبدِي تعبها أو إنها مش قادرة تكمل في المجال ده المشاكل تكتر وتسمع كلام زي السم وإهانات حاجات توجع، وبقت تتجنب الكلام معاه لأنه ما منه فايدة وهيزيد العبء عليها.
والسنين بتجري، ولما عمرها يعدي التلاتين هو كده هيبقى مبسوط حتى لو أخدت ١٠٠ دكتوراة من غير زواج ولا فرحت زي البنات، ومعروف طبعاً قلة الفرص بعد العمر ده أو شبه فقدانها خالص، يعني في النهاية ما هتلقى أي حاجة، وعارفين إن إحنا عايشين فين، والمجتمع اللي إحنا فيه، وشماتتهم ونظرتهم لما واحدة توصل عمر معين من غير زواج، ولو نجحت وبقت عندها شهادات الدنيا دي كلها بيشوفوها فاشلة.
وربنا وحده العالم بكرة شايل إيه، ربنا ما يكتب على واحدة الابتلاء ده، الأب اللي مفروض يكون حماية البنت من كل حاجة في الدنيا وسندها يبقى مصدر رعب في حياتها وقلق ما له حد، يعني لا علمها كيف تبقى بنت وأنثى ولا أمور دينها اللي أهم من أي حاجة ومليون في المية بتأكد على ستر المرأة وراحتها، ولا حاجة بتعجبه مهما تعمل، تساعد في شغل البيت، تعمل أكلة حلوة لايعجبه، تلتزم دينياً لا يرضيه، لدرجة مرة قالها علني "ما عايزين شغل في البيت، عايزين شغل في المجال بتاعها".
وإحساس الضغط ده هو ال بيخلي الواحدة تكره كل شيء حتى لو كان عندها الرغبة، وأكيد واحدة بالظروف دي معرضة لاكتئاب أقل حاجة، وكرهت كل شيء وفكرة إنهاء حياتها والانتحار بقت تدور كتييير في تفكيرها.
هو مش كل البنات أوأغلبهم بيدرسوا ويتخرجوا ويتجوزوا؟ ليه رغبة البنت في الستر وحياة هادية معناها أنها فاشلة أو أقل من غيرها؟
والغريبة أنه بيحضر كل المناسبات وأفراح بنات الأهل وبيتبسط بيهم جداً، وبيفرح بعيال بنات إخوانه، وفي ولادة واحدة من بناتهم قال لأختها الأصغر منها ومني ب ٦ سنين "عقبالك"، ولازم يكون أول الحاضرين ويزعل لو ما اتعزم أو عرف متأخر، وواحدة من بناتهم أبوها مسافر فكان هو وكيلها، وما مقصر نهائي.
كل بنات أعمامي وعماتي اللي في عمري وأصغر بتقريباً ٨ سنين اتجوزوا واستقروا، كل إخوانه وأخواته وبنات أعمامه عندهم أحفاد ماعدا هو، بنات أخواته عندهم أحفاد في الحقيقة لأن أخواته اتجوزا بدري، ومش شايف في حاجة غلط.
أنا بجد تعبت وفقدت الأمل في تغييره، أملي في الله أن يوجد لي حل يخرجني منها، ولسوء حظي باقي العايلة عندنا نفس التفكير، وكل حاجة تانية ما ليها قيمة مهما عملتي غير أنك تحققي حاجة وتكوني ناجحة في شغلك، عشان كدة بطلت أتكلم أو أشتكي أو أحكي، هأحكي لمين يعني؟
حياتي كلها بقت قلق وخوف، بصحى من النوم مفزوعة ومخنوقة، وبتجيني نوبات هلع، وعندي درجة من القلق الاجتماعي هو السبب في تأخري وخوفي من العمل أصلاً وعدم رغبتي خالص... عكس لما أكون بايتة مع خالتي أو صديقة مقربة لي بنام نوم هادي، وأعصابي بتكون مرتاحة، حتى شكلي بيتغير وبشرتي بتبقى صافية.
نفسي مكسورة وشايلة هم، وفقدت الإحساس بالأمان، والسند خلاص راح بالنسبة لي، الحمد لله على كل شيء، عمره ما سألني أنا نفسي في إيه وبحب إيه ولا إيه المستقبل اللي أنا بحلم بيه.
كتمت رغباتي ومشاعري جوه ودفنتها سنين طويلة عشان أحقق حلمهم، بس خلاص مش قادرة أستمر في المجال ده، دموعي بتنزل من أقل حاجة، ونفسيتي مدمرة بشكل مش معقول.
واحدة في ظروفي معقول يجي يوم وأخرج من السجن والكابوس اللي أنا فيه ده؟ ولا خلاص مستقبلي انتهى، وحياتي كلها فقدت معناها وكل شيء حلو وفيه متعة فيها؟
نفسي أعرف رأيكم عشان بس أفهم، يمكن أرتاح لما أعرف هو ليه بيعمل كده، يعني هل ده حب وخوف عليَّ وعلى مستقبلي (ولو أني أشك في كده)؟ ولا حب تملك أني ما أتجوز خالص؟ أنا بعرف آباء من حبهم لبناتهم ما بيحبوا نهائي سيرة أنهم يتجوزوا ويسيبوهم، وبيحزنوا لفراقهم، بس ما أظن في الحالة دي ولا حاسة أنه حب خالص.
حتى الشباب اللي من أهلنا اللي بيلمحوا مثلاً بإعجاب أو كده وبيكونوا محترمين جداً بيكشَّر في وشهم، ومعاملته معاهم هي اللي خوفتهم أنهم يقربوا تاني، أصلاً مجرد السيرة بتنرفزه وبيطنشها كأنه ما سمع.
طلبي أنكم تدعولي بالزوج الصالح وستر ربنا _سبحانه وتعالى_ عليَّ، ومحتاجة رأيكم في بابا والتعامل معاه؟ وكيف أقنعه بوجهة نظري وأكسب رضاه اللي بقى ما في حاجة بترضيه وتفرحه غير النجاح؟ كيف نقدر نوصل لنقطة اتفاق في الموضوع ده؟
وأرجو ما حد يغلط فيه مهما كان، ادعوله بالهداية وتنوير البصيرة وأنه يحس بي وبحرماني.. وهل في وحدة زيي كدة أو مرت بتجربة مشابهة؟ وكيف اجتازت التعب والكرب ده؟
مشكورين كتير لوقتكم يا حبايبي، جزاكم الله خير الجزاءظن وربنا يكرمكم يا رب.
6/10/2020
رد المستشار
صديقتي
عجيب أنك تتكلمين بصيغة المشاهد لفيلم سينمائي أنت بطلته وتصفين حالة البطلة بدلا من التحدث عن نفسك.. هنا تكمن مشكلة في أنك منفصلة عن نفسك...تريدين أن تعيشي دورا (مثل ممثلة في فيلم أو مسرحية) وتعتقدين أنه سيحقق كل النجاح والسعادة.
عجيب أيضا أنك على قدر كبير من العلم ولكنك لا تستخدمينه لفائدتك وفائدة الآخرين، وتركزين كل كيانك حول الزواج وما يسمى بالاستقرار وكأن الزواج سوف يسبب السعادة المطلقة والأمان التام... الزواج في حد ذاته ليس بضمان لأي شيء عدا ممارسة الجنس في الحلال.... الاستقرار والسعادة والأمان يتحققون من خلال علاقة صحية مع نفسك أولا ثم مع الآخر الذي هو أيضا يمارس علاقة صحية مع نفسه ومع الآخر.
عجيب أيضا أنك تلومين والدك على مسألة عدم زواجك وتقولين أنه ينفر ويطرد معجبيك... هل أنت طفلة؟ هل تنتظرين من والدك أن يأتي لك بالخطاب؟ تركيزه على العمل قد يكون مفيدا لك عمليا وأيضا من ناحية فتح فرص الزواج... قد يكون والدك لديه منطق سليم وراء تصرفاته تجاهك وقد يكون جاهلا من ناحية التربية والتوجيه وقد يكون مريضا ويريد الاحتفاظ بك كطفلته أو كأميرته التي لا يرقى أي رجل لاستحقاق زواجها... لماذا لم تسأليه عن وجهة نظره؟ لماذا تريدين تغييره؟ لماذا تعتقدين أن الزواج سوف يكون هو الشيء الفارق في حياتك؟ هناك الكثير من الزوجات التعيسات بسبب الاهتمام بعقد القران بدون دراسة النفس ودراسة شريك الحياة بطريقة متأنية وناضجة.
من ناحية أخرى، ما هي مواصفات شريك الحياة الذي تأملين فيه؟ ما هي أفكاره ومبادئه وهواياته واهتماماته ومستوى تعليمه ومستوى دخله؟.... اكتبي على ورقة بخط يدك على الأقل ثلاثين صفة وسوف أعطيك خمسة: مخلص، أمين، وفي، صادق، حنون..... حددي الصفات الشخصية وكأنه سوف يصنع لك خصيصا.... صفاته الشخصية لا تتضمن أنه يحبك أو يحترمك أو يحب أو يحترم أهلك أو أي شيء متعلق بك لأنك لم تقابليه بعد... صفاته يجب أن تكون صفاته هو كإنسان بدون وجودك في المعادلة.
أيضا يجب أن تسألي نفسك عن مواصفاتك أنت التي تجعلك زوجة صالحة ومرغوبة... قد تكونين حسناء أو ملكة جمال الكون ولكن إن لم تكوني امرأة ناضجة ومتوازنة، ما الذي سوف يحفز أي شخص لكي يتزوجك؟ ما هي اهتماماتك وهواياتك غير التفكير في الزواج ووضعه نصب عينيك كالمأوى الوحيد المنشود.... هناك الكثير من المتطلبات لكي تكوني زوجة ناجحة وامرأة ناجحة في زيجة ناجحة.
إصرارك على دور الضحية المسكينة لن يجدي في شيء إلا في ازدياد تعاستك والنقص في فرص الزواج.
أنصحك بمراجعة معالج نفساني أو مدرب حياة للوصول إلى خطة عملية لبناء شخصيتك من أجل نفسك أولا ثم من أجل شريك الحياة المستقبلي.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرئي أيضًا:
نفس اجتماعي: انتظار شريك الحياة